استكمل الرئيس بشار الاسد استدارته صوب المواجهة الحاسمة من خلال نزوله إلى الشارع والتحاقه بمؤيديه في مشهد مليء بالتحدي لخصومه الخارجيين قبل الداخليين، للتأكيد على قدرته للامساك بالشارع  وعلى فرض الامن , وذلك بعد أن ضمن خطوط الازمة الخلفية، مستندا إلى انكفاء معارضة الخارج واقتصار نشاطها على إطلاق المواقف في ترجمة لتقدم أوراق النظام الكثيرة على تلك التي تلعب بها واشنطن والكثير من حلفائها.

وفي وقت كان قد ألمح فيه الرئيس الأسد أنّ الازمة السورية دخلت في مراحلها الاخيرة وأنّ خاتمة الاحداث لم تعد بعيدة، أعرب دبلوماسي أوروبي متابع  لموقع النشرة اللبناني عن ثقته  بأنّ الرئيس السوري بات قادرا على حسم المواجهة مع الغرب لمصلحته ولو جزئيا، مستفيدا من عامل الوقت والمفاجأة في آن، ومستندا إلى الدعمين الروسي والايراني، فضلا عن الدعم الصيني الذي لا يقلّ أهمية في الحسابات الاقتصادية والسياسية. فالوقت المستقطع شارف على النهاية مع انشغالات الادارة الاميركية بالملفات الأكثر إلحاحا على غرار التحضير للانتخابات الرئاسية في ظل تعثر واضح للرئيس باراك اوباما الذي فشل في معالجة الازمة الاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة وترخي بظلالها الثقيلة على الكتلة الناخبة، ما دفع بالقيادة الأميركية إلى تحويل الانظار عن هذا الواقع باتجاه ايران وملفاتها النووية وخطرها الداهم على معابر النفط، وهذا يعني أنّ الشارع الاميركي بات منشغلا بالاتصالات الاميركية الايرانية وما يمكن ان تسفر عنه من تقدم او تلويح بالحرب لرفع اسهم الجمهوريين، ناهيك عن انصراف الادارة الفرنسية إلى تحضير انتخاباتها الرئاسية المقررة في ايار المقبل، وبالتالي تبديل اولوياتها وفق نظرية ترتيب البيت الداخلي تحت عناوين اقتصادية لافتة ترافقت مع تدني سعر صرف اليورو قياسا على سائر العملات، وهذا من شأنه أن يدفع بالرئيس نيكولا ساركوزي إلى اعتماد عناوين اقتصادية، وذلك بعد أن تبدلت لهجة الاعلام الفرنسي وبات تركيزه على العناوين الاقتصادية الداهمة واستخدامه لتعابير تحذيرية قاسية لم يألفها الشارع الفرنسي على غرار "الكارثة الاقتصادية" و"الانهيار الاجتماعي" بعد ان كانت قد اقتصرت استخداماته في السابق على تعابير عابرة "كالتدني" و"التأرجح" بما يؤشر إلى ان عنوان اسقاط النظام السوري سقط مع ارتفاع الخطر الاقتصادي والنقدي وانعكاسه على سائر دول الاتحاد التي باتت تعارض بالكامل اي تدخل خارجي لها، بدليل انخفاض الاهتمام بالسياسات الخارجية وغيابها عن صدارة وسائل الاعلام الاوروبي.

واذا كانت هذه العوامل مجتمعة تدفع باتجاه انحسار الضغط على سورية، فإنّ عوامل ايجابية استفاد منها النظام السوري إلى اقصى حدود وابرزها الموقف الروسي المتقدم الذي تزامن مع تحركات ميدانية وصلت إلى حد تعزيز قاعدة طرطوس باسطول حربي من المرجح ان تنضم اليه عدد آخر من السفن والبوارج، وذلك على اعتبار أنّ روسيا لم تدخل المتوسط لتخرج منه في القريب العاجل، بل لتعزيز مكانتها في الاقليم وتعبئة الفراغ الذي تسبب به الانسحاب العسكري الاميركي من العراق مع ما يعنيه ذلك من كسر لحلقة الفصل الاميركية التي كانت قائمة بين طهران ودمشق.

من جهة ثانية جاء التصلب الايراني والاصرار على المواجهة مع واشنطن حتى لو وصل الامر إلى حدود الحرب الفعلية ليصب في الخانة السورية، خصوصا ان الاتصالات السرية بين واشنطن وايران اظهرت ان الجمهورية الاسلامية لن تتنازل عن تحالفها الاستراتيجي مع سوريا ونظامها الراهن تحديدا. وبالتالي فان ذلك يمكن اعتباره بمثابة الضوء الاخضر للاستفادة من عامل المواجهة للتفرغ السوري لمعالجة الداخل من خلال حزمة من الاصلاحات تحرج العرب ولا تغني الغرب.

 

  • فريق ماسة
  • 2012-01-12
  • 14314
  • من الأرشيف

دبلوماسي أوروبي : الرئيس الأسد بات قادراً على حسم المواجهة مع الغرب لمصلحته و"لو جزئيا"

استكمل الرئيس بشار الاسد استدارته صوب المواجهة الحاسمة من خلال نزوله إلى الشارع والتحاقه بمؤيديه في مشهد مليء بالتحدي لخصومه الخارجيين قبل الداخليين، للتأكيد على قدرته للامساك بالشارع  وعلى فرض الامن , وذلك بعد أن ضمن خطوط الازمة الخلفية، مستندا إلى انكفاء معارضة الخارج واقتصار نشاطها على إطلاق المواقف في ترجمة لتقدم أوراق النظام الكثيرة على تلك التي تلعب بها واشنطن والكثير من حلفائها. وفي وقت كان قد ألمح فيه الرئيس الأسد أنّ الازمة السورية دخلت في مراحلها الاخيرة وأنّ خاتمة الاحداث لم تعد بعيدة، أعرب دبلوماسي أوروبي متابع  لموقع النشرة اللبناني عن ثقته  بأنّ الرئيس السوري بات قادرا على حسم المواجهة مع الغرب لمصلحته ولو جزئيا، مستفيدا من عامل الوقت والمفاجأة في آن، ومستندا إلى الدعمين الروسي والايراني، فضلا عن الدعم الصيني الذي لا يقلّ أهمية في الحسابات الاقتصادية والسياسية. فالوقت المستقطع شارف على النهاية مع انشغالات الادارة الاميركية بالملفات الأكثر إلحاحا على غرار التحضير للانتخابات الرئاسية في ظل تعثر واضح للرئيس باراك اوباما الذي فشل في معالجة الازمة الاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة وترخي بظلالها الثقيلة على الكتلة الناخبة، ما دفع بالقيادة الأميركية إلى تحويل الانظار عن هذا الواقع باتجاه ايران وملفاتها النووية وخطرها الداهم على معابر النفط، وهذا يعني أنّ الشارع الاميركي بات منشغلا بالاتصالات الاميركية الايرانية وما يمكن ان تسفر عنه من تقدم او تلويح بالحرب لرفع اسهم الجمهوريين، ناهيك عن انصراف الادارة الفرنسية إلى تحضير انتخاباتها الرئاسية المقررة في ايار المقبل، وبالتالي تبديل اولوياتها وفق نظرية ترتيب البيت الداخلي تحت عناوين اقتصادية لافتة ترافقت مع تدني سعر صرف اليورو قياسا على سائر العملات، وهذا من شأنه أن يدفع بالرئيس نيكولا ساركوزي إلى اعتماد عناوين اقتصادية، وذلك بعد أن تبدلت لهجة الاعلام الفرنسي وبات تركيزه على العناوين الاقتصادية الداهمة واستخدامه لتعابير تحذيرية قاسية لم يألفها الشارع الفرنسي على غرار "الكارثة الاقتصادية" و"الانهيار الاجتماعي" بعد ان كانت قد اقتصرت استخداماته في السابق على تعابير عابرة "كالتدني" و"التأرجح" بما يؤشر إلى ان عنوان اسقاط النظام السوري سقط مع ارتفاع الخطر الاقتصادي والنقدي وانعكاسه على سائر دول الاتحاد التي باتت تعارض بالكامل اي تدخل خارجي لها، بدليل انخفاض الاهتمام بالسياسات الخارجية وغيابها عن صدارة وسائل الاعلام الاوروبي. واذا كانت هذه العوامل مجتمعة تدفع باتجاه انحسار الضغط على سورية، فإنّ عوامل ايجابية استفاد منها النظام السوري إلى اقصى حدود وابرزها الموقف الروسي المتقدم الذي تزامن مع تحركات ميدانية وصلت إلى حد تعزيز قاعدة طرطوس باسطول حربي من المرجح ان تنضم اليه عدد آخر من السفن والبوارج، وذلك على اعتبار أنّ روسيا لم تدخل المتوسط لتخرج منه في القريب العاجل، بل لتعزيز مكانتها في الاقليم وتعبئة الفراغ الذي تسبب به الانسحاب العسكري الاميركي من العراق مع ما يعنيه ذلك من كسر لحلقة الفصل الاميركية التي كانت قائمة بين طهران ودمشق. من جهة ثانية جاء التصلب الايراني والاصرار على المواجهة مع واشنطن حتى لو وصل الامر إلى حدود الحرب الفعلية ليصب في الخانة السورية، خصوصا ان الاتصالات السرية بين واشنطن وايران اظهرت ان الجمهورية الاسلامية لن تتنازل عن تحالفها الاستراتيجي مع سوريا ونظامها الراهن تحديدا. وبالتالي فان ذلك يمكن اعتباره بمثابة الضوء الاخضر للاستفادة من عامل المواجهة للتفرغ السوري لمعالجة الداخل من خلال حزمة من الاصلاحات تحرج العرب ولا تغني الغرب.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة