أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يقاتل في سورية إلى جانب الإرهابيين انطلاقا من أيديولوجيته الإخوانية لذلك فهو غير قادر على أن يشرح للشعب التركي لماذا يرسل جنوده إلى سورية ويقتلون فيها، موضحاً أنه لا يوجد عداء بين الشعبين السوري والتركي وأن العلاقات تعود إلى طبيعتها بعد أن يتخلى أردوغان عن دعم الإرهاب.

 

ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة (روسيا 24) إلى أنه من الناحية العسكرية الأولوية لسورية هي إدلب الآن لذلك فإن أردوغان وبتوجيه من الأمريكيين يزج بكل قوته فيها لأن تحرير إدلب يعني التوجه لتحرير المناطق الشرقية التي تنمو فيها حالة استياء شعبية كبيرة ضد الاحتلال الأمريكي وهذا الغضب سيولد عمليات مقاومة ضد المحتلين.

 

وشدد الرئيس الأسد على أن الوعي الوطني لدى السوريين والقدرة الأسطورية الموجودة لديهم للتضحية والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري هي أبرز عوامل قوة الدولة وصمودها في وجه الإرهاب وداعميه إضافة إلى دعم الأصدقاء سياسياً وعسكرياً واقتصاديا، مشيراً إلى أن الدولة السورية تخضع للدستور السوري ولا تخضع للتهديدات والرغبات الغربية أو أي عامل آخر، وأن الانتخابات النيابية ستكون خلال أشهر قليلة وسنستمر ضمن المواعيد الدستورية المحددة بغض النظر عن أي شيء آخر.

 

ولفت الرئيس الأسد إلى أن معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سورية ولكن بشكل غير معلن خوفا من الضغوط الغربية والأمريكية عليها أما بالنسبة للدول الأوروبية فإن سورية لا تضيع وقتها بالحديث عن الدور الأوروبي نظراً لارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية وتبعيتها للسيد الأمريكي.

 

وأكد الرئيس الأسد أن العلاقة بين سورية وروسيا عمرها أكثر من ستة عقود من الزمن وهي علاقة شراكة وخاصة بعد الحرب أصبحت أقوى وأكثر وثوقية، مبينا أن وجود القاعدة العسكرية الروسية في سورية ليس الهدف منه فقط محاربة الإرهاب وإنما إيجاد توازن دولي.. سياسي وعسكري.

 

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..

 

الصحفي:

 

مرحباً، هذا برنامج الاستعراض الدولي، معكم يفغيني بريماكوف، نحن اليوم في دمشق، وفي الاستديو المؤقت. سيادة الرئيس بشار الأسد ليس ضيفنا في الاستوديو، وإنما نحن ضيوفه. سيادة الرئيس، شكراً جزيلاً على استقبالكم، وتخصيصكم لنا وقتاً لتسجيل هذه المقابلة. نحن سعيدون بأن نكون معكم ونراكم في صحة جيدة في هذا الوضع الصعب.

 

الرئيس الأسد:

 

أهلاً وسهلاً بكم، أنا سعيدٌ جداً باستقبالكم اليوم كقناة وطنية روسية.

 

السؤال الأول:

 

شكراً جزيلاً سيادة الرئيس.. من الواضح أن الموضوع الأهم الآن، عدا عن الحرب على الإرهاب التي يخوضها بلدكم، هو ما يحصل من أحداث في محافظة إدلب وخطر الصدام بين الجمهورية العربية السورية وتركيا. فالقوات التركية تدعم مسلحي ما يسمى المعارضة بشكل مباشر، مع العلم أننا نرى في صفوفهم عناصر تنتمي للتنظيمات الإرهابية، الذين يشكلون فرعاً للقاعدة وغيرها، كما يشارك العسكريون الأتراك بشكل مباشر في الهجمات على القوات السورية. السؤال: ما الذي تغيّر في العلاقات بينكم وبين أردوغان، بين سورية وتركيا؟ فقبل عام 2011 كان أردوغان يسميكم الأخ، وكانت هناك صداقة عائلية بينكم.. ماذا تغير حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه؟

 

الرئيس الأسد:

 

المشكلة الحقيقية ترتبط بالسياسة الأمريكية في ذلك الوقت عندما قررت الولايات المتحدة، من وجهة نظرها، أن الحكومات العلمانية في المنطقة، لم تعد قادرة على تنفيذ المخططات المرسومة لها، وأنا هنا أتحدث عن الدول الحليفة للولايات المتحدة، ولا أتحدث عن دولة مثل سورية التي لم تكن حليفة لها، فقرّروا استبدال هذه الأنظمة بأنظمة إخوانية تستخدم الدين من أجل قيادة عامة الناس، وبالتالي تصبح الأمور أسهل بالنسبة للمخططات الأمريكية والغربية بشكل عام، وبدأت عملية التبديل عبر ما سُمي “الربيع العربي”. طبعاً الدولة الإخوانية الوحيدة الموجودة في ذلك الوقت هي الدولة التركية من خلال أردوغان نفسه، وانتمائه الإخواني. قبل هذه المرحلة كانت علاقاتنا جيدة في المجال السياسي، والاقتصادي، وحتى إنه كان هناك تعاون أمني وعسكري.. لم تكن هناك أي مشاكل بيننا وبين تركيا، لم نقم بأي عمل ضدهم.. لم ندعم أي قوى ضدهم.. كنا نعتقد بأنهم جيران وإخوة. لكن الانتماء الإخواني لأردوغان أقوى من كل هذا الكلام.. فهو عاد إلى انتمائه الأصلي، وبنى سياسته مع سورية بناءً على هذه الحالة.. أي الانتماء للإخوان المسلمين. والمعروف أن الإخوان هم أول مجموعة اعتمدت العنف واستخدام الدين من أجل الوصول إلى السلطة. الآن لو طرحنا سؤالاً، لماذا يموت الجنود الأتراك في سورية؟ ماهي القضية؟ ما هو الخلاف؟ لا توجد قضية.. حتى أردوغان غير قادر على أن يقول الآن للأتراك لماذا يرسل جيشه ليقاتل في سورية.. لأن القضية وحيدة، هي قضية إخوانية لا علاقة لها بالمصالح العليا التركية، وإنما لها علاقة بإيديولوجيا أردوغان، وبالتالي على الشعب التركي أن يموت فقط من أجل هذه القضية، لذلك هو لا يستطيع أن يشرح الآن للشعب التركي لماذا يُقتل جنوده في سورية.

 

السؤال الثاني:

 

هل هناك أمل في حصول تواصل بين تركيا وسورية بالتدريج.. على الأقل الآن بين العسكريين والاستخبارات، وفي المستقبل ربما الوصول إلى علاقات دبلوماسية؟

 

الرئيس الأسد:

 

سواءٌ نظرنا للقاءات المتعددة والكثيفة بين المسؤولين الروس والأتراك، أو اللقاءات المحدودة بين المسؤولين الأمنيين السوريين والأتراك مؤخراً خلال العامين الماضيين، بالرغم من العدوان التركي، كان هدفنا المشترك نحن وروسيا، هو أن نبعد تركيا عن النهج الذي سارت به ألا وهو دعم الإرهابيين، وأن نعيدها للمكان الطبيعي. لأنه بالنسبة لنا في سورية، وبالنسبة لكم، تركيا هي بلد جار، ومن الطبيعي أن تكون لديك علاقات سليمة مع الدولة الجارة.. من غير الطبيعي تحت أي عنوان، أو بسبب أي ظرف، أن تكون العلاقات سيئة. فإذاً سؤالك، هل من الممكن؟ طبعاً ممكن.. لكن لا يمكن أن نصل إلى هذه النتيجة وأردوغان يدعم الإرهابيين.. لابد من التخلي عن دعم الإرهاب.. عندها تعود الأمور. لأن العداء غير موجود بين الشعبين.. العداء سببه أحداث سياسية، أو سياسات ترتبط بمصالح خاصة، أما على مستوى الوطن السوري وعلى مستوى الوطن التركي، فلا يوجد خلافات ولا توجد تناقضات، لذلك نعم، الجواب: لابد أن تعود هذه العلاقات طبيعية.

 

السؤال الثالث:

 

هل هذه هي رسالتكم إلى الشعب التركي بأنه لا توجد أي عداوة معه؟ هل فهمتكم بشكل صحيح؟

 

الرئيس الأسد:

 

طبعاً.. كنا نقول عنه شعب شقيق. والآن أنا أسأل الشعب التركي، ماهي قضيتكم مع سورية؟ وما القضية التي يستحق أن يموت من أجلها مواطن تركي؟ ما العمل العدائي الصغير أو الكبير الذي قامت به سورية تجاه تركيا خلال الحرب أو قبل الحرب؟ غير موجود على الإطلاق. هناك تزاوج، هناك عائلات مشتركة، هناك علاقة مصالح يومية بين سورية وتركيا، هناك في تركيا مجموعات أصلها عربي سوري، وهناك مجموعات في سورية أصلها تركي.. فهذا التداخل موجود عبر التاريخ، لذلك من غير المنطقي أن يكون هناك خلاف بيننا وبينهم.

 

السؤال الرابع:

 

سيادة الرئيس.. أنا أدرك أنني أتحدث مع رئيس دولة، ورغم ذلك لا يسعني إلا أن أسأل عن الجانب الإنساني، فهذا الشخص (أردوغان) صافحكم، وكان ضيفاً لديكم، واستقبلتموه، وسماكم أخاً وصديقاً، إلى ما هنالك.. الآن يسمح لنفسه بهذه الأقوال.. ما هو تأثير ذلك عليكم من الناحية العاطفية؟

 

الرئيس الأسد:

 

التقيت بشخصيات تنتمي للإخوان المسلمين من دول عديدة، هو واحد منهم من تركيا.. هناك من كان من مصر.. هناك من كان من فلسطين وغيرهم، الكل قام بالعمل نفسه، كان يقول كلاماً جميلاً جداً عن سورية أو عن علاقة شخصية معي، ولكن عندما تتغير الأمور هو ينقلب ضده؟؟ هؤلاء هم الإخوان المسلمون، لا توجد لديهم أخلاق سياسية ولا أخلاق اجتماعية ولا أخلاق دينية. بالنسبة لهم الدين ليس خيراً وإنما عنف.. هذا هو مبدؤهم، لذلك من الطبيعي أن يقوم أردوغان بما قام به طالما أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. الانتهازية.. عدم الوضوح.. الكذب المستمر.. هذا جزء من طباعهم.

 

السؤال الخامس:

 

حربكم مستمرة منذ تسع سنوات، وهي أطول بمرتين من الحرب العالمية الثانية -الحرب الوطنية العظمى التي سنحيي قريباً الذكرى الـخامسة والسبعين للانتصار فيها، والتي هي بالنسبة لروسيا مناسبة مهمة جداً… ما هي القوة التي يختزنها الشعب السوري والتي تمكّنه من الحياة والانتصار وتجنبه اليأس؟ ما هو السر؟ هل هي قوة داخلية أم غير ذلك…؟ أم أن لديكم ببساطة أسلحة أفضل؟ 

 

الرئيس الأسد:

 

هناك عدة عوامل، خاصة أننا دولة صغرى، ولكن هذه العوامل هي التي تجعل منا دولة قوية في مثل هذه الحرب. أولاً، وهو أهم شيء: الوعي الوطني.. الوعي الشعبي.. لو لم يكن هناك وعي لدى الشعب السوري بأن ما يحصل هو نتيجة تآمر غربي على البلاد، لكانت سورية ربما ذهبت باتجاه الزوال أو التدمير بشكل سريع جداً. هذا الوعي الشعبي أدى لوحدة وطنية على اختلاف التوجهات. التوجهات السياسية قد تكون مختلفة.. الانتماءات الثقافية مختلفة.. الانتماءات الاجتماعية.. مختلف الشرائح.. عرقية، دينية، طائفية.. ولكن هذا الوعي جعلها كتلة واحدة مع الدولة في مواجهة الإرهاب، هذا عامل مهم جداً. العامل الثاني هو القدرة الأسطورية الموجودة لدى الشعب على التضحية، والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري. بالأحوال العادية تعتقد أن هذه التضحيات موجودة في الأفلام أو في الروايات فقط.. الحقيقة هي كانت موجودة في كل معركة من المعارك. هذا ما حمى البلد.. بالإضافة إلى تضحيات الجيش، الشعب نفسه ضحّى.. فهو يعيش ظروفاً صعبة جداً.. قصف مستمر، حصار، وضع اقتصادي سيء، ومع ذلك فإن الشعب متمسك بوطنه. العامل الثالث هو القطاع العام الذي لعب دوراً مهماً في تماسك الدولة. لذلك في أسوأ الظروف استمرت الرواتب والمدارس والخدمات اليومية للمواطنين، وتم تقديم الخدمات ولو بالحد الأدنى، لكي تبقى الحياة مستمرة، يُضاف لهذه العوامل وقوف أصدقائنا معنا، وفي مقدمتهم روسيا وإيران.. وقفوا معنا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. كل هذه العوامل مع بعضها ساعدت على صمود سورية حتى اليوم.

 

السؤال السادس:

 

إن لم يكن لديكم اعتراض سأتوقف عند هذه العوامل لمزيد من التفاصيل، ونبدأ من فرادة المجتمع السوري.. ما ذكرتموه الآن عن تنوع ثقافته.. التسامح بين مختلف المجموعات العرقية الثقافية والدينية، حيث وجه الإرهابيون المتطرفون ضربة قوية جداً في هذه الخاصية السورية، بطرحهم مطالب وإيديولوجيا متطرفة. في الأمس كنا في مدينة دمشق القديمة، ولم نتصور كيف سيكون الوضع فيها لو ظهر علم الخلافة الأسود في دمشق.. الأمر الذي لا يمكن تخيله إلا بحالة رعب. إلى أي حد سورية جاهزة لأن تعيد بناء نفسها كدولة متعددة الثقافات.. متسامحة.. دولة علمانية، إلى ما هنالك؟

 

الرئيس الأسد:

 

ربما يبدو ما أقوله نوعاً من المبالغات، ولكنني بطبعي أتكلم كلاماً حقيقياً ولا أحب المبالغة… الحقيقة أن المجتمع السوري اليوم، من هذه الناحية، من ناحية التماسك، والاندماج الاجتماعي بين مختلف عناصره ومكوناته، هو أفضل منه قبل الحرب.. لسبب بسيط وهو أن الحرب هي درس مهم جداً لأي مجتمع.. درس في موضوع أن التطرف يدمّر، وأن عدم قبول الآخر خطير، فكانت النتيجة أن هذه المكونات بدأت تقترب من بعضها. فإذا ذهبت إلى المدينة القديمة أو إلى أي مكان من سورية، في المناطق التي تحت سيطرة الدولة، لن ترى هذه المشكلة على الإطلاق.. بالعكس هي أفضل من قبل. المشكلة هي في المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة، لذلك هذه النقطة بالذات.. أنا لست قلقاً منها، بغض النظر عن الرواية الغربية التي تُظهر أن الحرب في سورية هي حرب بين طوائف، وهذا الكلام غير صحيح، لأن الحرب بين طوائف تعني أنك ستأتي اليوم إلى هذه المنطقة فسيكون هناك لون واحد، وفي منطقة أخرى لون آخر، وفي مكان آخر هناك لون ثالث ورابع.. هذا الكلام غير صحيح، أنت سترى كل ألوان سورية من دون استثناء في مناطق الدولة. فقط في مناطق الإرهابيين كانوا يبحثون ليس عن لون، وإنما جزء من لون وهو اللون المتطرف.. أقصى أقصى التطرف كان من الممكن أن يعيش معهم. حتى أنّ الكثير من الأهالي هربوا من مناطق الإرهابيين إلى مناطق الدولة. لذلك أنا لست قلقاً على هذه النقطة نهائياً، وإنما التحدي سيكون في المناطق التي احتلها الإرهابيون.

 

السؤال السابع:

 

هنا يظهر سؤال عن إمكانية العفو. هناك الكثير من الأشخاص الذين غُرّر بهم من قبل الإرهابيين والمتطرفين.. غرر بهم بالدعاية.. بعضهم ارتكب جرائم والبعض الآخر كان عضواً في المجموعات المسلحة التي ارتكبت أعمالاً رهيبة.. ولكن هناك من لم يحمل السلاح، أو حمل السلاح ولم يقتل الناس. ما هي الأرضية التي يمكن أن تكون أساساً لتواصل الحكومة معهم؟ وهل يمكن إيجاد حلول وسط تتم من خلالها مسامحة هؤلاء أم لا؟ هذا سؤال أخلاقي مهم جداً. وبالإضافة إلى الجانب الأخلاقي، هناك جوانب قانونية تتعلق بكيفية تعديل وضعهم ودمجهم في المجتمع وربما أيضاً في الجيش؟   

 

 الرئيس الأسد:

 

في مثل هذا النوع من الحروب لا بد أن يكون العفو أحد العناصر الأساسية للسياسة الداخلية. لا يمكن أن نعيد الاستقرار إن لم يكن هناك عفو عن الأخطاء التي ارتُكبت. وهذا ما مارسناه منذ الأعوام الأولى للحرب.. عندما بدأنا بإصدار مراسيم عفو قانونية من وقت لآخر، تعفو عن كل من ارتكب عملاً يضر بالمصلحة الوطنية. في المناطق التي كان فيها المسلحون قمنا بما نسميه المصالحات، وبالتالي قمنا بما يُدعى قانونياً بـ”تسوية الأوضاع”. فكل من حمل السلاح يسلم سلاحه، وتقوم الدولة بالعفو عنه بشرط أن يعود إلى الحياة الطبيعية تحت سلطة الدولة وتحت سلطة القانون. وهذه العملية التي كانت ناجحة جداً، هي التي أعادت الاستقرار إلى الكثير من المناطق.. ونحن مستمرون بهذه السياسة. هناك حالات محدودة جداً لا يمكن العفو عنها.. أشخاص قاموا بأعمال إجرامية.. قتلوا أعداداً كبيرة عن سابق إصرار وتصميم، وأغلب هؤلاء من قيادات الإرهابيين. أما الحالة العامة فأنا أعتقد أن معظم هؤلاء يريد أن يعود إلى الدولة، لأن ما نراه اليوم أن جزءاً كبيراً من الذين حملوا السلاح، أُجبروا على ذلك.. لم يكن لديهم خيار.. إما أن تحمل السلاح أو تُقتل. هو ليس بالضرورة متطرفاً، وليس لديه ماضٍ إرهابي.. هو إنسان عادي لكن فُرض عليه حمل السلاح. هناك أشخاص اضطروا لأخذ مواقف ربما تكون إعلامية أو سياسية لصالح الإرهابيين أيضاً للسبب نفسه.. نعرف هذه الحقيقة، لذلك أنا أعتقد أن معظم هؤلاء هم مع الدولة وكانوا يتعاونون ويتواصلون معها. فإذاً أنا أتفق معك تماماً، لا بد من العفو ولا بد من الاستمرار بهذه العملية طالما أننا نحرر مناطق جديدة، وطالما أننا نريد أن نستعيد معظم السوريين داخل سورية أو خارجها لكي يعودوا إلى وطنهم.

 

السؤال الثامن:

 

الآن سنتحدث عن إعادة بناء الدولة، إلا أن الدولة هي دائماً الناس.. وحين نتكلم عن الإرهابيين.. الذين إما أن نجبرهم على التخلي عن السلاح أو نقنعهم بتركه والعودة إلى جادة الصواب. هناك في المقابل أناس لديهم تصورات عن العدالة.. وبالتأكيد أنتم تلتقون مع رجال في الدولة سواء من عناصر الأمن أو الشرطة.. من الذين يجب أن يقوموا بعملية التواصل وتسوية أوضاع الذين أصبحوا إرهابيين في الجانب الآخر. وقد يكون لديهم استياء، وصعوبة في تقبل الأمر. على سبيل المثال، إن رأيت هذا الإنسان الذي كان يصوب سلاحه علي، يسكن معي الآن في الشارع نفسه، ويشتري الخبز من الدكان نفسه الذي اشتري منه… كيف سأتصرف؟ ماذا تقولون لأنصار الدولة الذين هم ليسوا جاهزين دائماً لتقبل هكذا عفو أو للمسامحة؟

 

الرئيس الأسد:

 

في بداية الحرب كنا نرى هذه الحالة. أذكر عندما أصدرت أول مرسوم للعفو كان هناك استياء من قبل الكثير من السوريين، ليس فقط في الدولة وإنما حتى خارجها.. شخص ربما فقد أحد أفراد عائلته بسبب الإرهاب.. في البداية لم يكن من السهل أن تقول له إننا سنقوم بالعفو من أجل إعادة الاستقرار، لكن هذا كان خلال الأشهر الأولى فقط. اليوم لو سألت أي شخص، على الأقل من المؤيدين للدولة، من العاملين فيها وغيرهم، هذا الشيء بالنسبة لهم هو أمر طبيعي لأنهم رأوا النتائج. بالعكس في كثير من الأحيان هم يطالبون بإصدار عفو والقيام بتسوية، وهذا مساعد. فإذاً لم تعد هناك وجهات نظر حول هذه النقطة، لأن الحقائق على الأرض أثبتت أن هذا الشيء صحيح وصحي لسورية.

 

السؤال التاسع:

 

فيما يتعلق بالوضع الميداني، لن أتحدث عمن يسيطر على هذا المكان أو ذاك، فالأوضاع الميدانية تتغير باستمرار وهذا شأن العسكريين. لكن من الواضح الآن أن الدولة استعادت مساحات واسعة جنوب محافظة إدلب. حيث ستعود الحياة السلمية، كما جرى في المناطق الأخرى، في الغوطة الشرقية.. دير الزور، وغيرها من المناطق التي تم تحريرها قبل ذلك. ما الذي تقوم به الدولة عندما تدخل المناطق المحررة؟ من أين تبدأ عملها؟ وما هو الجانب الأهم لإعادة الحياة السلمية؟

 

الرئيس الأسد:

 

في كثير من المناطق التي تدخل إليها تكون خالية ربما من المدنيين الذين غادروا عندما دخل الإرهابيون. أول شيء نقوم به هو إعادة البنية التحتية لكي يتمكن أهالي تلك المناطق من العودة. أول شيء يحتاجونه هو الكهرباء، والماء، والطرق وباقي الخدمات، وعودة الشرطة والبلديات.. أي كل من يقدم الخدمات. هذا هو التحدي الأول. التحدي الثاني، وهو لا يقل أهمية، هو إعادة بناء المدارس لكي تكون جاهزة لاستقبال أبنائهم، إذا كانت البنية التحتية موجودة ولا أستطيع أن أرسل أبنائي إلى المدرسة، ماذا أفعل؟! لا يمكن أن أعود إلى هذه المنطقة. المدارس والخدمات الصحية، هذان المحوران هما الأساس بعد خروج الإرهابيين وعودة الأمن. طبعاً لاحقاً نقوم أيضاً بالتواصل مع الأهالي لنرى من تورط مع الإرهابيين بالأعمال المختلفة، كما قلت قبل قليل، ونذهب باتجاه المصالحة أو تسوية الأوضاع لكي تعود الحياة الطبيعية إلى هذه المدينة.

 

السؤال العاشر:

 

ما الصعوبات التي تظهر خلال هذه العملية؟ وهل توجد خلايا نائمة تقوض عملية إعادة الإعمار؟ ما هي المشاكل التي تواجهكم؟

 

الرئيس الأسد:

 

عندما أقول إن التسويات والمصالحات كانت ناجحة، لا يعني أن النجاح هو مئة بالمئة، لا يوجد شيء كامل. البعض من هؤلاء تبقى لديه الميول الإرهابية، والإيديولوجيا المتطرفة.. وهو يتعاون مع مجموعات متطرفة في أماكن أخرى، ويقوم بتنفيذ أعمال إرهابية. في الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك عدة عمليات تفجير عبر وضع عبوات ناسفة في أماكن مختلفة.. في سيارات، وسقط عدد من الضحايا بسبب هذه الأعمال الإرهابية. لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن عملية المصالحة، وإنما يعني أن نلاحق هذه الخلايا النائمة، وقد تمكنا من إلقاء القبض على عدد كبير منها.. ومع ذلك هي مازالت موجودة. ربما خلية واحدة تقوم بعدد من الأعمال التي تُظهر أن هناك منظمة كاملة تقوم بها، ولكن هي خلية من مجموعة أشخاص عندما تلقي القبض عليها تستعيد الأمان. لكن هذا التحدي سيبقى مستمراً، لأن الإرهاب ما يزال موجوداً في سورية، والدعم للإرهاب من الخارج ما يزال كبيراً، بالسلاح وبالمال.. فلن نتوقع أن نقضي على هذه الخلايا النائمة في الزمن المنظور، سنقضي على خلايا وستظهر هناك خلايا أخرى، حتى يعود الأمر إلى طبيعته في سورية.

 

السؤال الحادي عشر:

 

السيد الرئيس.. في غضون شهرين – إن لم أكن مخطئاً – ستُجري البلاد في هذه الظروف الصعبة انتخابات برلمانية.. إلى أي حد سيكون هذا صعباً؟ أم إنها ستتم كما هو مخطط لها ولن يوقفها أي شيء أو يعرقلها؟

 

الرئيس الأسد:

 

هناك دستور، ونحن دولة نخضع للدستور.. لا نخضع للتهديدات الغربية، لا نخضع للرغبات الغربية، ولا نخضع لأي عامل آخر سوى الدستور. لذلك في عدة مرات طُرح معنا تأجيل الاستحقاقات الدستورية، الرئاسية أو النيابية، ورفضنا خلال الحرب.. والانتخابات النيابية القادمة ستكون خلال أشهر قليلة، وسنستمر ضمن المواعيد المحددة بغض النظر عن أي شيء.

 

السؤال الثاني عشر:

 

تحدثنا عن الوضع الداخلي، فلنتحدث الآن عن المحيط الخارجي.. فقد تعرضت الجمهورية العربية السورية منذ عام 2011 لعزلة تم إحكامها بدقة، ليس فقط من قبل الأمريكيين والأوروبيين – الأمر الذي كان متوقعاً – وإنما أيضاً من قبل جامعة الدول العربية والدول الأعضاء، بما فيها دول الخليج العربي. ونحن نعلم أن سفارة دولة الإمارات العربية فُتحت من جديد، كذلك عُمان لم تغلق سفارتها واستمرت في العمل. هل ترون أن هناك تغييراً إيجابياً ما من جانب العالم العربي أم أن الوضع ما يزال على حاله، والعزلة ما تزال مستمرة؟ وما هو أفق تواصلكم مع الاتحاد الأوروبي؟ ولن أسأل عن الأمريكيين، فكل شيء تقريباً فيما يخصهم واضح مع الأسف.

 

 الرئيس الأسد:

 

معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سورية، ولكن بشكل غير معلن خوفاً من الضغوط. وكانت هذه الدول تعبّر عن وقوفها إلى جانب سورية وتمنياتها بانتصارنا على الإرهابيين. ولكن الضغط الغربي، الأمريكي تحديداً، كان شديداً على هذه الدول كي تبقى بعيدة وكي لا تفتح سفاراتها في سورية، وبشكل خاص دول الخليج. أما أوروبا فوضعها مختلف تماماً.. الحقيقة نحن بالنسبة لنا أوروبا منذ أكثر من عقد من الزمن، حتى قبل هذه الحرب، كانت غائبة عن الساحة السياسية العالمية. أوروبا لم تعد موجودة منذ عام 2003.  بعد دخول أمريكا إلى العراق، استسلمت أوروبا كلياً للدولة الأمريكية، وأصبحت فقط منفذة لما تُكلَّف به من قبل الحكومة الأمريكية. فسواء تواصلوا معنا أم لم يتواصلوا النتيجة نفسها.. إن فتحوا السفارات أو لم يفتحوها لا قيمة لهذا الكلام، لأننا التقينا بعدد من المسؤولين الأمنيين من معظم الدول الأوروبية وتكلموا كلاماً موضوعياً، ولكنهم غير قادرين على التبديل، والبعض منهم قال لنا صراحة نحن لا نستطيع أن نغير.. السياسيون لدينا لا يستطيعون أن يغيروا سياساتهم بسبب ارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية. هم صعدوا إلى الشجرة ولم يعودوا قادرين على النزول عنها بكل بساطة. فلذلك الحقيقة نحن لا نضيع وقتنا في الحديث عن الدور الأوروبي والسياسة الأوروبية. السيد هو السيد الأمريكي، نستطيع أن نتحدث عن الأمريكي فهذا يعني أوتوماتيكياً الأوروبيين. لكن جواباً عن سؤالك، نعم هناك تغير، هناك قناعات واضحة بأن هذه الحرب لم تحقق ما تريده تلك الدول، أو بعض الدول الاستعمارية، وبأن من دفع الثمن هو الشعب السوري، ومن دفع الثمن هو الاستقرار، ومن دفع الثمن الآن هم الأوروبيون.. مشكلة اللاجئين في أوروبا مشكلة كبيرة، ولكنهم لن يغيروا في المدى المنظور. هذه قناعاتي.

 

السؤال الثالث عشر:

 

الآن تركيا تبتز أوروبا بالمهجّرين، وهو ما يقوم به أردوغان حالياً..

  • فريق ماسة
  • 2020-03-04
  • 11768
  • من الأرشيف

الرئيس الأسد: أردوغان يقاتلنا انطلاقاً من أيديولوجيته الإخوانية.. وأولويتنا العسكرية هي إدلب ثم تحرير المناطق الشرقية

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يقاتل في سورية إلى جانب الإرهابيين انطلاقا من أيديولوجيته الإخوانية لذلك فهو غير قادر على أن يشرح للشعب التركي لماذا يرسل جنوده إلى سورية ويقتلون فيها، موضحاً أنه لا يوجد عداء بين الشعبين السوري والتركي وأن العلاقات تعود إلى طبيعتها بعد أن يتخلى أردوغان عن دعم الإرهاب.   ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة (روسيا 24) إلى أنه من الناحية العسكرية الأولوية لسورية هي إدلب الآن لذلك فإن أردوغان وبتوجيه من الأمريكيين يزج بكل قوته فيها لأن تحرير إدلب يعني التوجه لتحرير المناطق الشرقية التي تنمو فيها حالة استياء شعبية كبيرة ضد الاحتلال الأمريكي وهذا الغضب سيولد عمليات مقاومة ضد المحتلين.   وشدد الرئيس الأسد على أن الوعي الوطني لدى السوريين والقدرة الأسطورية الموجودة لديهم للتضحية والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري هي أبرز عوامل قوة الدولة وصمودها في وجه الإرهاب وداعميه إضافة إلى دعم الأصدقاء سياسياً وعسكرياً واقتصاديا، مشيراً إلى أن الدولة السورية تخضع للدستور السوري ولا تخضع للتهديدات والرغبات الغربية أو أي عامل آخر، وأن الانتخابات النيابية ستكون خلال أشهر قليلة وسنستمر ضمن المواعيد الدستورية المحددة بغض النظر عن أي شيء آخر.   ولفت الرئيس الأسد إلى أن معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سورية ولكن بشكل غير معلن خوفا من الضغوط الغربية والأمريكية عليها أما بالنسبة للدول الأوروبية فإن سورية لا تضيع وقتها بالحديث عن الدور الأوروبي نظراً لارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية وتبعيتها للسيد الأمريكي.   وأكد الرئيس الأسد أن العلاقة بين سورية وروسيا عمرها أكثر من ستة عقود من الزمن وهي علاقة شراكة وخاصة بعد الحرب أصبحت أقوى وأكثر وثوقية، مبينا أن وجود القاعدة العسكرية الروسية في سورية ليس الهدف منه فقط محاربة الإرهاب وإنما إيجاد توازن دولي.. سياسي وعسكري.   وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..   الصحفي:   مرحباً، هذا برنامج الاستعراض الدولي، معكم يفغيني بريماكوف، نحن اليوم في دمشق، وفي الاستديو المؤقت. سيادة الرئيس بشار الأسد ليس ضيفنا في الاستوديو، وإنما نحن ضيوفه. سيادة الرئيس، شكراً جزيلاً على استقبالكم، وتخصيصكم لنا وقتاً لتسجيل هذه المقابلة. نحن سعيدون بأن نكون معكم ونراكم في صحة جيدة في هذا الوضع الصعب.   الرئيس الأسد:   أهلاً وسهلاً بكم، أنا سعيدٌ جداً باستقبالكم اليوم كقناة وطنية روسية.   السؤال الأول:   شكراً جزيلاً سيادة الرئيس.. من الواضح أن الموضوع الأهم الآن، عدا عن الحرب على الإرهاب التي يخوضها بلدكم، هو ما يحصل من أحداث في محافظة إدلب وخطر الصدام بين الجمهورية العربية السورية وتركيا. فالقوات التركية تدعم مسلحي ما يسمى المعارضة بشكل مباشر، مع العلم أننا نرى في صفوفهم عناصر تنتمي للتنظيمات الإرهابية، الذين يشكلون فرعاً للقاعدة وغيرها، كما يشارك العسكريون الأتراك بشكل مباشر في الهجمات على القوات السورية. السؤال: ما الذي تغيّر في العلاقات بينكم وبين أردوغان، بين سورية وتركيا؟ فقبل عام 2011 كان أردوغان يسميكم الأخ، وكانت هناك صداقة عائلية بينكم.. ماذا تغير حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه؟   الرئيس الأسد:   المشكلة الحقيقية ترتبط بالسياسة الأمريكية في ذلك الوقت عندما قررت الولايات المتحدة، من وجهة نظرها، أن الحكومات العلمانية في المنطقة، لم تعد قادرة على تنفيذ المخططات المرسومة لها، وأنا هنا أتحدث عن الدول الحليفة للولايات المتحدة، ولا أتحدث عن دولة مثل سورية التي لم تكن حليفة لها، فقرّروا استبدال هذه الأنظمة بأنظمة إخوانية تستخدم الدين من أجل قيادة عامة الناس، وبالتالي تصبح الأمور أسهل بالنسبة للمخططات الأمريكية والغربية بشكل عام، وبدأت عملية التبديل عبر ما سُمي “الربيع العربي”. طبعاً الدولة الإخوانية الوحيدة الموجودة في ذلك الوقت هي الدولة التركية من خلال أردوغان نفسه، وانتمائه الإخواني. قبل هذه المرحلة كانت علاقاتنا جيدة في المجال السياسي، والاقتصادي، وحتى إنه كان هناك تعاون أمني وعسكري.. لم تكن هناك أي مشاكل بيننا وبين تركيا، لم نقم بأي عمل ضدهم.. لم ندعم أي قوى ضدهم.. كنا نعتقد بأنهم جيران وإخوة. لكن الانتماء الإخواني لأردوغان أقوى من كل هذا الكلام.. فهو عاد إلى انتمائه الأصلي، وبنى سياسته مع سورية بناءً على هذه الحالة.. أي الانتماء للإخوان المسلمين. والمعروف أن الإخوان هم أول مجموعة اعتمدت العنف واستخدام الدين من أجل الوصول إلى السلطة. الآن لو طرحنا سؤالاً، لماذا يموت الجنود الأتراك في سورية؟ ماهي القضية؟ ما هو الخلاف؟ لا توجد قضية.. حتى أردوغان غير قادر على أن يقول الآن للأتراك لماذا يرسل جيشه ليقاتل في سورية.. لأن القضية وحيدة، هي قضية إخوانية لا علاقة لها بالمصالح العليا التركية، وإنما لها علاقة بإيديولوجيا أردوغان، وبالتالي على الشعب التركي أن يموت فقط من أجل هذه القضية، لذلك هو لا يستطيع أن يشرح الآن للشعب التركي لماذا يُقتل جنوده في سورية.   السؤال الثاني:   هل هناك أمل في حصول تواصل بين تركيا وسورية بالتدريج.. على الأقل الآن بين العسكريين والاستخبارات، وفي المستقبل ربما الوصول إلى علاقات دبلوماسية؟   الرئيس الأسد:   سواءٌ نظرنا للقاءات المتعددة والكثيفة بين المسؤولين الروس والأتراك، أو اللقاءات المحدودة بين المسؤولين الأمنيين السوريين والأتراك مؤخراً خلال العامين الماضيين، بالرغم من العدوان التركي، كان هدفنا المشترك نحن وروسيا، هو أن نبعد تركيا عن النهج الذي سارت به ألا وهو دعم الإرهابيين، وأن نعيدها للمكان الطبيعي. لأنه بالنسبة لنا في سورية، وبالنسبة لكم، تركيا هي بلد جار، ومن الطبيعي أن تكون لديك علاقات سليمة مع الدولة الجارة.. من غير الطبيعي تحت أي عنوان، أو بسبب أي ظرف، أن تكون العلاقات سيئة. فإذاً سؤالك، هل من الممكن؟ طبعاً ممكن.. لكن لا يمكن أن نصل إلى هذه النتيجة وأردوغان يدعم الإرهابيين.. لابد من التخلي عن دعم الإرهاب.. عندها تعود الأمور. لأن العداء غير موجود بين الشعبين.. العداء سببه أحداث سياسية، أو سياسات ترتبط بمصالح خاصة، أما على مستوى الوطن السوري وعلى مستوى الوطن التركي، فلا يوجد خلافات ولا توجد تناقضات، لذلك نعم، الجواب: لابد أن تعود هذه العلاقات طبيعية.   السؤال الثالث:   هل هذه هي رسالتكم إلى الشعب التركي بأنه لا توجد أي عداوة معه؟ هل فهمتكم بشكل صحيح؟   الرئيس الأسد:   طبعاً.. كنا نقول عنه شعب شقيق. والآن أنا أسأل الشعب التركي، ماهي قضيتكم مع سورية؟ وما القضية التي يستحق أن يموت من أجلها مواطن تركي؟ ما العمل العدائي الصغير أو الكبير الذي قامت به سورية تجاه تركيا خلال الحرب أو قبل الحرب؟ غير موجود على الإطلاق. هناك تزاوج، هناك عائلات مشتركة، هناك علاقة مصالح يومية بين سورية وتركيا، هناك في تركيا مجموعات أصلها عربي سوري، وهناك مجموعات في سورية أصلها تركي.. فهذا التداخل موجود عبر التاريخ، لذلك من غير المنطقي أن يكون هناك خلاف بيننا وبينهم.   السؤال الرابع:   سيادة الرئيس.. أنا أدرك أنني أتحدث مع رئيس دولة، ورغم ذلك لا يسعني إلا أن أسأل عن الجانب الإنساني، فهذا الشخص (أردوغان) صافحكم، وكان ضيفاً لديكم، واستقبلتموه، وسماكم أخاً وصديقاً، إلى ما هنالك.. الآن يسمح لنفسه بهذه الأقوال.. ما هو تأثير ذلك عليكم من الناحية العاطفية؟   الرئيس الأسد:   التقيت بشخصيات تنتمي للإخوان المسلمين من دول عديدة، هو واحد منهم من تركيا.. هناك من كان من مصر.. هناك من كان من فلسطين وغيرهم، الكل قام بالعمل نفسه، كان يقول كلاماً جميلاً جداً عن سورية أو عن علاقة شخصية معي، ولكن عندما تتغير الأمور هو ينقلب ضده؟؟ هؤلاء هم الإخوان المسلمون، لا توجد لديهم أخلاق سياسية ولا أخلاق اجتماعية ولا أخلاق دينية. بالنسبة لهم الدين ليس خيراً وإنما عنف.. هذا هو مبدؤهم، لذلك من الطبيعي أن يقوم أردوغان بما قام به طالما أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. الانتهازية.. عدم الوضوح.. الكذب المستمر.. هذا جزء من طباعهم.   السؤال الخامس:   حربكم مستمرة منذ تسع سنوات، وهي أطول بمرتين من الحرب العالمية الثانية -الحرب الوطنية العظمى التي سنحيي قريباً الذكرى الـخامسة والسبعين للانتصار فيها، والتي هي بالنسبة لروسيا مناسبة مهمة جداً… ما هي القوة التي يختزنها الشعب السوري والتي تمكّنه من الحياة والانتصار وتجنبه اليأس؟ ما هو السر؟ هل هي قوة داخلية أم غير ذلك…؟ أم أن لديكم ببساطة أسلحة أفضل؟    الرئيس الأسد:   هناك عدة عوامل، خاصة أننا دولة صغرى، ولكن هذه العوامل هي التي تجعل منا دولة قوية في مثل هذه الحرب. أولاً، وهو أهم شيء: الوعي الوطني.. الوعي الشعبي.. لو لم يكن هناك وعي لدى الشعب السوري بأن ما يحصل هو نتيجة تآمر غربي على البلاد، لكانت سورية ربما ذهبت باتجاه الزوال أو التدمير بشكل سريع جداً. هذا الوعي الشعبي أدى لوحدة وطنية على اختلاف التوجهات. التوجهات السياسية قد تكون مختلفة.. الانتماءات الثقافية مختلفة.. الانتماءات الاجتماعية.. مختلف الشرائح.. عرقية، دينية، طائفية.. ولكن هذا الوعي جعلها كتلة واحدة مع الدولة في مواجهة الإرهاب، هذا عامل مهم جداً. العامل الثاني هو القدرة الأسطورية الموجودة لدى الشعب على التضحية، والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري. بالأحوال العادية تعتقد أن هذه التضحيات موجودة في الأفلام أو في الروايات فقط.. الحقيقة هي كانت موجودة في كل معركة من المعارك. هذا ما حمى البلد.. بالإضافة إلى تضحيات الجيش، الشعب نفسه ضحّى.. فهو يعيش ظروفاً صعبة جداً.. قصف مستمر، حصار، وضع اقتصادي سيء، ومع ذلك فإن الشعب متمسك بوطنه. العامل الثالث هو القطاع العام الذي لعب دوراً مهماً في تماسك الدولة. لذلك في أسوأ الظروف استمرت الرواتب والمدارس والخدمات اليومية للمواطنين، وتم تقديم الخدمات ولو بالحد الأدنى، لكي تبقى الحياة مستمرة، يُضاف لهذه العوامل وقوف أصدقائنا معنا، وفي مقدمتهم روسيا وإيران.. وقفوا معنا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. كل هذه العوامل مع بعضها ساعدت على صمود سورية حتى اليوم.   السؤال السادس:   إن لم يكن لديكم اعتراض سأتوقف عند هذه العوامل لمزيد من التفاصيل، ونبدأ من فرادة المجتمع السوري.. ما ذكرتموه الآن عن تنوع ثقافته.. التسامح بين مختلف المجموعات العرقية الثقافية والدينية، حيث وجه الإرهابيون المتطرفون ضربة قوية جداً في هذه الخاصية السورية، بطرحهم مطالب وإيديولوجيا متطرفة. في الأمس كنا في مدينة دمشق القديمة، ولم نتصور كيف سيكون الوضع فيها لو ظهر علم الخلافة الأسود في دمشق.. الأمر الذي لا يمكن تخيله إلا بحالة رعب. إلى أي حد سورية جاهزة لأن تعيد بناء نفسها كدولة متعددة الثقافات.. متسامحة.. دولة علمانية، إلى ما هنالك؟   الرئيس الأسد:   ربما يبدو ما أقوله نوعاً من المبالغات، ولكنني بطبعي أتكلم كلاماً حقيقياً ولا أحب المبالغة… الحقيقة أن المجتمع السوري اليوم، من هذه الناحية، من ناحية التماسك، والاندماج الاجتماعي بين مختلف عناصره ومكوناته، هو أفضل منه قبل الحرب.. لسبب بسيط وهو أن الحرب هي درس مهم جداً لأي مجتمع.. درس في موضوع أن التطرف يدمّر، وأن عدم قبول الآخر خطير، فكانت النتيجة أن هذه المكونات بدأت تقترب من بعضها. فإذا ذهبت إلى المدينة القديمة أو إلى أي مكان من سورية، في المناطق التي تحت سيطرة الدولة، لن ترى هذه المشكلة على الإطلاق.. بالعكس هي أفضل من قبل. المشكلة هي في المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة، لذلك هذه النقطة بالذات.. أنا لست قلقاً منها، بغض النظر عن الرواية الغربية التي تُظهر أن الحرب في سورية هي حرب بين طوائف، وهذا الكلام غير صحيح، لأن الحرب بين طوائف تعني أنك ستأتي اليوم إلى هذه المنطقة فسيكون هناك لون واحد، وفي منطقة أخرى لون آخر، وفي مكان آخر هناك لون ثالث ورابع.. هذا الكلام غير صحيح، أنت سترى كل ألوان سورية من دون استثناء في مناطق الدولة. فقط في مناطق الإرهابيين كانوا يبحثون ليس عن لون، وإنما جزء من لون وهو اللون المتطرف.. أقصى أقصى التطرف كان من الممكن أن يعيش معهم. حتى أنّ الكثير من الأهالي هربوا من مناطق الإرهابيين إلى مناطق الدولة. لذلك أنا لست قلقاً على هذه النقطة نهائياً، وإنما التحدي سيكون في المناطق التي احتلها الإرهابيون.   السؤال السابع:   هنا يظهر سؤال عن إمكانية العفو. هناك الكثير من الأشخاص الذين غُرّر بهم من قبل الإرهابيين والمتطرفين.. غرر بهم بالدعاية.. بعضهم ارتكب جرائم والبعض الآخر كان عضواً في المجموعات المسلحة التي ارتكبت أعمالاً رهيبة.. ولكن هناك من لم يحمل السلاح، أو حمل السلاح ولم يقتل الناس. ما هي الأرضية التي يمكن أن تكون أساساً لتواصل الحكومة معهم؟ وهل يمكن إيجاد حلول وسط تتم من خلالها مسامحة هؤلاء أم لا؟ هذا سؤال أخلاقي مهم جداً. وبالإضافة إلى الجانب الأخلاقي، هناك جوانب قانونية تتعلق بكيفية تعديل وضعهم ودمجهم في المجتمع وربما أيضاً في الجيش؟       الرئيس الأسد:   في مثل هذا النوع من الحروب لا بد أن يكون العفو أحد العناصر الأساسية للسياسة الداخلية. لا يمكن أن نعيد الاستقرار إن لم يكن هناك عفو عن الأخطاء التي ارتُكبت. وهذا ما مارسناه منذ الأعوام الأولى للحرب.. عندما بدأنا بإصدار مراسيم عفو قانونية من وقت لآخر، تعفو عن كل من ارتكب عملاً يضر بالمصلحة الوطنية. في المناطق التي كان فيها المسلحون قمنا بما نسميه المصالحات، وبالتالي قمنا بما يُدعى قانونياً بـ”تسوية الأوضاع”. فكل من حمل السلاح يسلم سلاحه، وتقوم الدولة بالعفو عنه بشرط أن يعود إلى الحياة الطبيعية تحت سلطة الدولة وتحت سلطة القانون. وهذه العملية التي كانت ناجحة جداً، هي التي أعادت الاستقرار إلى الكثير من المناطق.. ونحن مستمرون بهذه السياسة. هناك حالات محدودة جداً لا يمكن العفو عنها.. أشخاص قاموا بأعمال إجرامية.. قتلوا أعداداً كبيرة عن سابق إصرار وتصميم، وأغلب هؤلاء من قيادات الإرهابيين. أما الحالة العامة فأنا أعتقد أن معظم هؤلاء يريد أن يعود إلى الدولة، لأن ما نراه اليوم أن جزءاً كبيراً من الذين حملوا السلاح، أُجبروا على ذلك.. لم يكن لديهم خيار.. إما أن تحمل السلاح أو تُقتل. هو ليس بالضرورة متطرفاً، وليس لديه ماضٍ إرهابي.. هو إنسان عادي لكن فُرض عليه حمل السلاح. هناك أشخاص اضطروا لأخذ مواقف ربما تكون إعلامية أو سياسية لصالح الإرهابيين أيضاً للسبب نفسه.. نعرف هذه الحقيقة، لذلك أنا أعتقد أن معظم هؤلاء هم مع الدولة وكانوا يتعاونون ويتواصلون معها. فإذاً أنا أتفق معك تماماً، لا بد من العفو ولا بد من الاستمرار بهذه العملية طالما أننا نحرر مناطق جديدة، وطالما أننا نريد أن نستعيد معظم السوريين داخل سورية أو خارجها لكي يعودوا إلى وطنهم.   السؤال الثامن:   الآن سنتحدث عن إعادة بناء الدولة، إلا أن الدولة هي دائماً الناس.. وحين نتكلم عن الإرهابيين.. الذين إما أن نجبرهم على التخلي عن السلاح أو نقنعهم بتركه والعودة إلى جادة الصواب. هناك في المقابل أناس لديهم تصورات عن العدالة.. وبالتأكيد أنتم تلتقون مع رجال في الدولة سواء من عناصر الأمن أو الشرطة.. من الذين يجب أن يقوموا بعملية التواصل وتسوية أوضاع الذين أصبحوا إرهابيين في الجانب الآخر. وقد يكون لديهم استياء، وصعوبة في تقبل الأمر. على سبيل المثال، إن رأيت هذا الإنسان الذي كان يصوب سلاحه علي، يسكن معي الآن في الشارع نفسه، ويشتري الخبز من الدكان نفسه الذي اشتري منه… كيف سأتصرف؟ ماذا تقولون لأنصار الدولة الذين هم ليسوا جاهزين دائماً لتقبل هكذا عفو أو للمسامحة؟   الرئيس الأسد:   في بداية الحرب كنا نرى هذه الحالة. أذكر عندما أصدرت أول مرسوم للعفو كان هناك استياء من قبل الكثير من السوريين، ليس فقط في الدولة وإنما حتى خارجها.. شخص ربما فقد أحد أفراد عائلته بسبب الإرهاب.. في البداية لم يكن من السهل أن تقول له إننا سنقوم بالعفو من أجل إعادة الاستقرار، لكن هذا كان خلال الأشهر الأولى فقط. اليوم لو سألت أي شخص، على الأقل من المؤيدين للدولة، من العاملين فيها وغيرهم، هذا الشيء بالنسبة لهم هو أمر طبيعي لأنهم رأوا النتائج. بالعكس في كثير من الأحيان هم يطالبون بإصدار عفو والقيام بتسوية، وهذا مساعد. فإذاً لم تعد هناك وجهات نظر حول هذه النقطة، لأن الحقائق على الأرض أثبتت أن هذا الشيء صحيح وصحي لسورية.   السؤال التاسع:   فيما يتعلق بالوضع الميداني، لن أتحدث عمن يسيطر على هذا المكان أو ذاك، فالأوضاع الميدانية تتغير باستمرار وهذا شأن العسكريين. لكن من الواضح الآن أن الدولة استعادت مساحات واسعة جنوب محافظة إدلب. حيث ستعود الحياة السلمية، كما جرى في المناطق الأخرى، في الغوطة الشرقية.. دير الزور، وغيرها من المناطق التي تم تحريرها قبل ذلك. ما الذي تقوم به الدولة عندما تدخل المناطق المحررة؟ من أين تبدأ عملها؟ وما هو الجانب الأهم لإعادة الحياة السلمية؟   الرئيس الأسد:   في كثير من المناطق التي تدخل إليها تكون خالية ربما من المدنيين الذين غادروا عندما دخل الإرهابيون. أول شيء نقوم به هو إعادة البنية التحتية لكي يتمكن أهالي تلك المناطق من العودة. أول شيء يحتاجونه هو الكهرباء، والماء، والطرق وباقي الخدمات، وعودة الشرطة والبلديات.. أي كل من يقدم الخدمات. هذا هو التحدي الأول. التحدي الثاني، وهو لا يقل أهمية، هو إعادة بناء المدارس لكي تكون جاهزة لاستقبال أبنائهم، إذا كانت البنية التحتية موجودة ولا أستطيع أن أرسل أبنائي إلى المدرسة، ماذا أفعل؟! لا يمكن أن أعود إلى هذه المنطقة. المدارس والخدمات الصحية، هذان المحوران هما الأساس بعد خروج الإرهابيين وعودة الأمن. طبعاً لاحقاً نقوم أيضاً بالتواصل مع الأهالي لنرى من تورط مع الإرهابيين بالأعمال المختلفة، كما قلت قبل قليل، ونذهب باتجاه المصالحة أو تسوية الأوضاع لكي تعود الحياة الطبيعية إلى هذه المدينة.   السؤال العاشر:   ما الصعوبات التي تظهر خلال هذه العملية؟ وهل توجد خلايا نائمة تقوض عملية إعادة الإعمار؟ ما هي المشاكل التي تواجهكم؟   الرئيس الأسد:   عندما أقول إن التسويات والمصالحات كانت ناجحة، لا يعني أن النجاح هو مئة بالمئة، لا يوجد شيء كامل. البعض من هؤلاء تبقى لديه الميول الإرهابية، والإيديولوجيا المتطرفة.. وهو يتعاون مع مجموعات متطرفة في أماكن أخرى، ويقوم بتنفيذ أعمال إرهابية. في الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك عدة عمليات تفجير عبر وضع عبوات ناسفة في أماكن مختلفة.. في سيارات، وسقط عدد من الضحايا بسبب هذه الأعمال الإرهابية. لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن عملية المصالحة، وإنما يعني أن نلاحق هذه الخلايا النائمة، وقد تمكنا من إلقاء القبض على عدد كبير منها.. ومع ذلك هي مازالت موجودة. ربما خلية واحدة تقوم بعدد من الأعمال التي تُظهر أن هناك منظمة كاملة تقوم بها، ولكن هي خلية من مجموعة أشخاص عندما تلقي القبض عليها تستعيد الأمان. لكن هذا التحدي سيبقى مستمراً، لأن الإرهاب ما يزال موجوداً في سورية، والدعم للإرهاب من الخارج ما يزال كبيراً، بالسلاح وبالمال.. فلن نتوقع أن نقضي على هذه الخلايا النائمة في الزمن المنظور، سنقضي على خلايا وستظهر هناك خلايا أخرى، حتى يعود الأمر إلى طبيعته في سورية.   السؤال الحادي عشر:   السيد الرئيس.. في غضون شهرين – إن لم أكن مخطئاً – ستُجري البلاد في هذه الظروف الصعبة انتخابات برلمانية.. إلى أي حد سيكون هذا صعباً؟ أم إنها ستتم كما هو مخطط لها ولن يوقفها أي شيء أو يعرقلها؟   الرئيس الأسد:   هناك دستور، ونحن دولة نخضع للدستور.. لا نخضع للتهديدات الغربية، لا نخضع للرغبات الغربية، ولا نخضع لأي عامل آخر سوى الدستور. لذلك في عدة مرات طُرح معنا تأجيل الاستحقاقات الدستورية، الرئاسية أو النيابية، ورفضنا خلال الحرب.. والانتخابات النيابية القادمة ستكون خلال أشهر قليلة، وسنستمر ضمن المواعيد المحددة بغض النظر عن أي شيء.   السؤال الثاني عشر:   تحدثنا عن الوضع الداخلي، فلنتحدث الآن عن المحيط الخارجي.. فقد تعرضت الجمهورية العربية السورية منذ عام 2011 لعزلة تم إحكامها بدقة، ليس فقط من قبل الأمريكيين والأوروبيين – الأمر الذي كان متوقعاً – وإنما أيضاً من قبل جامعة الدول العربية والدول الأعضاء، بما فيها دول الخليج العربي. ونحن نعلم أن سفارة دولة الإمارات العربية فُتحت من جديد، كذلك عُمان لم تغلق سفارتها واستمرت في العمل. هل ترون أن هناك تغييراً إيجابياً ما من جانب العالم العربي أم أن الوضع ما يزال على حاله، والعزلة ما تزال مستمرة؟ وما هو أفق تواصلكم مع الاتحاد الأوروبي؟ ولن أسأل عن الأمريكيين، فكل شيء تقريباً فيما يخصهم واضح مع الأسف.    الرئيس الأسد:   معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سورية، ولكن بشكل غير معلن خوفاً من الضغوط. وكانت هذه الدول تعبّر عن وقوفها إلى جانب سورية وتمنياتها بانتصارنا على الإرهابيين. ولكن الضغط الغربي، الأمريكي تحديداً، كان شديداً على هذه الدول كي تبقى بعيدة وكي لا تفتح سفاراتها في سورية، وبشكل خاص دول الخليج. أما أوروبا فوضعها مختلف تماماً.. الحقيقة نحن بالنسبة لنا أوروبا منذ أكثر من عقد من الزمن، حتى قبل هذه الحرب، كانت غائبة عن الساحة السياسية العالمية. أوروبا لم تعد موجودة منذ عام 2003.  بعد دخول أمريكا إلى العراق، استسلمت أوروبا كلياً للدولة الأمريكية، وأصبحت فقط منفذة لما تُكلَّف به من قبل الحكومة الأمريكية. فسواء تواصلوا معنا أم لم يتواصلوا النتيجة نفسها.. إن فتحوا السفارات أو لم يفتحوها لا قيمة لهذا الكلام، لأننا التقينا بعدد من المسؤولين الأمنيين من معظم الدول الأوروبية وتكلموا كلاماً موضوعياً، ولكنهم غير قادرين على التبديل، والبعض منهم قال لنا صراحة نحن لا نستطيع أن نغير.. السياسيون لدينا لا يستطيعون أن يغيروا سياساتهم بسبب ارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية. هم صعدوا إلى الشجرة ولم يعودوا قادرين على النزول عنها بكل بساطة. فلذلك الحقيقة نحن لا نضيع وقتنا في الحديث عن الدور الأوروبي والسياسة الأوروبية. السيد هو السيد الأمريكي، نستطيع أن نتحدث عن الأمريكي فهذا يعني أوتوماتيكياً الأوروبيين. لكن جواباً عن سؤالك، نعم هناك تغير، هناك قناعات واضحة بأن هذه الحرب لم تحقق ما تريده تلك الدول، أو بعض الدول الاستعمارية، وبأن من دفع الثمن هو الشعب السوري، ومن دفع الثمن هو الاستقرار، ومن دفع الثمن الآن هم الأوروبيون.. مشكلة اللاجئين في أوروبا مشكلة كبيرة، ولكنهم لن يغيروا في المدى المنظور. هذه قناعاتي.   السؤال الثالث عشر:   الآن تركيا تبتز أوروبا بالمهجّرين، وهو ما يقوم به أردوغان حالياً..

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة