من المعروف أنّ ما كان يعترض ولادة اللجنة الدستورية والاتفاق على آليات عملها، على الرغم من مرور سنتين على مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، هو اعتراض الولايات المتحدة وحلفائها على بعض الأسماء في الثلث الثالث من أعضاء هذه اللجنة،

 

 وكانت تركيا من بين الدول التي عرقلت ولادة اللجنة الدستورية، بدليل أنه ما إنْ تمّ الاتفاق على تشكيل اللجنة في قمة أستانا الأخيرة التي عقدت في تركيا، حتى أعلن بعد ذلك بأيامٍ قليلة الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية والاتفاق على آليات عملها.

 

 

السؤال المطروح، طالما أنّ الولايات المتحدة وتركيا هما الطرفان اللذان كانا يعرقلان تشكيل اللجنة ويصرّان على فرض مطالب تعجيزية، رفضتها سورية بقوة لأنها تمسّ خطوطها الحمراء، وتحقق عن طريق السياسة ما عجزوا عن تحقيقه عن طريق الحرب، هل يعني ذلك الإفراج عن الحلّ السياسي الذي عارضته بقوة واشنطن وأنقرة وقدّمتا الدعم لكافة التشكيلات المسلحة والإرهابية لتخريبه؟

 

الجواب القاطع مرتبط بأمرين أساسين، الأمر الأول، ما إذا كانت اللجنة الدستورية، بعد الاتفاق على أعضائها وآليات عملها، سوف تباشر مراجعة الدستور بطريقة جدية وبنّاءة، لا تحويل اللجنة وفرض مطالب تعجيزية رفضتها سورية إلى منبر يشبه اجتماعات جنيف بدوراتها المتعدّدة الذي شاركت فيه وفود عن الجمهورية العربية السورية وجماعات المعارضة، وكانت مجرد منبر إعلامي لعرض كلّ طرف رأيه من دون حصول أيّ تقدّم.

 

الأمر الثاني، أن تنهي اللجنة الدستورية مراجعتها لبنود الدستور، واتخاذ قرارات وفاقية بتوقيت أسرع من توقيت العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري لاستعادة سلطة الدولة على كلّ الأراضي السورية، بما يسمح بالاستنتاج أنّ هناك إسهاماً للحل السياسي في اختصار ويلات الخيار العسكري.

 

إذا لم يتحقق ذلك، فإنّ تشكيل اللجنة الدستورية ومباشرة عملها لا يعني شيئاً على الإطلاق.

 

لا شكّ أنّ ثمة بعض المؤشرات التي قد تحمل معها ما يدفع إلى التفاؤل، مثل بيان الترحيب الذي صدر عن الولايات المتحدة، الذي خلا من التحفظات والحذر الذي قد يقود إلى انتكاسة، ومن مثل الاقتناع بأنه في الفترة الأخيرة حدثت جولات اختبار للقوة بين محور المقاومة والمحور الذي تقوده الولايات المتحدة، وكانت آخر جولات هذا الاختبار الهجمات على آرامكو بما تعنيه من دلالات عسكرية، واقتصادية ونتائج سياسية، فإذا كانت الولايات المتحدة قد وصلت إلى قناعة باستحالة وخطورة الاستمرار بالتصعيد، والأفضل لها ولصالحها البحث عن تسويات، فإنّ الوضع في سورية هو على لائحة التسويات بسبب تداخل مواقع منظومة المقاومة مع المواقع الأميركية.

 

يجب عدم الإفراط بالتفاؤل في ظلّ إدارة أميركية يقودها رجل مثل الرئيس ترامب.

 

  • فريق ماسة
  • 2019-09-24
  • 12053
  • من الأرشيف

تشكيل اللجنة الدستورية: هل أفرجت واشنطن عن الحلّ السياسي؟

من المعروف أنّ ما كان يعترض ولادة اللجنة الدستورية والاتفاق على آليات عملها، على الرغم من مرور سنتين على مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، هو اعتراض الولايات المتحدة وحلفائها على بعض الأسماء في الثلث الثالث من أعضاء هذه اللجنة،    وكانت تركيا من بين الدول التي عرقلت ولادة اللجنة الدستورية، بدليل أنه ما إنْ تمّ الاتفاق على تشكيل اللجنة في قمة أستانا الأخيرة التي عقدت في تركيا، حتى أعلن بعد ذلك بأيامٍ قليلة الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية والاتفاق على آليات عملها.     السؤال المطروح، طالما أنّ الولايات المتحدة وتركيا هما الطرفان اللذان كانا يعرقلان تشكيل اللجنة ويصرّان على فرض مطالب تعجيزية، رفضتها سورية بقوة لأنها تمسّ خطوطها الحمراء، وتحقق عن طريق السياسة ما عجزوا عن تحقيقه عن طريق الحرب، هل يعني ذلك الإفراج عن الحلّ السياسي الذي عارضته بقوة واشنطن وأنقرة وقدّمتا الدعم لكافة التشكيلات المسلحة والإرهابية لتخريبه؟   الجواب القاطع مرتبط بأمرين أساسين، الأمر الأول، ما إذا كانت اللجنة الدستورية، بعد الاتفاق على أعضائها وآليات عملها، سوف تباشر مراجعة الدستور بطريقة جدية وبنّاءة، لا تحويل اللجنة وفرض مطالب تعجيزية رفضتها سورية إلى منبر يشبه اجتماعات جنيف بدوراتها المتعدّدة الذي شاركت فيه وفود عن الجمهورية العربية السورية وجماعات المعارضة، وكانت مجرد منبر إعلامي لعرض كلّ طرف رأيه من دون حصول أيّ تقدّم.   الأمر الثاني، أن تنهي اللجنة الدستورية مراجعتها لبنود الدستور، واتخاذ قرارات وفاقية بتوقيت أسرع من توقيت العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري لاستعادة سلطة الدولة على كلّ الأراضي السورية، بما يسمح بالاستنتاج أنّ هناك إسهاماً للحل السياسي في اختصار ويلات الخيار العسكري.   إذا لم يتحقق ذلك، فإنّ تشكيل اللجنة الدستورية ومباشرة عملها لا يعني شيئاً على الإطلاق.   لا شكّ أنّ ثمة بعض المؤشرات التي قد تحمل معها ما يدفع إلى التفاؤل، مثل بيان الترحيب الذي صدر عن الولايات المتحدة، الذي خلا من التحفظات والحذر الذي قد يقود إلى انتكاسة، ومن مثل الاقتناع بأنه في الفترة الأخيرة حدثت جولات اختبار للقوة بين محور المقاومة والمحور الذي تقوده الولايات المتحدة، وكانت آخر جولات هذا الاختبار الهجمات على آرامكو بما تعنيه من دلالات عسكرية، واقتصادية ونتائج سياسية، فإذا كانت الولايات المتحدة قد وصلت إلى قناعة باستحالة وخطورة الاستمرار بالتصعيد، والأفضل لها ولصالحها البحث عن تسويات، فإنّ الوضع في سورية هو على لائحة التسويات بسبب تداخل مواقع منظومة المقاومة مع المواقع الأميركية.   يجب عدم الإفراط بالتفاؤل في ظلّ إدارة أميركية يقودها رجل مثل الرئيس ترامب.  

المصدر : البناء /حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة