دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بات من المعروف أنّ الولايات المتحدة هي التي عرقلت ولادة اللجنة الدستورية من خلال إصرار المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الاعتداء على حق السوريين الحصري في تسمية أعضاء اللجنة الدستورية وإعطاء هذا الحق له على نحوٍ يخالف الالتزامات التي طالما تمّ تكرارها عن احترام سيادة سورية.
لا شك أنّ الدولة السورية وبدعم من حليفيها إيران وروسيا لن تقبل تحت أيّ ظرف كان إعطاء دي ميستورا الحق في تسمية أشخاص في اللجنة الدستورية لأنّ ذلك اعتداء على سيادة سورية، ولأنّ السماح بذلك يعني أنّ غالبية ثلثي أعضاء اللجنة الدستورية الثلث الذي سمّته المعارضة، والثلث الذي يصرّ دي ميستورا على تسميته يعبّرون عن إرادة الدول التي شنّت الحرب على سورية وليس عن إرادة الشعب السوري، وبديهي إذا وافقت الدولة السورية وحلفاؤها على ذلك فهذا يعني أولاً، إنتاج دستور قائم على الطائفية والمذهبية والعرقية والمناطقية، دستور يشبه دساتير لبنان والعراق التي أسّست لإضعاف الدولة المركزية وقوّضت الوحدة الوطنية وشرّعت البلاد أمام التدخلات الخارجية، وحوّلت هذه البلدان إلى ساحات صراع بين المحاور والقوى الدولية والإقليمية. ويعني ثانياً أنّ الولايات المتحدة والدول التي دعمتها في حربها على سورية استطاعوا بالسياسة تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب.
بديهي أنّ هذه الأسباب تدفع الدولة السورية إلى إبداء رفضها القاطع بالسماح للمبعوث الدولي بتسمية الثلث الثالث من أعضاء اللجنة الدستورية، وبالتالي تأخر ولادة هذه اللجنة في ضوء إصرار الولايات المتحدة والمبعوث الدولي على مواقفهم وتدخلهم في الشؤون الداخلية للسوريين.
لكن أمام إصرار الدولة السورية بدعم من حلفائها على موقفها من تشكيل اللجنة الدستورية ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها؟
واضح أنّ ليس لدى الولايات المتحدة الكثير في سورية بعد أن تمّ توجيه ضربات قاصمة للجماعات الإرهابية التي كانت تعتمد عليها الولايات المتحدة في الضغط على الدولة السورية. أما وجود قواتها في منطقة شرق الفرات الذي تراهن عليه كي يكون ورقة ضغط لتحقيق مطالبها، فهي لا تستطيع استخدامه بمواجهة مباشرة مع الدولة السورية وحلفائها، ومثل هذه المواجهة المباشرة مكلفة، ولا تريد واشنطن التورّط بها لأنها فشلت في حربين سابقتين وهما حرب أفغانستان وحرب العراق، ولا تزال تدفع كلفة تورّطها في هذين الحربين.
لقد أوضح المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري الأوراق التي يزعم أنّ واشنطن تمتلكها للردّ على عدم تشكيل اللجنة الدستورية، وحدّدها في أربعة، عدم «الاستمرار في الاعتماد على مبادرة سوتشي – أستانة»، عدم التعاون مع الدولة السورية وحلفائها في الحلّ السياسي، وعدم التعاون في «عودة اللاجئين وإعادة الإعمار والاعتراف الدولي بشرعية الحكومة السورية»
المصدر :
البناء / حميدي العبدالله
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة