لا نغبط محمود عباس على موقعه رئيساً للسلطة الفلسطينية في ظل الاحتلال، ولا هو يغبط نفسه . وربما يحسّ بأسى لما آلت إليه حاله، ونراه يعلن أحياناً ويلمّح أحياناً أخرى إلى واقعه المزري رئيساً تقيد "إسرائيل" حركته، ولا يمكنه أن يتنقل خارج مقره إلا بإذن من حاكم عسكري أو ضابط "إسرائيلي"، أو شاويش على حاجز .

كيف يكون "رئيساً" لسلطة فلسطينية تعترف بها معظم دول العالم، ومن بينها دول كبرى تدّعي دعم السلطة، ولا يمكنه أن يمارس دوره "رئيساًط ويتمتع بحقوقه كاملة في الحرية والحركة، إلى درجة يبدو وكأنه بات رهينة في يد "إسرائيل" أو أسيراً في "المقاطعة" كما كانت حال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مثله مثل بقية أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية .

كلما أراد الخروج من الضفة يحتاج إلى إذن، وكلما أراد التقدم خطوة باتجاه المصالحة الوطنية تعرض للتهديد بمصير سلفه، وكلما أدلى بتصريح يتعارض مع سياسات"إسرائيل" يلقى التقريع ويعدّ فاقد الصلاحية للتفاوض .

ألا يستدعي هذا الوضع "الكارثي" من الرئيس الفلسطيني أن يجري مراجعة لسياسات عقيمة اتبعت على مدى أكثر من عشرين عاماً ولم تنتج إلا المآسي والمجازر والمزيد من العنصرية الصهيونية التي تترجم استيطاناً وتهويداً كاسحاً وانتهاكاً لأبسط الحقوق الإنسانية له ولشعبه؟

ألا يستدعي هذا الإذلال المتعمّد للرئيس الفلسطيني باعتباره رمزاً لشعبه، انتفاضة على حقبة مريرة لم تجلب إلا المرارة والإحباط؟

ألا يستدعي كل ذلك قلب الطاولة ومن عليها، والبدء من أول الطريق، طريق ما قبل أوسلو حيث أبدع الشعب الفلسطيني واحدة من أهم الانتفاضات التي شهدها العصر الحديث وأعظمها، عندما استطاع الحجر أن يسجل أول انتصار على الدبابة، ويحظى الشعب الفلسطيني آنذاك بتقدير واحترام من العالم الذي عرف حقيقة القضية الفلسطينية وأحقيتها وعدالتها وانكشاف وجه "إسرائيل" العنصري العدواني .

عشرون سنة من المفاوضات العقيمة والسقيمة تكفي، ومعها هذا الإذلال والمهانة .

 

  • فريق ماسة
  • 2012-01-21
  • 11783
  • من الأرشيف

كفى مهانة .. افتتاحية صحيفة الخليج الاماراتية

  لا نغبط محمود عباس على موقعه رئيساً للسلطة الفلسطينية في ظل الاحتلال، ولا هو يغبط نفسه . وربما يحسّ بأسى لما آلت إليه حاله، ونراه يعلن أحياناً ويلمّح أحياناً أخرى إلى واقعه المزري رئيساً تقيد "إسرائيل" حركته، ولا يمكنه أن يتنقل خارج مقره إلا بإذن من حاكم عسكري أو ضابط "إسرائيلي"، أو شاويش على حاجز . كيف يكون "رئيساً" لسلطة فلسطينية تعترف بها معظم دول العالم، ومن بينها دول كبرى تدّعي دعم السلطة، ولا يمكنه أن يمارس دوره "رئيساًط ويتمتع بحقوقه كاملة في الحرية والحركة، إلى درجة يبدو وكأنه بات رهينة في يد "إسرائيل" أو أسيراً في "المقاطعة" كما كانت حال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مثله مثل بقية أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية . كلما أراد الخروج من الضفة يحتاج إلى إذن، وكلما أراد التقدم خطوة باتجاه المصالحة الوطنية تعرض للتهديد بمصير سلفه، وكلما أدلى بتصريح يتعارض مع سياسات"إسرائيل" يلقى التقريع ويعدّ فاقد الصلاحية للتفاوض . ألا يستدعي هذا الوضع "الكارثي" من الرئيس الفلسطيني أن يجري مراجعة لسياسات عقيمة اتبعت على مدى أكثر من عشرين عاماً ولم تنتج إلا المآسي والمجازر والمزيد من العنصرية الصهيونية التي تترجم استيطاناً وتهويداً كاسحاً وانتهاكاً لأبسط الحقوق الإنسانية له ولشعبه؟ ألا يستدعي هذا الإذلال المتعمّد للرئيس الفلسطيني باعتباره رمزاً لشعبه، انتفاضة على حقبة مريرة لم تجلب إلا المرارة والإحباط؟ ألا يستدعي كل ذلك قلب الطاولة ومن عليها، والبدء من أول الطريق، طريق ما قبل أوسلو حيث أبدع الشعب الفلسطيني واحدة من أهم الانتفاضات التي شهدها العصر الحديث وأعظمها، عندما استطاع الحجر أن يسجل أول انتصار على الدبابة، ويحظى الشعب الفلسطيني آنذاك بتقدير واحترام من العالم الذي عرف حقيقة القضية الفلسطينية وأحقيتها وعدالتها وانكشاف وجه "إسرائيل" العنصري العدواني . عشرون سنة من المفاوضات العقيمة والسقيمة تكفي، ومعها هذا الإذلال والمهانة .  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة