دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الحرب ضد الإرهاب في سورية لم تنته بعد رغم التقدم الكبير فيها، وأن الإرهاب ما زال موجوداً في مناطق الشمال، والدعم المقدم للإرهابيين ما زال مستمراً من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع مجلة “باري ماتش” الفرنسية إلى أن وجود قوات فرنسية على الأرض السورية دون موافقة حكومتها يعد احتلالاً وشكلاً من أشكال الإرهاب والمطلوب من الحكومة الفرنسية العودة إلى القانون الدولي والتوقف عن دعم كل ما من شأنه أن يزيد الدماء والقتل والعذاب في سورية.
وأوضح الرئيس الأسد أنه لا يوجد أي تعاون بين سورية والولايات المتحدة الأمريكية في أي شيء إذ لا يمكن التعاون في مكافحة الإرهاب مع من يدعم الإرهاب، لافتاً إلى أن بوش قتل مليوناً ونصف مليون عراقي تحت عنوان الديمقراطية، وساركوزي ساهم في قتل مئات الآلاف من الليبيين تحت عنوان حرية الشعب الليبي واليوم فرنسا وبريطانيا وأمريكا يخرقون القانون الدولي تحت عنوان دعم الأكراد الذين هم من الشعب السوري وليسوا شعباً مستقلاً.
وبين الرئيس الأسد أن كل إرهابي في مناطق سيطرة الدولة السورية سيخضع للقانون السوري، موضحاً أن أردوغان يحاول ابتزاز أوروبا في موضوع إعادة الإرهابيين إلى بلدانهم وهذا عمل غير أخلاقي.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السؤال الأول:
صباح الخير، التقيت بكم منذ خمسة أعوام وتحديداً في تشرين الثاني 2014. لم تكن حكومتكم تسيطر إلا على ثلث البلاد. اليوم عادت جيوشكم إلى المناطق الحدودية مع تركيا.. هل تشعرون أنكم انتصرتم في الحرب؟
الرئيس الأسد:
لأكون فقط دقيقاً بهذه الكلمة، هي ليست حربي لكي أربحها أو أخسرها، لأن الرواية الغربية حاولت تصويرها بأنها حرب الرئيس الذي يريد أن يبقى في منصبه، هذه هي الرواية، ولكنها حرب وطنية.. حرب السوريين ضد الإرهاب. وما ذكرته صحيح بأننا تقدمنا منذ ذلك الوقت خطوات كبيرة بهذه الحرب، ولكن هذا لا يعني أننا انتصرنا.. ننتصر عندما ينتهي الإرهاب.. وهو ما زال موجوداً في مناطق في الشمال، والأخطر من ذلك أن الدعم لهذا الإرهاب ما زال مستمراً.. من تركيا، ومن الدول الغربية، سواء من الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا بشكل أساسي.. لذلك من المبكر أن نتحدث عن انتصار.
السؤال الثاني:
هل تظن حقاً بأن فرنسا مستمرة في دعم الإرهاب؟
الرئيس الأسد:
طبعاً، هم أرسلوا سلاحاً في مراحل سابقة، لا أعرف إذا كان هناك تغير حقيقي في هذا الموضوع في الأشهر الأخيرة أو ربما السنة الأخيرة. لا توجد لدينا معطيات الآن.. ولكن دعنا نرَ الأمور في السياق العام، عندما تأتي القوات الفرنسية إلى سورية دون دعوة من الحكومة الشرعية فهذا احتلال، الفرق ليس كبيراً بين دعم الإرهاب والمجيء بالقوات العسكرية لاحتلال بلد، السياق واحد ولكن العناوين تختلف…
مداخلة:
لكن الفرنسيين أتوا لدعم الأكراد الذين كانوا يقاتلون “داعش”، تلك كانت مهمتهم..
الرئيس الأسد:
ولكن هل يمكن لنا أن نرسل قوات سورية لتحارب الإرهاب في فرنسا دون دعوة من الحكومة الفرنسية؟! إن ما يحكم تصرفات الدول في العالم هو فقط القانون الدولي وليس النوايا، فلا يكفي أن تكون لديك رغبة في مكافحة الإرهاب، هناك قواعد دولية لمكافحة الإرهاب.. طبعاً أنا بهذه الحالة افترض حسن النوايا، ولكن لا نصدق بأن هناك حسن نوايا. الحكومة السورية كانت تحارب “داعش”، فلماذا لم يتم دعمها؟! ولماذا تحارب الحكومة الفرنسية “داعش” وتدعم “النصرة”؟! وكلاهما “إرهابي”؟!
السؤال الثالث:
ربما تشيرون في حديثكم إلى الفترة التي كان فيها هولاند رئيساً للجمهورية، ووزير الخارجية الفرنسي فابيوس نفسه قال في وقت من الأوقات إنكم لا تستحقون أن تبقوا على قيد الحياة، ما الوضع الآن مع إيمانويل ماكرون، وهل لمستم تغيّراً في المواقف الفرنسية؟
الرئيس الأسد:
بالشكل، نعم. ولكن عندما يبقى هناك احتلال، فهذا شكل من أشكال الإرهاب، علينا أن نعرف هذه الحقيقة، إذاً علينا أن نتحدث عن التغيّر بالمضمون وليس بالشكل، لا تهمنا التصريحات، إنما الفعل على الأرض.
السؤال الرابع:
كيف تريدون أن تتغيّر الأشياء على الأرض؟
الرئيس الأسد:
بكل بساطة العودة إلى القانون الدولي فقط. لا نطلب شيئاً من الحكومة الفرنسية، لا نطلب منهم حتى دعماً، لا سياسياً، ولا اقتصادياً، ولا أمنياً. لسنا بحاجة لهم ونستطيع أن ندير أمورنا في سورية، لكننا نريدهم أن يعودوا للنظام الدولي.. هو غير موجود الآن.. هي فوضى دولية. لا نريد منهم دعماً للرئيس، لا يعنيني هذا الموضوع، ولا يهمنا أن يقولوا إنه جيد أو سيىء، هذا موضوع سوري أيضاً ولكن ما نطلبه هو أن يتوقفوا عن دعم كل ما من شأنه أن يزيد الدماء والقتل والعذاب في سورية.
السؤال الخامس:
هناك مشكلة حقيقية تواجهها فرنسا، تتعلق بالجهاديين الموجودين في سورية، هل لديكم جهاديون في سجونكم؟
الرئيس الأسد:
بغض النظر عن الجنسيات، لا بد من العودة للجهات المختصة فهي التي لديها الإحصائيات، ولكن بكل الأحوال إذا كانوا موجودين فهم يخضعون للقوانين السورية.
مداخلة:
لكنكم تعرفون بالضرورة إن كان هناك فرنسيون في سجونكم؟
الرئيس الأسد:
لا توجد لدي إحصائيات، الإرهابي إرهابي بالنسبة لنا سواء كان فرنسياً أو سورياً.
السؤال السادس:
إذا وقعّتم اتفاقاً مع “قوات حماية الشعب”، ودخل الجيش واستعدتم كل هذه الأراضي، فستجدون أن هناك سجوناً وأن في هذه السجون أربعمئة جهادي فرنسي، ما الذي ستفعلونه بهم؟
الرئيس الأسد:
كل إرهابي في مناطق سيطرة الدولة السورية سيخضع للقانون السوري، والقانون السوري واضح تجاه موضوع الإرهاب، ولدينا محاكم مختصة بالإرهاب في سورية، فإذاً سيخضعون لمحاكمة.
مداخلة:
إذاً أنتم لا تنوون أن تعيدوهم إلى أوروبا كما فعل رجب طيب أردوغان مثلاً؟
الرئيس الأسد:
أردوغان يحاول ابتزاز أوروبا. الذي يحترم نفسه لا يتحدث بهذه الطريقة. هناك مؤسسات وهناك قانون. موضوع إرسال الإرهابيين أو أي شخص محكوم إلى دولة أخرى يخضع للاتفاقيات الثنائية بين الدول، أما أن تُخرج شخصاً من السجن وأنت تعرف أنه إرهابي وتُرسله لدولة أخرى كي يقتل مدنيين فهذا عمل غير أخلاقي.
السؤال السابع:
نعود إلى مسألة النزاع القائم، ثماني سنوات من الحرب، البلاد دُمرت، هناك مدن كاملة دُمرت.. هناك نصف السكان من المهجرين أو من المهاجرين ومئات الآلاف من القتلى. هل تعترفون بأنه لم يكن بإمكانكم أن تربحوا هذا النزاع أو هذه الحرب دون دعمٍ من الروس أو من الإيرانيين؟
الرئيس الأسد:
الحرب قاسية وليست سهلة، ونحن لسنا دولة عظمى. كنا نواجه أقوى وأغنى دول العالم، ومنطقياً، لا شك بأن دعم الأصدقاء خفف الخسائر وساعدنا باستعادة الأراضي، ولكن إذا أردنا أن نسأل هل يا ترى – لولا هذا الدعم – كان يمكن لسورية أن تذهب باتجاه التقسيم، أو الهزيمة الكاملة؟ فهذا سؤال افتراضي الآن، لأنه من الصعب أن تتوقع أحياناً نتيجة مباراة كرة تنس وفيها لاعبان فقط، فكيف إذا كنت تتحدث عن عشرات اللاعبين ومئات الآلاف من المقاتلين!
السؤال الثامن:
هل فكرتم خلال هذه الحرب ولو للحظة أن ترحلوا، أن تذهبوا إلى المنفى مثلاً؟
الرئيس الأسد:
الحقيقة لم أفكر بذلك لسبب بسيط وهو أن هذا الخيار لم يكن موجوداً أو مطروحاً، تم طرحه فقط من قبل المسؤولين الغربيين، وهذا الطرح بالنسبة لي غير موجود، لا يعنيني في الحقيقة. لا يمكن أن أفكر بهذا الخيار إلا إذا كان صادراً عن الشعب السوري، وعندما أقول الشعب السوري فأنا أقصد الأغلبية، لا أقصد أقلية إرهابية، ولا أقلية مُصنّعة سياسياً في أجهزة المخابرات الأجنبية، ولا أقلية من الذين تظاهروا لأن قطر دفعت لهم أموالاً. هذا الشيء لم يكن مطروحاً من الأغلبية، لذلك أنا بقيت.
السؤال التاسع:
لكن عسكرياً، جبهة النصرة وصلت إلى بعد كيلومترات من مكان سكنكم في عام 2013، وصلت إلى حي العباسيين، ساحة العباسيين..
الرئيس الأسد:
هذا صحيح، دمشق بقيت مطوّقة تقريباً لسنوات، أحياناً بشكل كامل وأحياناً بشكل جزئي، وكانت القذائف تسقط علينا يومياً، وهذا بحد ذاته كان دافعاً أكبر لي كي أبقى وأدافع عن بلدي، لا أن أهرب. أنا أقوم بواجبي الدستوري بالدفاع عن الشعب ضد الإرهاب.
السؤال العاشر:
الآن لنتحدث قليلاً عن إعادة الإعمار، يقال إن عملية إعادة الإعمار ستكلف حوالي 300 أو 400 مليار دولار، هل لديكم خطة لإخراج الشعب من المأزق الذي هو فيه على الرغم من حالة الحصار والعقوبات المفروضة عليكم والتي تضر في واقع الأمر بالشعب وتزيد من آلامه؟
الرئيس الأسد:
هذا صحيح تماماً، لكن مع ذلك، على سبيل المثال، الصناعة في مجالات عدة أصبحت أكبر وليس العكس، فهي لم تتراجع في بعض القطاعات، قطاع الأدوية مثلاً توسع.
أما بالنسبة لإعادة إعمار ما هُدم، فتستطيع أن تذهب إلى حلب، التي كانت مدمرة بشكل كبير من قِبل الإرهابيين، وترى الفرق الكبير كل عام، وأن الدولة تقوم بعملية إعادة إعمار وأيضاً المواطنون.
مداخلة:
لكن الليرة السورية في أسوأ حالاتها، سعرها منخفض جداً، ولا بد لكم من وجود استثمارات أجنبية. هل الصين مثلاً، وغيرها من الدول، تريد أن تستثمر؟
الرئيس الأسد:
مؤخراً، خلال الأشهر الستة الأخيرة، بدأت تأتينا بعض الشركات من الخارج للاستثمار في سورية، طبعاً الجانب الاستثماري الخارجي سيبقى بطيئاً في هذه الظروف، لكن هناك أساليب للالتفاف على العقوبات، وبدأنا بالتنسيق مع هذه الشركات، بإيجاد طرق.. وسيأتون قريباً للاستثمار، لكن هذا لا يعني أنّ عملية الاستثمار وإعادة الإعمار ستكون سريعة، أنا واقعي.
مداخلة:
كم هي تقديراتكم.. كم سنة؟
الرئيس الأسد:
هذا يعتمد على كم سنة سيستمر الحصار وما هي أساليبه.. ويعتمد على عودة السوريين من الخارج. الآن هم يعودون ولكن أيضاً بشكل تدريجي، فإذاً من الصعب إعطاء جواب على هذا الموضوع، ولكن هي عملية مستمرة لسنوات طبعاً.
السؤال الحادي عشر:
كم سورياً عاد إلى سورية؟
الرئيس الأسد:
أكثر من مليون سوري خلال أقل من عام، وهناك تسارع الآن، وخاصة بعد تحرير دمشق والمنطقة الجنوبية ومحيطها. طبعاً جزء من العودة يرتبط أيضاً بعودة البنى التحتية والخدمات الأخرى كالكهرباء، والمدارس، والمشافي. ومع كل أسف فإن هذه القطاعات الثلاثة هي الأكثر تأثراً بالحصار. في الوقت ذاته هناك ضغط غربي أيضاً على اللاجئين لعدم العودة إلى سورية لأنها بالنسبة لهم قضية إنسانية تستخدم كورقة لأهداف سياسية.
السؤال الثاني عشر:
عدد كبير من هؤلاء المهاجرين ذهبوا لأنهم كانوا معارضين لكم، ولأنهم عانوا الأهوال من الجيش.. كيف توجهون لهم الدعوة للعودة؟ كيف تشجعونهم على العودة؟ هل سيكون هناك مثلاً عفو عام لهم؟
الرئيس الأسد:
أولاً القسم الأكبر منهم من المؤيدين للدولة وليس العكس، والدليل هو الانتخابات الرئاسية التي ساهموا فيها عام 2014 وصوتوا فيها لصالح الرئيس. الجزء الأكبر هاجر بسبب الحرب نفسها وبسبب نتائجها الاقتصادية. فإذاً من ناحية العودة لا توجد مشكلة، هؤلاء الأشخاص يعودون من دون عفو، بشكل طبيعي، وجزء من الذين يعودون أيضاً هم من المعارضين، الذين لا توجد أي قضية قضائية ضدهم، لأنهم لم يخالفوا القانون، أما عن كونهم معارضين لي، فهناك معارضون الآن في قلب سورية ولا توجد مشكلة، ونحن نتحاور معهم بشكل مستمر. أمّا بالنسبة للعفو، فقد أصدرنا عفواً أكثر من مرة، وآخرها كان منذ أشهر، لأن البعض يخاف أن يأتي من دون عفو، ويعتقد بأنه سيُلقى القبض عليه، مع العلم أن من حمل السلاح فقط هو الذي يُلقى القبض عليه، وحتى هؤلاء نحن نعفو عنهم.
السؤال الثالث عشر:
في العام الماضي عندما سقطت الغوطة، ذهبتُ إلى هناك والتقيت ببعض المتمردين الشباب الذين كانوا يحملون السلاح. الضباط السوريون كانوا يطالبونهم بإلقاء السلاح وأنهم لن يؤذوهم، فكان ردهم: تريدوننا أن نلقي بأسلحتنا لأنكم تريدون منا أن نلتحق بالجيش، ونحن لا نريد ذلك.. وذهبوا إلى إدلب، فما هو موقفكم؟
الرئيس الأسد:
إذا أردنا أن نتحدث عن الحقائق فجزء ممن ذهبوا إلى إدلب تركوا عائلاتهم لدينا، ونحن كدولة نرعاهم، وهذا يعني أنهم لا يخافون وإلا كيف يتركون عائلاتهم؟ هذا من جانب. من جانب آخر فإن هناك من المسلحين من ذهب إلى إدلب ولكن لاحقاً عاد إلينا، طلبوا ذلك وسمحنا لهم بالعودة، وحصلوا على العفو، لأن الجزء الأكبر من هؤلاء قيل له إن الدولة أو الجيش سيقتلك، طبعاً هذا عندما كانوا منعزلين عن الدولة لمدة سبع سنوات، ولكن عندما دخل الجيش الى الغوطة عادت الحياة طبيعية، والناس تعيش حياة عادية. علينا أن نعرف أن جزءاً منهم كان يقاتل ليس لأنه متطرف، ولكن لم يكن لديه خيار آخر إلا أن يقاتل مع الارهابيين أو يتم قتله. هم يعودون إلينا بشكل تدريجي بعد أن اطمأنوا.
السؤال الرابع عشر:
اليوم إيران تعاني من مظاهرات كثيرة ولبنان والعراق أيضاً وكل هؤلاء المتظاهرين يطالبون بالكرامة وألا تجتمع الثروات في أيدي قلة في بلادهم، ألم يكن هذا هو حال المتظاهرين الذين خرجوا في بداية الأزمة السورية؟
الرئيس الأسد:
إذا أردنا أن نتحدث عن العناوين التي تطرح كالكرامة والحرية وغيرها، فهي يمكن أن تكون أقنعة جميلة ولكن ما خلفها قبيح، وسأعطيك أمثلة، بوش قتل مليونا ونصف مليون عراقي تحت عنوان الديمقراطية، وساركوزي ساهم في قتل مئات الآلاف من الليبيين تحت عنوان حرية الشعب الليبي، واليوم فرنسا وبريطانيا وأمريكا يخرقون القانون الدولي تحت عنوان دعم الأكراد الذين هم من الشعب السوري وليسوا شعباً مستقلاً. في سورية عام 2011 كانت هناك العناوين نفسها كالكرامة والحرية وهي التي استخدمت لقتل الشرطة والمدنيين وتخريب الأملاك العامة، فإذاً علينا ألا نهتم بالعناوين وإنما بالحقائق على الأرض، وما الذي كان يحصل.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة