تسمع أن معظم الأطفال والمراهقين باتوا يمتلكون هواتفهم النقالة الخاصة. لا تُصدّق هذه الفرضية. فالسؤال الذي يتبادر إلى ذهنك مباشرة أكثر من بديهي: لماذا يحتاج طفل دون العاشرة من عمره أو مراهق، إلى هاتف خاص، وخصوصاً أن الهواتف الأرضية والخلوية تُحيط به من جميع الجهات. قليلٌ من البحث يغنيك عن الكثير منه. النتيجة واضحة كعين الشمس، وقد تخطت الفرضية. انتصر الخلوي على مبادئ الأهل. معادلةٌ فرضت نفسها ببساطة على مجتمع القرن الحادي والعشرين الاستهلاكي. كأنّ الرفض اختفى من مصطلحات الأهل. بات صعب الاستخدام بعدما تفوق الأطفال في حججهم. يارا، ابنة السبع سنوات، ستمتلك هاتفها الخاص في عيد الفصح. بالنسبة إليها، سيحول هذا الهاتف دون تحكّم والدتها فيها. يزعجها أن تضطر إلى مكالمة صديقتها بواسطة والدتها.

 

مهلاً، يارا ليست مراهقة تريد الاستقلال عن أهلها، بل مجرد طفلة، لا تزال عاجزة عن الاستحمام بمفردها.

تبدو والدتها منزعجة. تفاجئها ابنتها المصرّة على امتلاك هاتف. تُفاجئها أكثر الاستقلالية التي بدأت تنشدها، هي التي لا تزال تتلعثم بكلماتها. لم تكن مستعدة لهذا الصراع في هذا الوقت المبكر، لكنه حصل. تحكي عن هوس يارا بالهاتف، وخصوصاً بعدما أعطتها هاتفها القديم (من دون خطّ) للعب به. تقول: «تداريه كثيراً. تحرص على شحن بطاريته يومياً. طلبت الحصول على بيت لحمايته». تلتقط يارا يومياً العديد من الصور وأفلام الفيديو. تطلب من والدتها نشرها على موقع «الفايسبوك». حتى إنها أرادت خلق حساب خاص لها على الموقع وزيادة سنوات عمرها لتصبح في الثالثة عشرة، لأن الموقع لا يسمح لمن هم دون هذا العمر بإنشاء حساب. شقيقتها التي لم تبلغ الأربع سنوات بعد، بدأت تشير إلى رغبتها في امتلاك «آي فون»، رغم أنها لا تعرف اسمه. يكفيها أن تحرّك الشاشة بإصبعها.

يبدو قياس حالة يارا اجتماعياً أفضل بكثير، بعدما حطمت أنيسة الأرقام القياسية. جلبت هاتفاً لابنها وهو في الخامسة من عمره! تبرّر أن ظرفها يختلف عن الآخرين. لم تجلب له الهاتف للتباهي أو التفاخر. هي مطلّقة، وطليقها يعيش في أفريقيا، وقد أدت المشاكل الكثيرة إلى انقطاع التواصل بينهما. ارتأت أن تشتري هاتفاً لابنها حتى لا تضطر إلى أن تكون واسطة بين الأب والابن، علماً بأن الأب لم يتصل بابنه على هاتفه حتى اليوم!

جمانة على عكس أنيسة، لا تلجأ كثيراً إلى التبرير. ابنها ذو العشر سنوات يحمل هاتفاً هو أيضاً. اضطرت الأم إلى إلغاء خدمة الخلوي (03) من الهاتف الأرضي، فكان الهاتف النقال بديلاً للاطمئنان الدائم إلى ابنها، وخصوصاً أنها تعمل. شقّ لا يلغي ضعف الأهل الغريزي ربما أمام تحقيق رغبات أطفالهم. تُمارس جمانة صرامتها من خلال رفضها القاطع شراء «بلاك بيري» نزولاً عند طلبه، لكن إلى متى؟

كارلا وجدت حلاً سهلاً تفادت من خلاله الصدام مع أهلها. استفادت من الأعياد وجمعت مبلغاً كافياً من المال لشراء هاتف خلوي. لبى أخوها طلبها واصطحبها لشراء الهاتف لكونها الأصغر في البيت. كارلا تحتاج إلى الهاتف «كي تحكي، وخصوصاً حين تذهب إلى الضيعة». تستخدم شبكة «الإنترنت» على هاتفها. تتكلم عبر «الواتس آب» مع أصدقائها. الأحاديث التي يتناولونها تتمحور حول أمور عادية. وتلجأ إليه أكثر للتواصل مع أخواتها من غرفة إلى أخرى. شقيقتها ليست راضية كلياً عن موضوع الهاتف، لكنّها ترى أنه يصعب قول «لا» للجيل الجديد الذي «انفلت» على التكنولوجيا. وحين تمازحها سائلة: «ماذا ستفعلين بالهاتف؟». تجيبها: جميع أصدقائي باتوا يملكون «بلاك بيري»، ناقلة الدفة لمصلحتها.

قد يلجأ علماء النفس إلى تأليف كتب جديدة لإعادة تفسير عمر المراهقة بعدما بات الطفل يطالب باستقلاليته باكراً، لكن المعالجة النفسية، ناي سويدي، تشرح أن الاستقلالية لدى الأطفال لا تكمن في امتلاك هواتف، بل في الاعتماد على أنفسهم في الدراسة وارتداء الملابس. تلفت إلى أن جيل اليوم «لم يعد يتحمل الضوابط. علاقته مع السلطة مهزوزة».

تفسير ظاهرة الخلوي بسيط. تعزوه ناي إلى العامل الاجتماعي الذي يدفع الأولاد إلى التماهي مع أصدقائهم. وتضيف سويدي إن «الطفل دون العشر سنوات ليس بحاجة إلى وسيلة تواصل، ما عدا اللغة واللعب. قبل عمر السنة، يبدأ الطفل بإدراك أنه سيكون بعيداً عن أمه في بعض أوقات النهار.. يتعلق بأيّ لعبة يُطلق عليها بالفرنسية «دودو»، تساعده على خلق مسافة بينه وبين والدته. اليوم، تحوّل الهاتف الخلوي إلى «دودو» جديد. مع الوقت يتخلى الطفل عن «الدودو»، لكنه يدمن الهاتف، ينعزل، ويكتفي بالصور الخيالية التي يتعرف إليها عبر «الفايسبوك». يبتعد عن اللغة المحكية، وبالتالي العفوية. كذلك، فإن استخدامه الأحرف اللاتينية لدى كتابة الرسائل النصية عبر الهاتف ينسيه أحرف اللغة العربية».

لم تنته السلبيات بعد، إذ يغدو الهاتف بمثابة وسيلة للطفل ليبتعد بها عن أهله وينعزل بعد أن يصبح عالمه منوطاً بهذا الجهاز. تقول سويدي: «يجب على الأهل أن يشرحوا للطفل أن طريقة تربيتنا مختلفة، وإلا فسيطلب سيارة في الثالثة عشرة، ويسهر حتى الخامسة صباحاً في السابعة عشرة». وتضيف «رغم أن الإحساس بالحرمان موجع، إلا أنه يجب على الطفل أن يدرك أنه لا يستطيع الحصول على كل شيء».

خلافاً لسويدي، تبدو المعالجة النفسية مي جبران أكثر تقبلاً للهاتف اجتماعياً ونفسياً. تقول: «الهاتف بات ضرورة للأهل للاطمئنان إلى أولادهم، كما هو حاجة للمراهقين لتوسيع دائرة صداقاتهم»، لكنها تتطرق إلى الشق الأخطر المتمثل في الضرر الصحي الذي يمثله الهاتف لدى الأطفال «إذ يؤدي إلى تخريب الدماغ»، مشيرة إلى أن «الهاتف النقال بات سبباً لحالات الانفصام». ليس هذا فقط، بل «يسهم أيضاً في تعطيل الجهاز النفسي لدى الأطفال، الذي لا يكون قد اكتمل بعد. يصبح لديهم خلل في السلوك الاجتماعي ويفقدون جرأة التواصل. يفقد الطفل لذة اكتشاف الآخر والعيش معه».

بالنسبة إلى من هم دون العاشرة، تشرح جبران أن الهاتف تحوّل إلى موضة وتشبه بالآخر ليشعر الطفل بالأمان وقد انخرط في المجتمع. يجب على الأهل تفهم هذا الشعور. وتؤكد أن الطفل يريد الاستقلالية من خلال الهاتف، وخصوصاً أنّ هذه الاستقلالية تبدأ في الظهور في عمر الثلاث سنوات.

هل يفقد الأهل سيطرتهم على أولادهم لدى شراء الهاتف لهم؟ ليس بالضرورة، وخصوصاً أنه يجب عليهم مراقبة هواتف أطفالهم، شأنها شأن «الإنترنت» والتلفاز، بحسب جبران. وتضيف إن «منع الهاتف ضروري عند الأطفال، من خلال شرح المشاكل الصحية الناجمة عنه. أما عند المراهق، فلا بد من اعتماد سياسة التقنين».

يكتشف الطفل الهاتف النقال في أشهره الأولى. يمسك ذلك الجهاز الغريب ويلعب به. جهازٌ يرافق الإنسان منذ بداية حياته حتى مماته.

 

القط والفأر

 

تدعي معظم المدارس منعها استخدام الهاتف النقال داخل حرمها. منعٌ لا يلقى تجاوباً لدى الطلاب الذين ينجحون في تهريب الهاتف وإخفائه طوال الدوام الدراسي. أحد التلامذة يخشى الحديث في الموضوع حتى لا تنتبه إدارة مدرسته إلى الأمر. يستمتع الطلاب بلعبة القط والفأر هذه. وفي السياق، تلفت المعالجة النفسية مي جبران إلى أن الإخفاء هو سمة المراهقين.

تسمح بعض المدارس لطلابها بجلب هواتفهم إلى المدرسة، شرط تسليمها للناظر واستعادتها عند انتهاء الدوام. في المقابل، يقول أحد المدراء في مدرسة «شارلي سعد»، خضر سراج باشي، إن الإدارة تمنع الهاتف النقال داخل المدرسة، ما عدا بعض الحالات (سفر الوالدين مثلاً)، حيث يُسمح للتلميذ بجلب هاتفه شرط تسليمه للإدارة. السبب هو «الخوف من فقدان الهاتف في المدرسة، الذي قد تتبعه تحقيقات من النيابة العامة. والأهم، ما يحويه الهاتف من ثقافة غير أخلاقية ونعرات طائفية، واستخدام الطلاب إياه للغش». قانون لا يمنع الطلاب من «تهريب» الهاتف أحياناً، ما يدفع المدرسة إلى اتخاذ إجراءات صارمة.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-11-09
  • 10352
  • من الأرشيف

الأطفال تخلّوا عن «الدودو» وأدمنوا الموبايل!

تسمع أن معظم الأطفال والمراهقين باتوا يمتلكون هواتفهم النقالة الخاصة. لا تُصدّق هذه الفرضية. فالسؤال الذي يتبادر إلى ذهنك مباشرة أكثر من بديهي: لماذا يحتاج طفل دون العاشرة من عمره أو مراهق، إلى هاتف خاص، وخصوصاً أن الهواتف الأرضية والخلوية تُحيط به من جميع الجهات. قليلٌ من البحث يغنيك عن الكثير منه. النتيجة واضحة كعين الشمس، وقد تخطت الفرضية. انتصر الخلوي على مبادئ الأهل. معادلةٌ فرضت نفسها ببساطة على مجتمع القرن الحادي والعشرين الاستهلاكي. كأنّ الرفض اختفى من مصطلحات الأهل. بات صعب الاستخدام بعدما تفوق الأطفال في حججهم. يارا، ابنة السبع سنوات، ستمتلك هاتفها الخاص في عيد الفصح. بالنسبة إليها، سيحول هذا الهاتف دون تحكّم والدتها فيها. يزعجها أن تضطر إلى مكالمة صديقتها بواسطة والدتها.   مهلاً، يارا ليست مراهقة تريد الاستقلال عن أهلها، بل مجرد طفلة، لا تزال عاجزة عن الاستحمام بمفردها. تبدو والدتها منزعجة. تفاجئها ابنتها المصرّة على امتلاك هاتف. تُفاجئها أكثر الاستقلالية التي بدأت تنشدها، هي التي لا تزال تتلعثم بكلماتها. لم تكن مستعدة لهذا الصراع في هذا الوقت المبكر، لكنه حصل. تحكي عن هوس يارا بالهاتف، وخصوصاً بعدما أعطتها هاتفها القديم (من دون خطّ) للعب به. تقول: «تداريه كثيراً. تحرص على شحن بطاريته يومياً. طلبت الحصول على بيت لحمايته». تلتقط يارا يومياً العديد من الصور وأفلام الفيديو. تطلب من والدتها نشرها على موقع «الفايسبوك». حتى إنها أرادت خلق حساب خاص لها على الموقع وزيادة سنوات عمرها لتصبح في الثالثة عشرة، لأن الموقع لا يسمح لمن هم دون هذا العمر بإنشاء حساب. شقيقتها التي لم تبلغ الأربع سنوات بعد، بدأت تشير إلى رغبتها في امتلاك «آي فون»، رغم أنها لا تعرف اسمه. يكفيها أن تحرّك الشاشة بإصبعها. يبدو قياس حالة يارا اجتماعياً أفضل بكثير، بعدما حطمت أنيسة الأرقام القياسية. جلبت هاتفاً لابنها وهو في الخامسة من عمره! تبرّر أن ظرفها يختلف عن الآخرين. لم تجلب له الهاتف للتباهي أو التفاخر. هي مطلّقة، وطليقها يعيش في أفريقيا، وقد أدت المشاكل الكثيرة إلى انقطاع التواصل بينهما. ارتأت أن تشتري هاتفاً لابنها حتى لا تضطر إلى أن تكون واسطة بين الأب والابن، علماً بأن الأب لم يتصل بابنه على هاتفه حتى اليوم! جمانة على عكس أنيسة، لا تلجأ كثيراً إلى التبرير. ابنها ذو العشر سنوات يحمل هاتفاً هو أيضاً. اضطرت الأم إلى إلغاء خدمة الخلوي (03) من الهاتف الأرضي، فكان الهاتف النقال بديلاً للاطمئنان الدائم إلى ابنها، وخصوصاً أنها تعمل. شقّ لا يلغي ضعف الأهل الغريزي ربما أمام تحقيق رغبات أطفالهم. تُمارس جمانة صرامتها من خلال رفضها القاطع شراء «بلاك بيري» نزولاً عند طلبه، لكن إلى متى؟ كارلا وجدت حلاً سهلاً تفادت من خلاله الصدام مع أهلها. استفادت من الأعياد وجمعت مبلغاً كافياً من المال لشراء هاتف خلوي. لبى أخوها طلبها واصطحبها لشراء الهاتف لكونها الأصغر في البيت. كارلا تحتاج إلى الهاتف «كي تحكي، وخصوصاً حين تذهب إلى الضيعة». تستخدم شبكة «الإنترنت» على هاتفها. تتكلم عبر «الواتس آب» مع أصدقائها. الأحاديث التي يتناولونها تتمحور حول أمور عادية. وتلجأ إليه أكثر للتواصل مع أخواتها من غرفة إلى أخرى. شقيقتها ليست راضية كلياً عن موضوع الهاتف، لكنّها ترى أنه يصعب قول «لا» للجيل الجديد الذي «انفلت» على التكنولوجيا. وحين تمازحها سائلة: «ماذا ستفعلين بالهاتف؟». تجيبها: جميع أصدقائي باتوا يملكون «بلاك بيري»، ناقلة الدفة لمصلحتها. قد يلجأ علماء النفس إلى تأليف كتب جديدة لإعادة تفسير عمر المراهقة بعدما بات الطفل يطالب باستقلاليته باكراً، لكن المعالجة النفسية، ناي سويدي، تشرح أن الاستقلالية لدى الأطفال لا تكمن في امتلاك هواتف، بل في الاعتماد على أنفسهم في الدراسة وارتداء الملابس. تلفت إلى أن جيل اليوم «لم يعد يتحمل الضوابط. علاقته مع السلطة مهزوزة». تفسير ظاهرة الخلوي بسيط. تعزوه ناي إلى العامل الاجتماعي الذي يدفع الأولاد إلى التماهي مع أصدقائهم. وتضيف سويدي إن «الطفل دون العشر سنوات ليس بحاجة إلى وسيلة تواصل، ما عدا اللغة واللعب. قبل عمر السنة، يبدأ الطفل بإدراك أنه سيكون بعيداً عن أمه في بعض أوقات النهار.. يتعلق بأيّ لعبة يُطلق عليها بالفرنسية «دودو»، تساعده على خلق مسافة بينه وبين والدته. اليوم، تحوّل الهاتف الخلوي إلى «دودو» جديد. مع الوقت يتخلى الطفل عن «الدودو»، لكنه يدمن الهاتف، ينعزل، ويكتفي بالصور الخيالية التي يتعرف إليها عبر «الفايسبوك». يبتعد عن اللغة المحكية، وبالتالي العفوية. كذلك، فإن استخدامه الأحرف اللاتينية لدى كتابة الرسائل النصية عبر الهاتف ينسيه أحرف اللغة العربية». لم تنته السلبيات بعد، إذ يغدو الهاتف بمثابة وسيلة للطفل ليبتعد بها عن أهله وينعزل بعد أن يصبح عالمه منوطاً بهذا الجهاز. تقول سويدي: «يجب على الأهل أن يشرحوا للطفل أن طريقة تربيتنا مختلفة، وإلا فسيطلب سيارة في الثالثة عشرة، ويسهر حتى الخامسة صباحاً في السابعة عشرة». وتضيف «رغم أن الإحساس بالحرمان موجع، إلا أنه يجب على الطفل أن يدرك أنه لا يستطيع الحصول على كل شيء». خلافاً لسويدي، تبدو المعالجة النفسية مي جبران أكثر تقبلاً للهاتف اجتماعياً ونفسياً. تقول: «الهاتف بات ضرورة للأهل للاطمئنان إلى أولادهم، كما هو حاجة للمراهقين لتوسيع دائرة صداقاتهم»، لكنها تتطرق إلى الشق الأخطر المتمثل في الضرر الصحي الذي يمثله الهاتف لدى الأطفال «إذ يؤدي إلى تخريب الدماغ»، مشيرة إلى أن «الهاتف النقال بات سبباً لحالات الانفصام». ليس هذا فقط، بل «يسهم أيضاً في تعطيل الجهاز النفسي لدى الأطفال، الذي لا يكون قد اكتمل بعد. يصبح لديهم خلل في السلوك الاجتماعي ويفقدون جرأة التواصل. يفقد الطفل لذة اكتشاف الآخر والعيش معه». بالنسبة إلى من هم دون العاشرة، تشرح جبران أن الهاتف تحوّل إلى موضة وتشبه بالآخر ليشعر الطفل بالأمان وقد انخرط في المجتمع. يجب على الأهل تفهم هذا الشعور. وتؤكد أن الطفل يريد الاستقلالية من خلال الهاتف، وخصوصاً أنّ هذه الاستقلالية تبدأ في الظهور في عمر الثلاث سنوات. هل يفقد الأهل سيطرتهم على أولادهم لدى شراء الهاتف لهم؟ ليس بالضرورة، وخصوصاً أنه يجب عليهم مراقبة هواتف أطفالهم، شأنها شأن «الإنترنت» والتلفاز، بحسب جبران. وتضيف إن «منع الهاتف ضروري عند الأطفال، من خلال شرح المشاكل الصحية الناجمة عنه. أما عند المراهق، فلا بد من اعتماد سياسة التقنين». يكتشف الطفل الهاتف النقال في أشهره الأولى. يمسك ذلك الجهاز الغريب ويلعب به. جهازٌ يرافق الإنسان منذ بداية حياته حتى مماته.   القط والفأر   تدعي معظم المدارس منعها استخدام الهاتف النقال داخل حرمها. منعٌ لا يلقى تجاوباً لدى الطلاب الذين ينجحون في تهريب الهاتف وإخفائه طوال الدوام الدراسي. أحد التلامذة يخشى الحديث في الموضوع حتى لا تنتبه إدارة مدرسته إلى الأمر. يستمتع الطلاب بلعبة القط والفأر هذه. وفي السياق، تلفت المعالجة النفسية مي جبران إلى أن الإخفاء هو سمة المراهقين. تسمح بعض المدارس لطلابها بجلب هواتفهم إلى المدرسة، شرط تسليمها للناظر واستعادتها عند انتهاء الدوام. في المقابل، يقول أحد المدراء في مدرسة «شارلي سعد»، خضر سراج باشي، إن الإدارة تمنع الهاتف النقال داخل المدرسة، ما عدا بعض الحالات (سفر الوالدين مثلاً)، حيث يُسمح للتلميذ بجلب هاتفه شرط تسليمه للإدارة. السبب هو «الخوف من فقدان الهاتف في المدرسة، الذي قد تتبعه تحقيقات من النيابة العامة. والأهم، ما يحويه الهاتف من ثقافة غير أخلاقية ونعرات طائفية، واستخدام الطلاب إياه للغش». قانون لا يمنع الطلاب من «تهريب» الهاتف أحياناً، ما يدفع المدرسة إلى اتخاذ إجراءات صارمة.  

المصدر : الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة