يواصل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون جهوده لعقد لقاء جديد للجنة الدستورية، والتي من المقرر أن تعقد في 23 من الشهر الجاري في جنيف.

 

وضمن هذه الجهود التقى بيدرسون مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في آواخر الشهر الماضي، وعقد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية قبل يومين، وأكد الأخير أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسيا ولا أمل في الحل العسكري.

قدرة اللجنة

 

الأمين العام للجامعة العربية أكد أن القضايا العالقة في سوريا تتجاوز قدرات اللجنة الدستورية، ما يدل على أن المشكلة لا تكمن في الدستور الذي قد يتم الاتفاق عليه، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى صراع الأطراف الدولية على الساحة السورية.

 

مع تراجع الصراع العسكري في سوريا إلى نقاط جغرافية محدودة، تبقى المناوشات بين المجموعات المسلحة المدعومة خارجيا، وبين الجيش السوري، والتي تأتي ترجمة للمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية بين القوى الفاعلة هناك.

 

ويطرح السؤال هنا عما إذا كانت هذه اللجنة قادرة على التوصل إلى حل وسط يرضي جميع الإطراف، وعما يمكن أن يحققه الدستور الجديد للبلاد ودوره في إيقاف معاناة الشعب السوري المستمرة منذ عقد من الزمن.

نقاط خلافية

 

يرى بيدرسون بأن هناك بعض العناصر الإيجابية التي يمكن البناء عليه في عمل اللجنة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فاللجنة تبدأ خلافاتها على جدول أعمال اللقاء، ويرغب كل طرف بأن يسير اللقاء وفق جدول الأعمال المناسب له أو للأطراف التي تقف خلفه.

 

وفي الوقت ذاته ترى الحكومة السورية أن وفد المعارضة لا يمثل مصالح السوريين وإنما داعميه، وهذا ما تمثل في قول الرئيس الأسد لصحيفة “زفيزدا” الروسية بأن هذا الوفد يمثل الجهة المقابلة التي جرى تشكيلها من قبل الأتراك، وبأن مطالب هذا الوفد تعكس رغبة تركيا والولايات المتحدة وحلفائهم بإضعاف الدولة السورية وتجزئتها.

 

فيما يرى وفد المعارضة بأن وفد الحكومة السورية يسعى إلى إعادة إنتاج الوضع القائم، وبأن “النظام السوري” -حسب وصفهم- يستخدم اللجنة الدستورية كوسيلة لكسب الوقت، وبأن عمل اللجنة الدستورية كلها لن يساوي شيئا من دون عملية الانتقال السياسي.

الأطراف الخارجية

 

يرى بيدرسون بأن الحل في سوريا لا يكفيه صياغة دستور جديد، بل يكمن الحل الحقيقي بالعودة إلى بيان جنيف1 والقرار رقم 2254 وتنفيذهما كاملا، على الرغم من تأكيده على أهمية نجاح عمل اللجنة الدستورية، والالتزام بقواعد إجراءاتها المتفق عليها وخاصة فيما يخص التدخل الخارجي في عملها، أو وضع أي جداول زمنية مفروضة من الخارج.

 

لكن هذه التصريحات تبقى من دون أن تلقى أي صدى، فالسفير الأمريكي في الأمم المتحدة دعى إلى بذل الجهود لمنع “النظام السوري” من عرقلة صياغة دستور جديد للبلاد، وقال بأن الوقت قد حان ليقال كفى “للنظام السوري”، وأن عدم إحراز بشأن الإصلاح الدستوري غير مقبول.

 

كذلك حاولت ألمانيا عن طريق سفيرها في مجلس الأمن كريستوف هيوسجن التأثير على عمل اللجنة الدستورية، بتحميل الحكومة السورية المسؤولية بالمماطلة والعرقلة، وأكدت بأن الاعتراف بالانتخابات الرئاسية القادمة لن يتم، في حال جرت وفق الظروف الحالية، بل وذهبت ألمانيا أبعد من ذلك، بمطالبة روسيا حليف سوريا الأول بوقف الدعم عن الجيش السوري،

 

وكذلك كان حال فرنسا عبر سفيرها نيكولا دي ريفيير الذي قال بأن بلاده لن تعترف بنتائج الإنتخابات إلا في حال تمت تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، وبأنه لا تلتفت إلى محاولات الأسد لإعادة تأهيل نفسه، ولإضفاء الشرعية على تواجده في سدة الحكم.

 

وكما هي العادة لن تعترف هذه الدول أو حتى أنها لن تساهم في إيجاد أي حلول لن تكون مرضية لها، وهي التي دعت إلى انتقال سياسي في سوريا لا يكون الأسد جزءا منه منذ البداية.

 

وفي وجه هذه الدعوات تقف روسيا حليف دمشق، والتي تعلن صراحة بأن العملية السياسية يجب أن تكون حكرا على السوريين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي، وعن ذلك يقول المندوب الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأنه من المهم جدا منح فرص التفاوض للسوريين وحدهم، وأن لا ترتبط اللجنة الدستورية بأي استحقاق آخر.

 

وحتى إنجاز أي خرق مهم في عمل هذه اللجنة، يبقى المواطن السوري عرضة لتجاذب القوى الإقليمية على أرضه، ويعيش أسوأ الظروف الاقتصادية في ظل العقوبات الغربية والأمريكية على بلاده.

  • فريق ماسة
  • 2020-11-05
  • 6956
  • من الأرشيف

ما الذي تحقق بعد مرور أكثر من عام على اللجنة الدستورية في سورية

يواصل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون جهوده لعقد لقاء جديد للجنة الدستورية، والتي من المقرر أن تعقد في 23 من الشهر الجاري في جنيف.   وضمن هذه الجهود التقى بيدرسون مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في آواخر الشهر الماضي، وعقد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية قبل يومين، وأكد الأخير أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسيا ولا أمل في الحل العسكري. قدرة اللجنة   الأمين العام للجامعة العربية أكد أن القضايا العالقة في سوريا تتجاوز قدرات اللجنة الدستورية، ما يدل على أن المشكلة لا تكمن في الدستور الذي قد يتم الاتفاق عليه، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى صراع الأطراف الدولية على الساحة السورية.   مع تراجع الصراع العسكري في سوريا إلى نقاط جغرافية محدودة، تبقى المناوشات بين المجموعات المسلحة المدعومة خارجيا، وبين الجيش السوري، والتي تأتي ترجمة للمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية بين القوى الفاعلة هناك.   ويطرح السؤال هنا عما إذا كانت هذه اللجنة قادرة على التوصل إلى حل وسط يرضي جميع الإطراف، وعما يمكن أن يحققه الدستور الجديد للبلاد ودوره في إيقاف معاناة الشعب السوري المستمرة منذ عقد من الزمن. نقاط خلافية   يرى بيدرسون بأن هناك بعض العناصر الإيجابية التي يمكن البناء عليه في عمل اللجنة، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فاللجنة تبدأ خلافاتها على جدول أعمال اللقاء، ويرغب كل طرف بأن يسير اللقاء وفق جدول الأعمال المناسب له أو للأطراف التي تقف خلفه.   وفي الوقت ذاته ترى الحكومة السورية أن وفد المعارضة لا يمثل مصالح السوريين وإنما داعميه، وهذا ما تمثل في قول الرئيس الأسد لصحيفة “زفيزدا” الروسية بأن هذا الوفد يمثل الجهة المقابلة التي جرى تشكيلها من قبل الأتراك، وبأن مطالب هذا الوفد تعكس رغبة تركيا والولايات المتحدة وحلفائهم بإضعاف الدولة السورية وتجزئتها.   فيما يرى وفد المعارضة بأن وفد الحكومة السورية يسعى إلى إعادة إنتاج الوضع القائم، وبأن “النظام السوري” -حسب وصفهم- يستخدم اللجنة الدستورية كوسيلة لكسب الوقت، وبأن عمل اللجنة الدستورية كلها لن يساوي شيئا من دون عملية الانتقال السياسي. الأطراف الخارجية   يرى بيدرسون بأن الحل في سوريا لا يكفيه صياغة دستور جديد، بل يكمن الحل الحقيقي بالعودة إلى بيان جنيف1 والقرار رقم 2254 وتنفيذهما كاملا، على الرغم من تأكيده على أهمية نجاح عمل اللجنة الدستورية، والالتزام بقواعد إجراءاتها المتفق عليها وخاصة فيما يخص التدخل الخارجي في عملها، أو وضع أي جداول زمنية مفروضة من الخارج.   لكن هذه التصريحات تبقى من دون أن تلقى أي صدى، فالسفير الأمريكي في الأمم المتحدة دعى إلى بذل الجهود لمنع “النظام السوري” من عرقلة صياغة دستور جديد للبلاد، وقال بأن الوقت قد حان ليقال كفى “للنظام السوري”، وأن عدم إحراز بشأن الإصلاح الدستوري غير مقبول.   كذلك حاولت ألمانيا عن طريق سفيرها في مجلس الأمن كريستوف هيوسجن التأثير على عمل اللجنة الدستورية، بتحميل الحكومة السورية المسؤولية بالمماطلة والعرقلة، وأكدت بأن الاعتراف بالانتخابات الرئاسية القادمة لن يتم، في حال جرت وفق الظروف الحالية، بل وذهبت ألمانيا أبعد من ذلك، بمطالبة روسيا حليف سوريا الأول بوقف الدعم عن الجيش السوري،   وكذلك كان حال فرنسا عبر سفيرها نيكولا دي ريفيير الذي قال بأن بلاده لن تعترف بنتائج الإنتخابات إلا في حال تمت تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، وبأنه لا تلتفت إلى محاولات الأسد لإعادة تأهيل نفسه، ولإضفاء الشرعية على تواجده في سدة الحكم.   وكما هي العادة لن تعترف هذه الدول أو حتى أنها لن تساهم في إيجاد أي حلول لن تكون مرضية لها، وهي التي دعت إلى انتقال سياسي في سوريا لا يكون الأسد جزءا منه منذ البداية.   وفي وجه هذه الدعوات تقف روسيا حليف دمشق، والتي تعلن صراحة بأن العملية السياسية يجب أن تكون حكرا على السوريين أنفسهم من دون أي تدخل خارجي، وعن ذلك يقول المندوب الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأنه من المهم جدا منح فرص التفاوض للسوريين وحدهم، وأن لا ترتبط اللجنة الدستورية بأي استحقاق آخر.   وحتى إنجاز أي خرق مهم في عمل هذه اللجنة، يبقى المواطن السوري عرضة لتجاذب القوى الإقليمية على أرضه، ويعيش أسوأ الظروف الاقتصادية في ظل العقوبات الغربية والأمريكية على بلاده.

المصدر : الماسة السورية/سبوتنيك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة