طور السيد وليد جنبلاط من وتيرة تورطه العلني في التحريض الطائفي داخل سورية لمحاولة تأليب ضباط و جنود على التمرد و العصيان و الانحياز إلى الميليشيات التي يقودها الأخوان المسلمين و واجهتهم المتمثلة بمجلس اسطنبول و لصالح برنامج برهان غليون الذي هو بيت القصيد في مواقف جنبلاط الذي مازال مصمما على نفاقه التحايلي بشأن المقاومة و الممانعة التي تحولت لديه إلى لازمة يكررها بلا قصد للمعنى منذ ارتداده المهزوم عن مخطط الولايات المتحدة لتصفية المقاومة اللبنانية التي حاورها و حالفها بقوة التوازنات القاهرة بعدما قاد الحملة الداخلية التي استهدفتها مرة بالتواطؤ مع الحرب الإسرائيلية في تموز 2006 بإمرة كوندوليسا رايس و إليوت آبرامز ، و مرة اخرى بقرار الخامس من أيار 2008 الذي اعترف بنفسه انه كان من تدبيره و إعداده .

يعلم جنبلاط اكثر من غيره انه فقد احترام من يسميهم بني معروف في سورية منذ تورطه في خطة تخريب سورية عام 2005 و هم كانوا تعاطفوا معه بدافع قومي غير طائفي في الثمانينات من القرن الماضي عندما ظهر عنوانا لمعركة لبنان ضد اتفاق 17 أيار و الأسطول الأميركي و ما زالوا منغصين و مشوشين امام  شبهات تورط بعض كوادر ميليشياته آنذاك في التعامل مع الاحتلال الصهيوني للجبل و قد اعتملت النقمة على جنبلاط في جبل العرب المشبع بروح القومية العربية و بتقاليد الوحدة الوطنية ، عندما روج جنبلاط مشاريع التقسيم و التفتيت الطائفية الموروثة عن الانتداب الفرنسي الذي ثار عليه الجبل و قدم الشهداء فأسقط قادته  غواية الدويلات و خرائطها المنبعثة مؤخرا في ممالك الوهم العثمانية و الخليجية .

جبل العرب يمثل اليوم مركز ثقل أساسي في الغالبية الشعبية السورية الداعمة للرئيس بشار الأسد و خياره المقاوم و الاستقلالي و الإصلاحي في مجابهة الحملة الاستعمارية الصهيونية التي يناصرها جنبلاط بكل صراحة ، فما يجري في سورية هو خطة تدمير القوة القومية و محاولة قلب معادلات المنطقة لمصلحة إسرائيل و لحمايتها ، و ليس احتجاجات للمطالبة بالإصلاح و بحقوق الضعفاء كما يزعم جنبلاط  فهذه الكذبة الواهية سقطت في وعي السوريين من كل المشارب و الانتماءات ، و الخطة الاستعمارية الهادفة لكسر الإرادة الوطنية السورية و إلحاقها بالهيمنة الأميركية الإسرائيلية ، تتوسل الإرهاب  و الفتنة التي يساهم جنبلاط في محاولة إشعالها .

 

الأسلوب الواقعي الذي تعمتده قوى الثامن من آذار في الشأن اللبناني لاختبار إمكانية الاحتفاظ بالتحالف السياسي الحكومي مع جنبلاط  رغم تزحلقه العملي نحو مواقع متقدمة في خندق التآمر على سورية         و مشاركته الهجومية في العمل الجاري بقوة لضرب موقعها الاستراتيجي المقاوم ، قد يحتمل النقاش لجهة جدواه و قابليته للاستمرار ، فتذاكي جنبلاط لا ينطلي على شركائه الذين يعلمون ان خطة تدمير القوة السورية تضمر التمهيد لتتمتها اللبنانية المتمثلة بتنظيم انقلاب استراتيجي هدفه تصفية المقاومة و يتكامل ما يعلنه جنبلاط بما يعلنه حليفه الاستراتيجي و شريكه في بخار الوهم سمير جعجع ! .

ليست مصادفة ان يحرق سعد الحريري كل السفن في تورطه ، ثم يخرج سمير جعجع من لقاءاته بجيفري فيلتمان مبشرا بقرب سقوط النظام السوري المقاوم ، ليظهر من بعدهما جنبلاط في خطوة أشد تورطا كأنما هو يسابق  على صدارة الحلف اللبناني المنفذ للتعليمات الأميركية ، من خلال تحريض طائفي مسموم موجه إلى شريحة شعبية سورية و إلى تأليب ضباط و جنود سوريين على قيادتهم و دولتهم الوطنية و هو هنا يقدم الخدمة المباشرة التي يطلبها الأميركي و الإسرائيلبي في حرب استنزاف القوة السورية ، أي النيل من تماسك الغالبية الشعبية التي اعترفت بها نتائج الاستطلاع القطري و التقارير الأميركية و الإسرائيلية و العمل لإثارة البلبلة  و الانقسامات داخل الجيش العربي السوري ، الذي لم تفلح محاولات التأثير على وحدته ، فقد اعترف الأميركيون أنفسهم بأن جيشهم الحر المتواجد في تركيا و داخل سورية لا يتعدى مئات الجنود المنشقين بينما آلاف الفارين لا يشاركون في القتال ، في حين يطلقون التسمية بالاشتراك مع حكومة الوهم العثماني و فضائيات التحالف الاستعماري و عملائه على ميليشيات مجلس اسطنبول و معظمها من عناصر الأخوان و العراعرة و المجموعات القاعدية البندرية و الزرقاوية التي تحشد إلى سورية و حيث يتولى القيادة و التدريب ضباط من المخابرات الأميركية و الفرنسية يتواجدون في لبنان و تركيا .

 

هؤلاء الذين يجابهون الدولة الوطنية السورية و قواتها ، ليسوا الضعفاء بل هم العملاء و المضللون ، الذين يمول قياداتهم و هياكلهم اطراف الحلف الاستعماري و أذنابه من الممالك و الإمارات و المشيخات التي يعرفها جنبلاط جيدا و يعرف  ضروب قهرها الدموي للضعفاء و المساكين ، و حيث يتطلع جنبلاط دوما لخزائن المال النفطية و يسعى للتكيف مع شروط الحصول على بعض اكياسها في مفاصل التحولات     و المواجهات الكبرى ، و يمكن تفسير توقيت نقلته العدائية الجديدة بعدما تبلغ برصد موازنات خليجية ضخمة لتفعيل المؤامرة على سورية من لبنان .

يقع السيد جنبلاط أسير الوهم الأميركي الإسرائيلي مجددا في "لحظة التخلي" كالتي استقبل بها شمعون بيريز في المختارة و التي فتح فيها معبر باتر كبوابة للتجارة بالبضائع الإسرائيلية و كنطاق عمل للموساد  و لاغتيال المقاومين في الجبل و إقليم الخروب و حيث أقام شريط حماية للمحتلين الصهاينة يمنع تسرب المقاتلين  و السلاح للمقاومة في عمق الجنوب على امتداد إدارة سلطة الأمر الواقع التي أقامها ضد فكرة الدولة المركزية اللبنانية ، و هي نفسها لحظة التخلي التي وصفها في اعتذاره الأخير و غير المنسي لكل من الرئيس السوري المقاوم بشار الأسد  و لقائد المقاومة العربية الجديدة المنتصرة السيد حسن نصرالله ، عندما توهم أن العصر الأميركي المنطلق من احتلال العراق قد خيم على المنطقة و سعى للتكيف معه متوسلا صداقة بول وولفوفيتز و ديفيد شنكر و عمل بنصائحهما السامة .

كلام جنبلاط عن سورية يشبه تهديد امين الجميل من واشنطن بقصف دمشق قبل اكثر من ربع قرن  و في الحالين اشتغل بخار الوهم الأميركي و حل مكان الحسابات الواقعية ، و النتيجة المقبلة التي يبدو أن على زعيم المختارة التحضر لها هي مزيد من الخسائر و فقدان المصداقية   و يبدو بكل أسف  ان جنبلاط هذه المرة سيكون أشد يأسا من جدوى الاعتذار و الاعتراف  بالخطيئة التي يرتكبها متعمدا فقد صار ذلك عادة مبتذلة و لا اخلاقية في تغطية الانحراف عن كل ما هو وطني تحرري و عروبي و مقاوم  بذرائع شتى .

 

  • فريق ماسة
  • 2012-01-04
  • 8151
  • من الأرشيف

جنبلاط يسابق شركاءه في بخار الوهم الأميركي ..

  طور السيد وليد جنبلاط من وتيرة تورطه العلني في التحريض الطائفي داخل سورية لمحاولة تأليب ضباط و جنود على التمرد و العصيان و الانحياز إلى الميليشيات التي يقودها الأخوان المسلمين و واجهتهم المتمثلة بمجلس اسطنبول و لصالح برنامج برهان غليون الذي هو بيت القصيد في مواقف جنبلاط الذي مازال مصمما على نفاقه التحايلي بشأن المقاومة و الممانعة التي تحولت لديه إلى لازمة يكررها بلا قصد للمعنى منذ ارتداده المهزوم عن مخطط الولايات المتحدة لتصفية المقاومة اللبنانية التي حاورها و حالفها بقوة التوازنات القاهرة بعدما قاد الحملة الداخلية التي استهدفتها مرة بالتواطؤ مع الحرب الإسرائيلية في تموز 2006 بإمرة كوندوليسا رايس و إليوت آبرامز ، و مرة اخرى بقرار الخامس من أيار 2008 الذي اعترف بنفسه انه كان من تدبيره و إعداده . يعلم جنبلاط اكثر من غيره انه فقد احترام من يسميهم بني معروف في سورية منذ تورطه في خطة تخريب سورية عام 2005 و هم كانوا تعاطفوا معه بدافع قومي غير طائفي في الثمانينات من القرن الماضي عندما ظهر عنوانا لمعركة لبنان ضد اتفاق 17 أيار و الأسطول الأميركي و ما زالوا منغصين و مشوشين امام  شبهات تورط بعض كوادر ميليشياته آنذاك في التعامل مع الاحتلال الصهيوني للجبل و قد اعتملت النقمة على جنبلاط في جبل العرب المشبع بروح القومية العربية و بتقاليد الوحدة الوطنية ، عندما روج جنبلاط مشاريع التقسيم و التفتيت الطائفية الموروثة عن الانتداب الفرنسي الذي ثار عليه الجبل و قدم الشهداء فأسقط قادته  غواية الدويلات و خرائطها المنبعثة مؤخرا في ممالك الوهم العثمانية و الخليجية . جبل العرب يمثل اليوم مركز ثقل أساسي في الغالبية الشعبية السورية الداعمة للرئيس بشار الأسد و خياره المقاوم و الاستقلالي و الإصلاحي في مجابهة الحملة الاستعمارية الصهيونية التي يناصرها جنبلاط بكل صراحة ، فما يجري في سورية هو خطة تدمير القوة القومية و محاولة قلب معادلات المنطقة لمصلحة إسرائيل و لحمايتها ، و ليس احتجاجات للمطالبة بالإصلاح و بحقوق الضعفاء كما يزعم جنبلاط  فهذه الكذبة الواهية سقطت في وعي السوريين من كل المشارب و الانتماءات ، و الخطة الاستعمارية الهادفة لكسر الإرادة الوطنية السورية و إلحاقها بالهيمنة الأميركية الإسرائيلية ، تتوسل الإرهاب  و الفتنة التي يساهم جنبلاط في محاولة إشعالها .   الأسلوب الواقعي الذي تعمتده قوى الثامن من آذار في الشأن اللبناني لاختبار إمكانية الاحتفاظ بالتحالف السياسي الحكومي مع جنبلاط  رغم تزحلقه العملي نحو مواقع متقدمة في خندق التآمر على سورية         و مشاركته الهجومية في العمل الجاري بقوة لضرب موقعها الاستراتيجي المقاوم ، قد يحتمل النقاش لجهة جدواه و قابليته للاستمرار ، فتذاكي جنبلاط لا ينطلي على شركائه الذين يعلمون ان خطة تدمير القوة السورية تضمر التمهيد لتتمتها اللبنانية المتمثلة بتنظيم انقلاب استراتيجي هدفه تصفية المقاومة و يتكامل ما يعلنه جنبلاط بما يعلنه حليفه الاستراتيجي و شريكه في بخار الوهم سمير جعجع ! . ليست مصادفة ان يحرق سعد الحريري كل السفن في تورطه ، ثم يخرج سمير جعجع من لقاءاته بجيفري فيلتمان مبشرا بقرب سقوط النظام السوري المقاوم ، ليظهر من بعدهما جنبلاط في خطوة أشد تورطا كأنما هو يسابق  على صدارة الحلف اللبناني المنفذ للتعليمات الأميركية ، من خلال تحريض طائفي مسموم موجه إلى شريحة شعبية سورية و إلى تأليب ضباط و جنود سوريين على قيادتهم و دولتهم الوطنية و هو هنا يقدم الخدمة المباشرة التي يطلبها الأميركي و الإسرائيلبي في حرب استنزاف القوة السورية ، أي النيل من تماسك الغالبية الشعبية التي اعترفت بها نتائج الاستطلاع القطري و التقارير الأميركية و الإسرائيلية و العمل لإثارة البلبلة  و الانقسامات داخل الجيش العربي السوري ، الذي لم تفلح محاولات التأثير على وحدته ، فقد اعترف الأميركيون أنفسهم بأن جيشهم الحر المتواجد في تركيا و داخل سورية لا يتعدى مئات الجنود المنشقين بينما آلاف الفارين لا يشاركون في القتال ، في حين يطلقون التسمية بالاشتراك مع حكومة الوهم العثماني و فضائيات التحالف الاستعماري و عملائه على ميليشيات مجلس اسطنبول و معظمها من عناصر الأخوان و العراعرة و المجموعات القاعدية البندرية و الزرقاوية التي تحشد إلى سورية و حيث يتولى القيادة و التدريب ضباط من المخابرات الأميركية و الفرنسية يتواجدون في لبنان و تركيا .   هؤلاء الذين يجابهون الدولة الوطنية السورية و قواتها ، ليسوا الضعفاء بل هم العملاء و المضللون ، الذين يمول قياداتهم و هياكلهم اطراف الحلف الاستعماري و أذنابه من الممالك و الإمارات و المشيخات التي يعرفها جنبلاط جيدا و يعرف  ضروب قهرها الدموي للضعفاء و المساكين ، و حيث يتطلع جنبلاط دوما لخزائن المال النفطية و يسعى للتكيف مع شروط الحصول على بعض اكياسها في مفاصل التحولات     و المواجهات الكبرى ، و يمكن تفسير توقيت نقلته العدائية الجديدة بعدما تبلغ برصد موازنات خليجية ضخمة لتفعيل المؤامرة على سورية من لبنان . يقع السيد جنبلاط أسير الوهم الأميركي الإسرائيلي مجددا في "لحظة التخلي" كالتي استقبل بها شمعون بيريز في المختارة و التي فتح فيها معبر باتر كبوابة للتجارة بالبضائع الإسرائيلية و كنطاق عمل للموساد  و لاغتيال المقاومين في الجبل و إقليم الخروب و حيث أقام شريط حماية للمحتلين الصهاينة يمنع تسرب المقاتلين  و السلاح للمقاومة في عمق الجنوب على امتداد إدارة سلطة الأمر الواقع التي أقامها ضد فكرة الدولة المركزية اللبنانية ، و هي نفسها لحظة التخلي التي وصفها في اعتذاره الأخير و غير المنسي لكل من الرئيس السوري المقاوم بشار الأسد  و لقائد المقاومة العربية الجديدة المنتصرة السيد حسن نصرالله ، عندما توهم أن العصر الأميركي المنطلق من احتلال العراق قد خيم على المنطقة و سعى للتكيف معه متوسلا صداقة بول وولفوفيتز و ديفيد شنكر و عمل بنصائحهما السامة . كلام جنبلاط عن سورية يشبه تهديد امين الجميل من واشنطن بقصف دمشق قبل اكثر من ربع قرن  و في الحالين اشتغل بخار الوهم الأميركي و حل مكان الحسابات الواقعية ، و النتيجة المقبلة التي يبدو أن على زعيم المختارة التحضر لها هي مزيد من الخسائر و فقدان المصداقية   و يبدو بكل أسف  ان جنبلاط هذه المرة سيكون أشد يأسا من جدوى الاعتذار و الاعتراف  بالخطيئة التي يرتكبها متعمدا فقد صار ذلك عادة مبتذلة و لا اخلاقية في تغطية الانحراف عن كل ما هو وطني تحرري و عروبي و مقاوم  بذرائع شتى .  

المصدر : غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة