دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
حسم عدد المشاركين في القمة العربية اليوم في سرت، التي تمّ التوافق على تسميتها «قمة دعم صمود القدس»، ومن المتوقع أن تمر بهدوء، إذا لم تحصل مفاجآت، بحضور يقارب نصف عدد الزعماء العرب.
ولم يشهد اجتماع وزراء الخارجية العرب، أمس الأول، مسائل خلافية كبيرة، عدا توتر لفظي مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي هدّد بترك القمة ثم خفض مستوى مشاركة العراق إلى مستوى مندوبه لدى الجامعة العربية، وذلك احتجاجاً على استقبال الرئيس الليبي معمر القذافي قبل أيام وفداً من المعارضة العراقية.
واقر مجلس وزراء الخارجية العرب خطة دعم القدس التي تقضي برفع مستوى الدعم المالي من 150 مليون إلى نصف مليار دولار، مع خطوات أخرى مرافقة. كما اتفق على الورقة السورية لإدارة الخلافات العربية بعد تعديلات لغوية، تقدمت بها القاهرة وحظيت بموافقة دمشق. وكان لافتاً في الاجتماعات وجود تناغم سعودي ـ سوري تام، ترافق مع توافق مصري فغابت الانقسامات عن طروحات المجتمعين.
وتأكد عدم مشاركة رؤساء لبنان والعراق ومصر ودولة الإمارات، وملكي السعودية والمغرب بالاضافة الى سلطان عمان. ووصل إلى سرت الملك الأردني عبد الله الثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ورؤساء فلسطين محمود عباس واليمن علي عبد الله صالح والجزائر عبد العزيز بوتفليقة وموريتانيا محمد ولد عبد العزيز والصومال شيخ شريف شيخ احمد والسودان عمر البشير وجزر القمر احمد عبد الله سامبي وجيبوتي إسماعيل عمر جيله. كما وصل الممثل الشخصي لملك البحرين الشيخ عبد الله بن حمد آل خليفة وحاكم أم القيوين الشيخ سعود بن راشد المعلا ممثلا للرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
ولم يعتبر الغياب مؤشراً سلبياً على أعمال القمة، نظراً لنجاح اجتماع وزراء الخارجية، ولأنه مرتبط بقضايا مختلفة، بينها المرض كما حالة الرئيس المصري حسني مبارك أو الاحتجاج على مسألة في العلاقات الثنائية مع ليبيا، كما في حالة العراق. ويشارك رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في حفل افتتاح القمة اليوم، كما من المتوقع أن يشارك رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني بناء على دعوة من القذافي. والتقى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في سرت الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وعباس.
وفي موضوع المصالحة الفلسطينية، بقيت المؤشرات تتجه إلى عدم حصول تطور، بالإضافة إلى عدم وجود تغير في جهود المصالحة المبذولة حتى اللحظة بين الأطراف. وعلم أن القذافي سيطرح أفكاراً تتعلق بتطوير عمل جامعة الدول العربية.
وأقرّت الورقة السورية لإدارة الخلافات العربية، وذلك من منطلق أن الخلاف على «بند في قضية لا يعني الخلاف على مجمل هذه القضية». وقالت مصادر إنه سبق لهذه الورقة أن عرضت على اجتماعات عربية عدة، ابتداء من قمة دمشق في العام 2007، وذلك بهدف «إبقاء الخلافات العربية في إطار الأسرة العربية وعدم تحويل الخلافات في الآراء أو حول التفاصيل إلى اختلافات جوهرية بين الدول العربية»، عبر «طريقة لا تنعكس على العلاقات العربية على المستويات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية».
وتضمنت المبادرة جملة من المبادئ، بينها «الالتزام بإبقاء الخلافات العربية داخل العائلة العربية»، وعدم اللجوء إلى تقليص أو تجميد العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وكذلك تعزيز روح الالتزام بميثاق جامعة الدول العربية في ما يتعلق بالعمل العربي المشترك، وتكريس لغة الحوار في العلاقات العربية ـ العربية مهما بلغت درجة الاختلافات، وجعلها نهجاً ووسيلة للوصول إلى التوافق، كما تجنب التصعيد الإعلامي بين الدول.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن المبادرة السورية لوضع آلية لإدارة الخلافات العربية ومأسسة الجامعة العربية جاءت استجابة للأوضاع العربية الراهنة والتحديات التي تواجهها الأمة، موضحاً أن سوريا ترى في قمة سرت إطاراً مناسباً لإقرار هذه الآلية. وأضاف إن «وزراء الخارجية العرب أقروا بالإجماع الورقة السورية، وتمّ رفعها كمشروع قرار إلى القمة».
ولفت المعلم إلى أن الأجواء التحضيرية للقمة ايجابية، وان معظم الوزراء الموجودين يستشعرون المخاطر التي تحيط بالأمة، وخاصة بسبب ممارسات إسرائيل التي تقوم بتهويد القدس والاعتداء على الحرمات المقدسة للمسلمين والمسيحيين وتضع كل العراقيل أمام إمكانية استئناف عملية السلام. وتابع «يجب أن نكون كعرب متضامنين، ونعرف من هو العدو، وماذا نريد وكيف نتحرك»، مؤكداً أن الأجواء مبشرة على هذا الصعيد.
كما جرى الاتفاق مبدئياً على تسمية القمة «قمة دعم صمود القدس»، بناء على اقتراح سوري. وتنص ورقة القدس على «خطة التحرك العربية اتجاه القدس، عبر إجراء دراسة قانونية ستقدم حول إمكانية رفع الموضوع إلى محكمة العدل الدولية من خلال محامين مختصين، وزيادة تمويل صندوق الأقصى لمساعدة المواطنين الفلسطينيين على مقاومة التهويد، وجمع لجنة القدس بعد القمة لدراسة أفكار يتمّ تقديمها إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، حول تشكيل مفوضية القدس».
وقال مصدر دبلوماسي عربي إن ليبيا ستعرض على القمة «منح المزيد من الصلاحيات لرئاسة القمة». وأعلن نائب وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر أن رئاسة القمة التي ستتولاها بلاده يجب أن «يكون لها دور فاعل بين فترات انعقاد القمة وان تقود العمل في الأمانة العامة للجامعة».
وقال موسى، في مؤتمر صحافي بعد اختتام اجتماع وزراء الخارجية، إن الوزراء أقرّوا زيادة الدعم لصندوقي الأقصى والقدس إلى 500 مليون دولار، بهدف دعم صمود الشعب الفلسطيني في المدينة المقدسة وتثبيته في أرضه وتمكينه من مواجهة المخططات الإسرائيلية ضده، وذلك في إطار مشروع القرار الذي تقدّمت به سوريا إلى القمة، وشارك به الوفد الفلسطيني، تحت عنوان «وضع خطة تحرك عربي لإنقاذ القدس».
وأضاف موسى أن موضوع القدس أخذ حيزاً كبيراً من النقاش نظراً للاهتمام البالغ بما يحدث في المدينة، مشيراً إلى أن القمة ستتخذ جملة من القرارات حيال ذلك، منها تعيين مفوض عام للقدس في إطار الجامعة العربية. وتابع «تمّ التأكيد على الموقف العربي بأنه مهما يحدث في القدس نعتبره ويعتبره العالم معنا باطلاً وغير قانوني وليس له كيان وتجب إزالته». وأوضح أن «التحدي القائم حالياً هو التحدي الإسرائيلي لكل المواقف الدولية لاعتبار إسرائيل دولة فوق القانون ودولة قائمة بالاحتلال، وينبغي عليها أن تتحمّل نتائج هذا الاحتلال من رفض وعداء ومقاومة».
وحول تأثير انخفاض مستوى مشاركة لبنان، قال موسى إن «مستوى التمثيل لا يؤثر على قرارات القمة لأن تمثيل دولة ما لا علاقة بقرارات القمة فهو يصوّت بصرف النظر عن مستوى التمثيل».
العراق رئيساً للقمة المقبلة
وعلمت «السفير» أنه جرى التوافق مجدداً على تجديد تسمية العراق رئيسا للقمة المقبلة، على أن يحسم لاحقا موضوع استضافة بغداد للقمة، وفقا للظروف المحيطة بالموعد العام المقبل، وعلى أن يعطى العراق حق تسمية الدولة المضيفة في حال اعتذاره عن الاستضافة.
وفاجأ وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري المجلس الوزاري بتصريحه، الذي أكد فيه أنه تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يطلب منه خفض تمثيل بلاده في الاجتماع إلى مستوى مندوب العراق لدى الجامعة، مهددا بمقاطعة القمة، احتجاجا على استقبال القذافي وفدا من المعارضة العراقية قبل يومين.
وطالبت الوفود العربية زيباري بعدم السير بقرار مقاطعة القمة، حيث دعاه وزير الخارجية الليبي موسى كوسا أن لا يتخذ موقفا حادا من «أقوال الصحف»، إلا أن حفيظة زيباري ظلت محتدة بسبب النقاش الدائر حول استضافة بلاده القمة المقبلة. وعاد زيباري وأعلن أن انسحاب بغداد «لم يعد مطروحاً».
وكان المعلم أوضح لزيباري أن سوريا لن تكون مرتاحة لقمة تعقد في بغداد في ظل الظروف الحالية وتحت حماية أمنية أميركية، في حين تمت الإشارة إلى أنه يمكن تأجيل ذلك حتى خروج القوات الأميركية من العراق، وتهنئة العراق وقتها كبلد «حر ومستقر»
المصدر :
السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة