أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قبل أيام أن بلاده ستنسحب من سوريا بعد التوصل إلى تسوية سياسية، مشيراً إلى عدم استبعاده مشاركة الرئيس بشار الأسد في العملية الانتخابية القادمة، ففي أي مجال يمكن أن تُصنّف تصريحاته خصوصاً وأنّ الموقف الفرنسي كان شديد التطرف اتجاه الحكومة السورية؟

المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة في حديث لـ "موقع العهد الإخباري" قال " إن من المؤكد أن هناك حالة تراجع كاملة لدى كل طيف العدوان على سوريا، فمن أعطى إشارة البدء هو الجانب الأمريكي، وقد قرأ مؤخراً أنّ استمرار وجوده على الساحة السورية غير مجدٍ وسيعرّضه لحزمة من المخاطر الميدانية والسياسية في المستقبل، والتي لا يمكن التكهن بعواقبها ولذلك قرر الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا وكانت هذه إشارة البدء لكل قوى العدوان الأخرى للتفكير بمرحلة ما بعد خروج الأمريكي حيث بات مطلوباً إعادة دمج سوريا في ترتيبات الحد الأدنى من الأمن الجماعي في المنطقة"، مضيفاً أنّ " سوريا عادت لتمسك بالعديد من الأوراق بفضل صمودها جيشاً وشعباً وقيادة، ولكن الموقع الجيوبوليتيكي لها فرض على جميع الأطراف أن تتحسب لمرحلة ما بعد انتهاء الهجمة الإرهابية، والانسحاب الأمريكي وأية خيارات ستكون للقيادة السورية".

وأشار دنورة إلى أنّ " فرنسا ومن المنظور العسكري والسياسي غير قادرة على الاحتفاظ بوجود فاعل لها على الأراضي السورية بدون القوات الأمريكية أو العمل خارج النطاق الأمريكي خصوصاً وأنّ فرنسا تعاني من أزمات داخلية، ولذلك لا يتعدى التصريح الفرنسي عن شروط الانسحاب من سوريا أكثر من رفع للسقوف التفاوضية، أو استدراج تفاوض من قبل الطرف الروسي كي يحصل على بعض المطالب السياسية"، مؤكداً أنّ " الفرنسي أعجز من أن يؤثّر على الحالة الموجودة في شمال شرق سوريا أو العملية السياسية فيها في ظل غياب معالم واضحة للتصميم الأمريكي على التدخل الفاعل فيها".

وتابع المحلل السياسي أنّ " الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب الدبلوماسية التي تسمى بمدفع البارجة واستعاض عنها بالعصى الاقتصادية كما ظهر مؤخراً من تهديده للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتدمير تركيا اقتصادياً".

وسبقت التصريحات الفرنسية أخرى أوروبية من مسؤولين أوروبيين عن إمكانية فتح سفارات وإعادة بعثات دبلوماسية أوروبية إلى سوريا، وقد تحدث وزير الخارجية الإيطالي عن إمكانية فتح سفارة بلاده في دمشق عندما تصبح الظروف مناسبة لذلك. وفي هذا الشأن أضاف الدكتور دنورة لـ"العهد" أنّ "التاريخ يعيد نفسه، فدائماً ما كانت تحصل هجمات غربية مدعومة من بعض الحلفاء من العرب التابعين للغرب، وبعد فشلهم يعودون لمد الجسور بدايةً بطريقة توحي بالتردد ثم تصبح جسوراً كاملة، وإدراكاً من الغرب لمحورية الدور السوري في موقعه الجيوبوليتيكي وقدرته على إدارة العديد من الأزمات بفضل هذا الموقع والتماسك الداخلي والقدرة السياسية، فهو سيعود عاجلاً أو آجلاً لأن الدول الغربية والإقليمية أو المعنية بالشرق الأوسط لا يمكنها أن تخاطر بقطع خطوط التواصل مع الحكومة السورية لمدة طويلة، وإلا ستنعكس نتائج ذلك عليها في أكثر من إطار".

  • فريق ماسة
  • 2019-01-15
  • 15692
  • من الأرشيف

قراءةٌ في دلالات التصريحات الفرنسية الأخيرة حول سورية

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قبل أيام أن بلاده ستنسحب من سوريا بعد التوصل إلى تسوية سياسية، مشيراً إلى عدم استبعاده مشاركة الرئيس بشار الأسد في العملية الانتخابية القادمة، ففي أي مجال يمكن أن تُصنّف تصريحاته خصوصاً وأنّ الموقف الفرنسي كان شديد التطرف اتجاه الحكومة السورية؟ المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة في حديث لـ "موقع العهد الإخباري" قال " إن من المؤكد أن هناك حالة تراجع كاملة لدى كل طيف العدوان على سوريا، فمن أعطى إشارة البدء هو الجانب الأمريكي، وقد قرأ مؤخراً أنّ استمرار وجوده على الساحة السورية غير مجدٍ وسيعرّضه لحزمة من المخاطر الميدانية والسياسية في المستقبل، والتي لا يمكن التكهن بعواقبها ولذلك قرر الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا وكانت هذه إشارة البدء لكل قوى العدوان الأخرى للتفكير بمرحلة ما بعد خروج الأمريكي حيث بات مطلوباً إعادة دمج سوريا في ترتيبات الحد الأدنى من الأمن الجماعي في المنطقة"، مضيفاً أنّ " سوريا عادت لتمسك بالعديد من الأوراق بفضل صمودها جيشاً وشعباً وقيادة، ولكن الموقع الجيوبوليتيكي لها فرض على جميع الأطراف أن تتحسب لمرحلة ما بعد انتهاء الهجمة الإرهابية، والانسحاب الأمريكي وأية خيارات ستكون للقيادة السورية". وأشار دنورة إلى أنّ " فرنسا ومن المنظور العسكري والسياسي غير قادرة على الاحتفاظ بوجود فاعل لها على الأراضي السورية بدون القوات الأمريكية أو العمل خارج النطاق الأمريكي خصوصاً وأنّ فرنسا تعاني من أزمات داخلية، ولذلك لا يتعدى التصريح الفرنسي عن شروط الانسحاب من سوريا أكثر من رفع للسقوف التفاوضية، أو استدراج تفاوض من قبل الطرف الروسي كي يحصل على بعض المطالب السياسية"، مؤكداً أنّ " الفرنسي أعجز من أن يؤثّر على الحالة الموجودة في شمال شرق سوريا أو العملية السياسية فيها في ظل غياب معالم واضحة للتصميم الأمريكي على التدخل الفاعل فيها". وتابع المحلل السياسي أنّ " الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب الدبلوماسية التي تسمى بمدفع البارجة واستعاض عنها بالعصى الاقتصادية كما ظهر مؤخراً من تهديده للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتدمير تركيا اقتصادياً". وسبقت التصريحات الفرنسية أخرى أوروبية من مسؤولين أوروبيين عن إمكانية فتح سفارات وإعادة بعثات دبلوماسية أوروبية إلى سوريا، وقد تحدث وزير الخارجية الإيطالي عن إمكانية فتح سفارة بلاده في دمشق عندما تصبح الظروف مناسبة لذلك. وفي هذا الشأن أضاف الدكتور دنورة لـ"العهد" أنّ "التاريخ يعيد نفسه، فدائماً ما كانت تحصل هجمات غربية مدعومة من بعض الحلفاء من العرب التابعين للغرب، وبعد فشلهم يعودون لمد الجسور بدايةً بطريقة توحي بالتردد ثم تصبح جسوراً كاملة، وإدراكاً من الغرب لمحورية الدور السوري في موقعه الجيوبوليتيكي وقدرته على إدارة العديد من الأزمات بفضل هذا الموقع والتماسك الداخلي والقدرة السياسية، فهو سيعود عاجلاً أو آجلاً لأن الدول الغربية والإقليمية أو المعنية بالشرق الأوسط لا يمكنها أن تخاطر بقطع خطوط التواصل مع الحكومة السورية لمدة طويلة، وإلا ستنعكس نتائج ذلك عليها في أكثر من إطار".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة