منذ أن بدأت الأزمة، وانقلبت الى خطة اميركية غربية لإطاحة النظام السوري، والإجهاز على موقع سورية في منظومة المقاومة، كانت الاسئلة الكبرى تطرح حول مستقبل المقاومة التي ينظمها حزب الله وقوتها وموقعها الاستراتيجي في شبكة العلاقات الاقليمية، ومدى تأثيرها على المشروع الغربي الاحتلالي الاستنهابي للشرق، فقد أسرف المحللون والمتبرعون باجتهادهم في رسم صورة كئيبة للمقاومة في منطقة يخرج منها النظام السوري الراهن، كما تعاطى البعض مع المسألة وكان المقاومة الإسلامية هي دولة ستختنق، اذا فرض الحصار عليها كما حاصرت مصر- مبارك قطاع غزة، وقد اهملت التحليلات تلك عنصرا رئيسيا في المسألة، وهوان المقاومة انطلقت اصلا في ارض يحتلها العدو، وراكمت قوتها بوجود العدو، ثم تمادى هؤلاء في اهمالهم لمجريات الحركة الميدانية والسياسية في سورية وحولها، وهي كلها تنبئ بشكل واضح، بأن خطة الغرب لإطاحة النظام فشلت وبان ما تبقى بيد الغرب من اسلحة ووسائل مواجهة ليس له من المفاعيل اكثر من الازعاج والانتقام لكنه لا يمكن ان يصل الى حد تغيير الواقع ورسم المستقبل بما يضيق على المقاومة.

في ظل هذه الصورة، سارعت منظومة المقاومة الى توجيه رسائل هامة الى أصدقائها وخصومها من طبيعة ميدانية وعسكرية ذات بعد استراتيجي، من شأنها طمأنة الصديق وتحذير الخصم والعدو، من سوء التقدير. رسائل بدأًت بالتصدي الإيراني الفائق الاهمية لطائرة التجسس الاميركية وانزالها الى الارض الإيرانية سالمة يستفاد منها، واتبعت بالمناورة العسكرية السورية المركبة من عنصري النار (الصواريخ القصيرة والمتوسطة، الى مسافة 200 كلم) والحركة والصدم (مناورة الدبابات من الطراز الافضل الذي تملكه سورية) وصولا الى لبنان حيث كان التحدي في يوم عاشوراء من قبل حزب الله وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي وجه في 50 دقيقة 5 رسائل بالغة الاهمية، من شأنها اذا جرى استيعابها وفهمها ان تحدد مسار الأمور على صعيد المنطقة بشكل عام، من باب واقع المقاومة وقدراتها، وخياراتها والرؤيا الواضحة التي تعمل بوحيها اذ بعد أن أكد على تحالفاته وتمسكه بالاستقرار الداخلي ورفض اي سلوك يقود الى الفتنة، أفصح عن تراكم االقوة لدى المقاومة، وامتلاكه اسلحة جديدة في نوعها وتأثيرها، وجاهزيته للمواجهة وقدرته على الانتصار، وحرصه على منظومة المقاومة التي تواجه المشروع الغربي، بكل فعالية. ولكل هذه المسائل معانٍ بليغة يجب ان تفهم.

1) فعندما تؤكد المقاومة بأن سلاحها تراكمت قوته، وتم تحديثه، فانها ببساطة تقول، ان كل الاجراءات التي اتخذت في البر والبحر لم تجد اصحابها نفعا ولم تؤثر على تسليحها، الذي انجز قفزة نوعية بشموله وسائل الدفاع الجوي، وفي هذا الاخير، رسالة هامة ستأخذها "اسرائيل" على محمل الجد حيث لن تكون طائراتها طليقة اليد في معالجة ما جهزت من بنك أهداف للحرب المقبلة.

2) وان إفصاح المقاومة عن وقوفها الى جانب النظام السوري الحالي، لان البديل الذي يعده – "مجلس اسطنبول" الذي هو مجموعة من العملاء للسياسة الاميركية الغربية، فهذا قد يعني بأن المقاومة لن تكون في موقع المتفرج على حدث وحراك سيؤديان الى تغيير استراتيجي اقليمي يعنيها ويعني أهدافها، وانها ولا شك تملك القدرات اللازمة لمنع تحقق حلم حصارها، او نزع سلاحها، تقول ذلك، رغم ثقتها التامة بان النظام في سورية منيع تخطى المخاطر وانقلب الى الهجوم المعاكس الذي بات يئن الخصم منه، كما فعلت "اسرائيل" في اضطرارها للرد على المناورة السورية بمناورة، وانكفأت تركيا بعد ان ووجهت بالرد بالمثل على عقوبات اقتصادية اوقعت نفسها بها وندمت .

3) وإن المقاومة التي راكمت قواتها ناريا وقتاليا في السنوات الخمس الاخيرة، في الوقت الذي لا زالت "اسرائيل" عاجزة عن ترميم ثغرات بنيتها العسكرية والدفاعية كما كشفتها حرب 2006 – "اسرائيل" التي كاد جنودها يقتلون قيادتهم في المناورة الأخيرة تأكيدا على الارتباك وسوء التدريب - هذه المقاومة هي في جهوزية عملانية عالية، تمكنها من منع العدو من الانتصار في اي حرب يشنها، وقادرة على تحويل الارض التي يغتصبها في فلسطين الى لهيب من نار لا يقوى على الصمود فيها، اي ببساطة ان المقاومة تملك من القوة الردعية ما يمنع العدو من الهجوم وافتعال الحرب ... وان لبنان والمنطقة في مأمن الآن من تهديدها، وان ما تسربه المخابرات "الاسرائيلية" عبر المواقع الالكترونية التي تديرها لن يؤثر في معنويات المقاومين، حتى ولو قيل ان الحرب حدد تاريخها بين منتصف الشهر الحالي ومنتصف الشهر المقبل .

4) وان في المقاومة قيادة ترتقي في كفاءاتها العسكرية وحربها النفسية الى الحد الذي باتت تحسب فيه الامور بدقة الثانية والدقيقة وليس الساعات فقط، حيث ان السيد نصرالله، في ظهوره العلني وهو يعلم بالقرار "الاسرائيلي" السياسي باغتياله في اول فرصة تلوح (القرار الصادر الى العسكريين والأمنيين الذين لا يحتاجون الى تأكيد سياسي لاحق من أجل تنفيذه، لا بل ان تفويت هؤلاء لفرصة التنفيذ ان ظهرت يعرضهم الى المحاسبة والمساءلة كما اعتقد انه حصل في "اسرائيل" بعد العاشر من محرم 1433هـ الذي فات منذ ايام ثلاثة)، حيث سيدرس "الاسرائيليون" جيدا كيف احتسب السيد نصرالله الدقائق الـ 17 (المدة الإجمالية لسيره بين الجمهور، حتى وصوله الى المنبر، ثم خطابه على المنبر، ثم مغادرته له بين الجمهور ايضا) وهو يعلم ان "اسرائيل" قادرة على التدخل الجوي بمهلة تتراوح بين 9 و12 دقيقة، ان لم يكن لها طيران في الجو، وبمهلة تتراوح بين 2 و4 دقائق ان كان لها طائرات في السماء اللبنانية، ما يعني ان السيد رغم علمه بالخطر فانه رمى القفازات في وجهها وتحداها بشجاعة، ولكنه لم يذهب الى حد التهور والانتحار. وفي سلوكه هذا ما سيفسره المسؤولون "الاسرائيليون" بأنه ضربة معنوية موجعة لارادتهم ولهيبة قراراتهم الإجرامية، وامعان في تآكل قدرتهم الردعية، وهي امور ستؤدي مفاعيل هامة، على صعيد الحرب النفسية التي يديرها الامين العام بنجاح كلي.

5) اما اطراف الداخل اللبناني، ممن يخاصمون السيد فرغم ضآلة حجمهم، عندما يكون الحديث عن الشؤون الاستراتيجية الكبرى، فلم ينسهم الامين العام دون رسالة تؤكد مجددا على قرار حزب الله بمنع الفتنة، ودعوتهم الى رفضها وعدم السقوط في افخاخها رحمة بهم وبلبنان، لان صراعه ليس معهم لا من قريب ولا من بعيد فسلاحه اعد للعدو – وهم ليسوا في نظره اعداء، لان له عدواً واحداً هو "اسرائيل".

 

وبهذا تكون رسائل اركان "منظومة المقاومة " تكاملت في تأكيد القوة والاستعداد لأي مواجهة دفاعية، او هجوم في معرض الدفاع، ما جعل الخصم يتراجع وينكفئ، فيتبرأ هذا من سلوك عدواني، ويعود ذاك عن جفاء دبلوماسي، فيعيد سفراءه الى دمشق، وتنتصل دول عربية من تنفيذ العقوبات ضد سورية، سلوكيات توحي بان الرسائل كانت واضحة، وقد تكون استوعبت .

 

  • فريق ماسة
  • 2011-12-07
  • 11356
  • من الأرشيف

رسائل" منظومة المقاومة" بليغة!.... فهل سُتفهم؟

منذ أن بدأت الأزمة، وانقلبت الى خطة اميركية غربية لإطاحة النظام السوري، والإجهاز على موقع سورية في منظومة المقاومة، كانت الاسئلة الكبرى تطرح حول مستقبل المقاومة التي ينظمها حزب الله وقوتها وموقعها الاستراتيجي في شبكة العلاقات الاقليمية، ومدى تأثيرها على المشروع الغربي الاحتلالي الاستنهابي للشرق، فقد أسرف المحللون والمتبرعون باجتهادهم في رسم صورة كئيبة للمقاومة في منطقة يخرج منها النظام السوري الراهن، كما تعاطى البعض مع المسألة وكان المقاومة الإسلامية هي دولة ستختنق، اذا فرض الحصار عليها كما حاصرت مصر- مبارك قطاع غزة، وقد اهملت التحليلات تلك عنصرا رئيسيا في المسألة، وهوان المقاومة انطلقت اصلا في ارض يحتلها العدو، وراكمت قوتها بوجود العدو، ثم تمادى هؤلاء في اهمالهم لمجريات الحركة الميدانية والسياسية في سورية وحولها، وهي كلها تنبئ بشكل واضح، بأن خطة الغرب لإطاحة النظام فشلت وبان ما تبقى بيد الغرب من اسلحة ووسائل مواجهة ليس له من المفاعيل اكثر من الازعاج والانتقام لكنه لا يمكن ان يصل الى حد تغيير الواقع ورسم المستقبل بما يضيق على المقاومة. في ظل هذه الصورة، سارعت منظومة المقاومة الى توجيه رسائل هامة الى أصدقائها وخصومها من طبيعة ميدانية وعسكرية ذات بعد استراتيجي، من شأنها طمأنة الصديق وتحذير الخصم والعدو، من سوء التقدير. رسائل بدأًت بالتصدي الإيراني الفائق الاهمية لطائرة التجسس الاميركية وانزالها الى الارض الإيرانية سالمة يستفاد منها، واتبعت بالمناورة العسكرية السورية المركبة من عنصري النار (الصواريخ القصيرة والمتوسطة، الى مسافة 200 كلم) والحركة والصدم (مناورة الدبابات من الطراز الافضل الذي تملكه سورية) وصولا الى لبنان حيث كان التحدي في يوم عاشوراء من قبل حزب الله وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي وجه في 50 دقيقة 5 رسائل بالغة الاهمية، من شأنها اذا جرى استيعابها وفهمها ان تحدد مسار الأمور على صعيد المنطقة بشكل عام، من باب واقع المقاومة وقدراتها، وخياراتها والرؤيا الواضحة التي تعمل بوحيها اذ بعد أن أكد على تحالفاته وتمسكه بالاستقرار الداخلي ورفض اي سلوك يقود الى الفتنة، أفصح عن تراكم االقوة لدى المقاومة، وامتلاكه اسلحة جديدة في نوعها وتأثيرها، وجاهزيته للمواجهة وقدرته على الانتصار، وحرصه على منظومة المقاومة التي تواجه المشروع الغربي، بكل فعالية. ولكل هذه المسائل معانٍ بليغة يجب ان تفهم. 1) فعندما تؤكد المقاومة بأن سلاحها تراكمت قوته، وتم تحديثه، فانها ببساطة تقول، ان كل الاجراءات التي اتخذت في البر والبحر لم تجد اصحابها نفعا ولم تؤثر على تسليحها، الذي انجز قفزة نوعية بشموله وسائل الدفاع الجوي، وفي هذا الاخير، رسالة هامة ستأخذها "اسرائيل" على محمل الجد حيث لن تكون طائراتها طليقة اليد في معالجة ما جهزت من بنك أهداف للحرب المقبلة. 2) وان إفصاح المقاومة عن وقوفها الى جانب النظام السوري الحالي، لان البديل الذي يعده – "مجلس اسطنبول" الذي هو مجموعة من العملاء للسياسة الاميركية الغربية، فهذا قد يعني بأن المقاومة لن تكون في موقع المتفرج على حدث وحراك سيؤديان الى تغيير استراتيجي اقليمي يعنيها ويعني أهدافها، وانها ولا شك تملك القدرات اللازمة لمنع تحقق حلم حصارها، او نزع سلاحها، تقول ذلك، رغم ثقتها التامة بان النظام في سورية منيع تخطى المخاطر وانقلب الى الهجوم المعاكس الذي بات يئن الخصم منه، كما فعلت "اسرائيل" في اضطرارها للرد على المناورة السورية بمناورة، وانكفأت تركيا بعد ان ووجهت بالرد بالمثل على عقوبات اقتصادية اوقعت نفسها بها وندمت . 3) وإن المقاومة التي راكمت قواتها ناريا وقتاليا في السنوات الخمس الاخيرة، في الوقت الذي لا زالت "اسرائيل" عاجزة عن ترميم ثغرات بنيتها العسكرية والدفاعية كما كشفتها حرب 2006 – "اسرائيل" التي كاد جنودها يقتلون قيادتهم في المناورة الأخيرة تأكيدا على الارتباك وسوء التدريب - هذه المقاومة هي في جهوزية عملانية عالية، تمكنها من منع العدو من الانتصار في اي حرب يشنها، وقادرة على تحويل الارض التي يغتصبها في فلسطين الى لهيب من نار لا يقوى على الصمود فيها، اي ببساطة ان المقاومة تملك من القوة الردعية ما يمنع العدو من الهجوم وافتعال الحرب ... وان لبنان والمنطقة في مأمن الآن من تهديدها، وان ما تسربه المخابرات "الاسرائيلية" عبر المواقع الالكترونية التي تديرها لن يؤثر في معنويات المقاومين، حتى ولو قيل ان الحرب حدد تاريخها بين منتصف الشهر الحالي ومنتصف الشهر المقبل . 4) وان في المقاومة قيادة ترتقي في كفاءاتها العسكرية وحربها النفسية الى الحد الذي باتت تحسب فيه الامور بدقة الثانية والدقيقة وليس الساعات فقط، حيث ان السيد نصرالله، في ظهوره العلني وهو يعلم بالقرار "الاسرائيلي" السياسي باغتياله في اول فرصة تلوح (القرار الصادر الى العسكريين والأمنيين الذين لا يحتاجون الى تأكيد سياسي لاحق من أجل تنفيذه، لا بل ان تفويت هؤلاء لفرصة التنفيذ ان ظهرت يعرضهم الى المحاسبة والمساءلة كما اعتقد انه حصل في "اسرائيل" بعد العاشر من محرم 1433هـ الذي فات منذ ايام ثلاثة)، حيث سيدرس "الاسرائيليون" جيدا كيف احتسب السيد نصرالله الدقائق الـ 17 (المدة الإجمالية لسيره بين الجمهور، حتى وصوله الى المنبر، ثم خطابه على المنبر، ثم مغادرته له بين الجمهور ايضا) وهو يعلم ان "اسرائيل" قادرة على التدخل الجوي بمهلة تتراوح بين 9 و12 دقيقة، ان لم يكن لها طيران في الجو، وبمهلة تتراوح بين 2 و4 دقائق ان كان لها طائرات في السماء اللبنانية، ما يعني ان السيد رغم علمه بالخطر فانه رمى القفازات في وجهها وتحداها بشجاعة، ولكنه لم يذهب الى حد التهور والانتحار. وفي سلوكه هذا ما سيفسره المسؤولون "الاسرائيليون" بأنه ضربة معنوية موجعة لارادتهم ولهيبة قراراتهم الإجرامية، وامعان في تآكل قدرتهم الردعية، وهي امور ستؤدي مفاعيل هامة، على صعيد الحرب النفسية التي يديرها الامين العام بنجاح كلي. 5) اما اطراف الداخل اللبناني، ممن يخاصمون السيد فرغم ضآلة حجمهم، عندما يكون الحديث عن الشؤون الاستراتيجية الكبرى، فلم ينسهم الامين العام دون رسالة تؤكد مجددا على قرار حزب الله بمنع الفتنة، ودعوتهم الى رفضها وعدم السقوط في افخاخها رحمة بهم وبلبنان، لان صراعه ليس معهم لا من قريب ولا من بعيد فسلاحه اعد للعدو – وهم ليسوا في نظره اعداء، لان له عدواً واحداً هو "اسرائيل".   وبهذا تكون رسائل اركان "منظومة المقاومة " تكاملت في تأكيد القوة والاستعداد لأي مواجهة دفاعية، او هجوم في معرض الدفاع، ما جعل الخصم يتراجع وينكفئ، فيتبرأ هذا من سلوك عدواني، ويعود ذاك عن جفاء دبلوماسي، فيعيد سفراءه الى دمشق، وتنتصل دول عربية من تنفيذ العقوبات ضد سورية، سلوكيات توحي بان الرسائل كانت واضحة، وقد تكون استوعبت .  

المصدر : العميد : أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة