تتناول وثائق عديدة بين برقيات «ويكيليكس» الدبلوماسية، ملف قناة «الجزيرة» القطرية. وتظهر هذه الوثائق بشكل عام، اهتماماً أميركياً بمراقبة أداء القناة والتواصل مع مسؤوليها للتأثير في اتجاه تخفيف اللهجة المعادية للمصالح الأميركية. وفيما تقدّم «الجزيرة» على أنها أداة السياسة القطرية الخارجية تدخل في حسابات علاقاتها مع الدول الأخرى، تسلط الضوء أيضاً على خلافات داخلية عديدة ومتشعبة ضمن القناة.

وتعتبر المهمة الدبلوماسية الأميركية في الدوحة أن شبكة «الجزيرة»: «ستبقى أداءً للتأثير القطري، وستواصل كونها تعبيراً عن السياسة الخارجية للبلاد، مهما كان مدى غياب التنسيق. وتواصل قطر جهودها لرأب التصدعات التي يخلقها أداء الجزيرة، كما حصل مثلا في زيارة الملك الأردني (لقطر) في تشرين الثاني 2008».

وفيما تطول البرقيات الدبلوماسية التي توثق لنقاشات محتدمة بين المسؤولين الأميركيين ومسؤولي قناة «الجزيرة»، تنقل برقية من عام 2010 عن رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم قوله: «قطر قلقة حيال مصر وشعبها الذي ينضب صبره. (الرئيس المصري المخلوع حسني) مبارك يقول إن الجزيرة هي مصدر مشاكل مصر. إنها حجة. لقد قلت لمبارك: سنوقف الجزيرة عاماً كاملاً، إذا وافقت خلال هذه الفترة على تقديم تسوية مستدامة للفلسطينيين. فلم يجب بأي شيء».

وتنقل إحدى البرقيات الدبلوماسية من عام 2010 عن رئيس الوزراء القطري عرضه على المسؤولين الأميركيين خلال زيارته واشنطن، إرسال أعضاء مجلس إدارة «الجزيرة» إلى واشنطن للتباحث مع المسؤولين الأميركيين حول تغطية «الجزيرة».

وتشير برقية تعود إلى عام 2005 إلى أن مدير «الجزيرة» وضاح خنفر تلقى تقريراً من وزارة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، ينتقد تغطية القناة لقضايا عديدة واستخدامها لمصطلحات تضرّ بالمصالح الأميركية. وتشير الوثيقة إلى اعتراض خنفر على استخدام التقرير الأميركي لمصطلح «الاتفاق السابق (بين الجزيرة) والمسؤولين الأميركيين»، معتبراً أن هذا الاتفاق المشار إليه كان على أساس «غير ورقيّ» لأن أي «مؤسسة إخبارية لا يمكن لها أن تعقد اتفاقات مع جهات حكومية».

ومن إحدى مواطن الخلاف بين واشنطن وقناة «الجزيرة»، تغطية الأخيرة للعدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006. وفي وثيقة تعود إلى 29 آب 2006، أعربت السفارة الأميركية في الدوحة لخنفر عن قلقها ازاء تغطية «الجزيرة». فأجاب خنفر بأن أية محاولات «لأن نكون موضوعيين وننقل وجهة نظر الطرفين، لا يمكنها أن تتجاوز قوة المزاج في الشارع العربي في حالة لبنان»، وأضاف أنه من الصعب جداً على المراسلين اللبنانيين المحافظة على موضوعيتهم.

عندها سألت السفارة الأميركية إذا كان من الممكن استبدال المراسلين اللبنانيين بآخرين من جنسيات مختلفة، فأجاب خنفر بأنه قام بذلك في العراق، لكنه من الصعب في حالة لبنان استبدال المراسلين خلال العطلة الصيفية.

وشكلت تغطية حرب غزة في نهاية عام 2008 أيضاً، موضع خلاف بين خنفر والأميركيين. واعتبر الدبلوماسيون الأميركيون في وثيقة بتاريخ 11 شباط 2009، أن الحرب أثبتت أنه «عندما تضاف قدرات الجزيرة إلى النشاط القطري في السياسة الخارجية يكون المزيج فعالاً»، مشيرين إلى أنه من الضروري تحسين علاقة واشنطن مع المسؤولين القطريين، «لينعكس ذلك على دور الجزيرة في تشكيل صورة أميركا لدى الشارع الأميركي».

ونفى خنفر أن يكون هناك أي «توجه سياسي» يحرك قناة «الجزيرة»، مشيراً إلى أن البعض في مجلس تحرير القناة يعارض «حماس»، فيما يختلف آخرون مع مصر، لذلك «كان من المستحيل تحديد خط سياسي واحد واتباعه». واعتبر مدير القناة أن «حماس» تمثل «المقاومة السنّية»، لذلك «يستطيع السنة أن يقولوا: «لقد فعلنا شيئا في النهاية، إننا نقاوم كما قاوم حزب الله»، معتبراً أن ذلك يعكس بشكل أساسي الرؤية في الخليج.

وأكد خنفر أنه خلال حرب تموز 2006، «كان السلفيون يتصلون بي، ليتهمونني بأنني أدعم حسن نصر الله الشيعي، والآن يطلبون مني أن أسلط الضوء أكثر على ما يجري في غزة لأنهم يعتبرونها معركتهم، وانتصارهم».

وفي وثيقة تعود إلى عام 2006، يقول مدير وحدة «ضمان النوعية» في قناة «الجزيرة» حينها جعفر عباس أحمد إنه مسؤول عن تنظيم ندوات شهرية عن «التربية السياسية» لصحافيي القناة، وتهدف الندوات، بحسب عباس، إلى إعطاء الصحافيين خلفية نظرية عن «المفاهيم والأفكار والمدارس الفكرية»، مضيفاً أن آخر ندوة كانت عن الشيعة. وتضمنت الندوات مداخلات من ممثل عن «حزب الله» وممثل عن حزب «النهضة» التونسي.

وفي سياق الخلافات الشخصية داخل القناة، قال عباس إنه يعتقد أن برنامج فيصل القاسم يجب «أن يمحى عن الهواء»، لأنه فقد الدفع، ولم يعد أي مثقف محترم يقبل أن يشارك في برنامج القاسم. أما عن أحمد منصور، فقال عباس إنه «صحافي جدي، يعد مواضيعه بشكل جيد. وليس من شأني أن أقول لماذا يكون فظاً مع بعض ضيوفه ومؤدباً أكثر من اللازم مع آخرين».

وفي وثيقة من عام 2006، قال المدير السابق لموقع «الجزيرة.نت» عبد العزيز المحمود إنه يترك عمله في القناة، لأن العمل «أصبح مخيباً للآمال هذه الأيام مقارنة بما كانت عليه الأمور عام 2001. حينها كانت الجزيرة مليئة بالمثالية والنقاش الحماسي بين مناصري الايديولوجيات المختلفة من قوميين وإسلاميين وعلمانيين واشتراكيين، وكان فيها مناخ ثورة طبيعي. أما الآن فالناس يأتون للعمل من التاسعة إلى الخامسة كالبيروقراطيين، وقد أصبحت الجزيرة جزءاً من المؤسسة الإعلامية للتيار الرئيسي».

 

  • فريق ماسة
  • 2011-09-14
  • 4755
  • من الأرشيف

الدوحة عرضت على مبارك وقف القناة عاماً مقابل تسوية للفلسطينيين!

تتناول وثائق عديدة بين برقيات «ويكيليكس» الدبلوماسية، ملف قناة «الجزيرة» القطرية. وتظهر هذه الوثائق بشكل عام، اهتماماً أميركياً بمراقبة أداء القناة والتواصل مع مسؤوليها للتأثير في اتجاه تخفيف اللهجة المعادية للمصالح الأميركية. وفيما تقدّم «الجزيرة» على أنها أداة السياسة القطرية الخارجية تدخل في حسابات علاقاتها مع الدول الأخرى، تسلط الضوء أيضاً على خلافات داخلية عديدة ومتشعبة ضمن القناة. وتعتبر المهمة الدبلوماسية الأميركية في الدوحة أن شبكة «الجزيرة»: «ستبقى أداءً للتأثير القطري، وستواصل كونها تعبيراً عن السياسة الخارجية للبلاد، مهما كان مدى غياب التنسيق. وتواصل قطر جهودها لرأب التصدعات التي يخلقها أداء الجزيرة، كما حصل مثلا في زيارة الملك الأردني (لقطر) في تشرين الثاني 2008». وفيما تطول البرقيات الدبلوماسية التي توثق لنقاشات محتدمة بين المسؤولين الأميركيين ومسؤولي قناة «الجزيرة»، تنقل برقية من عام 2010 عن رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم قوله: «قطر قلقة حيال مصر وشعبها الذي ينضب صبره. (الرئيس المصري المخلوع حسني) مبارك يقول إن الجزيرة هي مصدر مشاكل مصر. إنها حجة. لقد قلت لمبارك: سنوقف الجزيرة عاماً كاملاً، إذا وافقت خلال هذه الفترة على تقديم تسوية مستدامة للفلسطينيين. فلم يجب بأي شيء». وتنقل إحدى البرقيات الدبلوماسية من عام 2010 عن رئيس الوزراء القطري عرضه على المسؤولين الأميركيين خلال زيارته واشنطن، إرسال أعضاء مجلس إدارة «الجزيرة» إلى واشنطن للتباحث مع المسؤولين الأميركيين حول تغطية «الجزيرة». وتشير برقية تعود إلى عام 2005 إلى أن مدير «الجزيرة» وضاح خنفر تلقى تقريراً من وزارة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، ينتقد تغطية القناة لقضايا عديدة واستخدامها لمصطلحات تضرّ بالمصالح الأميركية. وتشير الوثيقة إلى اعتراض خنفر على استخدام التقرير الأميركي لمصطلح «الاتفاق السابق (بين الجزيرة) والمسؤولين الأميركيين»، معتبراً أن هذا الاتفاق المشار إليه كان على أساس «غير ورقيّ» لأن أي «مؤسسة إخبارية لا يمكن لها أن تعقد اتفاقات مع جهات حكومية». ومن إحدى مواطن الخلاف بين واشنطن وقناة «الجزيرة»، تغطية الأخيرة للعدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006. وفي وثيقة تعود إلى 29 آب 2006، أعربت السفارة الأميركية في الدوحة لخنفر عن قلقها ازاء تغطية «الجزيرة». فأجاب خنفر بأن أية محاولات «لأن نكون موضوعيين وننقل وجهة نظر الطرفين، لا يمكنها أن تتجاوز قوة المزاج في الشارع العربي في حالة لبنان»، وأضاف أنه من الصعب جداً على المراسلين اللبنانيين المحافظة على موضوعيتهم. عندها سألت السفارة الأميركية إذا كان من الممكن استبدال المراسلين اللبنانيين بآخرين من جنسيات مختلفة، فأجاب خنفر بأنه قام بذلك في العراق، لكنه من الصعب في حالة لبنان استبدال المراسلين خلال العطلة الصيفية. وشكلت تغطية حرب غزة في نهاية عام 2008 أيضاً، موضع خلاف بين خنفر والأميركيين. واعتبر الدبلوماسيون الأميركيون في وثيقة بتاريخ 11 شباط 2009، أن الحرب أثبتت أنه «عندما تضاف قدرات الجزيرة إلى النشاط القطري في السياسة الخارجية يكون المزيج فعالاً»، مشيرين إلى أنه من الضروري تحسين علاقة واشنطن مع المسؤولين القطريين، «لينعكس ذلك على دور الجزيرة في تشكيل صورة أميركا لدى الشارع الأميركي». ونفى خنفر أن يكون هناك أي «توجه سياسي» يحرك قناة «الجزيرة»، مشيراً إلى أن البعض في مجلس تحرير القناة يعارض «حماس»، فيما يختلف آخرون مع مصر، لذلك «كان من المستحيل تحديد خط سياسي واحد واتباعه». واعتبر مدير القناة أن «حماس» تمثل «المقاومة السنّية»، لذلك «يستطيع السنة أن يقولوا: «لقد فعلنا شيئا في النهاية، إننا نقاوم كما قاوم حزب الله»، معتبراً أن ذلك يعكس بشكل أساسي الرؤية في الخليج. وأكد خنفر أنه خلال حرب تموز 2006، «كان السلفيون يتصلون بي، ليتهمونني بأنني أدعم حسن نصر الله الشيعي، والآن يطلبون مني أن أسلط الضوء أكثر على ما يجري في غزة لأنهم يعتبرونها معركتهم، وانتصارهم». وفي وثيقة تعود إلى عام 2006، يقول مدير وحدة «ضمان النوعية» في قناة «الجزيرة» حينها جعفر عباس أحمد إنه مسؤول عن تنظيم ندوات شهرية عن «التربية السياسية» لصحافيي القناة، وتهدف الندوات، بحسب عباس، إلى إعطاء الصحافيين خلفية نظرية عن «المفاهيم والأفكار والمدارس الفكرية»، مضيفاً أن آخر ندوة كانت عن الشيعة. وتضمنت الندوات مداخلات من ممثل عن «حزب الله» وممثل عن حزب «النهضة» التونسي. وفي سياق الخلافات الشخصية داخل القناة، قال عباس إنه يعتقد أن برنامج فيصل القاسم يجب «أن يمحى عن الهواء»، لأنه فقد الدفع، ولم يعد أي مثقف محترم يقبل أن يشارك في برنامج القاسم. أما عن أحمد منصور، فقال عباس إنه «صحافي جدي، يعد مواضيعه بشكل جيد. وليس من شأني أن أقول لماذا يكون فظاً مع بعض ضيوفه ومؤدباً أكثر من اللازم مع آخرين». وفي وثيقة من عام 2006، قال المدير السابق لموقع «الجزيرة.نت» عبد العزيز المحمود إنه يترك عمله في القناة، لأن العمل «أصبح مخيباً للآمال هذه الأيام مقارنة بما كانت عليه الأمور عام 2001. حينها كانت الجزيرة مليئة بالمثالية والنقاش الحماسي بين مناصري الايديولوجيات المختلفة من قوميين وإسلاميين وعلمانيين واشتراكيين، وكان فيها مناخ ثورة طبيعي. أما الآن فالناس يأتون للعمل من التاسعة إلى الخامسة كالبيروقراطيين، وقد أصبحت الجزيرة جزءاً من المؤسسة الإعلامية للتيار الرئيسي».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة