لم يكن الجيش اللبناني مستهدفاً في مرحلة من المراحل، الا وكان التزامن حتمياً بين هذا الاستهداف وتعريض الاستقرار والسلم اللبنانيين للمخاطر، نتيجة مشاريع ورهانات وارتباطات وخلفيات لا تمت بصلة للمصلحة الوطنية العليا، وهذا ما ينسحب على الحملة الراهنة التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية والتي تخفت حيناً وتتصاعد أحياناً كثيرة.

ويردد مرجع سياسي معني أن حملات كهذه يتعرّض لها الجيش دائماً في المحطات المفصلية، «اذ لا يحسن الأفرقاء المتصارعون سياسياً الفصل بين آليات الصراع المشروعة وحدودها المقبولة وبين الخطوط الحمراء التي تتصل بأمن واستقرار بلدهم وشعبهم، وما الحملة الحالية على الجيش الا وسيلة لإلهائه عن القيام بواجباته الوطنية على امتداد مساحة الوطن».

وعن أهداف هذه الحملة على الجيش، يشير المرجع الى انها تخفي في طياتها أهدافاً عدة ابرزها:

أولا- الضغط على الجيش لإجباره على غض الطرف عن كثير من الامور التي تحصل او التي يتوقع حصولها.

ثانيا- اظهار الجيش انه غير قادر على حماية الحدود وعلى التعاطي مع مسألة النازحين السوريين، مما يستوجب الإتيان بمراقبين دوليين، في عودة للحلم المستمر منذ عدوان تموز والهادف لنشر قوات دولية على طول الحدود اللبنانية السورية، لأسباب متصلة بقطع «الأوكسيجين» عن المقاومة وليس محبة بسوريا أو لبنان.

ثالثا- إظهار الجيش ايضاً، غير قادر على الدفاع عن سيادة الوطن الا من خلال استدراجه «سيادياً» و«وطنياً» للاصطدام بالجيش السوري مما يوجد حالة توتر على الحدود المشتركة، تسمح لبعض الاطراف بالدخول مباشرة على خط التأثير في الداخل السوري.

رابعا- للحملة على الجيش هدف مشبوه يتصل بوجود الجيش أصلاً في المنطقة الشمالية، اذ في الحملة عليه تحت ذريعة عدم القيام بواجباته او تلك التي تصوب عليه اثناء تأدية واجباته، يبدو ان هناك من يزعجه وجود الجيش في المنطقة وتحمّله مسؤولياته، وهولاء يمثلون امتداداً لحالة نهر البارد.

ويقول المرجع «إن التركيز على موضوع اللاجئين السوريين، هو لإيجاد بؤرة غير خاضعة للسيادة اللبنانية تستخدم قاعدة للتدريب والتسليح وتجهيز العبوات والمتفجرات لتصفية الحسابات انطلاقا من الاراضي اللبنانية باتجاه الداخل السوري، وهذا الامر لا ينجح ويستحيل تحققه في ظل انتشار الجيش والقوى الامنية على الحدود والمعابر المشتركة، لان وجود هذه القوى سيجعلها تصطدم مع اي مجموعة تقوم بعمل عسكري انطلاقا من الاراضي اللبنانية، من دون اغفال ان اثارة هذه المسألة يأتي بعدما منعت السلطات التركية تحول مخيم اللاجئين السوريين على حدودها الى قاعدة انطلاق لعمليات عسكرية باتجاه الداخل السوري، ليس حباً بالنظام وانما خشية من تحوله الى معسكر وبؤرة امنية في حال فشل محاولات إسقاط النظام السوري، الامر الذي لم يدركه بعض الساسة اللبنانيين، الذين دلّت الاحداث على ان اولوية اسقاط النظام السوري تتقدم عندهم على اولوية الاستقرار الداخلي في لبنان».

وحول اتهام الجيش بفرض تعتيم اعلامي على النازحين، يوضح المرجع المعني «ان القاصي والداني يعرف ان التغطية الاعلامية لمهمات القوى العسكرية في اي منطقة لبنانية، تتطلب الحصول على ترخيص مسبق من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، فكيف الحال عندما يتعلق الامر بحدود مشتركة مع دولة اخرى، ففي كل الاعراف والقوانين العسكرية يحظر تصوير القوى العسكرية على جانبي الحدود بين اي دولتين، ومسألة الحصول على ترخيص مسبق يعرفها الاعلاميون ووسائل الإعلام على تنوعها، هذا من الناحية التقنية، اما من الناحية الانسانية، فإنه يحظر كشف هوية النازحين او الهاربين او المصابين جرّاء وضع معين، وفي هذه المسألة فإن الجيش يمارس أقصى درجات الالتزام بالمعايير الانسانية، اما النواحي الأخرى كتأمين الخدمات وغيرها فهي مسؤولية الحكومة اللبنانية».

ويضيف المرجع «أن اللافت للانتباه، أنه في موازاة قيام الجيش بعدم نشر صور النازحين او المصابين عبر وسائل الاعلام، يصرّ البعض على تعريض هؤلاء لاحتمالات شتى من خلال الضغط على الجيش للسماح بدون ترخيص بتغطية عمليات النزوح الى الاراضي اللبنانية، وهؤلاء يعتقدون انهم يقدمون خدمة للنازحين بينما ذلك يضرّ بهم».

اما لجهة دخول آليات عسكرية لبنانية الى الاراضي السورية، فيلفت المرجع المعني النظر الى ان «الدولة الوحيدة التي قدمت مساعدات عسكرية متنوعة من دون مقابل مادي للجيش اللبناني هي سوريا، ومعظم الأسلحة الثقيلة بحوزة الجيش والآليات المدرعة هي صناعة شرقية، ومعظم الذخيرة المستخدمة هي ذخيرة شرقية، وبالتالي من الطبيعي أن يتمّ ترميم محركات الدبابات وبعض الآليات المدرعة في مشاغل الجيش السوري، وهذا الامر يحصل دورياً، ويكفي الاستشهاد بما حصل منذ ايام عندما قدمت السلطات السورية اربع بكرات من كابلات الهاتف للجيش اللبناني ولدى وصول الحمولة الى لبنان تبين أن هناك بكرة زائدة وبعد مراجعة الجانب السوري بالأمر قال إنها هبة، وبالتالي إن نقل هذه المعدات يستدعي دخول شاحنات الجيش اللبناني الى الاراضي السورية، وكل ذلك ضمن الاتفاقيات المعقودة بين الجيشين»، ويذكر المرجع مَن خانته الذاكرة «أنه في خضم معركة نهر البارد، تمّ فتح خط مباشر لنقل الذخائر من سوريا الى الجيش اللبناني وكان لذلك الدور الأساسي في حسم وجهة المعركة».

ويدعو المرجع الى «الكفّ عن اختلاق الوقائع والأحداث وتصويرها كأنها أحداث حصلت، لأن ذلك يضرّ بصدقية لبنان الحريص على مبادلة الأشقاء والأصدقاء كل الشكر والامتنان لما يقدّمونه من مساعدة في مناح ٍمختلفة لا سيما العسكرية منها، ويكفي لبنان ما يواجه من تحديات داخلية تتصل بأمنه الاجتماعي والاقتصادي ومسيرته السياسية ناهيك عن الاخطار الاسرائيلية المستمرة، كما ان تركيبة لبنان من الحساسية بمكان تجعلها في عين العاصفة اذا تعمّد البعض الدخول في مشاريع خارج الحدود بمستوى تغيير أنظمة ورسم خرائط جديدة».

  • فريق ماسة
  • 2011-11-11
  • 11895
  • من الأرشيف

لماذا الحملة على الجيش من بوابة الحدود مع سورية؟

لم يكن الجيش اللبناني مستهدفاً في مرحلة من المراحل، الا وكان التزامن حتمياً بين هذا الاستهداف وتعريض الاستقرار والسلم اللبنانيين للمخاطر، نتيجة مشاريع ورهانات وارتباطات وخلفيات لا تمت بصلة للمصلحة الوطنية العليا، وهذا ما ينسحب على الحملة الراهنة التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية والتي تخفت حيناً وتتصاعد أحياناً كثيرة. ويردد مرجع سياسي معني أن حملات كهذه يتعرّض لها الجيش دائماً في المحطات المفصلية، «اذ لا يحسن الأفرقاء المتصارعون سياسياً الفصل بين آليات الصراع المشروعة وحدودها المقبولة وبين الخطوط الحمراء التي تتصل بأمن واستقرار بلدهم وشعبهم، وما الحملة الحالية على الجيش الا وسيلة لإلهائه عن القيام بواجباته الوطنية على امتداد مساحة الوطن». وعن أهداف هذه الحملة على الجيش، يشير المرجع الى انها تخفي في طياتها أهدافاً عدة ابرزها: أولا- الضغط على الجيش لإجباره على غض الطرف عن كثير من الامور التي تحصل او التي يتوقع حصولها. ثانيا- اظهار الجيش انه غير قادر على حماية الحدود وعلى التعاطي مع مسألة النازحين السوريين، مما يستوجب الإتيان بمراقبين دوليين، في عودة للحلم المستمر منذ عدوان تموز والهادف لنشر قوات دولية على طول الحدود اللبنانية السورية، لأسباب متصلة بقطع «الأوكسيجين» عن المقاومة وليس محبة بسوريا أو لبنان. ثالثا- إظهار الجيش ايضاً، غير قادر على الدفاع عن سيادة الوطن الا من خلال استدراجه «سيادياً» و«وطنياً» للاصطدام بالجيش السوري مما يوجد حالة توتر على الحدود المشتركة، تسمح لبعض الاطراف بالدخول مباشرة على خط التأثير في الداخل السوري. رابعا- للحملة على الجيش هدف مشبوه يتصل بوجود الجيش أصلاً في المنطقة الشمالية، اذ في الحملة عليه تحت ذريعة عدم القيام بواجباته او تلك التي تصوب عليه اثناء تأدية واجباته، يبدو ان هناك من يزعجه وجود الجيش في المنطقة وتحمّله مسؤولياته، وهولاء يمثلون امتداداً لحالة نهر البارد. ويقول المرجع «إن التركيز على موضوع اللاجئين السوريين، هو لإيجاد بؤرة غير خاضعة للسيادة اللبنانية تستخدم قاعدة للتدريب والتسليح وتجهيز العبوات والمتفجرات لتصفية الحسابات انطلاقا من الاراضي اللبنانية باتجاه الداخل السوري، وهذا الامر لا ينجح ويستحيل تحققه في ظل انتشار الجيش والقوى الامنية على الحدود والمعابر المشتركة، لان وجود هذه القوى سيجعلها تصطدم مع اي مجموعة تقوم بعمل عسكري انطلاقا من الاراضي اللبنانية، من دون اغفال ان اثارة هذه المسألة يأتي بعدما منعت السلطات التركية تحول مخيم اللاجئين السوريين على حدودها الى قاعدة انطلاق لعمليات عسكرية باتجاه الداخل السوري، ليس حباً بالنظام وانما خشية من تحوله الى معسكر وبؤرة امنية في حال فشل محاولات إسقاط النظام السوري، الامر الذي لم يدركه بعض الساسة اللبنانيين، الذين دلّت الاحداث على ان اولوية اسقاط النظام السوري تتقدم عندهم على اولوية الاستقرار الداخلي في لبنان». وحول اتهام الجيش بفرض تعتيم اعلامي على النازحين، يوضح المرجع المعني «ان القاصي والداني يعرف ان التغطية الاعلامية لمهمات القوى العسكرية في اي منطقة لبنانية، تتطلب الحصول على ترخيص مسبق من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، فكيف الحال عندما يتعلق الامر بحدود مشتركة مع دولة اخرى، ففي كل الاعراف والقوانين العسكرية يحظر تصوير القوى العسكرية على جانبي الحدود بين اي دولتين، ومسألة الحصول على ترخيص مسبق يعرفها الاعلاميون ووسائل الإعلام على تنوعها، هذا من الناحية التقنية، اما من الناحية الانسانية، فإنه يحظر كشف هوية النازحين او الهاربين او المصابين جرّاء وضع معين، وفي هذه المسألة فإن الجيش يمارس أقصى درجات الالتزام بالمعايير الانسانية، اما النواحي الأخرى كتأمين الخدمات وغيرها فهي مسؤولية الحكومة اللبنانية». ويضيف المرجع «أن اللافت للانتباه، أنه في موازاة قيام الجيش بعدم نشر صور النازحين او المصابين عبر وسائل الاعلام، يصرّ البعض على تعريض هؤلاء لاحتمالات شتى من خلال الضغط على الجيش للسماح بدون ترخيص بتغطية عمليات النزوح الى الاراضي اللبنانية، وهؤلاء يعتقدون انهم يقدمون خدمة للنازحين بينما ذلك يضرّ بهم». اما لجهة دخول آليات عسكرية لبنانية الى الاراضي السورية، فيلفت المرجع المعني النظر الى ان «الدولة الوحيدة التي قدمت مساعدات عسكرية متنوعة من دون مقابل مادي للجيش اللبناني هي سوريا، ومعظم الأسلحة الثقيلة بحوزة الجيش والآليات المدرعة هي صناعة شرقية، ومعظم الذخيرة المستخدمة هي ذخيرة شرقية، وبالتالي من الطبيعي أن يتمّ ترميم محركات الدبابات وبعض الآليات المدرعة في مشاغل الجيش السوري، وهذا الامر يحصل دورياً، ويكفي الاستشهاد بما حصل منذ ايام عندما قدمت السلطات السورية اربع بكرات من كابلات الهاتف للجيش اللبناني ولدى وصول الحمولة الى لبنان تبين أن هناك بكرة زائدة وبعد مراجعة الجانب السوري بالأمر قال إنها هبة، وبالتالي إن نقل هذه المعدات يستدعي دخول شاحنات الجيش اللبناني الى الاراضي السورية، وكل ذلك ضمن الاتفاقيات المعقودة بين الجيشين»، ويذكر المرجع مَن خانته الذاكرة «أنه في خضم معركة نهر البارد، تمّ فتح خط مباشر لنقل الذخائر من سوريا الى الجيش اللبناني وكان لذلك الدور الأساسي في حسم وجهة المعركة». ويدعو المرجع الى «الكفّ عن اختلاق الوقائع والأحداث وتصويرها كأنها أحداث حصلت، لأن ذلك يضرّ بصدقية لبنان الحريص على مبادلة الأشقاء والأصدقاء كل الشكر والامتنان لما يقدّمونه من مساعدة في مناح ٍمختلفة لا سيما العسكرية منها، ويكفي لبنان ما يواجه من تحديات داخلية تتصل بأمنه الاجتماعي والاقتصادي ومسيرته السياسية ناهيك عن الاخطار الاسرائيلية المستمرة، كما ان تركيبة لبنان من الحساسية بمكان تجعلها في عين العاصفة اذا تعمّد البعض الدخول في مشاريع خارج الحدود بمستوى تغيير أنظمة ورسم خرائط جديدة».

المصدر : السفير /داود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة