دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
صدر قانون العمل الجديد رقم 17 لعام 2010 الذي ألغى القانون رقم 91 لعام 1959 وتعديلاته والمرسوم التشريعي رقم 49 لعام 1962 وتعديلاته
وقد صدر بعد أخذ ورد استمر نحو خمس سنوات وقد تركز الخلاف على ما يسمى بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين أو قدرة رب العمل على تسريح العامل بدون أي سبب مبرر أي بارادته الحرة أو ما عرف بالتسريح التعسفي.
رغم مسألة ( التسريح غير المبرر) التي لقيت الكثير من المعارضة ، فالقانون الجديد يتميز عن القانون القديم بنقاط عديدة فهو أفضل حتى لجهة العامل، وإن كان ليس هو القانون الأفضل الممكن، وأعتقد أن القانون القديم وتعديلاته كان يضمن للعامل نظرياً حماية شبه معطلقة من التسريح من العمل بينما كان التطبيق رخواً الى درجة أن التسيرح غير المبرر (التعسفي) كان هو السائد لأسباب كثيرة.
كما أن أية حقوق للعامل في القطاع الخاص لم تكن مضمونة بشكل جيد، لا التسجيل في الضمان الاجتماعي بالرواتب الفعلية ولا الإجازة السنوية ولا اجازة الأمومة ولا أيام العطل الرسمية ولا الطبابة ولا ظروف العمل ولا النقل لأماكن العمل البعيدة ولا غيرها.
وبالتالي لا قيمة لأي نص دون تطبيق وبالتالي فالمسألة الأهم الآن هي الحزم المتدرج في تطبيق القانون بدلاً من استمرار التطبيق الرخو في أرض الواقع.
يتضمن القانون الجديد مقارنة بالقديم العديد من المزايا مثل:
1- منح العامل الذي يسرح بدون مبرر تعويضاً مقداره أجر شهرين عن كل سنة خدمة بينما لم ينص القانون السابق على أي تعويض غير أن وضع سقف لتعويض التسريح غير المبرر بما لا يزيد عن 150 مرة مثل الحد الأدنى العال للأجر يلحق غبناً بأصحاب الرواتب المرتفعة لأن سقف التعويض الآن لن يزيد على نحو 700 ألف ل.س تقريباً مهما كانت خدمة العامل ومهما كان راتبه.
2- ألزم رب العمل بتوثيق عقود العمل ومنح العمال زيادة دورية في الرواتب، وألزم أصحاب العمل بتشميل العمال بالتأمينات الاجتماعية، وهو مانص عليه القانون السابق أيضاً ولكن بتطبيق رخو واشترط القانون الجديد تسجيل استقالة العامل لدى ديوان المديرية المختصة.
3- مكافأة نهاية الخدمة للعامل غير المشمول بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية عند انتهاء عقد العمل هي أفضل في القانون الجديد منها في القديم فهي أجر شهر في الجديد عن كامل السنوات مقابل نصف شهر عن السنوات الخمس الأولى في القديم.
4- كلا القانونين نصاعلى عدم التمييز ضد النساء وبينما منح القانون السابق 60 يوم اجازة أمومة رفعها القانون الجديد لتصبح 120 يوماً للمولود الأول ف 90 يوماً للمولود الثاني ف 75 يوماً للثالث.
ونصت المادة 126: على صاحب العمل الذي يستخدم مئة عاملة فأكثر في مكان واحد أن يوفر داراً للحضانة أو يعهد الى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات.
5- نص على زيادة مدد اجازات والوفاة والزواج ونص على نحو أفضل على تأمين الطبابة والاسعاف وتوفير الصحة والسلامة المهنية.
6-اجازت المادة 23 من القانون الجديد الترخيص بافتتاح مكاتب خاصة للتشغيل وهذه خطوة هامة لأن مكاتب التشغيل هي احدى المؤسسات الرئيسية المشكلة لسوق العمل والتي تحتاج لاهتمام لتنمية دورها بينما كانت هده المكاتب الخاصة قبل ذلك تمارس نشاطها خارج القانون.
7- كلا القانونين الحالي والسابق منع عمل غير السوريين بدون ترخيص. ولكن التطبيق كان رخواً والمطلوب الان التشدد في التطبيق وضبط فلتان سوق العمل السورية للعمالة غير المرخصة سواء من بعض البلدان العربية أو البلدان الافريقية.
8- منع القانون الجديد تشغيل الاحداث قبل اتمام التعليم الاساسي وهذا يعني بلوغ سن ال15 سنة اضافة لشرط التعليم كما منح الحدث اجازة 30 يوماً.
بينما السابق نص على 12 سنة لبدء سن العمل، لا يعمل الحدث أكثر من 6 ساعات يومياً. ويمنح اجازة 30 يوماً مقابل 14 يوماً للبالغ ولكن يخشى في حال تطبيق شروطه أن يمتنع أرباب العمل عن استخدام الاحداث أو عدم الالتزام بها.
9- كلا القانونين نص على تشغيل 2٪ معوقين ذوي احتياجات خاصة من عمالتهم ومنحهم شروطاً جيدة.
وكان من المفيد النص ايضاً على تعويض مالي بحسب الحد الأدنى للأجور يدفعه من لا يقوم بتشغيل ال 2٪ وتورد الى صندوق خاص ينشأ لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
10- أولى القانون الجديد التدريب أهمية أكبر فقد نصت المادة 41 على الزام صاحب العمل في المنشآت التي يزيد عدد العمال فيها على خمسين عاملاً بتخصيص ما لا يقل عن 1 بالمئة من كتلة الاجور لدعم عملية التدريب ورفع مستوى مهارات العاملين لديه.
11- المادة (204) في القانون الجديد أحالت نزاع العمل الفردي بين رب العمل والعامل الى محكمة البداية بدلا من لجان قضايا التسريح سابقاً، وهنا يخشى أحيانا ان تكون من يملك مالا اكثر هو من يربح القضية.
12- رغم ان المادة 93نصت على اشراك العمال او ممثليهم في مناقشة الامور التي تؤدي الى تطوير العمل وزيادة الانتاج وتعالج شؤونهم من خلال الاجتماعات التي يدعون اليها فقد كان من المفيد الاستفادة من التجربة الالمانية دون نسخها حول مسألة اشراك العمال استشاريا في ادارة الشركة ، كما كان من المفيد التركيز على ان يستهدف اشراك العمال تحسين الانتاج وتقليص التكاليف وخفض الهدر بما يعود عليهم بحوافز اعلى ، وهذا لمصلحة رب العمل والعمال.
أعباء أكبر على وزارة العمل:
وسع القانون الجديد دور الوزارة ومديرياتها فتدخلت في العديد من القضايا التي يخشى ان تخلق العديد من البيروقراطية ما لم يعد لها مستلزماتها مثل :
1- وسع القانون الجديد دور المكاتب العامة للتشغيل ، بينما اظهرت التجربة انها بوضعها الحالي كانت جهازا بيروقراطيا خلال الفترة السابقة خلق اعاقات اكثر مما قدم فوائد، لذا تحتاج لاعادة النظر شاملة لدورها وعملها بمناسبة القانون الجديد وليس مجرد بعض التحسينات بما في ذلك التغيير الجذري للادوار.
2- الزمت المادتان 25 و 26 كل رب عمل بإبلاغ مكتب التشغيل العام بكامل المشتغلين لديه وبأية تبدلات تطرأ عليهم وهذه مسألة ستكون موضع صراع حاد.
3- نص القانون الجديد على اجراء معقد لتشغيل العاطلين عن العمل ، اذ اشترطت المادة 17 انه لا يجوز تشغيل اي متعطل الا اذا كان حاصلا على شهادة قيد من احد المكاتب العامة للتشغيل ، فماذا لوقام رب العمل بتشغيل عامل غير مسجل في مكتب العمل فهل نمنعه؟؟ ثم لماذا لا يعتد بالتسجيل في المكاتب الخاصة التي نص عليها القانون ؟
4- رغم ان المواد 224 وما تلاها نصت على عدم الجواز لصاحب العمل بوقف العمل كليا او جزئيا في منشأته او تقليص حجمها او نشاطها بما يمس حجم العمالة فيها وانها ربطت الوقف بطلب يقدمه رب العمل للجنة مختصة يشكلها الوزير وفيها اجراءات كثيرة ، ورغم المنطق في هذا لأن وقف العمل الكلي او الجزئي يخلق ضررا جماعيا لا يجوز التهاون فيه ولكن الخوف من البيروقراطية اذا كان السوق يتقلص والخسائر تقع والبيروقراطية غير مهتمة فسيكون مصدراً للابتزاز وهذا يظهر الحاجة لادارة كفء نزيهة ورشيقة.
5- اناط القانون الجديد بوزارة العمل تنظيم العمالة السورية في الخارج وهي التفاتة جيدة ومسألة هامة تحتاج لرعاية وجهد ، ولكنا هنا نذكر بأن الطريقة التي تتبع من قبل الوزارة الان غير فعالة ، واذكر مثالا اعرفه ، فقد احتاجت شركة اماراتية مهندسيين سوريين ، وعندما اعترضتها بعض الصعوبات بسبب بعض تعليمات الوزارة استشارتني الشركة الاماراتية حول الموضوع فراجعت بعض مديري الوزارة فكان الجواب:أنه على الشركة الاماراتية مخاطبة وزارة العمل الاماراتية التي ستقوم بمخاطبة وزارة الخارجية الاماراتية التي ستخاطب بدورها وزارة الخارجية السورية التي ستخاطب وزارة العمل السورية والتي سترشح لها من بين المسجلين في مكتب العمل ، ولسنا بحاجة للقول بأن احداً لن يلجأ لهذا الطريق غير السالك.
6- ألزمت المادة 90 كل صاحب عمل يستخدم خمسة عشر عاملا فأكثر أن يضع نظاما داخليا للعمل لديه ولائحة للجزاءات واعتمادها من قبل الوزارة ومع قرابة 24850 شركة خاصة و 529121 منشأة فردية خاصة بحسب إحصاء 2004 يمكن تصور العبء الهائل.
7- تطبيق هذا القانون يضع عبئاً كبيراً على تفتيش العمل والضابطة العدلية ، وقد نصت المادة 244 على إخضاع كافة المنشآت وأماكن العمل إلى تفتيش العمل الذي يقوم به مفتشو العمل والتأمينات الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية الذين يسميهم الوزير ، وقد منحتهم المادة 246 صفة الضابطة العدلية ومن المعروف إن عدد مفتشي العمل ومفتشي التأمينات الحالي اقل بكثير من تحمل هذا العبء، وبالتالي فهذه مسألة ذات أهمية كبيرة في تطبيق القانون.
الحزم في التطبيق
المسألة الأهم هي التطبيق وقد كان التطبيق العملي للقانون السابق رخو جداً ،وكان يحتج بشدة النص الذي يمنح حماية شبه مطلقة للعامل من التسريح ، والآن وبينما صدر قانون مرن فيجب أن يكون التطبيق حازما وتطبيق قانون العمل الجديد هو من مهام الوزارة بالدرجة الرئيسية، وقد وضع القانون الجديد عبئا كبيرا على الوزارة من حيث حجم العمل ويفتح جبهة صراع بين الوزارة وأرباب العمل إذا ما همت الوزارة بتطبيق القانون بحزم.
هذا الوضع يتطلب:
آ تطوير قدرات الوزارة برفدها بكادرات جديدة وخاصة مديرياتها في المحافظات أذا أردنا للقانون أن يطبق بفعالية.
ب- تطبيق مبدأ التدرج في الحزم ووضع خطة خمسية لذلك.
ث- إطلاق حملة توعية وترويج واسعة تشارك فيها الوزارة وغرف الصناعة والتجارة والسياحة واتحاد نقابات العمال ووسائل الإعلام
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة