لعبت سوريا عبر تاريخها ومنذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين دورا كبيرا ومحوريا في القضية الفلسطينية من خلال وقوفها قيادة وشعبا مع الشعب الفلسطيني، وإعطائها امتيازات كبيرة للفلسطينيين المقيمين في سوريا ومساواتها بين الفلسطيني والسوري في الحقوق والواجبات، ونتيجة لهذا دفعت أثمان كبيرة بسبب موقفها من فلسطين في الماضي والحاضر وقد احتضنت سوريا كافة الفصائل الفلسطينية المقاومة حتى المختلفة معها فكريا وإيدلوجيا كحماس وقدمت لهم كافة أنواع الدعم والحماية ولم تساوم عليهم رغم كل الضغوط الإقليمية والدولية التي تعرضت لها.

وهنا سأذكر واحدة من هذه الضغوط التي تعرضت له القيادة السورية من خلال برقية سرية بعث بها السفير الأمريكي الأسبق لدى مصر (فرانسيس ريتشارد وني) وسربها موقع ويكليكس وكشف فيها إن حسني مبارك هدد الرئيس بشار الأسد بالعزلة الدولية وإن الطائرات الإسرائيلية ستقوم بضرب دمشق إن استمر باستضافة (خالد مشعل) رئيس المكتب السياسي لحماس سابقا ولكن الرئيس الأسد لم يعطي لهذا التهديد أي اهتمام واستمر على موقفه بدعم حماس وكافة الفصائل الفلسطينية.

وبسبب دعم سوريا للقضية الفلسطينية وعدم المساومة عليها تم استهدافها من خلال مؤامرة ما يسمى بالربيع العربي فعملت أمريكا والكيان الصهيوني على تدمير سوريا بمساعدة بعض الأنظمة الخليجية وتركيا وما يثبت كلامنا تصريح برهان غليون أول رئيس لما كان يسمى مجلس اسطنبول في نهاية 2011 بأنهم عندما يسقط النظام ويستلمون الحكم سيقومون بقطع العلاقات مع إيران وحزب الله وسيقلصون عدد الجيش السوري إلى خمسين ألف وأيضا قيام الكثير مما يطلق عليهم اسم المعارضين السوريين ككمال اللبواني وغيره بزيارات متكررة للكيان الصهيوني وطلباتهم المتكررة من الكيان الصهيوني ضرب سوريا.

وبسبب صمود سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها وانتصارها العسكري بمساندة حلفائها على الارهابيين ومشغليهم واستعادة الجيش العربي السوري السيطرة على أكثر تسعين بالمئة من الأرض السورية تم الانتقال إلى الخطة الصهيونية الأمريكية البديلة وهي خطة تجويع الشعب السوري من خلال تدمير اقتصاده واستهدافه بلقمة عيشه وآخرها كان قانون قيصر والذي بدأ تفعيل تطبيقه قبل شهر ونصف ،كل هذا جرى في ظل حالة الإنتشاء والتكبر والغطرسة التي يعيشها الكيان الصهيوني وفي ظل رئاسة دونالد ترامب والفريق المتشدد الذي يحيط به وترامب قدم للكيان الصهيوني ما لم يقدمه أي رئيس سابق من نقل العاصمة إلى مدينة القدس إلى الاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان العربي السوري المحتل وصولا إلى مشروع ما يسمى بصفقة القرن التي يحاول تنفيذها ترامب وصهره وفريقه بمساندة وللأسف من بعض الأنظمة العربية وذلك لتصفية القضية الفلسطينية هذا بالإضافة إلى العلاقات المباشرة والعلنية بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة الخليجية.

وفي وسط كل هذا الجو والوضع المؤسف أعلن الكيان الصهيوني قبل فترة وعلى لسان نتنياهو في إنه سيقوم بضم الضفة الغربية وغور الأردن وفي الواقع إن الكثير من أصحاب القرار والمسؤولين الصهاينة يخافون من انفجار انتفاضة جديدة في حال الضم ويخافوا أن تكون انتفاضة مسلحة تهز الكيان الصهيوني وتهدد وجوده وإذا ما تفجرت هذه الانتفاضة فحكما سوريا باعتبارها من طليعة الدول المقاومة والمناصرة للقضية الفلسطينية ستقوم بدعم هذه الانتفاضة بالمال والسلاح وكل شي ممكن ومتاح وخاصة إن سوريا بدأت باستعادة عافيتها من خلال انتصارها العسكري على الارهابيين أدوات الكيان الصهيوني فكان الحل لهذه المشكلة من قبل الكيان الصهيوني هي إرهاق سوريا بالعقوبات الاقتصادية.

وفي الحقيقة هذا الاستهداف الاقتصادي المستعر ازداد وبشكل كبير منذ فكر الكيان الصهيوني بموضوع ضم الضفة الغربية في آواخر عام 2019 وبدأت بالتزامن معها محاولة استهداف الاقتصاد السوري والليرة السورية حيث إننا نلاحظ إن الليرة السورية منذ آواخر 2019 فقدت الكثير من قيمتها بفعل هذه العقوبات وصولا إلى بدأ تفعيل قانون قيصر فأمريكا ومن ورائها الكيان الصهيوني يريدان تجويع الشعب السوري حتى يثور على حكومته وعلى رئيسه وبالتالي بهذه الطريقة يكونوا قد حصلوا على ما أرادوا فهم يريدون أن تنشغل القيادة السورية بالمشاكل الاقتصادية الحياتية ولا تهتم بالمسائل الخارجية المصيرية كالقضية الفلسطينية وأيضا الشعب السوري أن ينشغل بمشاكله الحياتية ويجوع وبالتالي يتظاهر وتشيع الفوضى فالكيان الصهيوني يريد أن ينسى السوريون المقاومة والقضية الفلسطينية وأن يتظاهروا ضد حكومتهم وضد رئيسهم بسبب الجوع الذي فرضوه هم على الشعب السوري بسبب العقوبات الجائرة لا أن يتظاهروا بمسيرات مؤيدة لفلسطين لدعم قضيتها فالمظاهرات التي يريدها الكيان الصهيوني ويعمل عليها في الدول المقاومة كسوريا وغيرها أن يتظاهروا للمشاكل الحياتية وينسوا المقاومة وفلسطين وهذا ما أوضحه وأكد عليه جيمس جيفري قبل فترة عندما قالها وبكل صراحة وافتخر بأن بلاده هي من تسببت بتدهور الاقتصاد السوري وتراجع قيمة الليرة السورية وقدم عرضا للرئيس بشار الأسد شبيه بالعرض الذي قدمه كولن باول في عام 2003.

ولكن عرض كولن باول كان مترافقا مع تهديد باجتياح عسكري أما عرض جيمس جيفري فإنه عرض مترافق مع تهديد بسلاح تجويع الشعب السوري وكلا العرضين من كولن باول وجيمس جيفري كانا الطلب من سوريا التخلي عن المقاومة وحزب الله وإيران والقضية الفلسطينية وتنتهي كل المشاكل والعقوبات على سوريا.

وفي النهاية نتساءل عن الحل فالحل في رأيي أولا نتمسك بالثوابت التي تربينا عليها كتمسكنا بالمقاومة والقضية الفلسطينية كقضيتنا المبدئية وندعم الشعب الفلسطيني إذا ماجرت عملية الضم واندلعت انتفاضة جديدة وأيضا يتحتم علينا أن نبحث عن حلول اقتصادية نواجه بها العقوبات وقانون قيصر المطبق علينا وأن نعتمد على انفسنا من خلال دعم الزراعة والصناعة لتحقيق حالة الاكتفاء الذاتي وأن يكون لدينا خطة اقتصادية مدروسة ويبقى أهم نقطة وهي محاربة الفساد والفاسدين فهؤلاء لا يقلون خطرا عن العدو لابل ربما يكونون أشد خطرا منه لأن العدو معروف أما الفاسد فيختبئ بيننا ويخرب من الداخل وبهذه الحالة سنحول المحنة إلى منحة وسنعود وبإذن الله أقوى بكثير من الماضي وستكون سوريا درة الشرق لأن سوريا خلقت عظيمة ولن تكون إلا عظيمة إن شاء الله

رأي اليوم

  • فريق ماسة
  • 2020-07-31
  • 11083
  • من الأرشيف

ما علاقة ضم الضفة الغربية بالضغوط الأمريكية على سورية؟

لعبت سوريا عبر تاريخها ومنذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين دورا كبيرا ومحوريا في القضية الفلسطينية من خلال وقوفها قيادة وشعبا مع الشعب الفلسطيني، وإعطائها امتيازات كبيرة للفلسطينيين المقيمين في سوريا ومساواتها بين الفلسطيني والسوري في الحقوق والواجبات، ونتيجة لهذا دفعت أثمان كبيرة بسبب موقفها من فلسطين في الماضي والحاضر وقد احتضنت سوريا كافة الفصائل الفلسطينية المقاومة حتى المختلفة معها فكريا وإيدلوجيا كحماس وقدمت لهم كافة أنواع الدعم والحماية ولم تساوم عليهم رغم كل الضغوط الإقليمية والدولية التي تعرضت لها. وهنا سأذكر واحدة من هذه الضغوط التي تعرضت له القيادة السورية من خلال برقية سرية بعث بها السفير الأمريكي الأسبق لدى مصر (فرانسيس ريتشارد وني) وسربها موقع ويكليكس وكشف فيها إن حسني مبارك هدد الرئيس بشار الأسد بالعزلة الدولية وإن الطائرات الإسرائيلية ستقوم بضرب دمشق إن استمر باستضافة (خالد مشعل) رئيس المكتب السياسي لحماس سابقا ولكن الرئيس الأسد لم يعطي لهذا التهديد أي اهتمام واستمر على موقفه بدعم حماس وكافة الفصائل الفلسطينية. وبسبب دعم سوريا للقضية الفلسطينية وعدم المساومة عليها تم استهدافها من خلال مؤامرة ما يسمى بالربيع العربي فعملت أمريكا والكيان الصهيوني على تدمير سوريا بمساعدة بعض الأنظمة الخليجية وتركيا وما يثبت كلامنا تصريح برهان غليون أول رئيس لما كان يسمى مجلس اسطنبول في نهاية 2011 بأنهم عندما يسقط النظام ويستلمون الحكم سيقومون بقطع العلاقات مع إيران وحزب الله وسيقلصون عدد الجيش السوري إلى خمسين ألف وأيضا قيام الكثير مما يطلق عليهم اسم المعارضين السوريين ككمال اللبواني وغيره بزيارات متكررة للكيان الصهيوني وطلباتهم المتكررة من الكيان الصهيوني ضرب سوريا. وبسبب صمود سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها وانتصارها العسكري بمساندة حلفائها على الارهابيين ومشغليهم واستعادة الجيش العربي السوري السيطرة على أكثر تسعين بالمئة من الأرض السورية تم الانتقال إلى الخطة الصهيونية الأمريكية البديلة وهي خطة تجويع الشعب السوري من خلال تدمير اقتصاده واستهدافه بلقمة عيشه وآخرها كان قانون قيصر والذي بدأ تفعيل تطبيقه قبل شهر ونصف ،كل هذا جرى في ظل حالة الإنتشاء والتكبر والغطرسة التي يعيشها الكيان الصهيوني وفي ظل رئاسة دونالد ترامب والفريق المتشدد الذي يحيط به وترامب قدم للكيان الصهيوني ما لم يقدمه أي رئيس سابق من نقل العاصمة إلى مدينة القدس إلى الاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان العربي السوري المحتل وصولا إلى مشروع ما يسمى بصفقة القرن التي يحاول تنفيذها ترامب وصهره وفريقه بمساندة وللأسف من بعض الأنظمة العربية وذلك لتصفية القضية الفلسطينية هذا بالإضافة إلى العلاقات المباشرة والعلنية بين الكيان الصهيوني وبعض الأنظمة الخليجية. وفي وسط كل هذا الجو والوضع المؤسف أعلن الكيان الصهيوني قبل فترة وعلى لسان نتنياهو في إنه سيقوم بضم الضفة الغربية وغور الأردن وفي الواقع إن الكثير من أصحاب القرار والمسؤولين الصهاينة يخافون من انفجار انتفاضة جديدة في حال الضم ويخافوا أن تكون انتفاضة مسلحة تهز الكيان الصهيوني وتهدد وجوده وإذا ما تفجرت هذه الانتفاضة فحكما سوريا باعتبارها من طليعة الدول المقاومة والمناصرة للقضية الفلسطينية ستقوم بدعم هذه الانتفاضة بالمال والسلاح وكل شي ممكن ومتاح وخاصة إن سوريا بدأت باستعادة عافيتها من خلال انتصارها العسكري على الارهابيين أدوات الكيان الصهيوني فكان الحل لهذه المشكلة من قبل الكيان الصهيوني هي إرهاق سوريا بالعقوبات الاقتصادية. وفي الحقيقة هذا الاستهداف الاقتصادي المستعر ازداد وبشكل كبير منذ فكر الكيان الصهيوني بموضوع ضم الضفة الغربية في آواخر عام 2019 وبدأت بالتزامن معها محاولة استهداف الاقتصاد السوري والليرة السورية حيث إننا نلاحظ إن الليرة السورية منذ آواخر 2019 فقدت الكثير من قيمتها بفعل هذه العقوبات وصولا إلى بدأ تفعيل قانون قيصر فأمريكا ومن ورائها الكيان الصهيوني يريدان تجويع الشعب السوري حتى يثور على حكومته وعلى رئيسه وبالتالي بهذه الطريقة يكونوا قد حصلوا على ما أرادوا فهم يريدون أن تنشغل القيادة السورية بالمشاكل الاقتصادية الحياتية ولا تهتم بالمسائل الخارجية المصيرية كالقضية الفلسطينية وأيضا الشعب السوري أن ينشغل بمشاكله الحياتية ويجوع وبالتالي يتظاهر وتشيع الفوضى فالكيان الصهيوني يريد أن ينسى السوريون المقاومة والقضية الفلسطينية وأن يتظاهروا ضد حكومتهم وضد رئيسهم بسبب الجوع الذي فرضوه هم على الشعب السوري بسبب العقوبات الجائرة لا أن يتظاهروا بمسيرات مؤيدة لفلسطين لدعم قضيتها فالمظاهرات التي يريدها الكيان الصهيوني ويعمل عليها في الدول المقاومة كسوريا وغيرها أن يتظاهروا للمشاكل الحياتية وينسوا المقاومة وفلسطين وهذا ما أوضحه وأكد عليه جيمس جيفري قبل فترة عندما قالها وبكل صراحة وافتخر بأن بلاده هي من تسببت بتدهور الاقتصاد السوري وتراجع قيمة الليرة السورية وقدم عرضا للرئيس بشار الأسد شبيه بالعرض الذي قدمه كولن باول في عام 2003. ولكن عرض كولن باول كان مترافقا مع تهديد باجتياح عسكري أما عرض جيمس جيفري فإنه عرض مترافق مع تهديد بسلاح تجويع الشعب السوري وكلا العرضين من كولن باول وجيمس جيفري كانا الطلب من سوريا التخلي عن المقاومة وحزب الله وإيران والقضية الفلسطينية وتنتهي كل المشاكل والعقوبات على سوريا. وفي النهاية نتساءل عن الحل فالحل في رأيي أولا نتمسك بالثوابت التي تربينا عليها كتمسكنا بالمقاومة والقضية الفلسطينية كقضيتنا المبدئية وندعم الشعب الفلسطيني إذا ماجرت عملية الضم واندلعت انتفاضة جديدة وأيضا يتحتم علينا أن نبحث عن حلول اقتصادية نواجه بها العقوبات وقانون قيصر المطبق علينا وأن نعتمد على انفسنا من خلال دعم الزراعة والصناعة لتحقيق حالة الاكتفاء الذاتي وأن يكون لدينا خطة اقتصادية مدروسة ويبقى أهم نقطة وهي محاربة الفساد والفاسدين فهؤلاء لا يقلون خطرا عن العدو لابل ربما يكونون أشد خطرا منه لأن العدو معروف أما الفاسد فيختبئ بيننا ويخرب من الداخل وبهذه الحالة سنحول المحنة إلى منحة وسنعود وبإذن الله أقوى بكثير من الماضي وستكون سوريا درة الشرق لأن سوريا خلقت عظيمة ولن تكون إلا عظيمة إن شاء الله رأي اليوم

المصدر : الدكتور أوس نزار درويش / رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة