#
  • فريق ماسة
  • 2025-07-16
  • 1156

إسرائيل تكثف جهودها لاستغلال الدروز لتعزيز نفوذها في سوريا

شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا، مواجهات بين مجموعات مسلحة درزية وأخرى بدوية في السويداء، بعد قيام الطرفين بمصادرة مركبات بشكل متبادل، وجرى استخدام أسلحة متوسطة وثقيلة، مما دفع قوات العام وقوات ووزاة الدفاع السورية لدخول المدينة، ويعد هذا الدخول هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

وأكدت دمشق أن الجيش السوري يواصل ملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون بمحيط مدينة السويداء، ومستمر في عملياته بهدف بسط الاستقرار والأمن، حيث بلغت ذروتها الأحد الماضي، الأمر الذي أسفر عن مقتل نحو 30 شخصاً وإصابة 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال.

وبالحديث عن الأحداث التي شهدتها السويداء، دعت الخارجية السورية جميع الدول والمنظمات لاحترام السيادة السورية والامتناع عن دعم أي حركات متمردة انفصالية، وأكدت الخارجية السورية في بيان لها بأن الدولة السورية ماضية في حماية الطائفة الدرزية واحترام حقوقها وبسط الأمن والاستقرار وتفعيل مؤسسات الدولة.

كما أكد من جهته وزير الداخلية السوري أنس خطاب، إن غياب مؤسسات الدولة، خاصة العسكرية والأمنية، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء من توترات. وفي الصياغ ذاته، حذر محافظ السويداء مصطفى البكور من محاولات إيقاع الفتنة، ودعا إلى ضبط النفس، مؤكدا أنّ الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين واستعادة الحقوق.

ومنذ بدء الاشتباكات تعالت أصوات قيادات درزية في سوريا وإسرائيل، تدعو إلى تدخل دولي في سوريا، مادفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه غارات على مواقع في محافظة السويداء، بالإضافة إلى تدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري. وذكرت قناة 14 العبرية أن الهجمات الإسرائيلية على الجنوب السوري تجري بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، الأمر الذي يؤكد على تورط الإدارة الأمريكية في قصف قوات الجيش العربي السوري والمدنيين، على الرغم من التحسن الكبير في العلاقات الأمريكية – السورية، الأمر الذي يدل بشكل قاطع على أن المصالح الإسرائيلية أهم من استعادة سوريا للاستقرار 

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس وجه"تحذيرا واضحا للنظام السوري" بعدم استهداف الدروز، وأكد إن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي"، ومن جهته أكد المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، في بيان على أن الجيش "لن يسمح بوجود تهديد عسكري في منطقة جنوب سوريا وسيتحرك ضده ويواصل مراقبة التطورات في المنطقة". وتعيد هذه الاشتباكات الدامية إلى الواجهة، أحداث جرمانا واشرفية صحنايا، في أواخر أبريل/نيسان الماضي، حين قصف طيران الاحتلال مواقع في دمشق وريفها بذريعة منع هجمات على الدروز، الأمر الذي أدى إلى استياء الشارع السوري، وانتقد الشيخ موفق طريف والشيخ حكمت الهجري، معتبرين أن مواقفهما ساهمت في محاولة تأجيج الفتنة داخل سوريا عبر طلب الحماية من إسرائيل.

وأفاد المحللون بأن الهجوم الإسرائيلي على صحنايا وجرمانا يأتي ضمن مشروع أكبر يراد فرضه على سوريا، هدفه ليس حماية الدروز بل توظيفهم لخدمة أهداف التقسيم، وأكد المحللون بأن تقسيم سوريا لا يزال هدفا إسرائيليا جوهريا، وأن الحديث عن كيان درزي عازل ليس سوى بداية لمخطط أكبر يجب إفشاله، مؤكدين أن هذا التقسيم ليس خيارا لأبناء سوريا.

وأشار مستخدمون إلى أن المشكلة في مناطق السويداء وجرمانا وصحنايا ليست بطبيعتها دينية أو طائفية بين السنة والدروز، وأوردوا أنه لو كانت المشكلة دينية، لكانت هناك هجمات واسعة على قرى الدروز في إدلب أو القنيطرة، لكن ذلك لم يحدث، وتشكل التدخلات الإسرائيلية تحدياً لحكومة الرئيس أحمد الشرع، الساعية لتوحيد جميع الأراضي السورية لحكم مركزي بعد ما يقرب من 14 عاماً من الحرب التي قسمت البلاد إلى جيوب منفصلة.

ويرى المحلل السياسي في الشأن السوري بشار عبدالعزير، بأن إسرائيل تحاول استغلال الدروز لفرض تدخلها في سوريا، في وقت تؤكد فيه دمشق أن جميع مكونات الشعب متساوون في الحقوق، خصوصاً وأن تل أبيب لا توفرُ فرصةَ الاستثمار في أي فوضى تحدث في سوريا، فكيف إن كانت هذه الفوضى ممزوجة بطيف من الطائفية. وشدد على ضرورة توخي الحذر من محاولة الإدارة الإسرائيلية استغلال الطائفة الدرزية لإضعاف الحكومة السورية في دمشق، وإرباكها بملفات حساسة، عبر اصطناعها للمشكلات، معتقدةً بأنها كلما زادت الضغط على الحكومة السورية فستكون قادرة على فرض شروط أو مكاسب إضافية على طاولة المفاوضات، ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة ببشار الأسد أواخر 2024، ووسعت رقعة احتلالها في الجولان، كما احتلت المنطقة العازلة.



المصدر : عبدالرحيم التاجوري .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة