دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
الطريق على طول جادة بنسلفانيا الذي يفصل البيت الأبيض عن الكونغرس لا يزال مسدودا والتسوية المحتومة حول رفع سقف الدين العام الفيدرالي لا تزال مؤجلة بانتظار معرفة من سيرف جفنه أولا في هذه المفاوضات الصعبة بين الرئيس باراك اوباما والقيادات الجمهورية. الانقسام في الإخراج التلفزيوني كان معبرا بين "الغرفة الشرقية" في البيت الأبيض ومكتب رئيس مجلس النواب جون باينر في "الكابيتول هيل"، حيث قدم اوباما على مدى 15 دقيقة روايته عن الجمود في المفاوضات حول رفع سقف الدين، وبعدها بدقيقتين رواية باينر على مدى خمس دقائق، من دون وجود أي تلميح من الطرفين حول فرص التسوية واحتمالاتها. التكتيك الديموقراطي حاول اللعب على وتر انقسام الجمهوريين، لكن بطريقة ناعمة،
حيث أكد اوباما أن باينر يسعى لتسوية لكن البعض في مجلس النواب لا يسمح له بذلك، في إشارة إلى نواب حركة "حفل الشاي". هذا التكتيك يضعف باينر في المفاوضات ويساعد على عدم إقرار الخطة المالية التي يسعى لتمريرها في مجلسالنواب. اوباما وجه اللوم على سلفه الجمهوري من دون أن يسميه حيث ذكر بأن إدارة جورج بوش لم تستغل في العام 2000 الفائض في الميزانية الفيدرالية لسداد الديون، بل سعت لمزيد من تخفيض الضرائب وخاضت حربين في أفغانستانوالعراق.
ووصف اوباما الجمود في المفاوضات بأنها "لعبة خطيرة لم نلعبها أبدا في السابق ولا يمكننا تحمل لعبها الآن"، واعتبر أن تخلف الإدارة الأميركية عن التزاماتها المالية "نتيجة متهورة وغير مسؤولة"، مشيرا إلى ان رفع سقفالدين خطوة روتينية منذ الخمسينيات، وأنها حصلت 18 مرة في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان. وأعاد اوباما طرح مبادرته التي وصفها بأنها "عادلة ومتوازنة" وتقضي بتقليص ميزانية البنتاغون ووقف التبذير في برامج الرعايةالصحية وزيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء ضمن خطة توفر على الخزينة حوالى أربعة تريليونات دولار.
في اللقاء الأخير مع القيادات الجمهورية في البيت الأبيض، وبعد التلاسن الكلامي مع النائب الجمهوري اريك كانتور، لمح اوباماخلال الاجتماع إلى انه سيأخذ القضية مباشرة إلى الرأي العام الاميركي في حال اصرار القيادات الجمهورية على عدم التسوية. وهذا ما قام به فعلا خلال خطابه المتلفز حيث قال: "لا يمكننا أن نسمح للشعب الاميركي بأن يصبح ضرراجانبيا لحرب واشنطن السياسية... إذا كنت تريد مقاربة متوازنة لتقليص العجز، دع نائبك في الكونغرس يعلم بهذا الامر". وخلال اقل من ساعة، بدأت الضغوط على المواقع الالكترونية لاعضاء الكونغرس حيث توقف العمل في بعضهانتيجة كمية الرسائل والاتصالات الهاتفية التي اجريت مع النواب الجمهوريين والديموقراطيين على حد سواء، لا سيما مواقع باينر والقيادات الجمهورية. التكتيك الجمهوري تمثل في وصف اوباما بأنه يقود حكومة "غير فعالة" تسعى الى
تضخيم دور الدولة في القطاع الخاص، وحكومة تريد ان ترفع الدين العام، وان تزيد الضرائب على الاميركيين. ألمح باينر في كلمته إلى ان هناك تسوية بين الجمهوريين والديموقراطيين في مجلس النواب، لكن اوباما هدد بوضع فيتو على هذا القانون اذا وصل اليه. لكن الاجماع الديموقراطي على خطة باينر كان محدودا واقتصر على خمسة نواب من اصل 193 نائبا ديموقراطيا. غير أن الاستنزاف الجمهوري لولاية اوباما بدأ ينجح شعبيا، ففي استطلاع مشترك لصحيفة "واشنطن بوست" وقناة "ايه بي سي" الاخبارية رأى ثلث الاميركيين ان سياسات اوباما تضر بالاقتصاد الاميركي، و65 في المئة من الاميركيين لا يوافقون على تعامل الكونغرس مع فرص العمل، في مقابل 52 في المئة بالنسبة لأوباما. وتحدث البيت الابيض بالامس عن خطط طوارئ تعدها وزارة الخزانة في حال عدم التوصل الى تسوية قبل الموعد النهائي في 2 آب المقبل. خطة باينر لتقليص العجز على مرحلتين لتقليص النفقات بحوالى 2,6 تريليون دولار مع رفع سقف الدين لفترة ستة أشهر، اي أنه في المرحلة الاولى يرفع سقف الدين حوالى تريليون دولار مشروطة بتقليص النفقات حوالى 1,2 تريليون دولار سنويا على مدى عشر سنوات، وفي المرحلة الثانية يرفع سقف الدين 1,6 تريليون دولار، لكن هذه الخطوة تحتاج الى موافقة الكونغرس على تقليص النفقات بحوالى 1,8 تريليون دولار تشمل برامج الرعاية الصحية التي يحرص الديموقراطيون على التمسك بها. غير أن اوباما اكد رفضه اي خطة لا ترفع سقف الدين العام لما بعد الانتخابات الرئاسية العام 2012 لتفادي مثل هذه المفاوضات بعد أشهر. وقال باينر اذا وقع اوباما هذا الاقتراح فإن "مناخ الازمة الذي أوجده سيختفي بكل بساطة". واضاف "الحقيقة المحزنة ان الرئيس اراد شيكا على بياض منذ ستة أشهر، ويريد شيكا على بياض الآن، وهذا الامر لن يحصل". واتضح بالامس ان خطة باينر مصيرها الفشل بعد رفض الكتلة الجمهورية الاقوى في مجلس النواب التصويت عليها. الاقتراح الثاني المتداول هو خطة زعيم الاكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد التي تقلص العجز حوالى 2,7 تريليون دولار وترفع سقف الدين لما بعد الانتخابات الرئاسية في نهاية العام 2012، مع تشكيل لجنة ترفع توصيات حول المزيد من الخطوات لتقليص النفقات. لكن الطريق صعب لاقتراح هاريد ريد لانه يحتاج الى 60 صوتا في مجلس الشيوخ لتجاوز فيتو الاقلية الجمهورية، وهو يراهن على تخفيض ميزانية حربي العراق وافغانستان بحوالى تريليون دولار.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة