بعد 11 أيلول، غيّرت الولايات المتحدة الأميركية سياستها، خاصة منذ عام 2008 وحتى اليوم، وقررت القبول بالحكم الاسلامي في الدول العربية والاسلامية من قبل أحزاب كانت أميركا تحاربها وتمنعها من الوصول إلى السلطة. جاء ذلك نتيجة استراتيجية اميركية تقضي أنه بعد حوادث 11 أيلول واختراق الطائرات المدنية بواسطة تنظيم القاعدة لواشنطن ونيويورك، نقل الحروب الى الساحات الاسلامية والعربية لتوليعها بمشاكل داخلية وإشغال تنظيم القاعدة بحروب في الساحات الاسلامية والعربية بدل أن يكون توجه تنظيم القاعدة نحو أوروبا وأميركا.

خاضت الولايات المتحدة حرب أفغانستان لضرب القاعدة وحركة طالبان، ثم تراجعت لتعطي طالبان دوراً في حكم أفغانستان كي تغرقه في حكم إسلامي داخلي ومشاكل اقتصادية وغيرها لم يخرج منها منذ 10 سنوات، وألهبت أميركا الساحة العراقية عبر احتلالها العراق وتقسيمه وجذب عناصر القاعدة إليه لأن تنظيم القاعدة اعتبر ان الاميركيين موجودون على أرض عربية إسلامية وأفضل حل هو محاربة الأميركيين في العراق بدل الذهاب الى أميركا، لكن واشنطن تدرك تماماً أن حرب تنظيم القاعدة في العراق كانت موجهة ضد الشيعة وضد الأكراد ولكن بالتحديد ضد الشيعة، لذلك شغلت تنظيم القاعدة في العراق في حرب داخلية استنزفت فيها طاقات هذا التنظيم الى أقصى الحدود، كما أن أميركا تركت الساحة الصومالية للقاعدة وكذلك الساحات السودانية والتونسية واليمنية والليبية ومصر لإلهاب هذه الساحات العربية والاسلامية في حروب داخلية وصلت إلى سوريا، فلأن واشنطن وافقت أن يحكم الاخوان المسلمون في الدول العربية والاسلامية، تحت عنوان «الديموقراطية»، لكن واقع الأمور أن الولايات المتحدة الأميركية خضعت للأمر الواقع بعد 11 أيلول، ووضعت استراتيجية تقضي بإشعال النار في الساحات العربية والاسلامية، تحت عنوان التغيير الديموقراطي والقبول بحكم الأحزاب الاسلامية، غير المتطرفة والمسالمة، والطلب إليها إظهار بعض الاعتدال والسماح بالتعبير الديموقراطي، كاحترام حقوق الانسان وإعطاء بعض الحقوق للمرأة مع الموافقة على تطبيق الشريعة الاسلامية في هذه الدول.

لم تفعل واشنطن ذلك حرصاً على الإسلام ولا على الدين الاسلامي، إنما هي خضعت لأمر واقع قررت فيه تطبيق استراتيجية إشعال النار في المناطق الاسلامية والعربية، كي ينصرف تنظيم القاعدة عن الهجوم على أوروبا وأميركا وتغرق الأحزاب الاسلامية في حروب داخل الدول العربية والاسلامية، إضافة الى ان اميركا وإسرائيل تريدان إلغاء العالم العربي وإلغاء الهوية العربية الحقيقية وإبدال ذلك بأنظمة اسلامية تركز على الشريعة الاسلامية أكثر ما تركز على المبادئ القومية العربية، كما أن واشنطن تعتبر أنها تحت عنوان الديموقواطية، فإنها تترك الاحزاب الاسلامية تصل الى الحكم وبعد وصولها إليه سوف تحاربها اقتصادياً بشكل يصبح بعدها تداول السلطة اسلامياً صعباً ومعقداً بين الاحزاب الاسلامية وبالتالي ستغرق الدول العربية والاسلامية في الفوضى وفي مشاكل اقتصادية وسياسية صعبة.

هذه الاستراتيجية أرادت واشنطن من خلالها، محاربة تنظيم القاعدة ومحاربة أي تطرف إسلامي ضدها، وبالتالي إغراق الاسلاميين المتطرفين في حروب داخلية في الدول العربية، خصوصاً بين السنّة والشيعة وأيضاً بين الاحزاب الاسلامية المتطرفة والأحزاب الاسلامية المعتدلة، إذ أنه كيف يتمّ تفسير أن منتسباً لتنظيم القاعدة يقوم بتفجير نفسه في كربلاء أو النجف ويقتل عشرات المواطنين الشهداء في حرب لا نعتقد أنها تخدم أهل السنّة ولا تخدم أهل الشيعة، بل على العكس تزيد من الشرخ الاسلامي بين السنّة والشيعة وتعمّق الهوّة في الساحات الاسلامية والعربية.

كذلك على الجامعة العربية وعلى الدول العربية أن تدرك، بأن العالم العربي يعيش بخطر حقيقي وليس الخطر من الحكم الاسلامي، فالمسلمون هم مواطنون لهم الحق عبر الانتخابات أن يصلوا الى الحكم، والاصلاح ضروري في العالم العربي كما الديموقراطية، ولكن الاستراتيجية الاميركية لا تريد الديموقراطية فعلياً، فمثلاً على ذلك أن حركة حماس حصلت عبر انتخابات ديموقراطية على الأكثرية وطوقتها واشنطن وإسرائيل في غزة، وأزاحتها عن السلطة رغم وصولها بانتخابات ديموقراطية، كما ان الديموقراطية تفرض عندما تمّ التصويت في الاونيسكو وتم قبول الدولة الفلسطينية الجديدة في الاونيسكو ان تخضع واشنطن ديموقراطياً لهذا الخيار، لكنها ردّت بوقف دعمها المالي للاونيسكو ومحاربتها كمنظمة حضارية ليس لها دور سياسي بل لكونها منظمة حضارية اعترفت بدولة فلسطين احتراماً لإرادة الشعب الفلسطيني كواقع موجود.

مرة أخرى نحذّر من سياسة واشنطن ومن تدخل أميركا في الحركات الاسلامية لأن الاستراتيجية الاميركية تقوم على إشعال النار في الدول العربية والاسلامية كي تدخل هذه الدول في حروب داخلية، وكل ذلك يتم فعلياً عبر إعلان برّاق وهو نشر الديموقراطية لكن واشنطن لا تريد الديموقراطية، بل تريد اغراق الساحات العربية الاسلامية في حروب داخلية، على أساس ان التطرف الاسلامي سيجد موقعا لحربه بين الدول العربية، ويغض الطرف على اوروبا واميركا، وعلى انحياز اميركا لاسرائيل ووقف عمليات القاعدة ضد اميركا، مع اننا ضد أي عملية عسكرية تستهدف مدنيين أميركيين او اوروبيين او اسلاميين في اي دولة تستهدف حياة البشر، لان الله سبحانه وتعالى وهب الانسان الحياة وهي ملك لله وليست ملك لاي شخص يفجر نفسه ويقتل غيره.

أيها العرب احذروا السياسة الاميركية، فإن كانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تعلن قبولها بحكم الاخوان المسلمين والاحزاب الاسلامية الاخرى المعتدلة، فإنما كلينتون تنفّذ بذلك استراتيجية وضعتها المخابرات الاميركية المركزية لضرب القومية العربية والدول الاسلامية وإشعال الحروب الداخلية فيها.

  • فريق ماسة
  • 2011-11-11
  • 9352
  • من الأرشيف

واشنطن والقبول بالدور الاسلامي

بعد 11 أيلول، غيّرت الولايات المتحدة الأميركية سياستها، خاصة منذ عام 2008 وحتى اليوم، وقررت القبول بالحكم الاسلامي في الدول العربية والاسلامية من قبل أحزاب كانت أميركا تحاربها وتمنعها من الوصول إلى السلطة. جاء ذلك نتيجة استراتيجية اميركية تقضي أنه بعد حوادث 11 أيلول واختراق الطائرات المدنية بواسطة تنظيم القاعدة لواشنطن ونيويورك، نقل الحروب الى الساحات الاسلامية والعربية لتوليعها بمشاكل داخلية وإشغال تنظيم القاعدة بحروب في الساحات الاسلامية والعربية بدل أن يكون توجه تنظيم القاعدة نحو أوروبا وأميركا. خاضت الولايات المتحدة حرب أفغانستان لضرب القاعدة وحركة طالبان، ثم تراجعت لتعطي طالبان دوراً في حكم أفغانستان كي تغرقه في حكم إسلامي داخلي ومشاكل اقتصادية وغيرها لم يخرج منها منذ 10 سنوات، وألهبت أميركا الساحة العراقية عبر احتلالها العراق وتقسيمه وجذب عناصر القاعدة إليه لأن تنظيم القاعدة اعتبر ان الاميركيين موجودون على أرض عربية إسلامية وأفضل حل هو محاربة الأميركيين في العراق بدل الذهاب الى أميركا، لكن واشنطن تدرك تماماً أن حرب تنظيم القاعدة في العراق كانت موجهة ضد الشيعة وضد الأكراد ولكن بالتحديد ضد الشيعة، لذلك شغلت تنظيم القاعدة في العراق في حرب داخلية استنزفت فيها طاقات هذا التنظيم الى أقصى الحدود، كما أن أميركا تركت الساحة الصومالية للقاعدة وكذلك الساحات السودانية والتونسية واليمنية والليبية ومصر لإلهاب هذه الساحات العربية والاسلامية في حروب داخلية وصلت إلى سوريا، فلأن واشنطن وافقت أن يحكم الاخوان المسلمون في الدول العربية والاسلامية، تحت عنوان «الديموقراطية»، لكن واقع الأمور أن الولايات المتحدة الأميركية خضعت للأمر الواقع بعد 11 أيلول، ووضعت استراتيجية تقضي بإشعال النار في الساحات العربية والاسلامية، تحت عنوان التغيير الديموقراطي والقبول بحكم الأحزاب الاسلامية، غير المتطرفة والمسالمة، والطلب إليها إظهار بعض الاعتدال والسماح بالتعبير الديموقراطي، كاحترام حقوق الانسان وإعطاء بعض الحقوق للمرأة مع الموافقة على تطبيق الشريعة الاسلامية في هذه الدول. لم تفعل واشنطن ذلك حرصاً على الإسلام ولا على الدين الاسلامي، إنما هي خضعت لأمر واقع قررت فيه تطبيق استراتيجية إشعال النار في المناطق الاسلامية والعربية، كي ينصرف تنظيم القاعدة عن الهجوم على أوروبا وأميركا وتغرق الأحزاب الاسلامية في حروب داخل الدول العربية والاسلامية، إضافة الى ان اميركا وإسرائيل تريدان إلغاء العالم العربي وإلغاء الهوية العربية الحقيقية وإبدال ذلك بأنظمة اسلامية تركز على الشريعة الاسلامية أكثر ما تركز على المبادئ القومية العربية، كما أن واشنطن تعتبر أنها تحت عنوان الديموقواطية، فإنها تترك الاحزاب الاسلامية تصل الى الحكم وبعد وصولها إليه سوف تحاربها اقتصادياً بشكل يصبح بعدها تداول السلطة اسلامياً صعباً ومعقداً بين الاحزاب الاسلامية وبالتالي ستغرق الدول العربية والاسلامية في الفوضى وفي مشاكل اقتصادية وسياسية صعبة. هذه الاستراتيجية أرادت واشنطن من خلالها، محاربة تنظيم القاعدة ومحاربة أي تطرف إسلامي ضدها، وبالتالي إغراق الاسلاميين المتطرفين في حروب داخلية في الدول العربية، خصوصاً بين السنّة والشيعة وأيضاً بين الاحزاب الاسلامية المتطرفة والأحزاب الاسلامية المعتدلة، إذ أنه كيف يتمّ تفسير أن منتسباً لتنظيم القاعدة يقوم بتفجير نفسه في كربلاء أو النجف ويقتل عشرات المواطنين الشهداء في حرب لا نعتقد أنها تخدم أهل السنّة ولا تخدم أهل الشيعة، بل على العكس تزيد من الشرخ الاسلامي بين السنّة والشيعة وتعمّق الهوّة في الساحات الاسلامية والعربية. كذلك على الجامعة العربية وعلى الدول العربية أن تدرك، بأن العالم العربي يعيش بخطر حقيقي وليس الخطر من الحكم الاسلامي، فالمسلمون هم مواطنون لهم الحق عبر الانتخابات أن يصلوا الى الحكم، والاصلاح ضروري في العالم العربي كما الديموقراطية، ولكن الاستراتيجية الاميركية لا تريد الديموقراطية فعلياً، فمثلاً على ذلك أن حركة حماس حصلت عبر انتخابات ديموقراطية على الأكثرية وطوقتها واشنطن وإسرائيل في غزة، وأزاحتها عن السلطة رغم وصولها بانتخابات ديموقراطية، كما ان الديموقراطية تفرض عندما تمّ التصويت في الاونيسكو وتم قبول الدولة الفلسطينية الجديدة في الاونيسكو ان تخضع واشنطن ديموقراطياً لهذا الخيار، لكنها ردّت بوقف دعمها المالي للاونيسكو ومحاربتها كمنظمة حضارية ليس لها دور سياسي بل لكونها منظمة حضارية اعترفت بدولة فلسطين احتراماً لإرادة الشعب الفلسطيني كواقع موجود. مرة أخرى نحذّر من سياسة واشنطن ومن تدخل أميركا في الحركات الاسلامية لأن الاستراتيجية الاميركية تقوم على إشعال النار في الدول العربية والاسلامية كي تدخل هذه الدول في حروب داخلية، وكل ذلك يتم فعلياً عبر إعلان برّاق وهو نشر الديموقراطية لكن واشنطن لا تريد الديموقراطية، بل تريد اغراق الساحات العربية الاسلامية في حروب داخلية، على أساس ان التطرف الاسلامي سيجد موقعا لحربه بين الدول العربية، ويغض الطرف على اوروبا واميركا، وعلى انحياز اميركا لاسرائيل ووقف عمليات القاعدة ضد اميركا، مع اننا ضد أي عملية عسكرية تستهدف مدنيين أميركيين او اوروبيين او اسلاميين في اي دولة تستهدف حياة البشر، لان الله سبحانه وتعالى وهب الانسان الحياة وهي ملك لله وليست ملك لاي شخص يفجر نفسه ويقتل غيره. أيها العرب احذروا السياسة الاميركية، فإن كانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تعلن قبولها بحكم الاخوان المسلمين والاحزاب الاسلامية الاخرى المعتدلة، فإنما كلينتون تنفّذ بذلك استراتيجية وضعتها المخابرات الاميركية المركزية لضرب القومية العربية والدول الاسلامية وإشعال الحروب الداخلية فيها.

المصدر : الديار /شارل أيوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة