نهار السبت في السادس والعشرين من تشرين الثاني الماضي، أي قبل حوالى أسبوعين، أدخل رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مستشفى التدريب والأبحاث التابع لجامعة مرمرة في منطقة بنديك في اسطنبول.

وقد أدخل اردوغان المستشفى، وأجريت له عملية بسرّية تامة، ولم يعلن عن ذلك إلا بعد يومين من إجراء العملية. وقد قام بإجراء العملية فريق من الأطباء في المستشفى، ومن مستشفيات أخرى استدعوا إليها.

وقد أغلق، لأسباب أمنية، الطابقان الثاني والسادس من المستشفى بشكل كامل. وأبطلت كاميرات المراقبة في المستشفى، ومنع أي كان من الدخول إليه.

ووفقاً لمتابعي أخبار رئيس الحكومة فقد شوهد آخر مرة قبل «اختفائه» وهو يؤدي الصلاة يوم الجمعة في جامع «شاكرين» في محلة قراجة أحمد في اسطنبول، ومن بعدها ذهب إلى مكتبه الحكومي في قصر دولما باهتشه، ثم عاد إلى البيت مع ابنه بلال وحفيده عمر في محلة اسكودار في الناحية الآسيوية من اسطنبول. وفي اليوم الثاني أجرى العملية المذكورة.

وذكرت وسائل إعلام تركية، ومنها صحيفة «طرف»، نقلاً عن مقربين جداً من أردوغان أنه قبل 15 يوماً من العملية اجري لرئيس الحكومة فحص للقولون يسمى باللغة الطبية «فيللوز ادينوم»، وأنه خلال هذا الفحص تم أخذ عينات من القولون وأرسل للفحص، وقد قيل للأطباء الذين تولوا الفحص لاحقاً إنها عينات عائدة لأحد أقرباء أردوغان. وقد أظهرت الفحوصات أن هناك احتمالاً قوياً بأن يكون أردوغان مصاباً بسرطان في القولون، فتقرر إجراء العملية فوراً.

ووفقاً لما نشر في بعض الصحف فإنه قد اقتطع من القولون ما مقداره 18 سنتيمتراً، وأرسلت للفحص للبت في ما إذا كان أردوغان مصاباً بالسرطان أم لا.

ومع أن بياناً رسمياً لم يصدر، غير أن مصادر مقربة من رئاسة الحكومة قالت إنه كانت هناك شبهات، لكن الفحص اظهر أن القولون نظيف من أي علامات سرطانية. وقد واكب العملية عدد كبير من الشائعات التي عززتها طريقة تعامل رئاسة الحكومة مع الموضوع.

فالبيان الذي صدر بعد ذلك عن العملية، تحدث عن عملية بالمنظار في الجهاز الهضمي، المعوي تحديداً، من دون تحديد طبيعة العملية. مع الإشارة إلى أن أردوغان سيعود إلى عمله وفقاً لما يحدده الأطباء. وقد انتقدت وسائل إعلامية طريقة تعاطي رئاسة الحكومة مع مرض أردوغان، مطالبة بالشفافية الكاملة في هذا الموضوع.

وهذا ما أطلق الشرارة لشائعة باتت منتشرة من دون البت بصحتها بأن أردوغان مصاب بسرطان القولون، وبأن وضعه ليس مريحاً. وما عزز هذه الشائعات منع الزيارات عن اردوغان، حتى من أقرب المقربين وكبار الشخصيات.

ولم يسمح حتى الآن سوى لرئيس البرلمان جميل تشيتشيك بزيارته من بين قادة حزب العدالة والتنمية، ومن ثم لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي دخل إليه بـ«الشحاطة» الخاصة منعاً لالتقاط أردوغان اية جرثومة. وآخر من سمح له بزيارته هو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

ويشير المتابعون إلى أن أردوغان بدا منهكاً أثناء زيارة بايدن، ولم يكن وجهه ذلك المعروف عنه من حيوية ونشاط. ويتوارد في تساؤلات الصحافة التركية أسئلة من نوع: لو لم يكن المرض الذي مع أردوغان ثقيلاً لماذا يبقى في المنزل أسبوعين حتى الآن؟ ولماذا توجد قرب منزله مروحية، هي في الوقت نفسه سيارة إسعاف؟ ولماذا يتم الإعلان بالتقسيط عن بقاء أردوغان في منزله؟ ولماذا لم يخرج ولو لخمس دقائق ليطمئن الرأي العام عبر شاشة التلفزيون؟.

وتتكاثر الأسئلة ذات الطابع السياسي أيضاً، ومن ذلك مغزى اجتماع قادة القوات المسلحة بعد يومين من إجراء العملية. لقد قيل إنه اجتماع تحضيري لمجلس الشورى العسكري، لكن بعض الأنباء تتحدث عن التداول بالوضع السياسي في ضوء الظروف الصحية لأردوغان.

وما يفاقم من الشائعات السيناريو الذي نشره الكاتب المعروف طه أقيول الاثنين الماضي في صحيفة «حرييت» نقلا عن مصدر «مقرّب جداً» من أردوغان. ويقول السيناريو إن أردوغان سيترشح لرئاسة الجمهورية عام 2014 وسيتولى بولنت ارينتش رئاسة الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات النيابية عام 2015 حيث سيتولى عبد الله غول رئاسة الحكومة بعد أن يكون قد أصبح نائباً، وهو من شروط أن يكون رئيساً للحكومة، في تذكير بمعادلة فلاديمير بوتين ـ ديميتري ميدفيديف في روسيا. وفي نشر هذا السيناريو «الموثوق» تلميح أيضاً إلى الشخصية التي يمكن أن تخلف أردوغان في رئاسة الحزب والحكومة في حال اعتزل العمل السياسي، وهي بولنت ارينتش.

وليس من قبيل المصادفة أيضاً أن يتواكب مع مرض رئيس الحكومة نشر استطلاع للرأي حول من سيخلف أردوغان في مطلع الشهر الحالي، وبعد الإعلان عن إجراء أردوغان العملية، ويظهر فيها تقدم احمد داود اوغلو على عبد الله غول بفارق بسيط ويليهما بولنت ارينتش وعلي باباجان.

  • فريق ماسة
  • 2011-12-08
  • 11876
  • من الأرشيف

هل أردوغان مصاب بالسرطان؟

نهار السبت في السادس والعشرين من تشرين الثاني الماضي، أي قبل حوالى أسبوعين، أدخل رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان مستشفى التدريب والأبحاث التابع لجامعة مرمرة في منطقة بنديك في اسطنبول. وقد أدخل اردوغان المستشفى، وأجريت له عملية بسرّية تامة، ولم يعلن عن ذلك إلا بعد يومين من إجراء العملية. وقد قام بإجراء العملية فريق من الأطباء في المستشفى، ومن مستشفيات أخرى استدعوا إليها. وقد أغلق، لأسباب أمنية، الطابقان الثاني والسادس من المستشفى بشكل كامل. وأبطلت كاميرات المراقبة في المستشفى، ومنع أي كان من الدخول إليه. ووفقاً لمتابعي أخبار رئيس الحكومة فقد شوهد آخر مرة قبل «اختفائه» وهو يؤدي الصلاة يوم الجمعة في جامع «شاكرين» في محلة قراجة أحمد في اسطنبول، ومن بعدها ذهب إلى مكتبه الحكومي في قصر دولما باهتشه، ثم عاد إلى البيت مع ابنه بلال وحفيده عمر في محلة اسكودار في الناحية الآسيوية من اسطنبول. وفي اليوم الثاني أجرى العملية المذكورة. وذكرت وسائل إعلام تركية، ومنها صحيفة «طرف»، نقلاً عن مقربين جداً من أردوغان أنه قبل 15 يوماً من العملية اجري لرئيس الحكومة فحص للقولون يسمى باللغة الطبية «فيللوز ادينوم»، وأنه خلال هذا الفحص تم أخذ عينات من القولون وأرسل للفحص، وقد قيل للأطباء الذين تولوا الفحص لاحقاً إنها عينات عائدة لأحد أقرباء أردوغان. وقد أظهرت الفحوصات أن هناك احتمالاً قوياً بأن يكون أردوغان مصاباً بسرطان في القولون، فتقرر إجراء العملية فوراً. ووفقاً لما نشر في بعض الصحف فإنه قد اقتطع من القولون ما مقداره 18 سنتيمتراً، وأرسلت للفحص للبت في ما إذا كان أردوغان مصاباً بالسرطان أم لا. ومع أن بياناً رسمياً لم يصدر، غير أن مصادر مقربة من رئاسة الحكومة قالت إنه كانت هناك شبهات، لكن الفحص اظهر أن القولون نظيف من أي علامات سرطانية. وقد واكب العملية عدد كبير من الشائعات التي عززتها طريقة تعامل رئاسة الحكومة مع الموضوع. فالبيان الذي صدر بعد ذلك عن العملية، تحدث عن عملية بالمنظار في الجهاز الهضمي، المعوي تحديداً، من دون تحديد طبيعة العملية. مع الإشارة إلى أن أردوغان سيعود إلى عمله وفقاً لما يحدده الأطباء. وقد انتقدت وسائل إعلامية طريقة تعاطي رئاسة الحكومة مع مرض أردوغان، مطالبة بالشفافية الكاملة في هذا الموضوع. وهذا ما أطلق الشرارة لشائعة باتت منتشرة من دون البت بصحتها بأن أردوغان مصاب بسرطان القولون، وبأن وضعه ليس مريحاً. وما عزز هذه الشائعات منع الزيارات عن اردوغان، حتى من أقرب المقربين وكبار الشخصيات. ولم يسمح حتى الآن سوى لرئيس البرلمان جميل تشيتشيك بزيارته من بين قادة حزب العدالة والتنمية، ومن ثم لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي دخل إليه بـ«الشحاطة» الخاصة منعاً لالتقاط أردوغان اية جرثومة. وآخر من سمح له بزيارته هو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ويشير المتابعون إلى أن أردوغان بدا منهكاً أثناء زيارة بايدن، ولم يكن وجهه ذلك المعروف عنه من حيوية ونشاط. ويتوارد في تساؤلات الصحافة التركية أسئلة من نوع: لو لم يكن المرض الذي مع أردوغان ثقيلاً لماذا يبقى في المنزل أسبوعين حتى الآن؟ ولماذا توجد قرب منزله مروحية، هي في الوقت نفسه سيارة إسعاف؟ ولماذا يتم الإعلان بالتقسيط عن بقاء أردوغان في منزله؟ ولماذا لم يخرج ولو لخمس دقائق ليطمئن الرأي العام عبر شاشة التلفزيون؟. وتتكاثر الأسئلة ذات الطابع السياسي أيضاً، ومن ذلك مغزى اجتماع قادة القوات المسلحة بعد يومين من إجراء العملية. لقد قيل إنه اجتماع تحضيري لمجلس الشورى العسكري، لكن بعض الأنباء تتحدث عن التداول بالوضع السياسي في ضوء الظروف الصحية لأردوغان. وما يفاقم من الشائعات السيناريو الذي نشره الكاتب المعروف طه أقيول الاثنين الماضي في صحيفة «حرييت» نقلا عن مصدر «مقرّب جداً» من أردوغان. ويقول السيناريو إن أردوغان سيترشح لرئاسة الجمهورية عام 2014 وسيتولى بولنت ارينتش رئاسة الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات النيابية عام 2015 حيث سيتولى عبد الله غول رئاسة الحكومة بعد أن يكون قد أصبح نائباً، وهو من شروط أن يكون رئيساً للحكومة، في تذكير بمعادلة فلاديمير بوتين ـ ديميتري ميدفيديف في روسيا. وفي نشر هذا السيناريو «الموثوق» تلميح أيضاً إلى الشخصية التي يمكن أن تخلف أردوغان في رئاسة الحزب والحكومة في حال اعتزل العمل السياسي، وهي بولنت ارينتش. وليس من قبيل المصادفة أيضاً أن يتواكب مع مرض رئيس الحكومة نشر استطلاع للرأي حول من سيخلف أردوغان في مطلع الشهر الحالي، وبعد الإعلان عن إجراء أردوغان العملية، ويظهر فيها تقدم احمد داود اوغلو على عبد الله غول بفارق بسيط ويليهما بولنت ارينتش وعلي باباجان.

المصدر : السفير/محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة