تتصاعد هجمات خلايا داعش في البادية السورية بعد نحو عامين من هزيمته في سوريا والعراق، أهي هجمات منسقة للتنظيم؟ أم هي عمليات عشوائية لفلول تائهة؟ وهل هناك من يسعى إلى إعادة إحياء داعش؟

 

هجوم ثانٍ نفذته خلايا داعش على طريق أثريا السلمية في سوريا خلال أقل من أسبوع، بعد كمين استهدف حافلة لجنود سوريين في كباجب جنوب دير الزور، مما يشير إلى تصاعد لافت في تحرك التنظيم بعد نحو 20 شهراً من إعلان واشنطن القضاء عليه في الباغوز.

 

تتركز فلول داعش على خارطة واسعة، وتمتد في أجزاء من جنوب دير الزور والرقة، وبادية حماه وبادية حمص، هذه المساحة ربما تزيد بحسب التقديرات عن 4 آلاف كيلو مترات مربعة، وتتواجد بها فلول التنظيم على شكل خلايا وبشكلٍ غير متركز.

 

الوجود في هذه المنطقة خبره إرهابيو التنظيم منذ 6 سنوات تقريباً، وتعايشوا مع هذه الصحراء، ويعرفون الطرق والمخابئ والتوجهات في منطقة معقدة تضاريسياً، وتمتد حتى منطقة التنف، أي على موازاة القاعدة التي أقامها الأميركيون في التنف على الحدود السورية العراقية، وربما يستفيدون من الحماية في تلك المنطقة، باعتبار أنه لا يمكن للجيش السوري الوصول إليها.

 

تلقى التنظيم ضربات قاسية كسرت عموده الفقري، خلال عمليات الجيش السوري وحلفاءه في البادية السورية، وهي العمليات الأهم للقضاء على هذا التنظيم، وبذل خلالها جهد كبير ودماء غزيرة حتى تم تمشيط تلك المناطق، واليوم يعود التنظيم للظهور في هذه المناطق بعد أن فر إليها أعداد من المسلحين الفارين من معركة الباغوز التي انتهت في آذار/ مارس 2019، كما أن عدداً من هؤلاء المسلحين جاء من المناطق التي تسيطر عليها تركيا والمجموعات المدعومة من أنقرة، والتي هي خارج سيطرة الدولة السورية.

 

يعتمد التنظيم على هجمات ينفذها عدد قليل من مسلحيه ضمن مساحات مفتوحة بين محافظات دير الزور والرقة وحماه وحمص، وصولاً إلى محيط منطقة 55 في التنف، وهو تكتيك يتناسب مع فقدان داعش الجغرافيا ومؤسسات وهياكل تنظيمية عمل عليها خلال سنوات.

 

يقول الخبير العسكري هيثم حسون للميادين، إن "الهدف إختبار طريقة داعش الجديدة في الهجوم عبر قوام مجموعات صغيرة وإعادة هيكلة قوتها العسكرية بعد هزيمتها قبل سنتين"، مشيراً إلى أنها "محاولة للضغط على الدولة السورية والبيئة الحاضنة من خلال ضرب الطرق الحيوية في البادية باتجاه حلب والدير وحتى من الحدود الاردنية الى الشمال".

 

الأهداف التي يستهدفها هذا التنظيم، تركز بشكلٍ أساسي على حواجز للجيش السوري وقوافل وحافلات له تمر في مناطق واسعة وتربط وجود الجيش في بعض أرياف دير الزور والرقة، حتى السخنة وحماه في أواسط سوريا، والمستجد الآن هو التركيز أيضاً على صهاريج الوقود التي تنقل الوقود السوري بظل الحصار الاقتصادي الأميركي على البلاد. أو كما حصل أمس (السبت) على طريق أثريا ومهاجمة حافلة مدنية واستشهاد عدد من المدنيين بينهم طفلة عمرها 9 سنوات.

 

في التكتيك، يعتمدون على عدد قليل من المسلحين في ظل محاولة الصدام المباشر مع الجيش السوري، ثم الفرار والتخفي في مناطق البادية الواسعة، باعتبار أنهم يعرفون كل المداخل والمخارج والكهوف في تلك المنطقة. بالإضافة إلى استخدام الأسلحة الخفيفة والعبوات، والقليل من السلاح المتوسط. وعدم استخدام أسلحة ثقيلة.

 

هي حرب استنزاف أيضاً تحاول إرباك تحركات القوافل العسكرية والمدنيين والنشاط الاقتصادي في ظل جبهات لا تزال مفتوحة في إدلب وتهديدات تركية بالعدوان على عين عيسى وحصار إقتصادي أميركي على دمشق لا يقل ضراوة عن الحرب التقليدية.

 

يكمل استنزاف مدروس أهداف واشنطن بالضغط الاقتصادي والدبلوماسي وحتى العسكري في التنف أو حقول النفط شرق الفرات على الدولة السورية لتعطيل كل جهود الخروج من آثار الحرب

  • فريق ماسة
  • 2021-01-04
  • 18310
  • من الأرشيف

"داعش" يصعّد عملياته في البادية السورية.. من المستفيد من إنعاش التنظيم؟

تتصاعد هجمات خلايا داعش في البادية السورية بعد نحو عامين من هزيمته في سوريا والعراق، أهي هجمات منسقة للتنظيم؟ أم هي عمليات عشوائية لفلول تائهة؟ وهل هناك من يسعى إلى إعادة إحياء داعش؟   هجوم ثانٍ نفذته خلايا داعش على طريق أثريا السلمية في سوريا خلال أقل من أسبوع، بعد كمين استهدف حافلة لجنود سوريين في كباجب جنوب دير الزور، مما يشير إلى تصاعد لافت في تحرك التنظيم بعد نحو 20 شهراً من إعلان واشنطن القضاء عليه في الباغوز.   تتركز فلول داعش على خارطة واسعة، وتمتد في أجزاء من جنوب دير الزور والرقة، وبادية حماه وبادية حمص، هذه المساحة ربما تزيد بحسب التقديرات عن 4 آلاف كيلو مترات مربعة، وتتواجد بها فلول التنظيم على شكل خلايا وبشكلٍ غير متركز.   الوجود في هذه المنطقة خبره إرهابيو التنظيم منذ 6 سنوات تقريباً، وتعايشوا مع هذه الصحراء، ويعرفون الطرق والمخابئ والتوجهات في منطقة معقدة تضاريسياً، وتمتد حتى منطقة التنف، أي على موازاة القاعدة التي أقامها الأميركيون في التنف على الحدود السورية العراقية، وربما يستفيدون من الحماية في تلك المنطقة، باعتبار أنه لا يمكن للجيش السوري الوصول إليها.   تلقى التنظيم ضربات قاسية كسرت عموده الفقري، خلال عمليات الجيش السوري وحلفاءه في البادية السورية، وهي العمليات الأهم للقضاء على هذا التنظيم، وبذل خلالها جهد كبير ودماء غزيرة حتى تم تمشيط تلك المناطق، واليوم يعود التنظيم للظهور في هذه المناطق بعد أن فر إليها أعداد من المسلحين الفارين من معركة الباغوز التي انتهت في آذار/ مارس 2019، كما أن عدداً من هؤلاء المسلحين جاء من المناطق التي تسيطر عليها تركيا والمجموعات المدعومة من أنقرة، والتي هي خارج سيطرة الدولة السورية.   يعتمد التنظيم على هجمات ينفذها عدد قليل من مسلحيه ضمن مساحات مفتوحة بين محافظات دير الزور والرقة وحماه وحمص، وصولاً إلى محيط منطقة 55 في التنف، وهو تكتيك يتناسب مع فقدان داعش الجغرافيا ومؤسسات وهياكل تنظيمية عمل عليها خلال سنوات.   يقول الخبير العسكري هيثم حسون للميادين، إن "الهدف إختبار طريقة داعش الجديدة في الهجوم عبر قوام مجموعات صغيرة وإعادة هيكلة قوتها العسكرية بعد هزيمتها قبل سنتين"، مشيراً إلى أنها "محاولة للضغط على الدولة السورية والبيئة الحاضنة من خلال ضرب الطرق الحيوية في البادية باتجاه حلب والدير وحتى من الحدود الاردنية الى الشمال".   الأهداف التي يستهدفها هذا التنظيم، تركز بشكلٍ أساسي على حواجز للجيش السوري وقوافل وحافلات له تمر في مناطق واسعة وتربط وجود الجيش في بعض أرياف دير الزور والرقة، حتى السخنة وحماه في أواسط سوريا، والمستجد الآن هو التركيز أيضاً على صهاريج الوقود التي تنقل الوقود السوري بظل الحصار الاقتصادي الأميركي على البلاد. أو كما حصل أمس (السبت) على طريق أثريا ومهاجمة حافلة مدنية واستشهاد عدد من المدنيين بينهم طفلة عمرها 9 سنوات.   في التكتيك، يعتمدون على عدد قليل من المسلحين في ظل محاولة الصدام المباشر مع الجيش السوري، ثم الفرار والتخفي في مناطق البادية الواسعة، باعتبار أنهم يعرفون كل المداخل والمخارج والكهوف في تلك المنطقة. بالإضافة إلى استخدام الأسلحة الخفيفة والعبوات، والقليل من السلاح المتوسط. وعدم استخدام أسلحة ثقيلة.   هي حرب استنزاف أيضاً تحاول إرباك تحركات القوافل العسكرية والمدنيين والنشاط الاقتصادي في ظل جبهات لا تزال مفتوحة في إدلب وتهديدات تركية بالعدوان على عين عيسى وحصار إقتصادي أميركي على دمشق لا يقل ضراوة عن الحرب التقليدية.   يكمل استنزاف مدروس أهداف واشنطن بالضغط الاقتصادي والدبلوماسي وحتى العسكري في التنف أو حقول النفط شرق الفرات على الدولة السورية لتعطيل كل جهود الخروج من آثار الحرب

المصدر : الماسةالسورية/الميادين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة