دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في دراسة جديدة أجريت في السويد على ما يزيد عن 600 ألف شخص من الأشخاص الذين تمت ولادتهم في الفترة من عام 1973 وحتى عام 1979، تبين أن الذين كانوا أطفالا مبتسرين، أي خدج (تمت ولادتهم قبل الأسبوع الـ37 من الحمل)، أكثر عرضة لزيادة مخاطر الوفاة بالنسبة للأطفال والشباب عن أقرانهم الذين تمت ولادتهم في الموعد المحدد للولادة Full Term Baby.
ورغم أن مخاطر الولادة المبكرة معروفة ومسجلة طبيا على المدى القريب، فإن أخطارها على المدى البعيد ما زالت غير معروفة إلى الآن، وقد زادت نسبة الأطفال المبتسرين في الثلاثة عقود الأخيرة لتصل إلى 12% من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة، الكثير منهم أصبحوا بالغين الآن ويتمتعون بصحة جيدة، بينما يعاني البعض الآخر في مراحل عمرية مختلفة من أمراض، وهو الأمر الذي جعل من الضروري دراسة تأثير هذه الظاهرة وإمكانية تفاديها أو التقليل من أخطارها.
* الميلاد والوفاة
* في الدراسة، التي نشرت في النصف الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي في دورية الجمعية الطبية الأميركية وقام بها أطباء من جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة، تم رصد العلاقة بين ميعاد الولادة واحتمالية الوفاة بالنسبة للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال رصد حالات من المواليد في السويد منذ عام 73 وحتى عام 79 والبالغ عددهم 674820 شخصا، منهم 27979 شخصا تمت ولادتهم كأطفال مبتسرين، أي 4.1% من إجمالي المواليد، وتمت متابعتهم حتى عام 2008.
واكتشف الباحثون علاقة عكسية قوية بين ميعاد الولادة واحتمالية الوفاة في مرحلة الطفولة المبكرة (الفترة من عمر سنة وحتى 5 سنوات)، ولم تظهر علاقة في فترة الطفولة المتأخرة (الفترة من عمر 6 سنوات وحتى 12 سنة)، أو فترة المراهقة (الفترة من عمر 13 سنة وحتى 17 سنة)، ولكن نفس العلاقة العكسية عادت إلى الظهور مرة أخرى في فترة الشباب (الفترة من عمر 18 وحتى 36 سنة)، أي أن العلاقة بين الميعاد المبكر للولادة وزيادة نسبة الوفيات كانت موجودة بقوة في مرحلة الطفولة المبكرة وكذلك مرحلة الشباب حتى بالنسبة للأطفال الذين تمت ولادتهم تقريبا قبل الميعاد المحدد للولادة بفترة بسيطة مثل الأطفال الذين تمت ولادتهم في الأسبوع 34 أو 35 مقارنة بالأطفال العاديين. وكانت أسباب الوفاة في مرحلة الشباب في الأغلب نتيجة للعيوب الخلقية في الجهاز التنفسي أو القلب أو الغدد الصماء ولم تكن نتيجة لسرطانات أو حوادث.
ورغم عدم وجود سبب محدد للولادة المبكرة، فإنه من الممكن توقعها ومحاولة حماية الرضيع من آثارها، خاصة في حالة الأمهات اللاتي يكن قد سبق وأنجبن عن طريق الولادة المبكرة من قبل، وكذلك صغر سن الأم الشديد (أقل من 17 سنة)، أو كبرها (أكثر من 35 سنة)، أو نتيجة لتعرض الأم لضغوط نفسية عنيفة في مرحلة الولادة.
مشاكل الولادة المبكرة تعرف الولادة المبكرة بأنها الولادة التي تحدث في الفترة من الأسبوع الـ20 وحتى ما قبل الأسبوع الـ37 من الحمل، ويعتبر الطفل ناقص النمو أو مبتسرا Premature Baby إذا ما تمت ولادته قبل الأسبوع الـ37 من الحمل وتعتبر من أهم أسباب اعتلال الصحة والوفاة بالنسبة للأطفال حديثي الولادة Neonatal Period في البلدان المتقدمة ومن المعروف أن الطفل المبتسر أو ناقص النمو يعاني من عدم اكتمال وظائف أجهزة الجسم بالشكل الأمثل مما يعرضه للكثير من المخاطر الصحية في الفترة الأولى من حياته Neonatal وعلى سبيل المثال، بالنسبة للجهاز التنفسي لا يكون مركز تنظيم التنفس في المخ قد اكتمل مما يعرض الرضيع لنوبات من انقطاع التنفس وعدم انتظام التنفس وعدم اكتمال الحويصلات الهوائية، وكذلك ضعف عضلات القفص الصدري مما يعوق التنفس بشكل سليم، وهو الأمر الذي يعرضه لمخاطر العدوى المستمرة للجهاز التنفسي واحتمالية حدوث نزيف في الرئة.
وبالنسبة للجهاز الهضمي والكبد يعاني الرضيع من عدم القدرة على الرضاعة والبلع بشكل كامل وكذلك يكون حجم المعدة صغيرا وقدرتها على الهضم أقل نتيجة لنقص حمض الهيروكلوريك HCL الضروري لعملية الهضم وكذلك يعاني الرضيع من عدم التوافق العضلي العصبي في المعدة وهو الأمر الذي يساعد على انقباض فتحة البواب وارتخاء فتحة الفؤاد مما يسبب القيء باستمرار، وكذلك يعاني من نقص مخزون الجسم من الفيتامينات المختلفة مثل فيتامين «دي» أو المعادن مثل الحديد مما يعرضه لاحتمالية الإصابة بمرض الكساح أو أنيميا نقص الحديد.
وبالنسبة للكبد يعاني من عدم اكتمال الأنزيمات مما يساعد على زيادة البليروبين Bilirubin وارتفاع معدل العصارة الصفراوية بالجسم إلى المعدلات التي يمكن أن تصل إلى المخ وتسبب تشنجات مما يهدد حياة الرضيع، وكذلك نقص القدرة على تخزين ماده الجليكوجين مما يتسبب في نقص معدلات السكر في جسم الرضيع، وكذلك يعاني الرضيع من عدم اكتمال مركز تنظيم درجة حرارة الجسم وانخفاض درجة حرارة الجسم نتيجة لنقص الدهون تحت الجلد وكذلك لنقص الحركة وهو ما يعني نقص توليد الطاقة.
وكذلك يعاني الرضيع من نقص مواد التجلط في الجسم نتيجة لعدم اكتمال نمو الكبد، وهو المسؤول عن تصنيع هذه المواد مما يعرضه لاحتمالية حدوث نزيف باستمرار وكذلك يعاني من عدم اكتمال الجهاز المناعي وهو الأمر الذي يعرض لاحتمالية الإصابة بأمراض مختلفة، وأيضا عدم اكتمال الجهاز البولي والكلى يجعل الجسم غير قادر على تركيز البول وقيام الكلى بوظائفها الحيوية بشكل كامل ويكون عرضة أيضا لاحتمالية الإصابة بأمراض عضوية في المخ نتيجة لعدم وصول الأكسجين بشكل كاف للمخ وكذلك احتمالية حدوث نزيف بالمخ أو تشنجات نتيجة لزيادة البليروبين.
* رعاية متواصلة
* ولذلك يجب دخول الأطفال المبتسرين غرفة الرعاية (العناية) المركزة للأطفال Neonatal Intensive Care Unit تحت إشراف طبيب أطفال متخصص في العناية بالأطفال حديثي الولادة وطاقم تمريض مدرب بشكل جيد، ويتم وضع الأطفال في حضانات تساعد على التدفئة والحفاظ على درجة حرارة الجسم وكذلك تمنع عنهم التعرض لأي ميكروبات خارجية ويتم تقديم السوائل والغذاء لهم عن طريق الحقن الوريدي وإمدادهم بالأكسجين.
وتعتبر هذه الدراسة الأولى التي تتعرض لتأثير مخاطر الولادة المبكرة على المدى البعيد، التي من الممكن أن تشمل حدوث اختلال هرموني أو عيوب خلقية نتيجة لعدم اكتمال النمو، ولكن وجود هذا الارتباط يستدعي مزيدا من الدراسات في هذا الشأن والمتابعة المستمرة للأطفال الذين تمت ولادتهم مبكرا حتى لو كانوا يتمتعون بصحة جيدة في مرحلة الشباب.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة