خلال الاجتماع الاول للاقطاب الموارنة في بكركي طرح البطريرك الراعي سؤالاً من خارج جدول الاعمال الذي كان مثقلاً بالتاملات والصلوات والمجاملات: ما هو الموقف الذي يجب ان يلتزمه الموارنة في لبنان من الازمة السورية ؟دافع كل من الجنرال عون والوزير فرنجية عن وجهة نظرهما، المعلنة منذ نشوب الازمة، بان تداعيات التغيير في سورية ستكون كارثية على المسيحيين في سوريا ولبنان لان البديل المتوقع سيكون الاخوان المسلمين الذين يتشاركون مع حزب التحرير اللبناني نفس النظرة للنصارى وللكيانات العربية. بالاضافة الى ان المطلوب، بحسب الجنرال، من سوريا ابعد من تغيير ديموقراطي واستبدال حكم الحزب الواحد بتعددية الاحزاب والتيارات التي من ضمنها الاسلاميين بل ان المطلوب هو انتاج نظام حكم ينضوي في الجبهة المعادية لايران ولحزب الله ويتبنى وجهة النظر الاميركية للصراع العربي الاسرائيلي بكل طروحاتها ونتائجها، وليس اقلها التوطين والغاء حق العودة والقبول بيهودية الدولة الاسرائيلية واعتماد القدس عاصمة موحدة وابدية لاسرائيل، ولا يمكن لاي سلطة سورية ان تدخل في هذا المحور الا اذا كانت تابعة سياسياً ودينياً للمحور السني الذي تبنى الطروحات القائلة بان العدو الاول للعرب السنة هوالنظام الشيعي في ايران وليس اسرائيل.هذا فيما لو انتهت الثورة كما انتهت اليه في تونس ومصر ولكن واقع النسيج الاجتماعي السوري التعددي يفرض سيناريوهات مشابهة للوضع العراقي الآيل الى التقسيم كخيار مرجح وقريب، فالبلدان التي تضم تعددية في تركيبتها الديموغرافية تؤدي فيها الثورات الى التقسيم والتشظي بعد نشوب حروب اهلية تسعرالفروقات والتباينات وتجعل العيش المشترك مستحيلاً وتنمي الرغبة بالانفصال والاستئثار بمقدرات الوطن الواحد كلٌ لمصلحته.

اما في المقلب الثاني فسارع الرئيس الجميل الى تقديم مطالعة مختصرة اكد فيها بان المصلحة المارونية والمسيحية تقتضي استمرار الحكم في سورية لان التجربة اثبتت قربه من العلمانية وتعاونه مع الاقلية المسيحية من خلال اعطائها ادواراً مميزة في مؤسساته الدستورية والامنية. بالاضافة لقناعة تبينها بعد زيارته الاخيرة لمصر حيث ثبت لديه بان ما جرى ويجري حتى في مصر يؤكد بان تنظيم الاخوان المسلمين هو الطرف الوحيد القادر على قيادة جبهة موحدة مقابل ضياع وتشتت كامل لباقي الاطراف الاخرى على ساحة ما كان يسمى بالمعارضة المصرية، فكيف بالحري في سوريا حيث لا يوجد اصلاً معارضة سوى الاخوان وتنظيمهم الذي يلقى دعماً اقليمياً, وكل ما يحكى عن فريق يسمى "ربيع دمشق" هو اشباح وخيالات لا تلقى لها على ارض الواقع اي تاثير او وجود.

اما الدكتور جعجع فسارع بدايةً الى تبني ما سماها "الثورة السورية" بكل مدلولاتها واسبابها ومسبباتها مروجاً بشكل حماسي للديموقراطية التي ستسود الجارة الشقيقة نتيجةً لهزيمة الحزب الواحد ووصول ممثلي الشعب السوري الذي يشكل السنة سبعين بالمئة منهم، ولكنه عاد وخفف من اندفاعته بعد ان عجز عن الاجابة عندما سُئل عن البديل المطروح او المرشح،فقد تعامل الدكتور جعجع مع هذا السؤال كانه يسأل ويجيب نفسه. فالبديل عن البعث هم الاخوان المسلمين نظراً للضعف الذي يصيب كافة الفرقاء الاخرين الذين لا تجمعهم قيادة موحدة، تملك نظرةً واقعية ومستقبلية لادارة بلد كسوريا ولا يملكون اية هيكليات تنظيمية تخولهم منافسة النفوذ الاسلامي المتشدد فضلاً عن ان الدعم السعودي السلفي لهذه "الثورة" – فيما لو نجحت– سيترجم قيادةً قريبة من السعودية دينياً وسياسياً. وعندما اسقط هذا التحليل على الواقع اللبناني اجاب نفسه بان ما هو متوفر في سوريا حالياً يؤمن المصلحة المسيحية - السورية والمسيحية – اللبنانية ومن الافضل التعايش مع واقعٍ معلومٍ، من الرهان على خياراتٍ مجهولةٍ احلاها مر.

خلاصات واقعية سجلها زعماء الموارنة الاربعة ومرجعيتهم الدينية نافخين في لبن الازمة الشرق اوسطية والاتكال على السياسة الاميركية لانهم اكتووا بنار مشاريعها وتطميناتها ووعودها ومصالحها واولوياتها. فالبيض الذي وضعه المسيحييون، وعلى راسهم امين الجميل، في السلال الاميركية في اوائل الثمانينات انتهى مكسراً على طاولة التسويات يوم كانت مصلحة اميركا واسرائيل تتلاقى مع تلك السورية في النظرة لمجريات الازمة اللبنانية.

وعادت الكارثة لتحل رحالها في العراق الذي دفع مسيحيوه وما يزالون ضريبة التحالف الكردي- الاميركي الذي كلفهم تهجيراً تاريخياً من مهد المسيحية المشرقية والرسالة النصرانية ارض ما بين النهرين الى الاصقاع البعيدة مقدمين لهم تاشيرات هجرة وتهجير لان لا حجمهم ولا موقعهم يفيد السياسة الاميركية المرسومة للعراق بشيء.وتاتي السياسة الاميركية الحالية المتضاربة مصلحياً مع سوريا وايران لتحاول إدخال لبنان عامة والمسيحيين خاصة في اصطفاف مذهبي يشكلون فيه الطرف الاضعف من خلال استعداء النظام السوري والشريحة اللبنانية الشيعية الكبيرة والمسلحة، خدمة لمشروعٍ سنيٍ سلفيٍ يتقاطع مع المصالح الاسرائيلية في محاولات لاستنساخ تجربة تركية الطورانية - الاسلامية التي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية مع اسرائيل متناسيةً بان طبيعة العلاقات بين اسرائيل وتركيا لا تتعلق بواقعها الاسلامي فقط بل بموقعها الجيوبوليتيكي وخصوصيتها الاتنية واهميتها في طرف القارة الاوروبية، تماما كواقع الخصوصية الايرانية الفارسية التي تشهد حالياً صراعاً مع السياسات الاميركية – الاسرائيلية علماً بان متغيرات السياسة العالمية قد تعيد انتاج علاقات اميركية - فارسية واسرائيلية – فارسية تماماً كالتي ربطت لعقود مصالحهم بعضها ببعض قبل الثورة الاسلامية الايرانية.

 

  • فريق ماسة
  • 2011-06-07
  • 9150
  • من الأرشيف

الازمة في سورية.. جعلت زعماء المورانة قي لبنان .. يتفقون بالخطر على المسيحية في لبنان وسورية

  خلال الاجتماع الاول للاقطاب الموارنة في بكركي طرح البطريرك الراعي سؤالاً من خارج جدول الاعمال الذي كان مثقلاً بالتاملات والصلوات والمجاملات: ما هو الموقف الذي يجب ان يلتزمه الموارنة في لبنان من الازمة السورية ؟دافع كل من الجنرال عون والوزير فرنجية عن وجهة نظرهما، المعلنة منذ نشوب الازمة، بان تداعيات التغيير في سورية ستكون كارثية على المسيحيين في سوريا ولبنان لان البديل المتوقع سيكون الاخوان المسلمين الذين يتشاركون مع حزب التحرير اللبناني نفس النظرة للنصارى وللكيانات العربية. بالاضافة الى ان المطلوب، بحسب الجنرال، من سوريا ابعد من تغيير ديموقراطي واستبدال حكم الحزب الواحد بتعددية الاحزاب والتيارات التي من ضمنها الاسلاميين بل ان المطلوب هو انتاج نظام حكم ينضوي في الجبهة المعادية لايران ولحزب الله ويتبنى وجهة النظر الاميركية للصراع العربي الاسرائيلي بكل طروحاتها ونتائجها، وليس اقلها التوطين والغاء حق العودة والقبول بيهودية الدولة الاسرائيلية واعتماد القدس عاصمة موحدة وابدية لاسرائيل، ولا يمكن لاي سلطة سورية ان تدخل في هذا المحور الا اذا كانت تابعة سياسياً ودينياً للمحور السني الذي تبنى الطروحات القائلة بان العدو الاول للعرب السنة هوالنظام الشيعي في ايران وليس اسرائيل.هذا فيما لو انتهت الثورة كما انتهت اليه في تونس ومصر ولكن واقع النسيج الاجتماعي السوري التعددي يفرض سيناريوهات مشابهة للوضع العراقي الآيل الى التقسيم كخيار مرجح وقريب، فالبلدان التي تضم تعددية في تركيبتها الديموغرافية تؤدي فيها الثورات الى التقسيم والتشظي بعد نشوب حروب اهلية تسعرالفروقات والتباينات وتجعل العيش المشترك مستحيلاً وتنمي الرغبة بالانفصال والاستئثار بمقدرات الوطن الواحد كلٌ لمصلحته. اما في المقلب الثاني فسارع الرئيس الجميل الى تقديم مطالعة مختصرة اكد فيها بان المصلحة المارونية والمسيحية تقتضي استمرار الحكم في سورية لان التجربة اثبتت قربه من العلمانية وتعاونه مع الاقلية المسيحية من خلال اعطائها ادواراً مميزة في مؤسساته الدستورية والامنية. بالاضافة لقناعة تبينها بعد زيارته الاخيرة لمصر حيث ثبت لديه بان ما جرى ويجري حتى في مصر يؤكد بان تنظيم الاخوان المسلمين هو الطرف الوحيد القادر على قيادة جبهة موحدة مقابل ضياع وتشتت كامل لباقي الاطراف الاخرى على ساحة ما كان يسمى بالمعارضة المصرية، فكيف بالحري في سوريا حيث لا يوجد اصلاً معارضة سوى الاخوان وتنظيمهم الذي يلقى دعماً اقليمياً, وكل ما يحكى عن فريق يسمى "ربيع دمشق" هو اشباح وخيالات لا تلقى لها على ارض الواقع اي تاثير او وجود. اما الدكتور جعجع فسارع بدايةً الى تبني ما سماها "الثورة السورية" بكل مدلولاتها واسبابها ومسبباتها مروجاً بشكل حماسي للديموقراطية التي ستسود الجارة الشقيقة نتيجةً لهزيمة الحزب الواحد ووصول ممثلي الشعب السوري الذي يشكل السنة سبعين بالمئة منهم، ولكنه عاد وخفف من اندفاعته بعد ان عجز عن الاجابة عندما سُئل عن البديل المطروح او المرشح،فقد تعامل الدكتور جعجع مع هذا السؤال كانه يسأل ويجيب نفسه. فالبديل عن البعث هم الاخوان المسلمين نظراً للضعف الذي يصيب كافة الفرقاء الاخرين الذين لا تجمعهم قيادة موحدة، تملك نظرةً واقعية ومستقبلية لادارة بلد كسوريا ولا يملكون اية هيكليات تنظيمية تخولهم منافسة النفوذ الاسلامي المتشدد فضلاً عن ان الدعم السعودي السلفي لهذه "الثورة" – فيما لو نجحت– سيترجم قيادةً قريبة من السعودية دينياً وسياسياً. وعندما اسقط هذا التحليل على الواقع اللبناني اجاب نفسه بان ما هو متوفر في سوريا حالياً يؤمن المصلحة المسيحية - السورية والمسيحية – اللبنانية ومن الافضل التعايش مع واقعٍ معلومٍ، من الرهان على خياراتٍ مجهولةٍ احلاها مر. خلاصات واقعية سجلها زعماء الموارنة الاربعة ومرجعيتهم الدينية نافخين في لبن الازمة الشرق اوسطية والاتكال على السياسة الاميركية لانهم اكتووا بنار مشاريعها وتطميناتها ووعودها ومصالحها واولوياتها. فالبيض الذي وضعه المسيحييون، وعلى راسهم امين الجميل، في السلال الاميركية في اوائل الثمانينات انتهى مكسراً على طاولة التسويات يوم كانت مصلحة اميركا واسرائيل تتلاقى مع تلك السورية في النظرة لمجريات الازمة اللبنانية. وعادت الكارثة لتحل رحالها في العراق الذي دفع مسيحيوه وما يزالون ضريبة التحالف الكردي- الاميركي الذي كلفهم تهجيراً تاريخياً من مهد المسيحية المشرقية والرسالة النصرانية ارض ما بين النهرين الى الاصقاع البعيدة مقدمين لهم تاشيرات هجرة وتهجير لان لا حجمهم ولا موقعهم يفيد السياسة الاميركية المرسومة للعراق بشيء.وتاتي السياسة الاميركية الحالية المتضاربة مصلحياً مع سوريا وايران لتحاول إدخال لبنان عامة والمسيحيين خاصة في اصطفاف مذهبي يشكلون فيه الطرف الاضعف من خلال استعداء النظام السوري والشريحة اللبنانية الشيعية الكبيرة والمسلحة، خدمة لمشروعٍ سنيٍ سلفيٍ يتقاطع مع المصالح الاسرائيلية في محاولات لاستنساخ تجربة تركية الطورانية - الاسلامية التي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية مع اسرائيل متناسيةً بان طبيعة العلاقات بين اسرائيل وتركيا لا تتعلق بواقعها الاسلامي فقط بل بموقعها الجيوبوليتيكي وخصوصيتها الاتنية واهميتها في طرف القارة الاوروبية، تماما كواقع الخصوصية الايرانية الفارسية التي تشهد حالياً صراعاً مع السياسات الاميركية – الاسرائيلية علماً بان متغيرات السياسة العالمية قد تعيد انتاج علاقات اميركية - فارسية واسرائيلية – فارسية تماماً كالتي ربطت لعقود مصالحهم بعضها ببعض قبل الثورة الاسلامية الايرانية.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة