أبطل المصرف التجاري السوري “مفعول” عملية نصب واحتيال من النوع الثقيل إلى حد ما..وهي عبارة عن قرض قيمته 200 مليون ليرة سورية، والهدف المزعوم كان شراء أحد الفنادق بدمشق، من فئة التصنيف المتوسط.

 

المفاجأة كانت أنّ صاحب الفندق لم يكن لديه علماً بالقرض ولا بعملية البيع أساساً، أما الشاري فكان دوره أن تلقّى عرضاً من ” مستثمر أفّاق” بالحصول على قرض بهذه القيمة، ووافق بغض النظر عن الأداة والوسيلة.. ليصطدم ” المستثمر الطموح” بآليات الاستعلام والضبط والتدقيق التي يتبعها المصرف.

 

انتهى الأمر بما يلزم من إجراءات اتخذها البنك..وهي بالطبع إجراءات من مهام جهات أخرى غير مصرفية..إلّا أن الحادثة تدفع للوقوف مليّاً عند مسألة خطيرة متشعبة الأبعاد، تبدأ بثقافة الاقتراض في سورية..وتنتهي بعمليات النصب التي ما زال أبطالها مصرّون على الاستثمار في الاحتيال، وشفط الأموال من الموجودات المصرفيّة، وهو ” الاستثمار المريب” الذي كان له منظومته المتكاملة من سماسرة ووسطاء وكذلك موظفين متواطئين.. المنظومة التي أوصلت كتلة القروض المتعثرة إلى ما يزيد عن 200 مليار ليرة سورية، استوجبت ما استوجبته من قرارات و إجراءات ” جراحية في العمق” لتحصيل حقوق المصارف..وقد نتج عن ذلك حالة إرباك حقيقية للسوق المصرفية، ولقطاع الأعمال وللاقتصاد بشكل عام.

 

الإجراءات المتبعة حالياً لدى الإدارات القائمة على المؤسسات المصرفية، تبدو الآن بالفعل محكمة ومتشدّدة..والتشدد هنا مشروع في الواقع لدرء مسألتين..

 

الأولى: تتعلق بالمهارات الاستثمارية لدى المقترض..أي إدارة هذه الكتلة النقدية الجديدة، فما زال ثمة تواضع في مثل هذه المهارات، إذ يقع المقترض في غواية الرقم – رقم القرض – بالتالي يهرول ويناور للحصول عليه بغضّ! النظر عن التكلفة والمخاطر، وهنا نجحت البنوك السورية بعد تجربة القروض المتعثرة، بحماية هؤلاء من أنفسهم أو من تغرير مفترض ذاتي أو خارجي.

 

والثانية: تتعلّق بعمليات النصب وشبكات الاحتيال والتلاعب و ” الاستثمار المشبوه” في القروض..فمشكلة القروض المتعثرة نشأن من هاتين الحالتين..ولو كانت الحالة الثانية هي الأكثر شيوعاً وحضوراً في قوام حزمة القروض المتعثرة التي تجري معالجتها بصعوبة الآن.

 

تحفظ البنوك هذا لم يقلل من حجم محفظة التسليف في معظم البنوك، التي تبدو فعلاً داعمة للتنمية وتتخذ بعداً أفقي وشاقولي الانتشار..فنتائج العام المنصرم كانت جيدة في غالبية البنوك العاملة في السوق السورية، وهو مؤشر يمكن الركون إليه في قياس ملامح الانتعاش الاقتصادي لبلد كسورية أنهكته حرب تسع سنوات متوالية.

 

  • فريق ماسة
  • 2020-02-02
  • 14889
  • من الأرشيف

” التجاري السوري” يحبط عملية احتيال بقيمة 200 مليون ليرة سورية

أبطل المصرف التجاري السوري “مفعول” عملية نصب واحتيال من النوع الثقيل إلى حد ما..وهي عبارة عن قرض قيمته 200 مليون ليرة سورية، والهدف المزعوم كان شراء أحد الفنادق بدمشق، من فئة التصنيف المتوسط.   المفاجأة كانت أنّ صاحب الفندق لم يكن لديه علماً بالقرض ولا بعملية البيع أساساً، أما الشاري فكان دوره أن تلقّى عرضاً من ” مستثمر أفّاق” بالحصول على قرض بهذه القيمة، ووافق بغض النظر عن الأداة والوسيلة.. ليصطدم ” المستثمر الطموح” بآليات الاستعلام والضبط والتدقيق التي يتبعها المصرف.   انتهى الأمر بما يلزم من إجراءات اتخذها البنك..وهي بالطبع إجراءات من مهام جهات أخرى غير مصرفية..إلّا أن الحادثة تدفع للوقوف مليّاً عند مسألة خطيرة متشعبة الأبعاد، تبدأ بثقافة الاقتراض في سورية..وتنتهي بعمليات النصب التي ما زال أبطالها مصرّون على الاستثمار في الاحتيال، وشفط الأموال من الموجودات المصرفيّة، وهو ” الاستثمار المريب” الذي كان له منظومته المتكاملة من سماسرة ووسطاء وكذلك موظفين متواطئين.. المنظومة التي أوصلت كتلة القروض المتعثرة إلى ما يزيد عن 200 مليار ليرة سورية، استوجبت ما استوجبته من قرارات و إجراءات ” جراحية في العمق” لتحصيل حقوق المصارف..وقد نتج عن ذلك حالة إرباك حقيقية للسوق المصرفية، ولقطاع الأعمال وللاقتصاد بشكل عام.   الإجراءات المتبعة حالياً لدى الإدارات القائمة على المؤسسات المصرفية، تبدو الآن بالفعل محكمة ومتشدّدة..والتشدد هنا مشروع في الواقع لدرء مسألتين..   الأولى: تتعلق بالمهارات الاستثمارية لدى المقترض..أي إدارة هذه الكتلة النقدية الجديدة، فما زال ثمة تواضع في مثل هذه المهارات، إذ يقع المقترض في غواية الرقم – رقم القرض – بالتالي يهرول ويناور للحصول عليه بغضّ! النظر عن التكلفة والمخاطر، وهنا نجحت البنوك السورية بعد تجربة القروض المتعثرة، بحماية هؤلاء من أنفسهم أو من تغرير مفترض ذاتي أو خارجي.   والثانية: تتعلّق بعمليات النصب وشبكات الاحتيال والتلاعب و ” الاستثمار المشبوه” في القروض..فمشكلة القروض المتعثرة نشأن من هاتين الحالتين..ولو كانت الحالة الثانية هي الأكثر شيوعاً وحضوراً في قوام حزمة القروض المتعثرة التي تجري معالجتها بصعوبة الآن.   تحفظ البنوك هذا لم يقلل من حجم محفظة التسليف في معظم البنوك، التي تبدو فعلاً داعمة للتنمية وتتخذ بعداً أفقي وشاقولي الانتشار..فنتائج العام المنصرم كانت جيدة في غالبية البنوك العاملة في السوق السورية، وهو مؤشر يمكن الركون إليه في قياس ملامح الانتعاش الاقتصادي لبلد كسورية أنهكته حرب تسع سنوات متوالية.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة