قرر مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها في 21 كانون الأول من العام الماضي «قبول هبة نقدية عبارة عن 40 مليون دولار أميركي لمصلحة وزارة الطاقة والمياه من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتنفيذ سد بلعا ـــــ البترون»، وفي جلسة عقدها في 16 من الشهر الجاري، قرر «الطلب الى وزير الأشغال وضع تقرير عن مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض (القليعات) تمهيداً للعمل على تشغيله».

الرابط بين الموضوعين ليس جغرافية السد والمطار الشماليين، بل كيفية قراءة المعارضة لهذا القرارين، ومحاولتها إطلاق حملة ضد «التلكؤ» في تشغيل القليعات، وأخرى لمعارضة وصول ما يمتّ بأي صلة لإيران إلى منطقة البترون، حتى لو كانت أموالاً لتنفيذ سد يخفف أزمة المياه في المنطقة.

الحملة الأولى بدأها نواب تيار المستقبل في عكار، متجاوزين ما أعلنه مجلس الوزراء من تكليف لوزير الأشغال، غازي العريضي، بوضع تقرير عن مطار القليعات «تمهيداً للعمل على تشغيله»، ومتوقفين فقط عند بعض التعليقات وما ذكرته وسائل إعلامية عن وجود مخاوف من استخدام المطار لأغراض التهريب من سوريا وإليها. وكانت آخر المواقف، أمس، للنائبين نضال طعمة وخضر حبيب، الأول قال «يفاجئنا تلكؤ المسؤولين» في إعادة فتح المطار، وكذلك «رفض البعض ومعارضته لهذا المشروع الحيوي»، رافضاً «مهزلة الادعاء بإقامة منطقة عازلة شمالاً وربط الموضوع بما يجري في الداخل السوري»، ورأى أيضاً أن «القول بأن أميركا تريد فتح المطار ليكون ممراً لها بعيداً عن عيون حزب الله، ينطوي على مغالطتين أساسيتين، الأولى تسيء لأهل المنطقة وقواها السياسية وتصورهما كأنهما أداة في يد الغريب، فيما همنا الأوحد هو مصلحة أهلنا. والثانية تؤكد سطوة حزب مسلح على مرافق الدولة وإخضاعها لسلطته وسيطرته». أما حبيب فرفض «أن يتحول كل ما له علاقة بالشمال إلى مساحة للمزايدات السياسية وإلى منبر للاتهامات، فيقوم البعض ممن يدعي الوطنية باتهام ـــــ عن قصد أو عن غير قصد ـــــ أهالي الشمال وعكار بالعمالة، فيضع تأهيل مطار القليعات في خانة العدوان وكأن الشمال ينتمي إلى جزر المالديف لا إلى لبنان».

وبينما كان حبيب يرفض الاتهامات، وطعمة يغالط «القول بأن أميركا تريد فتح المطار»، و«مهزلة الادعاء بإقامة منطقة عازلة شمالاً»، كانت الوكالة الوطنية للإعلام تعلن أن وفدين من السفارة الأميركية زارا منطقة عكار «بعيداً عن الإعلام»، الأول عسكري زار قاعدة القليعات الجوية، والثاني ـــــ الذي لم تحدد طبيعته ـــــ زار مدرسة النور الرسمية وروضة القبيات الرسمية «في إطار مشروع التعاون الأميركي لإعادة تأهيل عدد من المدارس الرسمية»، في وقت كانت فيه السفيرة الأميركية مورا كونيللي تزور المكلف من مجلس الوزراء بوضع التقرير عن المطار، أي الوزير العريضي، إضافة إلى الرئيس أمين الجميل الذي ذكر أن البحث معها تناول «الوضع العام في البلد وتداعيات الأزمة السورية على الوضع اللبناني وضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي اللبناني».

أما الحملة الثانية، فيتولاها نائبا البترون أنطوان زهرا وبطرس حرب، وخصوصاً الثاني الذي سبق أن كال المديح للولايات المتحدة الأميركية وسفيرتها في تشرين الثاني الماضي، خلال افتتاح مشروع تحريج في بلدة تنورين، شاكراً للحكومة الأميركية تمويلها للمشروع، ومعبراً عن سروره لاستضافة تنورين لكونيللي ممثلة «الدولة العزيزة والصديقة لتنورين»، وقال للسفيرة الأميركية «نحن وأنتم سنقف في وجه محاولة تحويل لبنان الى بلد متطرف ومنغلق، الى بلد ضد الغرب».

حرب أكد حينها أن منطقة البترون تحتاج إلى التنمية، لكنه وبمجرد الإعلان عن قبول الهبة الإيرانية لتنفيذ سد بلعا، بدأ تحركاً قاده أمس إلى قصر بعبدا، معلناً أنه أكد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان رفض قضاء البترون «وخصوصاً بلدة تنورين إعطاء مشروع سد بلعا لشركة إيرانية». وذكر «أن هذا المشروع كانت قد جرت المناقصة عليه وفقاً للأصول ولزّم إلى شركة لبنانية، وليس ما يبرر إبطال نتيجة هذه المناقصة لإدخال شركة إيرانية بحجة تقديم هبة للدولة اللبنانية لبناء سد بلعا، وخصوصاً أن من السهل تحويل الهبة إلى مشروع آخر في منطقة أكثر ملاءمة».

وإذ لم يحدد المنطقة التي يرى أنها أكثر ملاءمة لأموال الهبة الإيرانية، قال إن «وجود شركة إيرانية في منطقة البترون، وفي تنورين بالذات، من شأنه إثارة حساسيات وجو من القلق»، مطالباً بالعودة عن قرار مجلس الوزراء القاضي بـ«التمسك بمشروع بناء سد في منطقة تنورين واحترام القوانين في إجراء المناقصة». ولوّح بأن أهالي القضاء «على استعداد للتحرك السلبي لمواجهة هذا التسلل السياسي والأمني إلى منطقتهم، الأمر الذي يجب تفاديه قبل حدوثه».

ووسط انشغال نائبي عكار بمطار القليعات، ونائبي البترون بالهبة الإيرانية، كانت معظم المواقف الأخرى تتمحور حول موضوع الساعة وهو الأجور، فيما كان وزير العمل شربل نحاس، وخلافاً لكل التحليلات التي راجت في اليومين الأخيرين، يداوم في مكتبه في الوزارة أمس، حيث عقد عدداً من الاجتماعات، ووقّع مرسوم تصحيح الأجور الذي سبق أن أعلن أنه سيوقّعه، ولم يوقع ما قال إنه لن يوقّعه وهو بدل النقل.

وبعد موضوع الأجور، برزت إلى الواجهة التعيينات الإدارية التي أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المرحلة مرحلتها الآن، وقال أمام مجلس نقابة المحررين أمس «سنضغط بكل قوانا لإجرائها واستكمال الإدارة، بدءاً بالأهم بالنسبة إليّ، وهو الهيئة الناظمة للنفط، لأنها تنهي موضوع المراسيم، فالنفط في لبنان يوفر البحبوحة، ومعنى ذلك أيضاً تحقيق حلم الطائف، أي الإنماء المتوازن، وثانياً التشكيلات الدبلوماسية لكي تستعيد بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج عافيتها». وفي ما خص تطورات المنطقة، سأل: «لماذا لا نأخذ موقف الحياد الإيجابي المفيد لنا جميعاً، بعدما كنا في الماضي مختلفين أصلاً على الحياد؟». وقال رداً على سؤال: «نحن في لبنان العرب الحقيقيون، بينما غيرنا عرب رحل بأفكارهم، وهذا الكلام الذي أقوله هو كلام موجوع على العروبة وليس موجوعاً منها. ويا للأسف، فإن العروبة لم تستطع أن تقدم الدليل على أنها فوق الحساسية والمذهبيات والعرقيات». ورأى أن «الخطر الطائفي والمذهبي يحيق بالعرب جميعاً، لا بدولة واحدة».

  • فريق ماسة
  • 2012-01-20
  • 9938
  • من الأرشيف

وفد أميركي يزور مطار القليعات ومدرستين في عكار!

قرر مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها في 21 كانون الأول من العام الماضي «قبول هبة نقدية عبارة عن 40 مليون دولار أميركي لمصلحة وزارة الطاقة والمياه من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتنفيذ سد بلعا ـــــ البترون»، وفي جلسة عقدها في 16 من الشهر الجاري، قرر «الطلب الى وزير الأشغال وضع تقرير عن مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض (القليعات) تمهيداً للعمل على تشغيله». الرابط بين الموضوعين ليس جغرافية السد والمطار الشماليين، بل كيفية قراءة المعارضة لهذا القرارين، ومحاولتها إطلاق حملة ضد «التلكؤ» في تشغيل القليعات، وأخرى لمعارضة وصول ما يمتّ بأي صلة لإيران إلى منطقة البترون، حتى لو كانت أموالاً لتنفيذ سد يخفف أزمة المياه في المنطقة. الحملة الأولى بدأها نواب تيار المستقبل في عكار، متجاوزين ما أعلنه مجلس الوزراء من تكليف لوزير الأشغال، غازي العريضي، بوضع تقرير عن مطار القليعات «تمهيداً للعمل على تشغيله»، ومتوقفين فقط عند بعض التعليقات وما ذكرته وسائل إعلامية عن وجود مخاوف من استخدام المطار لأغراض التهريب من سوريا وإليها. وكانت آخر المواقف، أمس، للنائبين نضال طعمة وخضر حبيب، الأول قال «يفاجئنا تلكؤ المسؤولين» في إعادة فتح المطار، وكذلك «رفض البعض ومعارضته لهذا المشروع الحيوي»، رافضاً «مهزلة الادعاء بإقامة منطقة عازلة شمالاً وربط الموضوع بما يجري في الداخل السوري»، ورأى أيضاً أن «القول بأن أميركا تريد فتح المطار ليكون ممراً لها بعيداً عن عيون حزب الله، ينطوي على مغالطتين أساسيتين، الأولى تسيء لأهل المنطقة وقواها السياسية وتصورهما كأنهما أداة في يد الغريب، فيما همنا الأوحد هو مصلحة أهلنا. والثانية تؤكد سطوة حزب مسلح على مرافق الدولة وإخضاعها لسلطته وسيطرته». أما حبيب فرفض «أن يتحول كل ما له علاقة بالشمال إلى مساحة للمزايدات السياسية وإلى منبر للاتهامات، فيقوم البعض ممن يدعي الوطنية باتهام ـــــ عن قصد أو عن غير قصد ـــــ أهالي الشمال وعكار بالعمالة، فيضع تأهيل مطار القليعات في خانة العدوان وكأن الشمال ينتمي إلى جزر المالديف لا إلى لبنان». وبينما كان حبيب يرفض الاتهامات، وطعمة يغالط «القول بأن أميركا تريد فتح المطار»، و«مهزلة الادعاء بإقامة منطقة عازلة شمالاً»، كانت الوكالة الوطنية للإعلام تعلن أن وفدين من السفارة الأميركية زارا منطقة عكار «بعيداً عن الإعلام»، الأول عسكري زار قاعدة القليعات الجوية، والثاني ـــــ الذي لم تحدد طبيعته ـــــ زار مدرسة النور الرسمية وروضة القبيات الرسمية «في إطار مشروع التعاون الأميركي لإعادة تأهيل عدد من المدارس الرسمية»، في وقت كانت فيه السفيرة الأميركية مورا كونيللي تزور المكلف من مجلس الوزراء بوضع التقرير عن المطار، أي الوزير العريضي، إضافة إلى الرئيس أمين الجميل الذي ذكر أن البحث معها تناول «الوضع العام في البلد وتداعيات الأزمة السورية على الوضع اللبناني وضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي اللبناني». أما الحملة الثانية، فيتولاها نائبا البترون أنطوان زهرا وبطرس حرب، وخصوصاً الثاني الذي سبق أن كال المديح للولايات المتحدة الأميركية وسفيرتها في تشرين الثاني الماضي، خلال افتتاح مشروع تحريج في بلدة تنورين، شاكراً للحكومة الأميركية تمويلها للمشروع، ومعبراً عن سروره لاستضافة تنورين لكونيللي ممثلة «الدولة العزيزة والصديقة لتنورين»، وقال للسفيرة الأميركية «نحن وأنتم سنقف في وجه محاولة تحويل لبنان الى بلد متطرف ومنغلق، الى بلد ضد الغرب». حرب أكد حينها أن منطقة البترون تحتاج إلى التنمية، لكنه وبمجرد الإعلان عن قبول الهبة الإيرانية لتنفيذ سد بلعا، بدأ تحركاً قاده أمس إلى قصر بعبدا، معلناً أنه أكد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان رفض قضاء البترون «وخصوصاً بلدة تنورين إعطاء مشروع سد بلعا لشركة إيرانية». وذكر «أن هذا المشروع كانت قد جرت المناقصة عليه وفقاً للأصول ولزّم إلى شركة لبنانية، وليس ما يبرر إبطال نتيجة هذه المناقصة لإدخال شركة إيرانية بحجة تقديم هبة للدولة اللبنانية لبناء سد بلعا، وخصوصاً أن من السهل تحويل الهبة إلى مشروع آخر في منطقة أكثر ملاءمة». وإذ لم يحدد المنطقة التي يرى أنها أكثر ملاءمة لأموال الهبة الإيرانية، قال إن «وجود شركة إيرانية في منطقة البترون، وفي تنورين بالذات، من شأنه إثارة حساسيات وجو من القلق»، مطالباً بالعودة عن قرار مجلس الوزراء القاضي بـ«التمسك بمشروع بناء سد في منطقة تنورين واحترام القوانين في إجراء المناقصة». ولوّح بأن أهالي القضاء «على استعداد للتحرك السلبي لمواجهة هذا التسلل السياسي والأمني إلى منطقتهم، الأمر الذي يجب تفاديه قبل حدوثه». ووسط انشغال نائبي عكار بمطار القليعات، ونائبي البترون بالهبة الإيرانية، كانت معظم المواقف الأخرى تتمحور حول موضوع الساعة وهو الأجور، فيما كان وزير العمل شربل نحاس، وخلافاً لكل التحليلات التي راجت في اليومين الأخيرين، يداوم في مكتبه في الوزارة أمس، حيث عقد عدداً من الاجتماعات، ووقّع مرسوم تصحيح الأجور الذي سبق أن أعلن أنه سيوقّعه، ولم يوقع ما قال إنه لن يوقّعه وهو بدل النقل. وبعد موضوع الأجور، برزت إلى الواجهة التعيينات الإدارية التي أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المرحلة مرحلتها الآن، وقال أمام مجلس نقابة المحررين أمس «سنضغط بكل قوانا لإجرائها واستكمال الإدارة، بدءاً بالأهم بالنسبة إليّ، وهو الهيئة الناظمة للنفط، لأنها تنهي موضوع المراسيم، فالنفط في لبنان يوفر البحبوحة، ومعنى ذلك أيضاً تحقيق حلم الطائف، أي الإنماء المتوازن، وثانياً التشكيلات الدبلوماسية لكي تستعيد بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج عافيتها». وفي ما خص تطورات المنطقة، سأل: «لماذا لا نأخذ موقف الحياد الإيجابي المفيد لنا جميعاً، بعدما كنا في الماضي مختلفين أصلاً على الحياد؟». وقال رداً على سؤال: «نحن في لبنان العرب الحقيقيون، بينما غيرنا عرب رحل بأفكارهم، وهذا الكلام الذي أقوله هو كلام موجوع على العروبة وليس موجوعاً منها. ويا للأسف، فإن العروبة لم تستطع أن تقدم الدليل على أنها فوق الحساسية والمذهبيات والعرقيات». ورأى أن «الخطر الطائفي والمذهبي يحيق بالعرب جميعاً، لا بدولة واحدة».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة