لم تكشف وزارة المالية عن توزيع الإيرادات إلى مصادر نفطيّة وغير نفطيّة

هل لا يزال ممكناً أن تستنزف السعودية احتياطياتها لسدّ العجز المتواصل للسنة السابعة على التوالي في موازنتها؟ تقول الأرقام إن احتياطيات المملكة بدأت تنفد، إذ يُتوقَّع أن تتراجع من 92 مليار دولار في 2020، إلى 74,6 ملياراً في العام المقبل، في ظلّ شُحٍ في تنويع مصادر الدخل غير النفطية، والانتقال إلى العيش في مهد «رؤية 2030». في هذا الوقت، تئنّ المملكة تحت وطأة عجزٍ هائل، تتوقَّع أن يتضاءل مع انحسار الأزمة الوبائية التي فاقمت، إلى انهيار أسعار الخام، الوضع سوءاً. توقّعاتٌ، وإن غلّفتها بأرقام متضّخمة وتفاؤل مفرط، لا يزال تحقيقها يعتمد أولاً على فكّ عزلة الرياض وأميرها، محمد بن سلمان، علّها بذلك تستقطب بعض المستثمرين الذين أحجموا عن وضع أموالهم في اقتصاد متهالك، تستوجِب قيامته معجزةً قد لا تأتي أبداً.

تتوارى السعودية خلف أرقام مضخّمة وطموحات كبيرة، حتى تتجنّب مواجهة حقيقتَين اثنتَين: أولاهما أن العالم بدأ يحثّ الخطى، عاجلاً، نحو التحوّل إلى بدائل الطاقة المتجدّدة، بعدما بلغت الأزمة الوبائية بصناعة النفط مبلغاً سرّع في أفول عصرها مع اقتراب «الذروة النفطية» في ظلّ تباطؤ الطلب العالمي على الخام، والذي يُتوقَّع أن يبلغ 50 مليون برميل يومياً في غضون أقلّ من 20 عاماً، بدلاً من 100 يحتاج إليها العالم راهناً؛ وثانيتهما أن خطط محمد بن سلمان لتنويع مصادر الدخل في إطار «رؤية 2030» لم تفلح هي الأخرى في سدّ فجوة العجز المتعاظم، بل فشلت حتّى في الحدّ منه، بعد هروب المستثمرين الذين ولّدت لديهم سياسات وليّ العهد قلقاً من ضخّ أموالهم في اقتصاد المملكة، وليست تجربة الطرح العام لـ»أرامكو» في البورصة المحليّة إلّا دليلاً أوّلَ على التوجّس الذي تزايد خصوصاً عقب واقعة اغتيال جمال خاشقجي. إضافة إلى ما سبق، لم تؤتِ مساعي الاستثمار في «قمّة العشرين» أكلها: جلّ ما أرادت المملكة المعزولة ترسيخه، لتضميد صورتها المهشّمة، تلاشى بقِمّة افتراضيّة خجولة لم تُنجز المراد منها. هذا كلّه، والقيادات السعودية ماضية في تفاؤل مفرط يسمو على العجز القياسي الذي سجّلته موازنة 2020، والذي تتوقَّع انحساره نسبيّاً في موازنة 2021، مع تلاشي الموجة الوبائيّة التي أنهكت الاقتصادات النفطية.

«كان عاماً صعباً... استلزم اتّخاذ تدابير ومبادرات استثنائية»، على حدّ تعبير الملك سلمان وابنه محمد، اللذين لحظا في خطابَيهما الإمكانات الهائلة لـ»رؤية 2030»، خصوصاً أنها جعلت الأزمة أقلّ وطأة، كما يفترضان. صعوبات اضطرّت المملكة إزاءها إلى تعليق العمرة لأشهر، وتقليص المشاركين في موسم الحجّ إلى بضعة آلاف، ما تسبّب في خسارتها مئات الملايين من الدولارات. ولموازنة الخسائر المتلاحقة، بدأ المسؤولون سلسلة من برامج التحفيز؛ فأرجأوا سداد القروض، وطبّقوا تدابير تقشّفيّة، وضاعفوا الضريبة على القيمة المضافة حتى بلغت، في تموز/ يوليو الماضي، 15%، كما رفعوا رسوم الاستيراد. خطواتٌ أسهمت في تعزيز الإيرادات غير النفطية، التي شكّلت نحو 46% من إجمالي الإيرادات هذا العام، لكنها قلّلت من الانتعاش الاقتصادي، ما تسبّب، بدوره، في ارتفاع التضخّم المتوقَّع انخفاضه من 3.7% هذا العام، إلى 2.9% في السنة المالية المقبلة. وتستند الموازنة إلى تقديرات بتحقيق اقتصاد المملكة نموّاً بنسبة 3.2% في 2021، بعد انكماش قدّره «صندوق النقد الدولي» بنحو 5.4% في 2020، بينما تقول السعودية إن نسبته لا تتعدّى 3.7%. وفي ظلّ الأضرار الناجمة عن الأزمة الوبائية التي فاقمت حرب أسعار النفط الروسية - السعودية، وتهاوي الطلب العالمي على الخام، تداعياتها على مستوى اقتصاد الرياض، تبنّت هذه الأخيرة خفضاً جزئياً في بعض بنود موازنتها للسنة المالية 2021. وتبلغ النفقات المتوقّعة في موازنة العام المقبل، 990 مليار ريال (نحو 264 مليار دولار) بتراجع قدره 7% عن العام الحالي، مقارنةً بنفقات فعليّة بقيمة 1,068 مليار ريال (نحو 284,8 مليار دولار) في 2020، فيما تبلغ الإيرادات المتوقّعة 849 مليار ريال (نحو 226,4 مليار دولار) مقابل 770 مليار ريال (205 مليارات دولار) في 2020. في شرحه، يوضح ابن سلمان أن الإيرادات في الموازنة تُقدّر بنحو 849 مليار ريال (226.4 مليار دولار)، بزيادة 10.3% على عام 2020، وأن المستهدف خفض العجز إلى نحو 141 مليار ريال (37,6 مليار دولار)، أي ما تُقدّر نسبته بـ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، نزولاً من 298 مليار ريال (79.4 مليار دولار)، أو ما تُقدّر نسبته بـ12% من الناتج المحلي المُقدّر لعام 2020، والإبقاء على معدّلات الدين العام عند معدّل 32.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 34.3% في عام 2020. كذلك، توقّع أن يشهد النمو الاقتصادي ارتفاعاً مع الاستمرار في تنمية دور القطاع الخاص، والاستمرار في تنفيذ برامج «رؤية المملكة 2030» لتحقيق مستهدفاتها للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي.

    من المتوقّع انخفاض إيرادات السعودية من النفط بأكثر من 30% هذا العام

 

تتمسّك السعودية بخطّتها لخفض الإنفاق العام بنسبة 7.3% في عام 2021، بعد اتّساع عجزها بشكل هائل هذا العام. وبدا لافتاً أن وزارة المالية لم تكشف عن توزيع الإيرادات إلى مصادر نفطيّة وغير نفطيّة لعام 2021، كما يحدث عادة. ويرجع ذلك، بحسب ما صرّح به وزير المالية، محمد الجدعان، لـ»بلومبرغ»، إلى أن «أرامكو» أصبحت الآن شركة مدرجة في البورصة، وأن الكشف عن هذه الأرقام يمكن أن يعطي أدلّة حول سياسة توزيع أرباح الشركة. كما أكّد أن صناديق الثروة السعودية من المتوقع أن تنفق مئات المليارات من الريالات في الاقتصاد المحلّي في السنوات المقبلة، حتى مع انخفاض الإنفاق الحكومي المباشر. وأضاف: «ما زلنا نعتقد أننا لم نخرج من المأزق بعد، وأردنا التأكّد من أن لدينا التمويل الكافي للخدمات الصحية، ومن استعدادنا لموجة ثانية قد تضرب المملكة». وتتوقّع السعودية تلقّي توزيعات بما يصل إلى 25 مليار ريال (6.7 مليارات دولار) هذا العام من صندوقها السيادي للثروة، «صندوق الاستثمارات العامة»، كإجراء لمرّة واحدة يهدف إلى دعم المالية المتضرّرة من جرّاء تهاوي أسعار النفط. وشرح الجدعان أن تحويل 40 مليار دولار هذا العام من «المركزي السعودي» إلى صندوق الاستثمارات العامة لدعم استثماراته كان «تحويلاً استثنائياً جداً في عام استثنائي جداً»، مضيفاً أنه ليست هناك خطط في الوقت الحالي لتحويلات أخرى من هذا النوع.

من المتوقّع انخفاض إيرادات السعودية من النفط بأكثر من 30% هذا العام، بسبب انهيار أسعار الخام وتقليص المملكة إنتاجها من النفط في إطار اتفاق «أوبك+» الذي وضع حدّاً لحربها مع روسيا، بعدما أغرقت السوق المتخمة أصلاً بنفط شبه مجاني. وعلى رغم انتعاش أسعار خام «برنت» وثباتها عند نحو 50 دولاراً للبرميل، بعدما هبطت إلى ما دون 20 دولاراً في ذروة الحرب النفطية، إلّا أن هذا الرقم أقلّ بكثير من مستوى 67.9 دولاراً للبرميل الذي تحتاج إليه السعودية لضبط موازنتها للعام المقبل، وفقاً لـ»صندوق النقد الدولي»، خصوصاً أن موازنات المملكة تُسجِّل منذ الانهيار الأوّل لأسعار النفط، منتصف عام 2014، عجزاً متواصلاً تَخطّى 400 مليار دولار، ما دفعها إلى الاقتراض واللجوء إلى الإنفاق من احتياطياتها التي تراجعت من 125 مليار دولار في 2019، إلى 92 ملياراً في 2020، بينما من المتوقع أن تنخفض إلى 74,6 مليار دولار في 2021.

 

خيبة «أرامكو

في أول عام لها في سوق «تداول» المحلية، تراجعت أرباح عملاق النفط السعودي، «أرامكو»، مقارنةً بالعام الماضي، إذ أعلنت الشركة، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، انخفاض أرباحها بنسبة 44,6% في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنةً بالفترة ذاتها من السنة الماضية. وأفادت بانخفاض مطّرد في الأرباح الفصلية منذ أن بدأت بالإفصاح عن أرباحها قبل عام، ما يراكم الضغوط على المملكة الساعية إلى تنفيذ مشاريع طموحة بمليارات الدولارات لتنويع الاقتصاد. وكانت «أرامكو» أُدرجت في البورصة السعودية في كانون الأول/ ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أوّلي في العالم وصلت قيمته إلى 29,4 مليار دولار، مقابل بيع 1,7% من أسهمها. وتعهّدت الشركة، قبل الاكتتاب والوباء، بدفع أرباح بقيمة 75 مليار دولار عام 2020.

الإنفاق العسكري يجاور الصحّة

حافظ الإنفاق العسكري على حصة مهمّة من الموازنة السعودية لعام 2021، إذ سجّل 46,7 مليار دولار من إجمالي نفقات بلغت قيمتها 264 ملياراً، أي ما نسبته 17.7%. وهي نسبةٌ تقلّ بـ4% عن تلك التي سُجِّلت في عام 2020، والبالغة 48.5 مليار دولار من أصل 272 مليار دولار. وبحسب وثيقة الموازنة الصادرة عن وزارة المالية السعودية، شارك القطاع العسكري قطاعَ الصحة، كثاني أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث المخصصات من الإنفاق، بعد التعليم، إذ خصّصت الموازنة 18.8% من الإنفاق للتعليم، بقيمة 49.6 مليار دولار، و17.7% للصحة، بـ46.7 مليار دولار.

  • فريق ماسة
  • 2020-12-16
  • 10046
  • من الأرشيف

سنة سابعة من العجز: نهاية طموحات ابن سلمان

لم تكشف وزارة المالية عن توزيع الإيرادات إلى مصادر نفطيّة وغير نفطيّة هل لا يزال ممكناً أن تستنزف السعودية احتياطياتها لسدّ العجز المتواصل للسنة السابعة على التوالي في موازنتها؟ تقول الأرقام إن احتياطيات المملكة بدأت تنفد، إذ يُتوقَّع أن تتراجع من 92 مليار دولار في 2020، إلى 74,6 ملياراً في العام المقبل، في ظلّ شُحٍ في تنويع مصادر الدخل غير النفطية، والانتقال إلى العيش في مهد «رؤية 2030». في هذا الوقت، تئنّ المملكة تحت وطأة عجزٍ هائل، تتوقَّع أن يتضاءل مع انحسار الأزمة الوبائية التي فاقمت، إلى انهيار أسعار الخام، الوضع سوءاً. توقّعاتٌ، وإن غلّفتها بأرقام متضّخمة وتفاؤل مفرط، لا يزال تحقيقها يعتمد أولاً على فكّ عزلة الرياض وأميرها، محمد بن سلمان، علّها بذلك تستقطب بعض المستثمرين الذين أحجموا عن وضع أموالهم في اقتصاد متهالك، تستوجِب قيامته معجزةً قد لا تأتي أبداً. تتوارى السعودية خلف أرقام مضخّمة وطموحات كبيرة، حتى تتجنّب مواجهة حقيقتَين اثنتَين: أولاهما أن العالم بدأ يحثّ الخطى، عاجلاً، نحو التحوّل إلى بدائل الطاقة المتجدّدة، بعدما بلغت الأزمة الوبائية بصناعة النفط مبلغاً سرّع في أفول عصرها مع اقتراب «الذروة النفطية» في ظلّ تباطؤ الطلب العالمي على الخام، والذي يُتوقَّع أن يبلغ 50 مليون برميل يومياً في غضون أقلّ من 20 عاماً، بدلاً من 100 يحتاج إليها العالم راهناً؛ وثانيتهما أن خطط محمد بن سلمان لتنويع مصادر الدخل في إطار «رؤية 2030» لم تفلح هي الأخرى في سدّ فجوة العجز المتعاظم، بل فشلت حتّى في الحدّ منه، بعد هروب المستثمرين الذين ولّدت لديهم سياسات وليّ العهد قلقاً من ضخّ أموالهم في اقتصاد المملكة، وليست تجربة الطرح العام لـ»أرامكو» في البورصة المحليّة إلّا دليلاً أوّلَ على التوجّس الذي تزايد خصوصاً عقب واقعة اغتيال جمال خاشقجي. إضافة إلى ما سبق، لم تؤتِ مساعي الاستثمار في «قمّة العشرين» أكلها: جلّ ما أرادت المملكة المعزولة ترسيخه، لتضميد صورتها المهشّمة، تلاشى بقِمّة افتراضيّة خجولة لم تُنجز المراد منها. هذا كلّه، والقيادات السعودية ماضية في تفاؤل مفرط يسمو على العجز القياسي الذي سجّلته موازنة 2020، والذي تتوقَّع انحساره نسبيّاً في موازنة 2021، مع تلاشي الموجة الوبائيّة التي أنهكت الاقتصادات النفطية. «كان عاماً صعباً... استلزم اتّخاذ تدابير ومبادرات استثنائية»، على حدّ تعبير الملك سلمان وابنه محمد، اللذين لحظا في خطابَيهما الإمكانات الهائلة لـ»رؤية 2030»، خصوصاً أنها جعلت الأزمة أقلّ وطأة، كما يفترضان. صعوبات اضطرّت المملكة إزاءها إلى تعليق العمرة لأشهر، وتقليص المشاركين في موسم الحجّ إلى بضعة آلاف، ما تسبّب في خسارتها مئات الملايين من الدولارات. ولموازنة الخسائر المتلاحقة، بدأ المسؤولون سلسلة من برامج التحفيز؛ فأرجأوا سداد القروض، وطبّقوا تدابير تقشّفيّة، وضاعفوا الضريبة على القيمة المضافة حتى بلغت، في تموز/ يوليو الماضي، 15%، كما رفعوا رسوم الاستيراد. خطواتٌ أسهمت في تعزيز الإيرادات غير النفطية، التي شكّلت نحو 46% من إجمالي الإيرادات هذا العام، لكنها قلّلت من الانتعاش الاقتصادي، ما تسبّب، بدوره، في ارتفاع التضخّم المتوقَّع انخفاضه من 3.7% هذا العام، إلى 2.9% في السنة المالية المقبلة. وتستند الموازنة إلى تقديرات بتحقيق اقتصاد المملكة نموّاً بنسبة 3.2% في 2021، بعد انكماش قدّره «صندوق النقد الدولي» بنحو 5.4% في 2020، بينما تقول السعودية إن نسبته لا تتعدّى 3.7%. وفي ظلّ الأضرار الناجمة عن الأزمة الوبائية التي فاقمت حرب أسعار النفط الروسية - السعودية، وتهاوي الطلب العالمي على الخام، تداعياتها على مستوى اقتصاد الرياض، تبنّت هذه الأخيرة خفضاً جزئياً في بعض بنود موازنتها للسنة المالية 2021. وتبلغ النفقات المتوقّعة في موازنة العام المقبل، 990 مليار ريال (نحو 264 مليار دولار) بتراجع قدره 7% عن العام الحالي، مقارنةً بنفقات فعليّة بقيمة 1,068 مليار ريال (نحو 284,8 مليار دولار) في 2020، فيما تبلغ الإيرادات المتوقّعة 849 مليار ريال (نحو 226,4 مليار دولار) مقابل 770 مليار ريال (205 مليارات دولار) في 2020. في شرحه، يوضح ابن سلمان أن الإيرادات في الموازنة تُقدّر بنحو 849 مليار ريال (226.4 مليار دولار)، بزيادة 10.3% على عام 2020، وأن المستهدف خفض العجز إلى نحو 141 مليار ريال (37,6 مليار دولار)، أي ما تُقدّر نسبته بـ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي، نزولاً من 298 مليار ريال (79.4 مليار دولار)، أو ما تُقدّر نسبته بـ12% من الناتج المحلي المُقدّر لعام 2020، والإبقاء على معدّلات الدين العام عند معدّل 32.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 34.3% في عام 2020. كذلك، توقّع أن يشهد النمو الاقتصادي ارتفاعاً مع الاستمرار في تنمية دور القطاع الخاص، والاستمرار في تنفيذ برامج «رؤية المملكة 2030» لتحقيق مستهدفاتها للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي.     من المتوقّع انخفاض إيرادات السعودية من النفط بأكثر من 30% هذا العام   تتمسّك السعودية بخطّتها لخفض الإنفاق العام بنسبة 7.3% في عام 2021، بعد اتّساع عجزها بشكل هائل هذا العام. وبدا لافتاً أن وزارة المالية لم تكشف عن توزيع الإيرادات إلى مصادر نفطيّة وغير نفطيّة لعام 2021، كما يحدث عادة. ويرجع ذلك، بحسب ما صرّح به وزير المالية، محمد الجدعان، لـ»بلومبرغ»، إلى أن «أرامكو» أصبحت الآن شركة مدرجة في البورصة، وأن الكشف عن هذه الأرقام يمكن أن يعطي أدلّة حول سياسة توزيع أرباح الشركة. كما أكّد أن صناديق الثروة السعودية من المتوقع أن تنفق مئات المليارات من الريالات في الاقتصاد المحلّي في السنوات المقبلة، حتى مع انخفاض الإنفاق الحكومي المباشر. وأضاف: «ما زلنا نعتقد أننا لم نخرج من المأزق بعد، وأردنا التأكّد من أن لدينا التمويل الكافي للخدمات الصحية، ومن استعدادنا لموجة ثانية قد تضرب المملكة». وتتوقّع السعودية تلقّي توزيعات بما يصل إلى 25 مليار ريال (6.7 مليارات دولار) هذا العام من صندوقها السيادي للثروة، «صندوق الاستثمارات العامة»، كإجراء لمرّة واحدة يهدف إلى دعم المالية المتضرّرة من جرّاء تهاوي أسعار النفط. وشرح الجدعان أن تحويل 40 مليار دولار هذا العام من «المركزي السعودي» إلى صندوق الاستثمارات العامة لدعم استثماراته كان «تحويلاً استثنائياً جداً في عام استثنائي جداً»، مضيفاً أنه ليست هناك خطط في الوقت الحالي لتحويلات أخرى من هذا النوع. من المتوقّع انخفاض إيرادات السعودية من النفط بأكثر من 30% هذا العام، بسبب انهيار أسعار الخام وتقليص المملكة إنتاجها من النفط في إطار اتفاق «أوبك+» الذي وضع حدّاً لحربها مع روسيا، بعدما أغرقت السوق المتخمة أصلاً بنفط شبه مجاني. وعلى رغم انتعاش أسعار خام «برنت» وثباتها عند نحو 50 دولاراً للبرميل، بعدما هبطت إلى ما دون 20 دولاراً في ذروة الحرب النفطية، إلّا أن هذا الرقم أقلّ بكثير من مستوى 67.9 دولاراً للبرميل الذي تحتاج إليه السعودية لضبط موازنتها للعام المقبل، وفقاً لـ»صندوق النقد الدولي»، خصوصاً أن موازنات المملكة تُسجِّل منذ الانهيار الأوّل لأسعار النفط، منتصف عام 2014، عجزاً متواصلاً تَخطّى 400 مليار دولار، ما دفعها إلى الاقتراض واللجوء إلى الإنفاق من احتياطياتها التي تراجعت من 125 مليار دولار في 2019، إلى 92 ملياراً في 2020، بينما من المتوقع أن تنخفض إلى 74,6 مليار دولار في 2021.   خيبة «أرامكو في أول عام لها في سوق «تداول» المحلية، تراجعت أرباح عملاق النفط السعودي، «أرامكو»، مقارنةً بالعام الماضي، إذ أعلنت الشركة، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، انخفاض أرباحها بنسبة 44,6% في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنةً بالفترة ذاتها من السنة الماضية. وأفادت بانخفاض مطّرد في الأرباح الفصلية منذ أن بدأت بالإفصاح عن أرباحها قبل عام، ما يراكم الضغوط على المملكة الساعية إلى تنفيذ مشاريع طموحة بمليارات الدولارات لتنويع الاقتصاد. وكانت «أرامكو» أُدرجت في البورصة السعودية في كانون الأول/ ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أوّلي في العالم وصلت قيمته إلى 29,4 مليار دولار، مقابل بيع 1,7% من أسهمها. وتعهّدت الشركة، قبل الاكتتاب والوباء، بدفع أرباح بقيمة 75 مليار دولار عام 2020. الإنفاق العسكري يجاور الصحّة حافظ الإنفاق العسكري على حصة مهمّة من الموازنة السعودية لعام 2021، إذ سجّل 46,7 مليار دولار من إجمالي نفقات بلغت قيمتها 264 ملياراً، أي ما نسبته 17.7%. وهي نسبةٌ تقلّ بـ4% عن تلك التي سُجِّلت في عام 2020، والبالغة 48.5 مليار دولار من أصل 272 مليار دولار. وبحسب وثيقة الموازنة الصادرة عن وزارة المالية السعودية، شارك القطاع العسكري قطاعَ الصحة، كثاني أعلى القطاعات الاقتصادية من حيث المخصصات من الإنفاق، بعد التعليم، إذ خصّصت الموازنة 18.8% من الإنفاق للتعليم، بقيمة 49.6 مليار دولار، و17.7% للصحة، بـ46.7 مليار دولار.

المصدر : الماسةالسورية/الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة