دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تؤكد جميع المعطيات المتداولة إعلاميا عن الحرب الروسية في أوكرانيا
, أن هذه الحرب مستمرة بقوة الدفع المقدمة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة
الأمريكية , فمن يعرف أوكرانيا وحجم قواتها العسكرية ما قبل الحرب يعرف تماما أن ما
يواجهه الروس في أوكرانيا حاليا هو قوات وأسلحة حلف الناتو بلبوس أوكراني , وأن الأسلحة
الغربية المتطورة و المقدمة من مختلف دول الناتو هي التي حافظت على الصمود الهش للأوكرانيين
في وجه القوة العسكرية الروسية الساحقة ورغم ذلك فإن خوف الدول الغربية من نفاد مستودعاتها
من الأسلحة المتطورة - وهذا ما أعلنه أكثر من مسؤول غربي - دفع الرئيس الأمريكي وإدارته إلى الطلب من دول الشرق
الأوسط التي تملك أسلحة سوفيتية , تقديم هذه الأسلحة إلى أوكرانيا لاستخدامها في الحرب
ضد روسيا , وما رشح إلى الإعلام فإن الطلب الأمريكي لم يستجب له أحد .
ولم تكتفي دول الشرق الأوسط بعدم تلبية الطلب الأمريكي بتزويد أوكرانيا
بالسلاح السوفييتي, بل إنها لم تخضع للطلبات الأمريكية بزيادة انتاجها من النفط والغاز, لتعويض ما كانت تستورده أوربا من الغاز والنفط من
الاتحاد الروسي , وعلى العكس كان قرار دول
( أوبك + ) خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل, الشرارة التي أشعلت حربا غير معلنة بين
حليفي الأمس , السعودية والولايات المتحدة , حيث أشعل القرار موجة من الغضب الأمريكي
على حكام السعودية وبعض الدول الأخرى في ( أوبك +) , وتقدم عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي
إلى الإدارة الأمريكية بمشروعات قرارات لمعاقبة
الحكام السعوديين وسحب القواعد العسكرية من منطقة الخليج العربي والتي تعتبر بمثابة
الحامية لعروش حكام الخليج وغيرها من دول الشرق الأوسط , أما المضحك في الموضوع هو
أن التهمة الجاهزة التي أطلقها الإعلام الأمريكي وإعلام حلفائه في أوربا , هي وقوف
السعودية إلى جانب روسيا و" عمالتها " للزعيم الروسي في الحرب في أوكرانيا
. لقد تناسى هؤلاء أن المصالح هي المقياس الوحيد الذي يحكم العلاقات بين الدول وكما
قال تشرشل في زمانه " لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل هي مصالح دائمة
" ويبدو أن المصلحة الحقيقية التي اكتشفها زعماء الكثير من دول العالم توجد في
ابتعادهم عن السياسات الخرقاء للإدارات الأمريكية والتي أثبتت عبر التاريخ تخليها عن
اصدقائها وعملائها والتابعين لها. ولهؤلاء
في مبارك والبشير وزين العابدين بن علي وقبلهم شاه إيران أكبر مثال على خيانة الولايات
المتحدة لمن يعمل معها و يخدمها . وهذا هو السبب الحقيقي لاقتراب الكثير من زعماء العالم
وتوجههم نحو موسكو وتطوير علاقاتهم معها لما فيه مصالح بلدانهم . إذ أن روسيا وريثة
الاتحاد السوفييتي السابق أثبتت عبر تاريخها الحديث احترامها للشعوب وللعلاقات المبنية
معها على الصداقة و المصالح المشتركة . ويبدو أن الهيمنة الأمريكية والقطب الواحد الذي
حكم بسياساته العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي هذه السياسة العالمية إلى زوال بل
هي زالت مع صعود الصين وروسيا وتجمعات وأحلاف عالمية مثل البريكس مثلا التي تجمع دولا
تمثل نصف العالم بعدد السكان والاقتصادات والقوة العسكرية .
وعودة إلى الحرب في أوكرانيا , فإن البروباغاندا الغربية عملت مؤخرا على
الترويج لأكاذيب حول المخاوف من استعمال الجيش الروسي لأسلحته النووية في أوكرانيا
وأن الرئيس بوتين جاد في استخدام بعض أنواع الأسلحة النووية ضد أوكرانيا, وبدأت الولايات
المتحدة ومن لف لفها يهددون بالويل والثبور ويهددون روسيا بأن أي خطوة في هذا الاتجاه
سيتم الرد عليها نوويا . الثابت في هذا الموضوع أن روسيا ليست بحاجة لاستعمال سلاحها
النووي في أوكرانيا لأن القوة العسكرية الروسية قادرة لوحدها وبعيدا عن كل الأكاذيب
التي تروج لتراجع الجيش الروسي أمام القوات الأوكرانية أن تستمر في عمليتها العسكرية
لفترات طويلة وما تم تحقيقه من تحرير لأقاليم دانيتسك ولوغانسك وغيرها وإجراء استفتاء
شعبي انضمت بموجبه إلى روسيا الاتحادية يؤكد دون أي شك قوة الجيش الروسي والنفس الطويل
الذي يتعامل به مع الحرب في أوكرانيا هذا أولا أما ثانيا فإن التخويف باستخدام السلاح
النووي لا يهم الروس أبدا فمن يعرف ما عاناه
الشعب الروسي في الحرب العالمية الثانية والثمن الكبير الذي دفعته شعوب الاتحاد السوفييتي
بما فيها الشعب الروسي من الضحايا البشرية , يعرف أن الروس لا يمكن لهم التفكير مطلقا
في اشعال حرب عالمية جديدة وأن احترام تضحيات الآباء والأجداد مترسخ في وعي الشعب الروسي
الشاب ولا يمكن له أن يفكر في أن يكون سببا في حرب جديدة قد تدمر العالم كله أما ثالثا
فإن من يسعى إلى حرب عالمية ثالثة دون الأخذ بمخاطرها على الكرة الأرضية كلها فهي الولايات
المتحدة الأمريكية التي لم تتوانى عن استخدام قنبلتين نوويتين ضد الشعب الياباني دمرت
فيه مدينتين وقتلت عشرات الألوف من السكان المدنيين و فرضت نفسها بعد انتهاء الحرب
العالمية الثانية كقوة مهيمنة على العالم خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد
السوفييتي و قامت بدعم من حلفائها في أوربا والأنظمة الخاضعة لها بشن الحروب وتدمير
البلدان والشعوب في فيتنام وأفغانستان والعراق وسورية وغيرها من البلدان التي لم تخضع
للهيمنة الأمريكية وسطوتها ....واليوم تعاني هذه الدولة أي الولايات المتحدة من بدء
انهيار قوتها وظهر إلى السطح من يقف في وجهها ويخالف سياساتها ويعلن تبرؤه من التبعية
لها .. ألا يكفي هذا كله أن تسعى نحو حرب عالمية جديدة تعيد لها أمجادها الضائعة وهيمنتها
التي فقدتها ؟؟؟ الواقع يقول إن أوربا التي تعاني الآن نتائج تبعيتها للولايات المتحدة
ستكون أول من يخرج عن الصف الأمريكي ويتبعها كثير من الأصدقاء والحلفاء الذين اكتشفوا
حقيقة الزيف الذي قدمته الولايات المتحدة إلى العالم بأسره .
لولا التدخلات الغربية في الحرب في أوكرانيا لاستطاعت القوات العسكرية
الروسية تحقيق هدفها المعلن في هذه الحرب والذي
لم تحد عنه منذ البداية ألا وهو القضاء على كتائب النازيين الجدد المدعومين من الدولة
الأوكرانية ووقف مجازرهم وعمليات الإبادة المنظمة التي نفذها هؤلاء ضد السكان المدنيين
في لوغانسك ودانيتسك وغيرها من المدن ذات الغالبية الروسية من السكان إضافة إلى وقف
تمدد الناتو ومحاولاته الإحاطة بروسيا وتهديد أمنها القومي من خلال ضم أوكرانيا إلى
حلف الناتو . ولا ندري ما الفرق بين كوبا وأوكرانيا من حيث موقع الأولى إلى الولايات المتحدة والثانية إلى روسيا فهل يحق
للولايات المتحدة التهديد بحرب عالمية وجعل العالم يقف على قدم واحدة عندما اقترب الاتحاد
السوفييتي السابق من كوبا في أزمة خليج الخنازير المعروفة حيث اعتبرت الولايات المتحدة
وقتها أن كوبا جزء هام من الحديقة الخلفية للبيت الأبيض الأمريكي. بينما لا يحق لروسيا
الآن أن تدافع عن نفسها عندما تتحول أوكرانيا و هي أقرب بلد إلى موسكو إلى قاعدة للناتو
تستطيع صواريخها الوصول إلى موسكو بدقائق . أليس هذا منطق غريب في ميزان العلاقات والسياسات
الدولية .
وإلى الخائفين من حرب عالمية ثالثة نقول : روسيا لن تكون البادئة. ابحثوا
عن مخاوفكم في مكان آخر ..هناك إلى الغرب حيث معامل السلاح ومافياتها تحكم دولة اسمها
الولايات المتحدة الأمريكية
المصدر :
محطة أخبار سورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة