دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أعطى دخول
المُسيرة الانتحارية من طراز “شهاب” معركة “سيف القدس”، وإستهداف “حماس” منصة
غازية إسرائيلية بحرية قبالة ساحل شمال غزة، ثم مصنعاً للكيماويات في “نير عوز” في
صحراء النقب، بُعداً ردعياً جديداً للمعركة التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في
غزة، لا سيما إذا إستخدمت “تقنية السرب” مستقبلاً.
عزّزت حركات
المقاومة في لبنان فلسطين، قدراتها الردعية العسكرية في العقود الماضية وصولاً إلى
تحقيق قفزة نوعية في تطوير انظمة الطائرات من دون طيار التي يتم إطلاقها في وقت
واحد، وهو ما شهدناه في الساعات الأخيرة، حينما استخدمت حركة “حماس”، هذه الطائرات
للمرة الأولى لضرب اهداف نوعية في البر والبحر، ومن المرجح ان يتكرر هذا الامر
لاحقاً، وصولاً إلى استهداف حشود على تخوم غزة، او ارسال اسراب منها لاستهداف
المستوطنات.
وبالرغم من عدم
ذكر إيران في قوائم التكنولوجيا العسكرية المتطورة على مختلف الصعد، فإن الجمهورية
الإسلامية تسير بخطى متسارعة للوصول الى هدف السرب، وهي قطعت شوطا كبيرا في هذا
المجال، مُسخّرة خبراتها وقدراتها العلمية، بحيث “اصبحت قادرة على التحكم في عدة
طائرات بدون طيار باستخدام تطبيق واحد، وإرسال الأوامر إليهم جميعًا مرة واحدة”،
بحسب موقع “فوربس” الاميركي.
وتعتبر ايران،
الدولة الأكثر استخداماً وتوظيفاً لسلاح الطائرات من دون طيار في المنطقة، بحسب
تقرير لموقع NPR الأميركي، فيما يذهب أكثر من صحافي
أميركي، وبينهم توماس فريدمان، للتذكير دائماً بالغارة السربية التي نفذتها مُسيرات
حوثية (إيرانية) مزودة بصواريخ كروز ضد حقلي بقيق وخريص السعوديين (تابعين لشركة
أرامكو) في خريف العام 2019، وهي الضربة التي أحدثت تحولاً في مسار حرب اليمن.
في السنوات
الأخيرة، أنتجت القوات المسلحة الايرانية مجموعة من الذخائر (المتسكعة) الجوالة،
والتي يطلق عليها غالبًا طائرات بدون طيار “انتحارية” أو “كاميكازي” (تستخدم
كأسراب)، وأبرزها المُسيرة التي تُطلق عليها حركة “حماس” اسم “شهاب”، فضلاً عن
“رعد 85″، التي تتميز بمدى تشغيلي يبلغ حوالي 80 ميلاً (136 كم) ويمكن أن تصل
سرعتها القصوى إلى حوالي 250 ميلاً في الساعة (402 كم). وعلى عكس الطائرات بدون
طيار الصغيرة من طراز Kargu-2 أو Hero-30 صُممت صواريخ “رعد 85” لضرب أهداف أكبر.
وهناك ايضا
عائلة “أبابيل” التي يمكن استخداها كذخائر جوالة كبيرة، على الرغم من أن وظيفتها
الأساسية هي أيضًا المراقبة، وخاصة أحدث طراز منها “أبابيل 3”. وقد إختبر
الإيرانيون في السنوات الأخيرة مُسيراتهم في حرب اليمن وبينها “قاصف 1” من عائلة
“أبابيل 2” ضد أهداف سعودية، وبينها بطاريات صواريخ دفاعية (أرض ـ جو).
وفي هذا الاطار،
ذكرت مجلة “ناشيونال إنترست” في تقرير لها في العام 2015، ان إيران، نجحت في تصدير
طائراتها بدون طيار إلى وكلاء، مثل “حزب الله” في لبنان و”حماس” و”الجهاد
الإسلامي” في فلسطين و”أنصار الله” في اليمن، وقالت “لقد جرّب حزب الله طائرات
بدون طيار انتحارية ومن المحتمل أن تتوقع إسرائيل بيئة جوية أكثر تعقيداً في
الصراع المقبل مع لبنان”.
وما يعزز نظرية
“حرب الاسراب” التي تضعها طهران في حساباتها المستقبلية، هو خبر اطلاق إيران
مناورة عسكرية (في اذار/ مارس 2109)، شاركت فيها حوالي 50 طائرة من دون طيار في
سماء الخليج، وذلك ضمن مناورات أسميت “بيت المقدس 1”.
ووفق خبراء
عسكريين، فإن قدرة “حماس” على الاستفادة من استراتيجية الاستنزاف بواسطة المسيرات
(نموذج حسم حرب إقليم ناغورنو قره باخ لمصلحة أذربيجان)، تتجاوز قدرة اسرائيل،
نظراً لاعتماد البنية العسكرية لـ”حماس” بشكل رئيسي في المواجهة الحالية، على
العنصر البشري والصواريخ المتحركة، التي يسهل تمويهها، واخفاءها بمرونة عالية،
بعكس اسرائيل المشرّعة مستوطناتها ومرافقها ومنشآتها الحيوية العسكرية والمدنية،
إضافة الى
آلياتها وثكناتها، امام هذه الطائرات الانتحارية، فضلا عن امكانية استغلال الحركة
(بموازاة الصواريخ ) نقطة ضعف مركزية لدى اسرائيل، الا وهي الجبهة الداخلية، وهو
ما يمكّن “حماس” من الحاق خسائر مادية وبشرية كبيرة بالاحتلال، قد تقلب المعادلات،
وترسم خطوط صراع جديدة ستدفع اسرائيل حتماً، الى التفكير ألف مرة، قبل الاقدام على
مغامرة برية في قطاع غزة.
عمليا، مع النمو
الهائل للشبكة المتكاملة بين الفضاء والجو والأرض، وروبوتات الأسراب والذكاء
الاصطناعي والانتشار السريع للطائرات بدون طيار، تتابع الجيوش في جميع أنحاء
العالم، بنشاط جهود البحث والتطوير، للوصول الى تقنية الأسراب، المستوحاة من أسراب
الحشرات، بحيث تكون اعداد كبيرة من الطائرات دون طيار قادرة على “التنظيم الذاتي
والتعاون وإكمال مهام متعددة معاً”، خصوصاً بعدما اصبح هذا النوع من الطائرات
العسكرية، أكثر تطوراً وحداثة، وأصغر حجماً، وأخف وزناً، وأرخص ثمناً، إضافة الى
قدرتها على العمل على ارتفاعات منخفضة ومتوسطة.
وحققت شركة “CETC” الصينية (مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية)، في تموز/ يوليو
2017، خطوة نوعية على صعيد “ذكاء الأسراب”، من خلال اختبار 119 طائرة بدون طيار،
ثابتة الجناحين، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 67 طائرة.. هذا التطور يدل
على أن الأسراب الذكية المستقبلية عبارة عن “قوة تخريبية من أجل تغيير قواعد
اللعبة في الحرب”، حسب خبراء يعملون في شركة “سيتيك” (CETC).
بالمقابل، أطلقت
وزارة الدفاع الأميركية في العام 2017، سرباً من الطائرات الصغيرة بدون طيار فوق
كاليفورنيا حيث اتخذت أكثر من 100 طائرة قرارات دون مساعدة بشرية. كما قامت
بريطانيا بتطوير انظمة الطائرات بدون طيار للوصول الى السرب، وكذلك تفعل روسيا من
خلال حلم Floc 93 الروسي (سرب من 100 طائرة)، إضافة إلى
مشروع تطوير الذكاء الاصطناعي الذي تقوم به تركيا للطائرات بدون طيار، ولا سيما
“بيرقدار”.
علاوة على ذلك،
فإن الهجوم التركي على قافلة عسكرية سورية في كانون الثاني/ يناير 2020، وصفته
التقارير الإعلامية بأنه ينطوي على “سرب” شمل بالفعل وحدات متعددة يتم التحكم فيها
عن بعد. لكن أحد الخبراء صرح لموقع الأخبار العسكري
C4ISRNET: “كان
هذا هجومًا جماعيًا منسقًا، وليس سربًا”، علماً أن تنظيمات إرهابية إستخدمت في
سوريا مُسيرات إنتحارية في السنوات الأخيرة ولا سيما ضد القاعدة الروسية في حميميم.
ولكي نفهم درجة
التهديد الذي باتت تشكله الطائرات بدون طيار، لا بد من التمعّن جيداً، بكلام أحد
الضباط في قسم مكافحة الطائرات بدون طيار في البنتاغون، والذي قال فيه أنه “يريد
ان يتم تدريب كل جندي – من الطهاة إلى العناصر التي تحمل السلاح – على محاربة
أسراب جوية بدون طيار للعدو، قادرة على إلحاق خسائر بالوحدات القتالية”.
المصدر :
علي دربج -180Post
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة