تواصل وحدات الجيش السوري عملياتها العسكرية في ريف حماة الشمالي حيث حررت أمس واليوم عدة بلدات استراتيجية وأشرفت على بلدتي كفرزيتا واللطامنة في عمق محور القتال، مع استمرار الاستهداف الجوي لمواقع "النصرة" في أرياف حماة وإدلب.

 

أطلقت الحكومة السورية عمليتها العسكرية لتحرير ما تبقى من الشمال السوري تحت سيطرة الجماعات المسلحة في شهر مايو/ أيار الماضي، بعد تعزيزات جرارة وإمدادات عسكرية كبيرة.

 

وتمكن الجيش السوري خلال العملية التي أطلقها في شهرمايو الماضي من تحرير عدة بلدات هامة في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي مثل كفرنبودة والمضيق والحماميات والقصيبة والأربعين والزكاة، موقعا خسائر كبيرة بالتنظيمات المسلحة المنتشرة على طول المحاور وجبهات القتال.

 

وبالتوازي مع العمليات البرية، تشن المقاتلات الحربية الروسية والسورية وسلاح المروحيات عمليات وغارات على مواقع التنظيمات المسلحة في ريف حماة الشمالي وعمق ريف إدلب شملت حتى مواقع للنصرة في مدينة إدلب نفسها.

 

تصريحات دمشق تشير إلى عمل عسكري كبير وقالت أن الجيش السوري سوف يحرر إدلب كاملة، وهذا يعني دخول الجيش السوري إلى كامل محافظة إدلب، وفي هذه الحالة، فإن الخبراء يختلفون حول مصير النقاط التركية وحتى المدى الذي ستصل إليه العملية العسكرية للجيش السوري.

 

فمن الخبراء من رأى أن تقدم الجيش السوري وانهيار المجموعات المسلحة بالتوازي مع توجه تركيا للتركيز على شرق الفرات سوف يؤدي إما إلى سحب نقاطها أو إبقائها من دون أن يقترب الجيش السوري منها ناريا بحيث تشارك في تنظيم أي ترتيبات على الأرض، ومنهم من رأى أن المدى المنظور هو إما تصعيد تركي أمريكي ضد الجيش السوري في جبهات القتال في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على شرق الفرات، أو تفاهم روسي تركي يؤدي إلى تراجع المسلحين 20 كم مع بقاء التنسيق بالدوريات الروسية التركية.

 

اعتبر المحلل السياسي والعسكري الدكتور كمال جفا، في حديثه لوكالة "سبوتنيك" أن تركيا أقرب ما تكون لتوجيه تركيزها نحو محاربة الفصائل الكردية شرق الفرات وبالتالي ترك ساحة الاشتباك في إدلب أمام ما أسماه الإعصار السوري الروسي، وقال:

 

"مضى أكثر من عام على اتفاق سوتشي وبدء نشرالنقاط التركية الـ12 والتي كانت مهمتها الإشراف على عملية انسحاب الفصائل المسلحة من المنطقة المتفق عليها في سوتشي تمهيدا لعملية تطبيع تدريجية تؤدي الى دخول مؤسسات الدولة السورية المدنية والخدمية تدريجيا وتطبيق وتهدئة وتسوية اوضاع المسلحين والمدنيين الذين يحملون في صحيفتهم مخالفات وجرائم"

 

وأضاف الدكتور جفا: "نكست تركيا بوعودعا بل وضاعفت حجم إمداداتها ودعمها للتنظيمات المسلحة وأمنت لها مسرح عمليات مريح وآمن لمعاودة هجماتها على قوات الجيش والمناطق الآمنة...  اليوم تبدل الموقف وتركيا أخذت ما تحتاجه وأكثر لتحديد خياراتها في موائمة العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة والتلاعب بين المكاسب التي ستجنيها من الطرفين لكن الافتراق أقرب اليوم مع واشنطن وفشل الاتفاق على المنطقة الآمنة سيجرف تركيا إلى ضفة روسيا وخاصة أنها أنهت استعداداتها لبدء عمليتها المنتظرة في شرق الفرات وهذا يعني حكما تحول الأولويات إلى الشمال الشرقي وترك أدواتها في إدلب يواجهون الإعصار السوري الروسي".

 

وتابع "فشل المجموعات الجهادية في تحقيق أي مكسب رغم المهل الممنوحة لهم من قبل تركيا والضغط التركي على الفصائل المحلية لتكون رأس الحربة في عملية شمال شرق الفرات سيؤدي إلى إلغاء دور نقاط المراقبة وعدم جدوى استمرار تواجدها وبالتالي قد تنسحب أو قد تبقى بدون فاعلية مع الحرص السوري على عدم استهدافها وتحاشي إيقاع أي خسائر بها مع اقتراب دائرة النار منها لكي تكون مشاركة في أي ترتيبات على الأرض بعد كسر شوكة المجموعات الإرهابية في معاقلها الأخيرة في إدلب".

 

وختم الخبير: "مادامت العين التركية على إنهاء دولة الأمر الواقع "القسدية" والتي تستميت أمريكا لخلقها فلا يمكن أن تستقر تركيا أو تهنأ بسلام دائم وهذا يساعد في تحقيق رؤية الدولة السورية في فرض الأمان والاستقرار على إدلب على مراحل ستكون إدلب وجنوبها تحت سيطرة الدولة السورية في المدى المنظور وستترك عفرين وأعزاز والباب وشمال شرق سورية لحين الوصول إلى حل سياسي وانتخابات برلمانية ورئاسية".

 

فيما كان لمدير مركز الدراسات  الإنتروستراتيجية في بيروت صلاح النشواتي رأيا مغايرا لراي الدكتور كمال جفا، وأوضح لوكالة "سبوتنيك":

 

"إذا نجح التنسيق والعملية الأمريكية التركية المشتركة حول شرق الفرات فإن الاتجاه سيكون نحو المزيد من الضغط على الحكومة السورية في إدلب عسكريا، وقد يكون هناك هجوم مضاد،  وإذا لم ينجح التنسيق الأمريكي التركي فسيكون التنسيق بين روسيا وتركيا ضد أمريكا وبهذه الحالة ستطبق تركيا اتفاق أستانا بسحب القوات عشرين كيلو بدون تقدم للجيش السوري والإبقاء على نقاط المراقبة التركية وتسيير دوريات مشتركة تركية روسية".

 

وقال: "بالنسبة لتركيا فإن إطلاق عمليتها شرق الفرات تمثل أولوية أولى لأنقرة، بداعي تخفيف الضغط الناجم عن ازدياد عدد اللاجئين السوريين في الداخل التركي، ورغبة الحكومة التركية بضخهم إلى الشمال السوري لإنشاء حزام بشري عازل على طول الحدود السورية التركية، لمنع المنطقة الشمالية الشرقية في سورية من التحول لمنطقة آمنة لحزب الكردستان العمالي في حربه مع الجيش التركي، أي أن كل من أنقرة وحزب العمال الكردستاني في سباق لتجعل شمال شرق سورية منطقة آمنه لصالح، هذه المخاوف تتفهمها كل من واشنطن وموسكو، بل في الحقيقة تحولت إلى نقطة للتجاذب من قبل أمريكا وروسيا".

 

وبرأي النشواتي فإنه: "وفي حين أن إطلاق عملية عسكرية شرق الفرات على طول الحدود سيتطلب الكثير من القوات، والتي سيتم سحبها من جبهة إدلب التي تضغط عليها عمليات الجيش السوري بقوة، إلا أن المسارعة الأمريكية للتنسيق حول هذه العملية مع أنقرة والتوصل مؤخراً إلى اتفاق ثنائي بهذا الشأن، حرم الحكومة السورية من فرصة مهمة في تخفيف الضغط القادم من جبهة إدلب وتسريع وتيرة تحرير الأراضي من سيطرة المجموعات التركية، وحرم موسكو من الدخول على خط الأزمة واختراق حاجز النهر كحاجز للنفوذ الروسي في سورية، بالتالي في حال نجاح التنسيق الأمريكي التركي حول المنطقة الآمنة، فهذا سيؤدي بالضرورة إلى إطلاق هجوم واسع ومنسق من قبل الطرفين في إدلب ضد كل الحلف الروسي السوري، بالتزامن مع ممارسة الضغط الأممي على الحكومة السورية، أما في حال فشل الجهود الأمريكية في احتواء تركيا، فستكون الفرصة سانحة أمام روسيا لاختراق النهر، وأمام الحكومة السورية بتحصيل تنازلات كبيرة من تركيا أقلها في التطبيق الفعلي لاتفاق أستانا بحسب المجموعات المسلحة 20كم عن خط الاشتباك".

  • فريق ماسة
  • 2019-08-07
  • 12425
  • من الأرشيف

(اعصار الشمال) السوري يتقدم... فما مصير نقاط المراقبة التركية في إدلب

تواصل وحدات الجيش السوري عملياتها العسكرية في ريف حماة الشمالي حيث حررت أمس واليوم عدة بلدات استراتيجية وأشرفت على بلدتي كفرزيتا واللطامنة في عمق محور القتال، مع استمرار الاستهداف الجوي لمواقع "النصرة" في أرياف حماة وإدلب.   أطلقت الحكومة السورية عمليتها العسكرية لتحرير ما تبقى من الشمال السوري تحت سيطرة الجماعات المسلحة في شهر مايو/ أيار الماضي، بعد تعزيزات جرارة وإمدادات عسكرية كبيرة.   وتمكن الجيش السوري خلال العملية التي أطلقها في شهرمايو الماضي من تحرير عدة بلدات هامة في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي مثل كفرنبودة والمضيق والحماميات والقصيبة والأربعين والزكاة، موقعا خسائر كبيرة بالتنظيمات المسلحة المنتشرة على طول المحاور وجبهات القتال.   وبالتوازي مع العمليات البرية، تشن المقاتلات الحربية الروسية والسورية وسلاح المروحيات عمليات وغارات على مواقع التنظيمات المسلحة في ريف حماة الشمالي وعمق ريف إدلب شملت حتى مواقع للنصرة في مدينة إدلب نفسها.   تصريحات دمشق تشير إلى عمل عسكري كبير وقالت أن الجيش السوري سوف يحرر إدلب كاملة، وهذا يعني دخول الجيش السوري إلى كامل محافظة إدلب، وفي هذه الحالة، فإن الخبراء يختلفون حول مصير النقاط التركية وحتى المدى الذي ستصل إليه العملية العسكرية للجيش السوري.   فمن الخبراء من رأى أن تقدم الجيش السوري وانهيار المجموعات المسلحة بالتوازي مع توجه تركيا للتركيز على شرق الفرات سوف يؤدي إما إلى سحب نقاطها أو إبقائها من دون أن يقترب الجيش السوري منها ناريا بحيث تشارك في تنظيم أي ترتيبات على الأرض، ومنهم من رأى أن المدى المنظور هو إما تصعيد تركي أمريكي ضد الجيش السوري في جبهات القتال في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على شرق الفرات، أو تفاهم روسي تركي يؤدي إلى تراجع المسلحين 20 كم مع بقاء التنسيق بالدوريات الروسية التركية.   اعتبر المحلل السياسي والعسكري الدكتور كمال جفا، في حديثه لوكالة "سبوتنيك" أن تركيا أقرب ما تكون لتوجيه تركيزها نحو محاربة الفصائل الكردية شرق الفرات وبالتالي ترك ساحة الاشتباك في إدلب أمام ما أسماه الإعصار السوري الروسي، وقال:   "مضى أكثر من عام على اتفاق سوتشي وبدء نشرالنقاط التركية الـ12 والتي كانت مهمتها الإشراف على عملية انسحاب الفصائل المسلحة من المنطقة المتفق عليها في سوتشي تمهيدا لعملية تطبيع تدريجية تؤدي الى دخول مؤسسات الدولة السورية المدنية والخدمية تدريجيا وتطبيق وتهدئة وتسوية اوضاع المسلحين والمدنيين الذين يحملون في صحيفتهم مخالفات وجرائم"   وأضاف الدكتور جفا: "نكست تركيا بوعودعا بل وضاعفت حجم إمداداتها ودعمها للتنظيمات المسلحة وأمنت لها مسرح عمليات مريح وآمن لمعاودة هجماتها على قوات الجيش والمناطق الآمنة...  اليوم تبدل الموقف وتركيا أخذت ما تحتاجه وأكثر لتحديد خياراتها في موائمة العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة والتلاعب بين المكاسب التي ستجنيها من الطرفين لكن الافتراق أقرب اليوم مع واشنطن وفشل الاتفاق على المنطقة الآمنة سيجرف تركيا إلى ضفة روسيا وخاصة أنها أنهت استعداداتها لبدء عمليتها المنتظرة في شرق الفرات وهذا يعني حكما تحول الأولويات إلى الشمال الشرقي وترك أدواتها في إدلب يواجهون الإعصار السوري الروسي".   وتابع "فشل المجموعات الجهادية في تحقيق أي مكسب رغم المهل الممنوحة لهم من قبل تركيا والضغط التركي على الفصائل المحلية لتكون رأس الحربة في عملية شمال شرق الفرات سيؤدي إلى إلغاء دور نقاط المراقبة وعدم جدوى استمرار تواجدها وبالتالي قد تنسحب أو قد تبقى بدون فاعلية مع الحرص السوري على عدم استهدافها وتحاشي إيقاع أي خسائر بها مع اقتراب دائرة النار منها لكي تكون مشاركة في أي ترتيبات على الأرض بعد كسر شوكة المجموعات الإرهابية في معاقلها الأخيرة في إدلب".   وختم الخبير: "مادامت العين التركية على إنهاء دولة الأمر الواقع "القسدية" والتي تستميت أمريكا لخلقها فلا يمكن أن تستقر تركيا أو تهنأ بسلام دائم وهذا يساعد في تحقيق رؤية الدولة السورية في فرض الأمان والاستقرار على إدلب على مراحل ستكون إدلب وجنوبها تحت سيطرة الدولة السورية في المدى المنظور وستترك عفرين وأعزاز والباب وشمال شرق سورية لحين الوصول إلى حل سياسي وانتخابات برلمانية ورئاسية".   فيما كان لمدير مركز الدراسات  الإنتروستراتيجية في بيروت صلاح النشواتي رأيا مغايرا لراي الدكتور كمال جفا، وأوضح لوكالة "سبوتنيك":   "إذا نجح التنسيق والعملية الأمريكية التركية المشتركة حول شرق الفرات فإن الاتجاه سيكون نحو المزيد من الضغط على الحكومة السورية في إدلب عسكريا، وقد يكون هناك هجوم مضاد،  وإذا لم ينجح التنسيق الأمريكي التركي فسيكون التنسيق بين روسيا وتركيا ضد أمريكا وبهذه الحالة ستطبق تركيا اتفاق أستانا بسحب القوات عشرين كيلو بدون تقدم للجيش السوري والإبقاء على نقاط المراقبة التركية وتسيير دوريات مشتركة تركية روسية".   وقال: "بالنسبة لتركيا فإن إطلاق عمليتها شرق الفرات تمثل أولوية أولى لأنقرة، بداعي تخفيف الضغط الناجم عن ازدياد عدد اللاجئين السوريين في الداخل التركي، ورغبة الحكومة التركية بضخهم إلى الشمال السوري لإنشاء حزام بشري عازل على طول الحدود السورية التركية، لمنع المنطقة الشمالية الشرقية في سورية من التحول لمنطقة آمنة لحزب الكردستان العمالي في حربه مع الجيش التركي، أي أن كل من أنقرة وحزب العمال الكردستاني في سباق لتجعل شمال شرق سورية منطقة آمنه لصالح، هذه المخاوف تتفهمها كل من واشنطن وموسكو، بل في الحقيقة تحولت إلى نقطة للتجاذب من قبل أمريكا وروسيا".   وبرأي النشواتي فإنه: "وفي حين أن إطلاق عملية عسكرية شرق الفرات على طول الحدود سيتطلب الكثير من القوات، والتي سيتم سحبها من جبهة إدلب التي تضغط عليها عمليات الجيش السوري بقوة، إلا أن المسارعة الأمريكية للتنسيق حول هذه العملية مع أنقرة والتوصل مؤخراً إلى اتفاق ثنائي بهذا الشأن، حرم الحكومة السورية من فرصة مهمة في تخفيف الضغط القادم من جبهة إدلب وتسريع وتيرة تحرير الأراضي من سيطرة المجموعات التركية، وحرم موسكو من الدخول على خط الأزمة واختراق حاجز النهر كحاجز للنفوذ الروسي في سورية، بالتالي في حال نجاح التنسيق الأمريكي التركي حول المنطقة الآمنة، فهذا سيؤدي بالضرورة إلى إطلاق هجوم واسع ومنسق من قبل الطرفين في إدلب ضد كل الحلف الروسي السوري، بالتزامن مع ممارسة الضغط الأممي على الحكومة السورية، أما في حال فشل الجهود الأمريكية في احتواء تركيا، فستكون الفرصة سانحة أمام روسيا لاختراق النهر، وأمام الحكومة السورية بتحصيل تنازلات كبيرة من تركيا أقلها في التطبيق الفعلي لاتفاق أستانا بحسب المجموعات المسلحة 20كم عن خط الاشتباك".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة