ليس بعيدا عن التطورات العسكرية الميدانية في سوريا، يبدو أن التطورات السياسية و تسارعها، تلقي بظلالها على الجغرافية السورية خاصة تلك المكتظة بالإرهاب، و الواضح أن اللقاءات السياسية لا تؤتي ثمارها، حيث أنه و بالتزامن مع انعقاد القمة التي جمعت طرفي استانا روسيا و تركيا في موسكو، كانت الفصائل الإرهابية في مناطق خفض التصعيد أو تلك التي أتُفق على تسميتها مناطق منزوعة السلاح، كانت تقوم باستهداف نقاط الجيش السوري المتواجد في تلك المنطقة، فضلا عن استهداف المدن و البلدات الامنة بموجات من الصواريخ التي ادت إلى استشهاد العديد من المدنيين، بالتالي بات واضحا أن هناك نوعا من التمادي للإرهابيين و بضوء اخضر امريكي و تركي، و في جانب أخر يبدو أن هناك استباقا من تلك الدول الداعمة للإرهاب لاي مستجدات سياسية قد تخلص عن قمة موسكو بين بوتين و أردوغان، و عليه لابد من وضع الأوراق السياسية جانبا و البدء الفعلي بالعمل العسكري عبر سوريا و روسيا و ايران، و وضع التركي أمام خيارين إما الانقلاب على تفاهمات استانا و سوتشي، و إما القضاء على الارهاب الذي دعمه طيلة سنوات الحرب على سوريا.

القمة التي جمعت بوتين و أردوغان في موسكو تطرقت إلى الاعتراف الامريكي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، حيث شدد الطرفين على ضرورة رفض القرار الامريكي، و بذات القمة تم التطرق إلى ملفي إدلب و شرق الفرات، مع تحفظ روسي و تمهل سوري عن خروقات الإرهابيين و الاعتداءات المتكررة ضد الجيش السوري و المدنيين، الامر الذي عكسته التصريحات التي تلت القمة، و التي تؤكد حجم الخلاف بين روسيا و تركيا لجهة ادلب، فالرفض الروسي الوضح لتقسيم سوريا بات من الثوابت، بينما الطرح التركي بتطبيق نموذج «جرابلس وعفرين» في إدلب خارجاً عن كل السياقات السياسية والميدانية القائمة، و هن تكمن نقطة الاختلاف الجوهري و التي لاشك بأنها ستعمل على تسريع وتيرة العمل العسكري ضد المعقل الاخير للإرهابيين في إدلب، و من ثم الوثب تُجاه شرق الفرات.

خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء الثالث بين الطرفين منذ مطلع العام الجاري، اعتبر الرئيس الروسي أنه ” من غير المقبول تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، والمهم سلامة أراضي البلاد”، مؤكداً أن البلدين يسعيان لإيجاد حلول جذرية لجميع التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً كبيراً في إدلب، وأضاف: ” درسنا بشكل كامل أن تقوم جميع الدول بتحقيق السلام في سورية وإعادة اللاجئين إلى دولتهم”.

بدوره قال أردوغان: نحن مصرون على القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً وخطراً كبيراً في سورية، وركزنا على إنهاء التنظيمات الإرهابية، وأضاف: كما كان داعش يشكل خطراً كبيراً فإن تنظيمي ” وحدات حماية الشعب” و”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكرديين لا يختلفان عن داعش في الإرهاب ويشكلان خطراً كبيراً على سورية أرضاً وشعباً، حسب قوله.

بالتالي ضمن ما سبق من تصريحات، تبدو المناورة واضحة في تصريح أردوغان، حيث المماطلة في تنفيذ الاتفاق بُغية تطويع ملف الاكراد لصالحه، و هذا يبتعد سياسياً عن تفاهمات سوتشي و استانا، بيد أن هناك رفض ايراني و روسي على استمرار المساس بالسيادة السورية من قبل تركيا و أمريكا، و عليه لابد من تفعيل المسارات السياسية و فرض سياسية الأمر الوقع، و التي من شأنها حشر تركيا في زاوية الانصياع للرغبات السوري، الامر الذي يُمكن ترجمته بجملة من الاتفاقيات الاقتصادية بين روسيا و تركيا، و التي تم الاتفاق عليها في قمة موسكو مؤخرا، و هنا يمكننا القول بأن أردوغان بات ضمن خيار وحيد، و هو الهمل مع روسيا للقضاء على الارهابيين في إدلب، و سيتم ربط هذا الأمر بالخسارة التي مُني بها في الانتخابات التي حصلت مؤخرا في تركيا.

في النتيجة، و بغض النظر عن أي اتفاقيات سياسية او اقتصادية، هناك بؤر ارهابية في سوريا و يجب القضاء عليها، هذا الأمر و التأكيد جاء عبر القيادة السورية، بالقول أن صبر الدولة السورية بدأ ينفذ، و هي رسالة موجهة لكل الأطراف، إما الإسراع بالقضاء على الارهاب وفق الرؤى السياسية الضامنة في استانا، و إما العمل العسكري السوري، و اعتقد أن هذا هو الأقرب في ظل الحماقتين الأردوغانية و الترامبية.

  • فريق ماسة
  • 2019-04-14
  • 10933
  • من الأرشيف

إدلب وريف حماه الشمالي.. تطورات عسكرية وفق قواعد سياسية

ليس بعيدا عن التطورات العسكرية الميدانية في سوريا، يبدو أن التطورات السياسية و تسارعها، تلقي بظلالها على الجغرافية السورية خاصة تلك المكتظة بالإرهاب، و الواضح أن اللقاءات السياسية لا تؤتي ثمارها، حيث أنه و بالتزامن مع انعقاد القمة التي جمعت طرفي استانا روسيا و تركيا في موسكو، كانت الفصائل الإرهابية في مناطق خفض التصعيد أو تلك التي أتُفق على تسميتها مناطق منزوعة السلاح، كانت تقوم باستهداف نقاط الجيش السوري المتواجد في تلك المنطقة، فضلا عن استهداف المدن و البلدات الامنة بموجات من الصواريخ التي ادت إلى استشهاد العديد من المدنيين، بالتالي بات واضحا أن هناك نوعا من التمادي للإرهابيين و بضوء اخضر امريكي و تركي، و في جانب أخر يبدو أن هناك استباقا من تلك الدول الداعمة للإرهاب لاي مستجدات سياسية قد تخلص عن قمة موسكو بين بوتين و أردوغان، و عليه لابد من وضع الأوراق السياسية جانبا و البدء الفعلي بالعمل العسكري عبر سوريا و روسيا و ايران، و وضع التركي أمام خيارين إما الانقلاب على تفاهمات استانا و سوتشي، و إما القضاء على الارهاب الذي دعمه طيلة سنوات الحرب على سوريا. القمة التي جمعت بوتين و أردوغان في موسكو تطرقت إلى الاعتراف الامريكي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، حيث شدد الطرفين على ضرورة رفض القرار الامريكي، و بذات القمة تم التطرق إلى ملفي إدلب و شرق الفرات، مع تحفظ روسي و تمهل سوري عن خروقات الإرهابيين و الاعتداءات المتكررة ضد الجيش السوري و المدنيين، الامر الذي عكسته التصريحات التي تلت القمة، و التي تؤكد حجم الخلاف بين روسيا و تركيا لجهة ادلب، فالرفض الروسي الوضح لتقسيم سوريا بات من الثوابت، بينما الطرح التركي بتطبيق نموذج «جرابلس وعفرين» في إدلب خارجاً عن كل السياقات السياسية والميدانية القائمة، و هن تكمن نقطة الاختلاف الجوهري و التي لاشك بأنها ستعمل على تسريع وتيرة العمل العسكري ضد المعقل الاخير للإرهابيين في إدلب، و من ثم الوثب تُجاه شرق الفرات. خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء الثالث بين الطرفين منذ مطلع العام الجاري، اعتبر الرئيس الروسي أنه ” من غير المقبول تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ، والمهم سلامة أراضي البلاد”، مؤكداً أن البلدين يسعيان لإيجاد حلول جذرية لجميع التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً كبيراً في إدلب، وأضاف: ” درسنا بشكل كامل أن تقوم جميع الدول بتحقيق السلام في سورية وإعادة اللاجئين إلى دولتهم”. بدوره قال أردوغان: نحن مصرون على القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً وخطراً كبيراً في سورية، وركزنا على إنهاء التنظيمات الإرهابية، وأضاف: كما كان داعش يشكل خطراً كبيراً فإن تنظيمي ” وحدات حماية الشعب” و”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكرديين لا يختلفان عن داعش في الإرهاب ويشكلان خطراً كبيراً على سورية أرضاً وشعباً، حسب قوله. بالتالي ضمن ما سبق من تصريحات، تبدو المناورة واضحة في تصريح أردوغان، حيث المماطلة في تنفيذ الاتفاق بُغية تطويع ملف الاكراد لصالحه، و هذا يبتعد سياسياً عن تفاهمات سوتشي و استانا، بيد أن هناك رفض ايراني و روسي على استمرار المساس بالسيادة السورية من قبل تركيا و أمريكا، و عليه لابد من تفعيل المسارات السياسية و فرض سياسية الأمر الوقع، و التي من شأنها حشر تركيا في زاوية الانصياع للرغبات السوري، الامر الذي يُمكن ترجمته بجملة من الاتفاقيات الاقتصادية بين روسيا و تركيا، و التي تم الاتفاق عليها في قمة موسكو مؤخرا، و هنا يمكننا القول بأن أردوغان بات ضمن خيار وحيد، و هو الهمل مع روسيا للقضاء على الارهابيين في إدلب، و سيتم ربط هذا الأمر بالخسارة التي مُني بها في الانتخابات التي حصلت مؤخرا في تركيا. في النتيجة، و بغض النظر عن أي اتفاقيات سياسية او اقتصادية، هناك بؤر ارهابية في سوريا و يجب القضاء عليها، هذا الأمر و التأكيد جاء عبر القيادة السورية، بالقول أن صبر الدولة السورية بدأ ينفذ، و هي رسالة موجهة لكل الأطراف، إما الإسراع بالقضاء على الارهاب وفق الرؤى السياسية الضامنة في استانا، و إما العمل العسكري السوري، و اعتقد أن هذا هو الأقرب في ظل الحماقتين الأردوغانية و الترامبية.

المصدر : الماسة السورية/ رأي اليوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة