يبدو أن مخطط استهداف الاستقرار في سورية وصل إلى خواتيمه غير المرجوة بالنسبة إلى واضعيه وأدواته، فبعد أن استنفدت أوراق هذا المخطط، من خلال فشل زج المناطق السورية في فتنة مذهبية، ومحاولة شق الجيش،

وعدم التمكن من إقامة بؤرة أمنية كقاعدة لانطلاق المخربين إلى العمق السوري، عندها لجأ أصحاب المخطط إلى استخدام ورقة مبتذلة، جُرّبت سابقاً ولم تؤدِّ دورها، وهي محاولة زعزعة الاقتصاد السوري، والتي تصدت لها الدولة بإسهام كبير من الشعب، الذي هبّ بغالبيته إلى المصارف لفتح حسابات بالعملة الوطنية، حافظاً عليها، وتحصيناً لاقتصاد بلدهم.

وبما أن مادة المازوت هي من السلع الاستهلاكية الأساسية بالنسبة إلى السوريين، حاولت بعض الأدوات من خارج الحدود افتعال أزمة نقص في المادة المذكورة، وذلك عبر تهريبها إلى الأراضي اللبنانية، بهدفين:

الأول: إيجاد أزمة اقتصادية - معيشية، ومحاولة تأليب الرأي العام ضد الدولة تحت عنوان معيشي، وذات مضمون سياسي بامتياز، لإنهاك سورية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

الثاني: تحقيق الأرباح الوفيرة، واستغلال دعم الحكومة السورية لمادة المازوت، الأمر الذي أدى إلى فارق كبير في سعرها بين سورية ولبنان.

غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل كسابقاتها، فاصطدمت بحائط انتشار الجيش السوري في المناطق الحدودية من الهرمل إلى العريضة، وفق خطة لضبط الحدود ومنع عمليات التهريب من سورية الى لبنان وبالعكس.

وعند قيام بعض المهربين بعملياتهم المعتادة، اشتبكوا مع الجيش في منطقتي المشارفة - هيت والقصيّر الحدوديتين، على خلفية تهريب تبغ وسجائر في الأولى، ومازوت في الثانية، ما أدى إلى وقوع قتيلين ونزوح بعض الاهالي في اتجاه قرى وادي خالد، حسب المعلومات المتوافرة لـ"الثبات".

 

هنا وجد تيار "المستقبل" فرصةً لتنفيذ الخطة التي اتفق عليها في اجتماع "الرامة"، والذي ضم نائباً مستقبلياً من عكار، معين المرعبي وبعض السلفيين اللبنانيين والهاربين من سورية، والرامية الى خلق فتنة في منطقة "القصير" ذات التنوع المذهبي، تتبعها "حركة نزوح" مركبة إلى لبنان، تواكَب إعلامياً، بهدف إيهام الرأي العام العالمي أن العلويين في سورية يمارسون التنكيل في حق أهل السنة بدعم من الحكم، في محاولة لتأجيج الخلاف المذهبي، وتأليب الشارع السني ضد النظام، وإثارة البلبلة لإنهاك الدولة، وضرب معنويات المواطنين، وزعزعة ثقتهم بقيادتهم، وكعادتها كانت بعض وسائل الاعلام جاهزة لتضخيم حوادث التهريب وتصويرها على أنها عملية نزوح.

يتضح من هذا السياق أن الخطة التي عُمل لها هدفها إعادة خلق بؤرة توتر على الحدود السورية - اللبنانية الشمالية، وإطلاق حملة شائعات كبرى، وتضليل الرأي العام، ومن يتابع تصريحات "المستقبل" وحلفائه يرى فصلاً من البروباغندا الإعلامية الطائشة، حيث إن غالبيتها ربطت عمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بمصير الحكم في دمشق، كما أكدت غالبيتها على أن إسقاط الحكومة هدفها الأساس راهناً، وستسخدم المعارضة كل الوسائل لتحقيق هذه الغاية، والسؤال المطروح هنا: ألا يدل هذا الربط أن اسقاط الحكومة في لبنان واستهداف الحكم في سورية هدف واحد بالنسبة إلى الحريريين وحلفائهم في سبيل العودة إلى السلطة، إضافة إلى الاتكاء على المشاريع الخارجية؟!

في المحصلة، يبقى أن الرهان على المخططات الخارجية يشبه إلى حد كبير لعبة الميسر، ولا يجوز وضع مصير لبنان على طاولة القمار، لإشباع رغبات شخصية وهي العودة إلى السلطة ليس إلا، فالشعوب التي تفتقد إلى الذاكرة الجماعية تكرر الأخطاء نفسها، وعلى "المستقبل" تنشيط ذاكرته.

حسان الحسن- الثبات

  • فريق ماسة
  • 2011-07-20
  • 10689
  • من الأرشيف

مطاردة مهربين تحولت إلى "أزمة نازحين"

  يبدو أن مخطط استهداف الاستقرار في سورية وصل إلى خواتيمه غير المرجوة بالنسبة إلى واضعيه وأدواته، فبعد أن استنفدت أوراق هذا المخطط، من خلال فشل زج المناطق السورية في فتنة مذهبية، ومحاولة شق الجيش، وعدم التمكن من إقامة بؤرة أمنية كقاعدة لانطلاق المخربين إلى العمق السوري، عندها لجأ أصحاب المخطط إلى استخدام ورقة مبتذلة، جُرّبت سابقاً ولم تؤدِّ دورها، وهي محاولة زعزعة الاقتصاد السوري، والتي تصدت لها الدولة بإسهام كبير من الشعب، الذي هبّ بغالبيته إلى المصارف لفتح حسابات بالعملة الوطنية، حافظاً عليها، وتحصيناً لاقتصاد بلدهم. وبما أن مادة المازوت هي من السلع الاستهلاكية الأساسية بالنسبة إلى السوريين، حاولت بعض الأدوات من خارج الحدود افتعال أزمة نقص في المادة المذكورة، وذلك عبر تهريبها إلى الأراضي اللبنانية، بهدفين: الأول: إيجاد أزمة اقتصادية - معيشية، ومحاولة تأليب الرأي العام ضد الدولة تحت عنوان معيشي، وذات مضمون سياسي بامتياز، لإنهاك سورية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. الثاني: تحقيق الأرباح الوفيرة، واستغلال دعم الحكومة السورية لمادة المازوت، الأمر الذي أدى إلى فارق كبير في سعرها بين سورية ولبنان. غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل كسابقاتها، فاصطدمت بحائط انتشار الجيش السوري في المناطق الحدودية من الهرمل إلى العريضة، وفق خطة لضبط الحدود ومنع عمليات التهريب من سورية الى لبنان وبالعكس. وعند قيام بعض المهربين بعملياتهم المعتادة، اشتبكوا مع الجيش في منطقتي المشارفة - هيت والقصيّر الحدوديتين، على خلفية تهريب تبغ وسجائر في الأولى، ومازوت في الثانية، ما أدى إلى وقوع قتيلين ونزوح بعض الاهالي في اتجاه قرى وادي خالد، حسب المعلومات المتوافرة لـ"الثبات".   هنا وجد تيار "المستقبل" فرصةً لتنفيذ الخطة التي اتفق عليها في اجتماع "الرامة"، والذي ضم نائباً مستقبلياً من عكار، معين المرعبي وبعض السلفيين اللبنانيين والهاربين من سورية، والرامية الى خلق فتنة في منطقة "القصير" ذات التنوع المذهبي، تتبعها "حركة نزوح" مركبة إلى لبنان، تواكَب إعلامياً، بهدف إيهام الرأي العام العالمي أن العلويين في سورية يمارسون التنكيل في حق أهل السنة بدعم من الحكم، في محاولة لتأجيج الخلاف المذهبي، وتأليب الشارع السني ضد النظام، وإثارة البلبلة لإنهاك الدولة، وضرب معنويات المواطنين، وزعزعة ثقتهم بقيادتهم، وكعادتها كانت بعض وسائل الاعلام جاهزة لتضخيم حوادث التهريب وتصويرها على أنها عملية نزوح. يتضح من هذا السياق أن الخطة التي عُمل لها هدفها إعادة خلق بؤرة توتر على الحدود السورية - اللبنانية الشمالية، وإطلاق حملة شائعات كبرى، وتضليل الرأي العام، ومن يتابع تصريحات "المستقبل" وحلفائه يرى فصلاً من البروباغندا الإعلامية الطائشة، حيث إن غالبيتها ربطت عمر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بمصير الحكم في دمشق، كما أكدت غالبيتها على أن إسقاط الحكومة هدفها الأساس راهناً، وستسخدم المعارضة كل الوسائل لتحقيق هذه الغاية، والسؤال المطروح هنا: ألا يدل هذا الربط أن اسقاط الحكومة في لبنان واستهداف الحكم في سورية هدف واحد بالنسبة إلى الحريريين وحلفائهم في سبيل العودة إلى السلطة، إضافة إلى الاتكاء على المشاريع الخارجية؟! في المحصلة، يبقى أن الرهان على المخططات الخارجية يشبه إلى حد كبير لعبة الميسر، ولا يجوز وضع مصير لبنان على طاولة القمار، لإشباع رغبات شخصية وهي العودة إلى السلطة ليس إلا، فالشعوب التي تفتقد إلى الذاكرة الجماعية تكرر الأخطاء نفسها، وعلى "المستقبل" تنشيط ذاكرته. حسان الحسن- الثبات

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة