من المقرر أن تبحث الحكومة الإسرائيلية غداً الأحد وتبتّ في مشروع قرار يعلن أن القدس المحتلة عاصمة موحدة للشعب اليهودي. وإذا ما اتخذ هذا القرار فإنه يشكل سابقة سوف تقود إلى عاصفة احتجاج دولية من ناحية ومناسبة لتشديد الضغوط العالمية على إسرائيل بشأن الاستيطان.

وأشار موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية الالكتروني إلى أن اللجنة الوزارية لشؤون التشريع ستبحث يوم غد الأحد قانون «القدس عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي» الداعي لتوصيف القدس كعاصمة موحدة للشعب اليهودي. وقال مقدّم المشروع عضو الكنيست من الاتحاد القومي، أرييه ألداد إن «هذا إعلان يأتي لمصارعة كل من يشكك بفرادة القدس للشعب اليهودي».

ومن المهم الإشارة إلى أن الدول الغربية سعت لاعتبارات تتعلق بالمكانة الدينية للقدس إلى ترتيب وضع خاص لها في قرار التقسيم العام 1947 ويجعل منها منطقة دولية. وقد لعب هذا الموقف ولا يزال دوراً في عدم اعتراف أغلب دول العالم بإعلان إسرائيل للقدس عاصمة لها لا في نطاق القدس الغربية قبل العام 1967 ولا بعد احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ومن المعروف أن إسرائيل سنت في العام 1967 قانوناً يعلن توحيد القدس، شرقيها وغربيها، ولكن هذا القانون لم يعد يكفي أرييه ألداد في زمن هيمنة اليمين المتطرف على الحياة العامة في الدولة العبرية. فقد برر ألداد مشروعه قائلاً إنه «في الوقت الذي يريد بعض الناس أن تغدو القدس عاصمة لفلسطين، أو مدينة دولية أو ترهات من هذا النوع، ونحن نعتقد أنه يجدر بنا أن نأتي لنقول إن القدس كانت أبداً وستبقى عاصمة لشعب واحد فقط. فطوال أكثر من 60 عاماً كانت عاصمة دولة واحدة وهي أبداً لم تكن عاصمة لأي شعب آخر».

وكان ألداد قد تقدم بمشروع القانون هذا بالاشتراك مع عضو الكنيست زفولون أورليف من «البيت اليهودي» على أساس أنه قانون أساس. ولكن لأن الأحزاب الدينية تعارض من حيث المبدأ كل القوانين الأساس ذات الطبيعة الدستورية، حيث يرون أن ثباتها يتعارض مع قوانين الشريعة، قرر عضوا الكنيست تقديم المشروع كاقتراح خاص.

وتم تقديم المشروع للكنيست في شباط الماضي، حيث سيتم بحثه في اللجنة الوزارية غداً وبلورة موقف رسمي بشأنه. وشدد ألداد على أن «مشروع القانون جاء ليعبر عن مركزية القدس في حياة دولة إسرائيل والشعب اليهودي وتعزيز سيطرة الشعب اليهودي في القدس الموحدة». واعترف ألداد بأن للقانون قيمة إعلامية لكن «لذلك أيضاً أهمية فائقة جداً».

من جهة ثانية كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن ازدياد التوتر بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بسبب ممارسات إسرائيل في المنطقة المعروفة بـ«إيه 1» وهي الواقعة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم. فقد قدّم سفير الاتحاد الاوروبي في اسرائيل، آندرو ستاندلي، أمس الأول إلى وزارة الخارجية احتجاجاً رسمياً على إجلاء سكان بدو وهدم بيوت فلسطينيين في المنطقة «إيه 1»، وهي منطقة تخطط اسرائيل لأن تنشئ فيها في المستقبل حياً يُحدث تواصلاً بين القدس ومعاليه ادوميم. وعبر سفير الاتحاد عن القلق من الحديث عن استعدادات للبناء في المنطقة «إيه 1»، وطلب الحصول على توضيحات. وسمع نائب المدير العام لشؤون اوروبا في وزارة الخارجية، رافي شوتس، من السفير ان الاتحاد قلق ايضاً من زيادة عدد البيوت في الضفة التي هدمتها الإدارة المدنية. ويأتي كلام ستاندلي بعد يوم من المواجهة الشديدة بين إسرائيل وبريطانيا وفرنسا والمانيا، حينما زعمت وزارة الخارجية أن هذه الدول الثلاث لم تعد ذات صلة.

في أثناء ذلك، وبحسب اقوال خبراء في جدار الفصل في منطقة القدس، تزداد الشواهد على ان اسرائيل تهيئ الظروف للبناء في المنطقة «إيه 1». ويأتي معظم الشواهد من اعمال في نظام الشوارع المعقد الذي ينشأ في شرقي القدس وما حوله. وقد جددت اسرائيل في الاشهر الاخيرة بعد سنين الاعمال في شارعين في منطقة معاليه ادوميم. وقد افتُتح معبر جديد في شعفاط شمالي القدس. ويعتقد الخبراء أن الشواهد تترابط لتصبح إجراء يُمكّن من وجود نظام شوارع منفصلة للاسرائيليين والفلسطينيين: فيكون نظام للاسرائيليين الذين يسافرون من الغرب الى الشرق – من القدس الى معاليه ادوميم، ومن الشمال الى الجنوب – من المستوطنات في الضفة الغربية الى العاصمة؛ ونظام ثانٍ للفلسطينيين، من الشمال الى الجنوب – من رام الله الى بيت لحم، وفي المستقبل ايضاً من الغرب الى الشرق – من الضواحي الجنوبية للقدس نحو أريحا وغور الاردن – في شارع يلتف على معاليه ادوميم.

تثير المنطقة «إيه 1»، التي تخطط اسرائيل لأن تنشئ فيها حي مبسيرت ادوميم، انتقاداً في العالم منذ زمن طويل. فالولايات المتحدة تعارض بشدة انشاء الحي خوفاً من ان يقسم الضفة الغربية الى اثنتين ويفصل عنها شرقي القدس، وهكذا تُحبط احتمالات إحراز تسوية دائمة وانشاء دولة فلسطينية.

قبل نحو اسبوعين من الاحتجاج الذي قدّمه سفير الاتحاد الاوروبي، أرسلت مفوضة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الاوروبي، كريستلينا غيئورغيفا رسالة الى وزير الدفاع ايهود باراك، عبرت فيها عن قلق عميق من اعمال اسرائيل في المنطقة (ج)، ولا سيما كل ما يتعلق بإجلاء السكان البدو عن المنطقة (ج 1). وكتبت المفوضة الاوروبية ايضا أنها تخشى أن يكون اجلاء البدو يرمي الى التمكين من انشاء حي جديد في منطقة معاليه ادوميم.

  • فريق ماسة
  • 2011-12-23
  • 9087
  • من الأرشيف

إسرائيل تبحث قراراً يعلن القدس عاصمة «الشعب اليهودي»!

    من المقرر أن تبحث الحكومة الإسرائيلية غداً الأحد وتبتّ في مشروع قرار يعلن أن القدس المحتلة عاصمة موحدة للشعب اليهودي. وإذا ما اتخذ هذا القرار فإنه يشكل سابقة سوف تقود إلى عاصفة احتجاج دولية من ناحية ومناسبة لتشديد الضغوط العالمية على إسرائيل بشأن الاستيطان. وأشار موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية الالكتروني إلى أن اللجنة الوزارية لشؤون التشريع ستبحث يوم غد الأحد قانون «القدس عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي» الداعي لتوصيف القدس كعاصمة موحدة للشعب اليهودي. وقال مقدّم المشروع عضو الكنيست من الاتحاد القومي، أرييه ألداد إن «هذا إعلان يأتي لمصارعة كل من يشكك بفرادة القدس للشعب اليهودي». ومن المهم الإشارة إلى أن الدول الغربية سعت لاعتبارات تتعلق بالمكانة الدينية للقدس إلى ترتيب وضع خاص لها في قرار التقسيم العام 1947 ويجعل منها منطقة دولية. وقد لعب هذا الموقف ولا يزال دوراً في عدم اعتراف أغلب دول العالم بإعلان إسرائيل للقدس عاصمة لها لا في نطاق القدس الغربية قبل العام 1967 ولا بعد احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية. ومن المعروف أن إسرائيل سنت في العام 1967 قانوناً يعلن توحيد القدس، شرقيها وغربيها، ولكن هذا القانون لم يعد يكفي أرييه ألداد في زمن هيمنة اليمين المتطرف على الحياة العامة في الدولة العبرية. فقد برر ألداد مشروعه قائلاً إنه «في الوقت الذي يريد بعض الناس أن تغدو القدس عاصمة لفلسطين، أو مدينة دولية أو ترهات من هذا النوع، ونحن نعتقد أنه يجدر بنا أن نأتي لنقول إن القدس كانت أبداً وستبقى عاصمة لشعب واحد فقط. فطوال أكثر من 60 عاماً كانت عاصمة دولة واحدة وهي أبداً لم تكن عاصمة لأي شعب آخر». وكان ألداد قد تقدم بمشروع القانون هذا بالاشتراك مع عضو الكنيست زفولون أورليف من «البيت اليهودي» على أساس أنه قانون أساس. ولكن لأن الأحزاب الدينية تعارض من حيث المبدأ كل القوانين الأساس ذات الطبيعة الدستورية، حيث يرون أن ثباتها يتعارض مع قوانين الشريعة، قرر عضوا الكنيست تقديم المشروع كاقتراح خاص. وتم تقديم المشروع للكنيست في شباط الماضي، حيث سيتم بحثه في اللجنة الوزارية غداً وبلورة موقف رسمي بشأنه. وشدد ألداد على أن «مشروع القانون جاء ليعبر عن مركزية القدس في حياة دولة إسرائيل والشعب اليهودي وتعزيز سيطرة الشعب اليهودي في القدس الموحدة». واعترف ألداد بأن للقانون قيمة إعلامية لكن «لذلك أيضاً أهمية فائقة جداً». من جهة ثانية كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن ازدياد التوتر بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بسبب ممارسات إسرائيل في المنطقة المعروفة بـ«إيه 1» وهي الواقعة بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم. فقد قدّم سفير الاتحاد الاوروبي في اسرائيل، آندرو ستاندلي، أمس الأول إلى وزارة الخارجية احتجاجاً رسمياً على إجلاء سكان بدو وهدم بيوت فلسطينيين في المنطقة «إيه 1»، وهي منطقة تخطط اسرائيل لأن تنشئ فيها في المستقبل حياً يُحدث تواصلاً بين القدس ومعاليه ادوميم. وعبر سفير الاتحاد عن القلق من الحديث عن استعدادات للبناء في المنطقة «إيه 1»، وطلب الحصول على توضيحات. وسمع نائب المدير العام لشؤون اوروبا في وزارة الخارجية، رافي شوتس، من السفير ان الاتحاد قلق ايضاً من زيادة عدد البيوت في الضفة التي هدمتها الإدارة المدنية. ويأتي كلام ستاندلي بعد يوم من المواجهة الشديدة بين إسرائيل وبريطانيا وفرنسا والمانيا، حينما زعمت وزارة الخارجية أن هذه الدول الثلاث لم تعد ذات صلة. في أثناء ذلك، وبحسب اقوال خبراء في جدار الفصل في منطقة القدس، تزداد الشواهد على ان اسرائيل تهيئ الظروف للبناء في المنطقة «إيه 1». ويأتي معظم الشواهد من اعمال في نظام الشوارع المعقد الذي ينشأ في شرقي القدس وما حوله. وقد جددت اسرائيل في الاشهر الاخيرة بعد سنين الاعمال في شارعين في منطقة معاليه ادوميم. وقد افتُتح معبر جديد في شعفاط شمالي القدس. ويعتقد الخبراء أن الشواهد تترابط لتصبح إجراء يُمكّن من وجود نظام شوارع منفصلة للاسرائيليين والفلسطينيين: فيكون نظام للاسرائيليين الذين يسافرون من الغرب الى الشرق – من القدس الى معاليه ادوميم، ومن الشمال الى الجنوب – من المستوطنات في الضفة الغربية الى العاصمة؛ ونظام ثانٍ للفلسطينيين، من الشمال الى الجنوب – من رام الله الى بيت لحم، وفي المستقبل ايضاً من الغرب الى الشرق – من الضواحي الجنوبية للقدس نحو أريحا وغور الاردن – في شارع يلتف على معاليه ادوميم. تثير المنطقة «إيه 1»، التي تخطط اسرائيل لأن تنشئ فيها حي مبسيرت ادوميم، انتقاداً في العالم منذ زمن طويل. فالولايات المتحدة تعارض بشدة انشاء الحي خوفاً من ان يقسم الضفة الغربية الى اثنتين ويفصل عنها شرقي القدس، وهكذا تُحبط احتمالات إحراز تسوية دائمة وانشاء دولة فلسطينية. قبل نحو اسبوعين من الاحتجاج الذي قدّمه سفير الاتحاد الاوروبي، أرسلت مفوضة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الاوروبي، كريستلينا غيئورغيفا رسالة الى وزير الدفاع ايهود باراك، عبرت فيها عن قلق عميق من اعمال اسرائيل في المنطقة (ج)، ولا سيما كل ما يتعلق بإجلاء السكان البدو عن المنطقة (ج 1). وكتبت المفوضة الاوروبية ايضا أنها تخشى أن يكون اجلاء البدو يرمي الى التمكين من انشاء حي جديد في منطقة معاليه ادوميم.

المصدر : السفير /حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة