أغلقت الولايات المتحدة بهدوء شديد ملف التعذيب الأسود والمتورط فيه رجال الـ "سي . آي أيه" خلال حروب أمريكا الأخيرة في العالم الإسلامي (أفغانستان والعراق) وذراً للرماد أعلنت وزارة العدل الأمريكية على لسان مسؤولها الأول إيريك هولدر أن قضيتين متعلقتين بوفاة أفغاني وعراقي الأول في أحد البؤر السوداء أو السجون السرية للـ CIA حول العالم والثاني عراقي مات في سجن أبو غريب .

ووفق الذي تسرب عن القضيتين اللتين يعتزم أن تنظر فيهما محكمة فيدرالية بولاية فرجينيا على بعد 20 دقيقة بالسيارة من البيت الأبيض فإن طريقة سرد كيفية وفاة المعتقلين بدت وكأن المسؤول عنها إما حراس أفغان أو أشخاص آخرون من الـ "سي . آي إيه" واحتمالات إدانتهم غير مؤكدة .

وإلى جانب التفاصيل البشعة لوفاتهما قالت صحيفة الخليج إن إدارة أوباما أعلنت أن باقي القضايا وعددها 122 قضية متورط بها رجال الاستخبارات المركزية (سي . آي . إيه) والمتعاقدين قد تم إغلاقها نهائياً لعدم التوصل إلى أدلة لإدانة هؤلاء، بمعنى آخر أن إدارة أوباما قدمت قضيتين مشكوكاً في احتمالية عقاب المسؤول عنهما ككبش فداء ليس فقط ل 122 ملف تعذيب، ولكن للمئات بل ربما آلاف من ملفات التعذيب ومنها التعذيب حتى الموت التي سيتم دفنها وربما للأبد .

هذا بالنسبة إلى وكالة الاستخبارات المركزية، أما بالنسبة إلى مسؤولية المتعاقدين لا سيما مجرمو ومهووسو شركة بلاك ووتر وجرائمهم في العراق في أماكن أخرى من العالمين العربي والإسلامي وكذلك تورط العسكر الأمريكيين معهم، فلا فرصة حالية متاحة لفتح هذه الملفات مجدداً بما فيها ملفات التعذيب في سجن أبو غريب، حيث قام محققون أمريكيون بتعليق العراقي منادل الجامدي في وضع مؤلم بقضبان نافذة حمام السجن حتى الموت، وكان تم اعتقاله في تشرين الثاني 2003 من قبل القوات الخاصة للبحرية الأمريكية التي اتهمته بالمسؤولية عن تفجير قنبلة في بغداد، وبعد الاستجواب المبدئي سلموه لرجال وكالة الاستخبارات الأمريكية التي نقلته إلى سجن أبوغريب لاستجوابه بطرقهم الخاصة، والتي تسببت في وفاته، حيث تعمدوا دفن جثته في مكان مجهول حتى اليوم .

أما الأفغاني جول رحمن فقد اعتقل عام 2002 ووضع في موقع سري للـ "سي .آي .إيه" ويعرف بسجن حفرة الملح، وهناك أصدر ثلاثة ضباط بالـ "سي .آي .إيه" أوامرهم للحراس الأفغان حسب أوراق القضية فجردوا رحمن من ملابسه تماماً وتم تصفيده بالسلاسل عارياً على أرضية السجن الأسمنتية، حيث اكتشفوا لاحقاً وفاته متجمداً وذلك في نوفمبر 2002 .

هاتان القضيتان نظرتا لوجود بعض الأوراق المكتوبة أو المسجلة، ووجود شهود سواء في سجن أبوغريب أو في السجن السري الأفغاني .

أما بقية حالات التعذيب الصارخة التي هزت الرأي العام العالمي لبشاعتها، فهي تظل كقمة الجليد بالنسبة إلى الواقع الذي سربه معتقلو أبو غريب وضحايا الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وفي دول عربية وأنظمة سابقة كانت الولايات المتحدة تستخدمها لتعذيب معتقلين مشتبه في تورطهم بالإرهاب.

أما الآن وبقيام الولايات المتحدة بإغلاق ملفها الأسود في التعذيب على الورق فقد تكون قامت فعلاً بحماية رجالها المتورطين، على الورق وفي السجلات الرسمية، لكن من غير المتوقع أن تستطيع محو سجلها الأسود هذا، الذي يحتاج إلى توثيق وتسجيل من قبل المعنيين بحقوق الإنسان ومن قبل ضحايا التعذيب الأمريكي (الحي منهم) وأهالي من اختفى للأبد أو مات بيد جلاديه ويبدو أن ذلك سيتم بالفعل رغم محاربة كثيرين في واشنطن له، ولعل تصريح مسؤولي اتحاد الحريات المدنية الأمريكية الذي عبروا فيه عن خيبة أملهم، من إغلاق هذا الملف بعد سنوات منذ أن قام مسؤولو إدارة بوش بإصدار أوامر لتفعيل برامج استجواب شديدة القسوة (أي استخدام التعذيب) للحصول على معلومات وذلك في خرق للقانون الدولي وقانون الولايات المتحدة، لعل هذا التصريح رغم لهجته الهادئة يكون البداية لتحرك دولي حقوقي لتسجيل وتأريخ الجرائم الأمريكية في حروبها المفتعلة في العراق وأفغانستان .

 

  • فريق ماسة
  • 2011-07-02
  • 11088
  • من الأرشيف

الولايات المتحدة تغلق إلى الأبد ملفات تعذيب ارتكبتها الـ"سي .آي . إيه"

  أغلقت الولايات المتحدة بهدوء شديد ملف التعذيب الأسود والمتورط فيه رجال الـ "سي . آي أيه" خلال حروب أمريكا الأخيرة في العالم الإسلامي (أفغانستان والعراق) وذراً للرماد أعلنت وزارة العدل الأمريكية على لسان مسؤولها الأول إيريك هولدر أن قضيتين متعلقتين بوفاة أفغاني وعراقي الأول في أحد البؤر السوداء أو السجون السرية للـ CIA حول العالم والثاني عراقي مات في سجن أبو غريب . ووفق الذي تسرب عن القضيتين اللتين يعتزم أن تنظر فيهما محكمة فيدرالية بولاية فرجينيا على بعد 20 دقيقة بالسيارة من البيت الأبيض فإن طريقة سرد كيفية وفاة المعتقلين بدت وكأن المسؤول عنها إما حراس أفغان أو أشخاص آخرون من الـ "سي . آي إيه" واحتمالات إدانتهم غير مؤكدة . وإلى جانب التفاصيل البشعة لوفاتهما قالت صحيفة الخليج إن إدارة أوباما أعلنت أن باقي القضايا وعددها 122 قضية متورط بها رجال الاستخبارات المركزية (سي . آي . إيه) والمتعاقدين قد تم إغلاقها نهائياً لعدم التوصل إلى أدلة لإدانة هؤلاء، بمعنى آخر أن إدارة أوباما قدمت قضيتين مشكوكاً في احتمالية عقاب المسؤول عنهما ككبش فداء ليس فقط ل 122 ملف تعذيب، ولكن للمئات بل ربما آلاف من ملفات التعذيب ومنها التعذيب حتى الموت التي سيتم دفنها وربما للأبد . هذا بالنسبة إلى وكالة الاستخبارات المركزية، أما بالنسبة إلى مسؤولية المتعاقدين لا سيما مجرمو ومهووسو شركة بلاك ووتر وجرائمهم في العراق في أماكن أخرى من العالمين العربي والإسلامي وكذلك تورط العسكر الأمريكيين معهم، فلا فرصة حالية متاحة لفتح هذه الملفات مجدداً بما فيها ملفات التعذيب في سجن أبو غريب، حيث قام محققون أمريكيون بتعليق العراقي منادل الجامدي في وضع مؤلم بقضبان نافذة حمام السجن حتى الموت، وكان تم اعتقاله في تشرين الثاني 2003 من قبل القوات الخاصة للبحرية الأمريكية التي اتهمته بالمسؤولية عن تفجير قنبلة في بغداد، وبعد الاستجواب المبدئي سلموه لرجال وكالة الاستخبارات الأمريكية التي نقلته إلى سجن أبوغريب لاستجوابه بطرقهم الخاصة، والتي تسببت في وفاته، حيث تعمدوا دفن جثته في مكان مجهول حتى اليوم . أما الأفغاني جول رحمن فقد اعتقل عام 2002 ووضع في موقع سري للـ "سي .آي .إيه" ويعرف بسجن حفرة الملح، وهناك أصدر ثلاثة ضباط بالـ "سي .آي .إيه" أوامرهم للحراس الأفغان حسب أوراق القضية فجردوا رحمن من ملابسه تماماً وتم تصفيده بالسلاسل عارياً على أرضية السجن الأسمنتية، حيث اكتشفوا لاحقاً وفاته متجمداً وذلك في نوفمبر 2002 . هاتان القضيتان نظرتا لوجود بعض الأوراق المكتوبة أو المسجلة، ووجود شهود سواء في سجن أبوغريب أو في السجن السري الأفغاني . أما بقية حالات التعذيب الصارخة التي هزت الرأي العام العالمي لبشاعتها، فهي تظل كقمة الجليد بالنسبة إلى الواقع الذي سربه معتقلو أبو غريب وضحايا الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وفي دول عربية وأنظمة سابقة كانت الولايات المتحدة تستخدمها لتعذيب معتقلين مشتبه في تورطهم بالإرهاب. أما الآن وبقيام الولايات المتحدة بإغلاق ملفها الأسود في التعذيب على الورق فقد تكون قامت فعلاً بحماية رجالها المتورطين، على الورق وفي السجلات الرسمية، لكن من غير المتوقع أن تستطيع محو سجلها الأسود هذا، الذي يحتاج إلى توثيق وتسجيل من قبل المعنيين بحقوق الإنسان ومن قبل ضحايا التعذيب الأمريكي (الحي منهم) وأهالي من اختفى للأبد أو مات بيد جلاديه ويبدو أن ذلك سيتم بالفعل رغم محاربة كثيرين في واشنطن له، ولعل تصريح مسؤولي اتحاد الحريات المدنية الأمريكية الذي عبروا فيه عن خيبة أملهم، من إغلاق هذا الملف بعد سنوات منذ أن قام مسؤولو إدارة بوش بإصدار أوامر لتفعيل برامج استجواب شديدة القسوة (أي استخدام التعذيب) للحصول على معلومات وذلك في خرق للقانون الدولي وقانون الولايات المتحدة، لعل هذا التصريح رغم لهجته الهادئة يكون البداية لتحرك دولي حقوقي لتسجيل وتأريخ الجرائم الأمريكية في حروبها المفتعلة في العراق وأفغانستان .  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة