دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قال الإعلامي التونسي غسان بن جدو اليوم الأحد إن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد تقود سياسة وطنية وقومية فيما يتعلق بمقاومة الهيمنة الأجنبية حيث تحتضن دمشق فصائل المقاومة التي لم تجد عاصمة عربية واحدة تحتضنها وتدعمها."
بن جدو رأى في مقابلة مع صحيفة الشروق التونسية نشرت اليوم "أن الهدف من الضغط على سورية هو صياغة شرق أوسط جديد خاضع بالكامل معتبراً أن تعرض استقرار سورية وأمنها للخطر سيكون بمثابة مغامرة انتحارية وستكون له تداعيات ضخمة جداً على جميع دول منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي".
ولفت الإعلامي التونسي إلى دخول جهات مسلحة إلى أرض الواقع في سورية متسائلاً: "من مصدر السلاح الذي وجد بحوزة مجموعات مدربة بشكل جيد على استخدامه مؤكداً أن هذا الأمر يثير الكثير من علامات الاستفهام."
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
أخيرا تأكدت استقالتك، أستاذ غسان، من الجزيرة لكن دواعي هذه الاستقالة لا تزال محل جدل وتساؤل كبيرين في الشارع العربي... فما هي إذن أسباب مغادرتك لهذه القناة... وماذا عن حيثياتها وملابساتها؟
ـ أسباب الاستقالة نشرت في السابق ولا أريد مزيد الحديث عنها الآن والسبب أنه تم إبرام اتفاق مشترك بيني وبين الجزيرة بعدم تناول أي طرف ما للآخر بما يمكن أن يعتبر إساءة أو تشهيراً...
طبعا لا شك أنه عندما نتحدث عن النقد لا يعني بالضرورة أنه تشهير... ولكن نظراً الآن إلى أن الموضوع تم تجاوزه فإنه لا بأس من أن أعيد الإشارة إلى ما نشر في وقت سابق بأنه كان هناك تركيز على الأحداث الحاصلة في ليبيا واليمن وسورية مع إغفال تام للشأن البحريني بالإضافة إلى أن هناك اختلافا في الرؤية للطريقة التي تدار بها المسائل مهنيا.
استقالتك هذه... هل هي مغادرة للجزيرة فقط أم أنها مغادرة للإعلام بشكل عام.. أسأل هنا عن وجهتك القادمة؟
ـ الآن لدي مشروع إعلامي حيث أفكر في إطلاق قناة فضائية جديدة.
مبدئياً سيكون مركزها القاهرة أو بيروت ولكنني في الحقيقة أتجه إلى أن يكون مركزها بيروت... طبعاً فكرت في تونس ولكن لبعد المسافة ارتأيت أن يكون لها فرع رئسي في تونس... أنا الآن أعلنت أنني سأقوم باكتتاب للقناة وستكون هناك شركة مساهمة وقد بدأت في تشكيل الفريق القانوني والمالي وسأعلن قريباً عن طريق الاكتتاب... وصدقني أنا الآن متفاجئ بل أكاد أقول إنني مذهول بحجم الاتصالات التي تلقيتها من شخصيات ورجال أعمال أبدوا استعدادهم لتقديم الدعم... الآن تلقيت دعوة من أكثر من جالية عربية في أوروبا وإفريقيا وسأخطط لاحقاً لزيارة بعض البلدان وبعد ذلك سنبدأ بتجهيز القناة... وبالتزامن مع ذلك سنبدأ في انتداب الكوادر... وهذه المسألة ستتولى دراستها لجان مختصة... لكن في ما يتعلق بتونس فهي أولا بلدي... وهي ثانيا البلد الذي أشعل شرارة الثورات العربية وثالثا أعتقد أن هناك نخبة معتبرة جدا في تونس... وكذلك نحن نريد اهتماماً جدياً بالمغرب العربي... ولعمري فإن تونس مركز لائق بالنسبة إلى الجميع... طبعاً القناة ستهتم بالحياة السياسية في تونس ولكنها لن تكون منافسة للقنوات المحلية.
كيف تحكم هنا على دور الإعلام التونسي في هذه المرحلة... إلى أي مدى واكب الثورة وساهم في خدمتها وتحقيق أهدافها برأيك؟
ـ الإعلام في تونس له دور مركزي في الفترة الحالية... طبعاً نحن نسمع كثيراً انتقادات لإعلاميين لأنهم لم يقوموا بواجبهم خلال فترة بن علي... ولكن أنا لا أريد أن أخوض في المرحلة السابقة... الإعلام التونسي لديه كوادر متميزة وطاقات وكفاءات مهمة وهو قادر على صياغة هوية إعلامية جديدة وتقديم نموذج لإعلام مهني ومتقدم وحتى عالمي في تونس... المهم أن نتحمل مسؤوليتنا... وأن يكون هناك وعاء لحراك ديمقراطي ولصراع الأفكار والمشاريع السياسية... وهذا يعني أن أمام الإعلام اليوم مسؤولية كبرى...
كيف تتابع أستاذ غسان وأنت في الخارج، ما يجري في تونس اليوم... وكيف تقيم ما حققته الثورة من مكاسب إلى حد اليوم؟
ـ ما يجري أتابعه باهتمام كبير يومياً واعتبر أن ثورة تونس تتميز عما حصل من ثورات في بقية دول العالم... تونس الآن فيها خريطة طريق... وهذا مهم جدا... مهم أن يكون هناك إعلان عن انتخابات لمجلس وطني تأسيسي ومن خلاله يتم التأسيس لدستور جديد ولنظام سياسي جديد... من الواضح أن هناك الآن صراعا سياسيا كبيرا في تونس... هذا جزء من الحراك الدائر... لكن كل ما نتمناه أن نغلب الأولويات على المسائل الثانوية... الأساسيات اليوم أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة وأن يكون هناك دستور جديد وتنمية وحرية معتقد... والقضايا الأخرى أتمنى ألا نخوض فيها كثيراً... تونس بلد الاعتدال والانفتاح والفكر بامتياز... ولا ننسى أن أول دستور كان في تونس ولذا أعتقد أن أي شحن نحو التطرف سيكون أمراً خطيراً...
هناك كلام كثير يقال اليوم، في هذا الخضمّ، حول وجود محاولات للالتفاف على الثورة والعمل على إجهاضها... مثل هذا الحديث كيف تنظر إلى خلفياته وتداعياته؟
ـ هناك كلام حول دور الجيش، وهناك كلام حول الحكومة وحول التدخل الفرنسي والأوروبي عموماً في تونس... هذا الكلام كله أسمعه وأنا شخصياً لا أستغرب أن يكون هناك مسعى من جهات أجنبية للتدخل في تونس.. لأن أمريكا ليست من البلدان التي تفرّط في دورها ونفوذها في أي بلد ومنها تونس... لكنني أستبعد إطلاقاً الكلام الذي يردده البعض بأن الجيش لا يزال يتلقى أوامر من بن علي مثلا... أنا أرى أن بن علي انتهى دوره.. الآن نعم هناك بقايا بن علي مازالوا موجودين سياسياً وأمنياً وإعلامياً... وهذا جزء من الصراع الدائر في تونس اليوم... وعليه فإنني أرى أن ما تحقق الآن هو فقط نصف ثورة.
الصراع الدائر الذي تشير إليه في معرض حديثك ما هي مخارجه برأيك... وكيف تبدو لك احتمالات حلّه في ضوء ما يجري من ترتيبات سياسية الآن؟
ـ المخرج الأساسي في اعتقادي هو الاحتكام إلى إرادة الشعب... لذا أنا قلت إن ما تحقق هو نصف ثورة... وهذا يحتّم بالتالي استمرار العمل على تحقيق كامل أهداف هذه الثورة... اليوم هناك مسار بدأ... وهناك انتخابات قادمة... هذا هو الخيار وليس هناك خيار آخر...
هذا المسار هناك من يطرح فكرة أن يكون للأستاذ غسان بن جدو دور بارز يلعبه فيه... سؤالي هنا إلى أي مدى هذه الفكرة قائمة... وهل اتصل بك أحد وعرض عليك تولّي منصب سياسي ما؟
ـ لم يتصل بي أحد... ولم يعرض عليّ أحد أي منصب... أولويتي الآن إطلاق القناة وبعدها لكل حدث حديث...
حين تقول لكل حدث حديث هل معنى ذلك أن الفكرة واردة ولكنها مؤجلة إلى مرحلة لاحقة؟
ـ أنا في النهاية مواطن تونسي... ولكنني الآن بعيد عن الشأن التونسي ولكني أؤكد لك أنني مستقل وحرّ... وأعتبر أن المعنيين الأساسيين لصياغة نظام جديد في تونس هم أهل تونس الموجودون على الأرض.
... صحيح كنت معارضا لكنني أرى أنه من الانتهازية الآن أن أعود لأمارس السياسة فقط لمجرد أنني شخص معروف ولم يختبرني الشعب بعد حول ما يمكن أن أقدّمه إلى تونس.
كيف تقرأ ما تشهده المنطقة منذ فترة من ثورات شعبية... وماذا عن طبيعتها وأبعادها برأيك؟
ـ ما حصل في تونس كانت انتفاضة شعبية جدية ولكن بطبيعة الحال البعض من أصحاب النفوذ حاولوا الالتفاف على ما حصل في تونس.. وما حصل في تونس كان انتفاضة قامت بها إرادة شعبية..
في ما يتعلق بمصر... بداية التحرّك كانت إرادة شعبية ولكن حتى المؤسسة العسكرية لمصر التي ينظر بإيجابية بالغة إلى عدم قمعها الشعب ليست بعيدة أيضاً عن التناغم مع الولايات المتحدة... طبعا هذا لا يعني أنها نسّقت كل كبيرة وصغيرة ولكن في النهاية نحن نتحدث هنا عن دولة كبرى.. ويبقى المهم أن المؤسسة العسكرية تسمح بهذا الحراك الداخلي..
وإذا جرت الأمور بشكل طبيعي وشفّاف يصبح صندوق الاقتراع حينئذ هو المحدد والفيصل...
في بلدان أخرى هناك أيضا إرادة شعبية للإصلاح ولتحقيق الديمقراطية والحرية والقضاء على الفساد... والأمر هنا يتعلّق باليمن وليبيا وسوريا لكن يبدو أن أطرافا عربية ودولية دخلت على الخط بشكل كبير... ولم تعد القضية الآن قضية ثورات بقدر ما أصبح للعامل الخارجي دور مؤثر في ما يحدث..
في ما يتعلق بما يحصل في ليبيا... هذا أمر محزن لأننا الآن أمام اقتتال داخلي حقيقي وأمام تدخّل أطلسي...
الأمر محزن أيضا في البحرين حيث هناك تدخل خليجي مسلّح... هناك قمع لما يحدث في البحرين... المحصلة أن هناك قمعاً لحركة داخلية.
في الحالة السورية، كيف توصّف المشهد... وضمن أي سياق تضع مساره وأطواره؟
ـ أنا أريد أن أؤكد هنا أنني من أنصار الحرية والديمقراطية والإصلاح في سورية لكن في نفس الوقت أعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد يقود سياسة وطنية وقومية في ما يتعلق بالممانعة للهيمنة الأمريكية... وفي الوقت نفسه فإن دمشق تحتضن المقاومة... حين طردت "حماس" من الأردن لم تجد سوى سورية لكي تحتضنها... نحن لا نتحدث عن "حماس" فقط بل أيضا عن فصائل أخرى... فهل هناك عاصمة عربية واحدة تستطيع أن تتحمّل احتضان حركة الجهاد الإسلامي مثلا؟ وبالتالي أنا مع أحقية الشعب السوري في الإصلاح والحرية ولكنني في نفس الوقت من أنصار المقاومة... لكن حتى أوضّح أكثر أقول إن الإشكالية التي حصلت في سورية هي دخول جهات أخرى مسلّحة في التحرّكات الاحتجاجية بسورية... وبالتالي نحن لم نعد نتحدث هنا عن حرية بل عن عمليات مسلحة انحرفت بالحركة الإصلاحية السلمية عن مسارها العادي... فالذين اكتشفنا أن لديهم سلاحاً ومدربين بشكل جيد على استخدامه... من أين جاؤوا.. وكيف تدربوا... وما علاقتهم بالحركة السلمية... أعتقد أن هذا الأمر مثير للكثير من الاستفهام..
ما هي رؤيتك، هنا، للمرحلة المقبلة في سورية خاصة في ضوء ما يحدث منذ أيام من ضغوط وتهديدات خارجية باتت تستهدف النظام السوري بشكل متراكم ومتعاظم؟
ـ المرحلة المقبلة في سورية ستكون مرحلة تطبق فيها الإصلاحات لكن ما يراد من هذا النظام هو صياغة شرق أوسط جديد خاضع بالكامل... وأقول لك انه إذا سقط النظام السوري فستكون هناك مغامرة انتحارية... و ستكون له تداعيات ضخمة جدّاً ليس على منطقة الشرق الأوسط فحسب بل على الخليج أيضاً... لكن أعتبر أن الرئيس بشار الأسد حسب ما أعرفه مؤمن بالحريات والإصلاح بل هو جاد في هذا الأمر... وأنا سمعت منه تأكيداً على هذه المسألة... كما أعتقد أن مشروع المقاومة الذي يؤمن به يحتاج إلى تحصينه بالعدالة الاجتماعية والحريات العامة والإصلاح... وهذا هو ثالوث المشروع الوطني.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة