مثلت الكتابةُ أحد مداخل أو أدوات الحرب في سورية، كما كانت أحد مخرجاتها، وقد حدث طوال سنوات الحرب أن تَرَاكَمَ كمٌ هائل من المعلومات والأخبار والتقارير والتقديرات والصور والمقاطع الرقمية واللوحات الفنية والسرديات والروايات والقصص والمذكرات التي تم إنتاجها كجزء من ديناميات الحرب، صدر أكثرها من منظور أجهزة الدعاية والحرب النفسيّة ودوائر الاستخبارات ووزارات الدّفاع، والقليل منها من منظور مراكز الأبحاث والدراسات ذوات الشواغل العلميّة والفواعل المهتمة بتقديم المعلومة والرأي والتغطية الموضوعية لما يجري.

تركز الورقة على نمط من التقارير الدولية أو التقارير ذات التلقي والاهتمام الدولي، بوصفها منتجاً سياسيّاً واستراتيجيّاً في المقام الأول، وإذا ما كان التقرير صادراً عن معهد أو مؤسسة بحثية متخصصة بالسلاح والجيوش والأمن، فهذا يعزز تنبيهاً رئيساً، على هذا الصعيد، وهو أن تلك المراكز تحاول الاستجابة لمدارك أمنية سياسية واستراتيجية لدى الجهات الممولة لها أو المسؤولة عنها، ومن ثم فهي إحدى أدوات أو أذرع مؤسسات الأمن والدفاع ومؤسسات السياسات العليا، ولا ترصد أو تحلل فحسب، وإنما تحاول أن تقدم موضوعاتها في ميزان أولوياتها وتقديراتها هي، ومن ثم فهي لا تعكس الظاهرة أو الموضوع كما هو –وقد يكون ذلك متعذراً بالأساس– إلا أنها تعيد هندسته وتكييفه وتصفيحه و"مونتاجه" وفق منظارها ثم تقدمه إلى المتلقي حول العالم، وهذا فعل سياسي وأمني وعسكري أكثر مما هو فعل كتابي وتحليلي محض.

تتناول الورقة أحد أهم التقارير الدولية حول التسلح والأمن الدولي، بعنوان: "التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي" الذي يصدر عن معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي (SIPRI) في السويد، وصدرت ترجمته العربية عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وجاء في 639 صفحة. وذلك بوصف التقرير المذكور مثالاً للتقارير الدولية أو ذات التلقي الدولي، المشار إليها أعلاه، لكن بالتركيز على الكيفية التي رأت أو قدمت فيها الحدث السوري، وما سكتت عنه، وما يفترض بمراكز الأبحاث والمؤسسات من هذا النمط أن تفعله حيال حدث أو حرب معقدة مثل الحرب السورية.

تتألف الورقة من مقدمة وأحد عشر محوراً، أولاً- في المقاربة، ثانياً- الكتابة الحرب، ثالثاً- تقرير "سيبري" عن التسلح ونزع السلاح، رابعاً- التسلح في الشرق الأوسط، خامساً- الحرب السورية، سادساً- في تحول ميزان القوى!، سابعاً- مزاعم استخدام السلاح الكيماوي، ثامناً- إخفاق، تاسعاً- التحيز والمركزية الغربية، عاشراً- ما سكت عنه، حادي عشر- أسئلة أو مهام واجبة، وأخيراً خاتمة.

  • فريق ماسة
  • 2019-08-05
  • 13830
  • من الأرشيف

الكتابة والحرب: سورية في تقرير التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي

مثلت الكتابةُ أحد مداخل أو أدوات الحرب في سورية، كما كانت أحد مخرجاتها، وقد حدث طوال سنوات الحرب أن تَرَاكَمَ كمٌ هائل من المعلومات والأخبار والتقارير والتقديرات والصور والمقاطع الرقمية واللوحات الفنية والسرديات والروايات والقصص والمذكرات التي تم إنتاجها كجزء من ديناميات الحرب، صدر أكثرها من منظور أجهزة الدعاية والحرب النفسيّة ودوائر الاستخبارات ووزارات الدّفاع، والقليل منها من منظور مراكز الأبحاث والدراسات ذوات الشواغل العلميّة والفواعل المهتمة بتقديم المعلومة والرأي والتغطية الموضوعية لما يجري. تركز الورقة على نمط من التقارير الدولية أو التقارير ذات التلقي والاهتمام الدولي، بوصفها منتجاً سياسيّاً واستراتيجيّاً في المقام الأول، وإذا ما كان التقرير صادراً عن معهد أو مؤسسة بحثية متخصصة بالسلاح والجيوش والأمن، فهذا يعزز تنبيهاً رئيساً، على هذا الصعيد، وهو أن تلك المراكز تحاول الاستجابة لمدارك أمنية سياسية واستراتيجية لدى الجهات الممولة لها أو المسؤولة عنها، ومن ثم فهي إحدى أدوات أو أذرع مؤسسات الأمن والدفاع ومؤسسات السياسات العليا، ولا ترصد أو تحلل فحسب، وإنما تحاول أن تقدم موضوعاتها في ميزان أولوياتها وتقديراتها هي، ومن ثم فهي لا تعكس الظاهرة أو الموضوع كما هو –وقد يكون ذلك متعذراً بالأساس– إلا أنها تعيد هندسته وتكييفه وتصفيحه و"مونتاجه" وفق منظارها ثم تقدمه إلى المتلقي حول العالم، وهذا فعل سياسي وأمني وعسكري أكثر مما هو فعل كتابي وتحليلي محض. تتناول الورقة أحد أهم التقارير الدولية حول التسلح والأمن الدولي، بعنوان: "التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي" الذي يصدر عن معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي (SIPRI) في السويد، وصدرت ترجمته العربية عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وجاء في 639 صفحة. وذلك بوصف التقرير المذكور مثالاً للتقارير الدولية أو ذات التلقي الدولي، المشار إليها أعلاه، لكن بالتركيز على الكيفية التي رأت أو قدمت فيها الحدث السوري، وما سكتت عنه، وما يفترض بمراكز الأبحاث والمؤسسات من هذا النمط أن تفعله حيال حدث أو حرب معقدة مثل الحرب السورية. تتألف الورقة من مقدمة وأحد عشر محوراً، أولاً- في المقاربة، ثانياً- الكتابة الحرب، ثالثاً- تقرير "سيبري" عن التسلح ونزع السلاح، رابعاً- التسلح في الشرق الأوسط، خامساً- الحرب السورية، سادساً- في تحول ميزان القوى!، سابعاً- مزاعم استخدام السلاح الكيماوي، ثامناً- إخفاق، تاسعاً- التحيز والمركزية الغربية، عاشراً- ما سكت عنه، حادي عشر- أسئلة أو مهام واجبة، وأخيراً خاتمة.

المصدر : الماسة السورية/ مداد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة