بدأت الحكاية عندما أرسل مدير آثار حماه كتاباً إلى الجهات المعنية يطلب فيه سيارة مصفحة لنقل كافة المقتنيات الثمينة في متحف حماه الوطني على وجه السرعة من أجل حمايتها من أي تعّرض في ظل حالة الانفلات الأمني والعصيان المدني الذي تعيشه المدينة منذ اليوم الثالث عشر من هذا الشهر.

عقب ذلك بيوم واحد فقط أي بتاريخ 14/7/2011علمت وزارة الثقافة أنّ سرقة ما وقعت في المتحف، الذي لم يشهد أي عملية اعتداء أو تخريب طيلة فترة الاضطرابات في حماة، في ذاك اليوم بينما كان أمين المتحف الوطني في بلده الأم في "مصياف" سرق تمثال ذهبي يمثل إله آرامي يعود للقرن الثامن للميلاد وأثبتت الدراسات قيمته العلمية العالية، لنعلم بعدها أنّ متاحفنا جميعها تتعّرض للانتهاك وأعمال التخريب، في سياق ما تعيشه البلاد من حركة اضطرابات واسعة، فمتحف بصرى الشام في محافظة درعا أغلق بعدما حاول البعض من المتظاهرين الاعتداء عليه، ومتحف إدلب الوطني تعرّض لانتهاك منعه أهالي المجتمع المحلي في المدينة وإلا لحدث ما لا يحمد عقباه بحسب ما ذكرت مديرة شؤون المتاحف التي لم تعلم بالسرقة في متحف حماة بسبب تواجدها خارج القطر!

واليوم نرى متحف حماة الوطني وقد أوقف كل من فيه بدءاً من: أمينه راكان سليمان مروراً بحارس القاعات فايز حماد وانتهاء بمراقب المتحف عبد الله الرحمون، أوقفوا على ذمة التحقيق الجاري على يد قائد شرطة حماة والأمن الجنائي، حيث الاتهامات تطال الجميع في المتحف، كما بيّن تقرير صادر عن الجهتين.

الاتهام والاتهام المضاد ما يرسم المشهد في المتحف، فتقارير الأمن الجنائي أثبتت، بحسب ما قاله مدير آثار حماه أنّ السرقة حدثت من داخل المتحف فليس هناك أي كسر أو خلع لأبواب المتحف وأنّ المسئول عن فقدان التمثال بلا شك هم موظفي المتحف ممن يملكون المفاتيح الداخلية والخارجية، في حين تشير المعلومات الأولية أنّ من كان هناك ساعة وقوع الحادثة مدير الآثار وموظف آخر في المتحف بينما كان الأمين كما أشرنا سابقاً في بلده ولم يتمكن يومها من التواجد في المتحف بسبب الحصار القائم في حماه على حدّ قوله.

لا تزال التحقيقات حتى اللحظة جارية دون معرفة الفاعل غير أننا نريد أن نسأل أين الحماية المفترض أن تكون موجودة في هذا الظرف لاسيما أنّ متاحف أخرى قبل متحف حماه كما في درعا تعرّضت للتهديد ساعة وللتخريب ساعة أخرى، فما الذي يتحمّل المسئولية

مدير عام الآثار والمتاحف الدكتور بسام جاموس يجيب بالتالي:

" الحماية توفرت من قبل قوات حفظ النظام واللجان الشعبية لكن أي حماية والسرقة من داخل المتحف، البعض استغل الفوضى والفلتان الأمني وفعل ما فعل"، وأضاف جاموس أنّ لا الاتهام يطال الجميع بما فيهم مدير آثار حماه والمراسلات ستكشف ذلك، معتبراً أنّ عملهم يواجه اليوم صعوبات شتى خاصة في مناطق التوتر.

في سياق متصل تحدّث المدير السابق لآثار حماه ـ رفض الكشف عن اسمه ـ أنّ السرقة حدثت بينما لم يكن أحد من الحراس متواجداً في المتحف بسبب الظرف الأمني في حماة يومها، ومع ذلك أوقف البعض منهم، بينما يشير "جاموس" إلى ملفات الفساد التي أوقفت المدير السابق عن عمله وأحيل إلى المحاكمة فأي اتهام يحق له توجيهه وعلى حدّ قوله: " على الصحافة ألا تسمع لجهة واحدة أسالي وفاء شباط مدير الرقابة في المديرية عنه وكيف أقيل من منصبه بسبب ارتكابه مخالفات شنيعة". في حين يوضح مصدر آخر أنّ جاموس يقول كلامه هذا انطلاقاً من أحقاد شخصية.

لا يسعنا في هذه اللحظة سوى التأمل بتحقيقات نظيفة ونزيهة تستطيع أن تعرف من سرق تاريخ بلادنا وإرثه الحضاري، أنه تمثال آرامي مكسو بالذهب، لا يجب السكوت على الجريمة، نعم جريمة وضيعة أن يقوم شخص ما بسرقة آثار البلاد وهي تمر بأصعب الظروف ثم يرمي الاتهامات جزافاً هنا وهناك فيضيع الصالح بالطالح، نحن نطالب بتحقيق نزيه كي لا تتكرر الحادثة في متاحف أخرى.

يذكر أنه قبل سنوات حدثت سرقة في مديرية آثار اللاذقية وشكلت يومها لجان تحقيق في الأمر لم تتوصل إلى الفاعل إلى يومنا هذا، وأيضاً كانت سرقة تمثال!!

 

 

  • فريق ماسة
  • 2011-07-23
  • 5304
  • من الأرشيف

سرقة تمثال ذهبي نادر من متحف حماة الوطني

بدأت الحكاية عندما أرسل مدير آثار حماه كتاباً إلى الجهات المعنية يطلب فيه سيارة مصفحة لنقل كافة المقتنيات الثمينة في متحف حماه الوطني على وجه السرعة من أجل حمايتها من أي تعّرض في ظل حالة الانفلات الأمني والعصيان المدني الذي تعيشه المدينة منذ اليوم الثالث عشر من هذا الشهر. عقب ذلك بيوم واحد فقط أي بتاريخ 14/7/2011علمت وزارة الثقافة أنّ سرقة ما وقعت في المتحف، الذي لم يشهد أي عملية اعتداء أو تخريب طيلة فترة الاضطرابات في حماة، في ذاك اليوم بينما كان أمين المتحف الوطني في بلده الأم في "مصياف" سرق تمثال ذهبي يمثل إله آرامي يعود للقرن الثامن للميلاد وأثبتت الدراسات قيمته العلمية العالية، لنعلم بعدها أنّ متاحفنا جميعها تتعّرض للانتهاك وأعمال التخريب، في سياق ما تعيشه البلاد من حركة اضطرابات واسعة، فمتحف بصرى الشام في محافظة درعا أغلق بعدما حاول البعض من المتظاهرين الاعتداء عليه، ومتحف إدلب الوطني تعرّض لانتهاك منعه أهالي المجتمع المحلي في المدينة وإلا لحدث ما لا يحمد عقباه بحسب ما ذكرت مديرة شؤون المتاحف التي لم تعلم بالسرقة في متحف حماة بسبب تواجدها خارج القطر! واليوم نرى متحف حماة الوطني وقد أوقف كل من فيه بدءاً من: أمينه راكان سليمان مروراً بحارس القاعات فايز حماد وانتهاء بمراقب المتحف عبد الله الرحمون، أوقفوا على ذمة التحقيق الجاري على يد قائد شرطة حماة والأمن الجنائي، حيث الاتهامات تطال الجميع في المتحف، كما بيّن تقرير صادر عن الجهتين. الاتهام والاتهام المضاد ما يرسم المشهد في المتحف، فتقارير الأمن الجنائي أثبتت، بحسب ما قاله مدير آثار حماه أنّ السرقة حدثت من داخل المتحف فليس هناك أي كسر أو خلع لأبواب المتحف وأنّ المسئول عن فقدان التمثال بلا شك هم موظفي المتحف ممن يملكون المفاتيح الداخلية والخارجية، في حين تشير المعلومات الأولية أنّ من كان هناك ساعة وقوع الحادثة مدير الآثار وموظف آخر في المتحف بينما كان الأمين كما أشرنا سابقاً في بلده ولم يتمكن يومها من التواجد في المتحف بسبب الحصار القائم في حماه على حدّ قوله. لا تزال التحقيقات حتى اللحظة جارية دون معرفة الفاعل غير أننا نريد أن نسأل أين الحماية المفترض أن تكون موجودة في هذا الظرف لاسيما أنّ متاحف أخرى قبل متحف حماه كما في درعا تعرّضت للتهديد ساعة وللتخريب ساعة أخرى، فما الذي يتحمّل المسئولية مدير عام الآثار والمتاحف الدكتور بسام جاموس يجيب بالتالي: " الحماية توفرت من قبل قوات حفظ النظام واللجان الشعبية لكن أي حماية والسرقة من داخل المتحف، البعض استغل الفوضى والفلتان الأمني وفعل ما فعل"، وأضاف جاموس أنّ لا الاتهام يطال الجميع بما فيهم مدير آثار حماه والمراسلات ستكشف ذلك، معتبراً أنّ عملهم يواجه اليوم صعوبات شتى خاصة في مناطق التوتر. في سياق متصل تحدّث المدير السابق لآثار حماه ـ رفض الكشف عن اسمه ـ أنّ السرقة حدثت بينما لم يكن أحد من الحراس متواجداً في المتحف بسبب الظرف الأمني في حماة يومها، ومع ذلك أوقف البعض منهم، بينما يشير "جاموس" إلى ملفات الفساد التي أوقفت المدير السابق عن عمله وأحيل إلى المحاكمة فأي اتهام يحق له توجيهه وعلى حدّ قوله: " على الصحافة ألا تسمع لجهة واحدة أسالي وفاء شباط مدير الرقابة في المديرية عنه وكيف أقيل من منصبه بسبب ارتكابه مخالفات شنيعة". في حين يوضح مصدر آخر أنّ جاموس يقول كلامه هذا انطلاقاً من أحقاد شخصية. لا يسعنا في هذه اللحظة سوى التأمل بتحقيقات نظيفة ونزيهة تستطيع أن تعرف من سرق تاريخ بلادنا وإرثه الحضاري، أنه تمثال آرامي مكسو بالذهب، لا يجب السكوت على الجريمة، نعم جريمة وضيعة أن يقوم شخص ما بسرقة آثار البلاد وهي تمر بأصعب الظروف ثم يرمي الاتهامات جزافاً هنا وهناك فيضيع الصالح بالطالح، نحن نطالب بتحقيق نزيه كي لا تتكرر الحادثة في متاحف أخرى. يذكر أنه قبل سنوات حدثت سرقة في مديرية آثار اللاذقية وشكلت يومها لجان تحقيق في الأمر لم تتوصل إلى الفاعل إلى يومنا هذا، وأيضاً كانت سرقة تمثال!!    

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة