تواصل الدولة الوطنية السورية مطاردة وتفكيك العصابات المسلحة والميليشيات التابعة للمعارضات السورية وخصوصا لمجلس اسطنبول الانتقالي الذي أعلن مجددا رفضه للحوار بعدما ارتفعت مؤخرا رهاناته على استجلاب التدخلات العسكرية إلى البلاد .

 

أولا: انحسرت موجة الاحتجاجات التي نظمها أنصار المعارضات السورية ، وعلى الرغم من إصرار القوى المحركة لخطة استهداف سورية على تثبيت الصورة الافتراضية الإعلامية عن وجود احتجاجات ومظاهرات تتصدى لها القوات السورية بالسلاح ، فإن أي تدقيق منهجي للأخبار والمعلومات المتداولة يكشف حقيقة أن ما يحكى عنه من تظاهرات ليس سوى تجمعات صغيرة مبعثرة ينظمها محازبون للأخوان المسلمين ولقوى المعارضة في الداخل والخارج في أماكن نائية بعيدا عن مراكز المحافظات والمدن الكبرى بهدف التقاط الصور وتوزيعها لتوليد الانطباعات بان التحركات ما تزال مستمرة ، و على الرغم من ضخ الكثير من الأموال لتنظيم التحركات و تغذية الميليشيات المسلحة .

لم يعد ممكنا مع هذه الحقيقة قبول الزعم بأن تمردا شعبيا أو ثورة هو ما تنظمه المعارضات في سورية كما لم يعد ممكنا قبول الادعاء بان انتفاضة جماهيرية عفوية تجتاح سورية فواقع الحال أن المراكز الأوروبية المناصرة للمعارضات وأجهزة الاستخبارات الغربية باتت تجمع على أن مجموع متظاهري أيام الجمعة في كل أنحاء سورية قد راوح خلال الشهور الثلاثة الماضية بين الأربعة ألاف في يوم الحماية الدولية و26 ألفا في يوم المجلس الانتقالي.

بين هذين الحدين يتحرك حجم مناصري المعارضات الذين يتواجدون على الأرض السورية ويمثلون القوة الفعلية التي تتواجد أيام الجمعة في الشوارع المحيطة بالمساجد التي يختارها كوادر المعارضات في بعض البلدات والقرى التي لا تذكر أسماؤها أحيانا في التقارير لتقدم صور التجمعات على بعض القنوات الفضائية منسوبة إلى المحافظات من غير تحديد للمكان.

هذا يعني أن قدرة المعارضات السورية على تحريك الشعب السوري ضد السلطات السورية وتحت الشعارات التي ترفعها هي في حدها الأقصى، لا ترقى إلى أربعة ألاف من 23 مليونا في موضوع طلب التدخل الأجنبي ولا تتعدى 26 ألف من 23 مليون في شعار إسقاط النظام.

أن المعارضات فقدت القدرة على تحريك جموع اكبر في الشارع السوري بسبب أخطائها وارتباطاتها التي توغلت فيها أكثر مما مضى والدليل هو عنادها في رفض الحوار وطلب التدخل الأجنبي.

 

ثانيا: تركزت التقارير الإخبارية حول سورية يوم الجمعة الماضي على معلومات تتعلق بوقوع قتلى وجرحى في محافظة حمص وقد ارتكبت وسائل الإعلام تزويرا مفضوحا عندما قدمت الحصيلة على أنها ناتجة عن تصدي قوى الأمن لاحتجاجات فقد بات معلوما لجميع مصادر الأخبار والمعلومات أن محافظة حمص تشهد معارك متنقلة بين الجيش السوري والجماعات المسلحة التي ما تزال تقوم بعمليات الخطف والقتل ونصب الكمائن في المحافظة وهي تتحصن في بعض البلدات والقرى وفي عدد من أحياء مدينة حمص وحيث أن الدولة السورية تتعامل مع هذا الواقع بحرص شديد وبدقة حفاظا على حياة المواطنين الأبرياء وخلافا للأكاذيب التي روجها بعض المعارضين عبر وسائل الإعلام المعروفة فان الدولة السورية لم تستخدم في المعارك الدائرة هناك منذ أشهر أي أسلحة ثقيلة فلا الدبابات شاركت في المطاردة ولا الطوافات العسكرية ولا سلاح المدفعية.

في حمص تقوم قوات المشاة في الجيش السوري بعمليات خاصة لملاحقة العصابات المسلحة وتعمل المؤسسة الأمنية السورية على تفكيكها وقد أحرزت تقدما كبيرا وحققت نجاحات كثيرة كان من بينها تحرير العديد من المخطوفين وتوقيف الكثير من المطلوبين الذين تورطوا في جرائم قتل واعتداء ضد السكان وقوات الجيش و المرافق العامة.

وعلى غرار ما يجري في محافظة حمص تظهر بؤرة أخرى في ريف محافظة إدلب حيث تتحصن بعض المجموعات المسلحة في منطقة جبل الزاوية وقد نجحت المؤسسة العسكرية والأمنية السورية في تفكيك بعضها وهي تواصل عملها بدقة وبنجاح.

الزمن الذي اقتضته هذه العمليات و تحتاجه ليتم انجاز أهدافها ناتج حصرا عن حرص القيادة السورية على عدم مكافحة الإرهاب بالبطش الأعمى الذي قد يذهب ضحيته الكثير من المواطنين الأبرياء وهذه هي القاعدة الحاكمة لتعامل الدولة السورية مع الأحداث منذ اندلاعها.

 

ثالثا: الأوهام المتصلة بإمكانية غزو سورية أو تهديدها عسكريا تتساقط تباعا في واقع التطورات الجارية، فقيادة حزب العدالة التركي تسعى بصورة حثيثة لاسترجاع خطوط الوصل بدمشق سواء باتصال أردوغان أو زيارة المسؤول التركي الكبير يوم الجمعة والذي لم يعلن اسمه في تقارير الوكالات، ولكن ما يبدو واضحا هو أن تركيا تراجع حساباتها السورية بينما هي مستغرقة في الملف الكردي وتبحث عن التعاون مع إيران التي بلغتها غير مرة وبلغة حاسمة لا لبس فيها أن التحرش بدمشق يعني إعلان الحرب على طهران.

أما الجامعة العربية التي يزور وفدها العاصمة السورية يوم الأربعاء فقد بدت في اجتماعها الأخير محكومة بمعادلات وتوازنات لا تسمح بفتح الطريق أمام الموقف الذي تسعى الحكومات العربية العميلة للغرب عبره لتغطية غزو عسكري ينفذه الحلف الأطلسي ضد سورية، هذا مع العلم أن إسرائيل ستكون رهينة الجيش السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية في مثل تلك الحرب وهي بيت الوجع عند المعسكر الغربي وعند الحكومات العربية الدائرة في فلكه.

ولمن يهمه الأمر أيضا فان العواصم الغربية تبلغت من إيران ومن دمشق ومن قوى المقاومة بلائحة الأهداف الإستراتيجية التي ستضرب ردا على أي قرار بشن الحرب على سورية وأيا كان مصدره وهذا ما بات موضوعا في الحسابات وثمة معلومات تقول أن الإدارة الأميركية أبلغت أكثر من جهة إقليمية ودولية أنها لا تجد طريقا للتدخل في سورية لأسباب تتصل بالوضع الإقليمي وتتعدى حدود الردع السياسي الذي مثله الفيتو الروسي الصيني المزدوج.

ورشة الحوار والإصلاحات ستكون مضمون الحراك القادم داخل سورية أما ضغوط الخارج التي لن تتوقف فهي تبدو عاجزة عن تحقيق اختراق في ظل ما تكتسبه الدولة الوطنية السورية ورئيسها وجيشها من حصانة وطنية ودعم شعبي لمشروع بناء دولة حديثة متقدمة راسخة في خيار المقاومة والاستقلال.    

 

  • فريق ماسة
  • 2011-10-22
  • 9066
  • من الأرشيف

ماذا يجري في سورية الواقعية ؟.. بقلم : غالب قنديل

تواصل الدولة الوطنية السورية مطاردة وتفكيك العصابات المسلحة والميليشيات التابعة للمعارضات السورية وخصوصا لمجلس اسطنبول الانتقالي الذي أعلن مجددا رفضه للحوار بعدما ارتفعت مؤخرا رهاناته على استجلاب التدخلات العسكرية إلى البلاد .   أولا: انحسرت موجة الاحتجاجات التي نظمها أنصار المعارضات السورية ، وعلى الرغم من إصرار القوى المحركة لخطة استهداف سورية على تثبيت الصورة الافتراضية الإعلامية عن وجود احتجاجات ومظاهرات تتصدى لها القوات السورية بالسلاح ، فإن أي تدقيق منهجي للأخبار والمعلومات المتداولة يكشف حقيقة أن ما يحكى عنه من تظاهرات ليس سوى تجمعات صغيرة مبعثرة ينظمها محازبون للأخوان المسلمين ولقوى المعارضة في الداخل والخارج في أماكن نائية بعيدا عن مراكز المحافظات والمدن الكبرى بهدف التقاط الصور وتوزيعها لتوليد الانطباعات بان التحركات ما تزال مستمرة ، و على الرغم من ضخ الكثير من الأموال لتنظيم التحركات و تغذية الميليشيات المسلحة . لم يعد ممكنا مع هذه الحقيقة قبول الزعم بأن تمردا شعبيا أو ثورة هو ما تنظمه المعارضات في سورية كما لم يعد ممكنا قبول الادعاء بان انتفاضة جماهيرية عفوية تجتاح سورية فواقع الحال أن المراكز الأوروبية المناصرة للمعارضات وأجهزة الاستخبارات الغربية باتت تجمع على أن مجموع متظاهري أيام الجمعة في كل أنحاء سورية قد راوح خلال الشهور الثلاثة الماضية بين الأربعة ألاف في يوم الحماية الدولية و26 ألفا في يوم المجلس الانتقالي. بين هذين الحدين يتحرك حجم مناصري المعارضات الذين يتواجدون على الأرض السورية ويمثلون القوة الفعلية التي تتواجد أيام الجمعة في الشوارع المحيطة بالمساجد التي يختارها كوادر المعارضات في بعض البلدات والقرى التي لا تذكر أسماؤها أحيانا في التقارير لتقدم صور التجمعات على بعض القنوات الفضائية منسوبة إلى المحافظات من غير تحديد للمكان. هذا يعني أن قدرة المعارضات السورية على تحريك الشعب السوري ضد السلطات السورية وتحت الشعارات التي ترفعها هي في حدها الأقصى، لا ترقى إلى أربعة ألاف من 23 مليونا في موضوع طلب التدخل الأجنبي ولا تتعدى 26 ألف من 23 مليون في شعار إسقاط النظام. أن المعارضات فقدت القدرة على تحريك جموع اكبر في الشارع السوري بسبب أخطائها وارتباطاتها التي توغلت فيها أكثر مما مضى والدليل هو عنادها في رفض الحوار وطلب التدخل الأجنبي.   ثانيا: تركزت التقارير الإخبارية حول سورية يوم الجمعة الماضي على معلومات تتعلق بوقوع قتلى وجرحى في محافظة حمص وقد ارتكبت وسائل الإعلام تزويرا مفضوحا عندما قدمت الحصيلة على أنها ناتجة عن تصدي قوى الأمن لاحتجاجات فقد بات معلوما لجميع مصادر الأخبار والمعلومات أن محافظة حمص تشهد معارك متنقلة بين الجيش السوري والجماعات المسلحة التي ما تزال تقوم بعمليات الخطف والقتل ونصب الكمائن في المحافظة وهي تتحصن في بعض البلدات والقرى وفي عدد من أحياء مدينة حمص وحيث أن الدولة السورية تتعامل مع هذا الواقع بحرص شديد وبدقة حفاظا على حياة المواطنين الأبرياء وخلافا للأكاذيب التي روجها بعض المعارضين عبر وسائل الإعلام المعروفة فان الدولة السورية لم تستخدم في المعارك الدائرة هناك منذ أشهر أي أسلحة ثقيلة فلا الدبابات شاركت في المطاردة ولا الطوافات العسكرية ولا سلاح المدفعية. في حمص تقوم قوات المشاة في الجيش السوري بعمليات خاصة لملاحقة العصابات المسلحة وتعمل المؤسسة الأمنية السورية على تفكيكها وقد أحرزت تقدما كبيرا وحققت نجاحات كثيرة كان من بينها تحرير العديد من المخطوفين وتوقيف الكثير من المطلوبين الذين تورطوا في جرائم قتل واعتداء ضد السكان وقوات الجيش و المرافق العامة. وعلى غرار ما يجري في محافظة حمص تظهر بؤرة أخرى في ريف محافظة إدلب حيث تتحصن بعض المجموعات المسلحة في منطقة جبل الزاوية وقد نجحت المؤسسة العسكرية والأمنية السورية في تفكيك بعضها وهي تواصل عملها بدقة وبنجاح. الزمن الذي اقتضته هذه العمليات و تحتاجه ليتم انجاز أهدافها ناتج حصرا عن حرص القيادة السورية على عدم مكافحة الإرهاب بالبطش الأعمى الذي قد يذهب ضحيته الكثير من المواطنين الأبرياء وهذه هي القاعدة الحاكمة لتعامل الدولة السورية مع الأحداث منذ اندلاعها.   ثالثا: الأوهام المتصلة بإمكانية غزو سورية أو تهديدها عسكريا تتساقط تباعا في واقع التطورات الجارية، فقيادة حزب العدالة التركي تسعى بصورة حثيثة لاسترجاع خطوط الوصل بدمشق سواء باتصال أردوغان أو زيارة المسؤول التركي الكبير يوم الجمعة والذي لم يعلن اسمه في تقارير الوكالات، ولكن ما يبدو واضحا هو أن تركيا تراجع حساباتها السورية بينما هي مستغرقة في الملف الكردي وتبحث عن التعاون مع إيران التي بلغتها غير مرة وبلغة حاسمة لا لبس فيها أن التحرش بدمشق يعني إعلان الحرب على طهران. أما الجامعة العربية التي يزور وفدها العاصمة السورية يوم الأربعاء فقد بدت في اجتماعها الأخير محكومة بمعادلات وتوازنات لا تسمح بفتح الطريق أمام الموقف الذي تسعى الحكومات العربية العميلة للغرب عبره لتغطية غزو عسكري ينفذه الحلف الأطلسي ضد سورية، هذا مع العلم أن إسرائيل ستكون رهينة الجيش السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية في مثل تلك الحرب وهي بيت الوجع عند المعسكر الغربي وعند الحكومات العربية الدائرة في فلكه. ولمن يهمه الأمر أيضا فان العواصم الغربية تبلغت من إيران ومن دمشق ومن قوى المقاومة بلائحة الأهداف الإستراتيجية التي ستضرب ردا على أي قرار بشن الحرب على سورية وأيا كان مصدره وهذا ما بات موضوعا في الحسابات وثمة معلومات تقول أن الإدارة الأميركية أبلغت أكثر من جهة إقليمية ودولية أنها لا تجد طريقا للتدخل في سورية لأسباب تتصل بالوضع الإقليمي وتتعدى حدود الردع السياسي الذي مثله الفيتو الروسي الصيني المزدوج. ورشة الحوار والإصلاحات ستكون مضمون الحراك القادم داخل سورية أما ضغوط الخارج التي لن تتوقف فهي تبدو عاجزة عن تحقيق اختراق في ظل ما تكتسبه الدولة الوطنية السورية ورئيسها وجيشها من حصانة وطنية ودعم شعبي لمشروع بناء دولة حديثة متقدمة راسخة في خيار المقاومة والاستقلال.      

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة