دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يقولون .. اذا كان الحب في العشرين عنيفا لأنه يقاد بالقلب الذي تغسله الهرمونات المتدفقة في شلالات الدم ودواماته .. فان الحب في الأربعين والخمسين والستين هو الأعنف لأنه يقاد بالقلب الذي غسلته الايام من الفوضى والهرمونات وكواه الزمن .. فيتحول القلب الى قذيفة في الصدر .. ويصير القلب مفاعلا ذريا ينفجر في اضلاعك ويحيلها الى رماد وعظم ذائب .. وهذه أجمل لحظات العمر .. وأعنفها .. فأجمل لحظة في العمر هي عندما يؤجل القلب لحظة انفجاره الى ان يكون انفجاره عظيما يهشم كيانك ويحولك في لحظات الى هيروشيما .. واذا كانت القنبلة الذرية هي نتاج تفجير ذرات اليوارنيوم فان ماهو اعنف هو تفجير ذرات الحب في القلب .. فكم انت ياذرات اليورانيوم بائسة وشاحبة وضعيفة وهزيلة أمام ذرات الحب !!! فكل ذرة حب تصنع قنبلة هيدروجينية .. فماأجمل الموت بالذرة .. ذرات الحب المنشطرة ..
ولكن مهلا .. مالي ومال الحب والهيدروجين وقنابله وأنا اريد ان أكتب في السياسة والحرب لا في الحب .. وأدخل اليوم خاصة الى السياسة الخليجية؟؟ .. فهل في السياسة الخليجية شيء من الحب ؟؟ أم كراهية وهيدروجين ونفط وبغض وحقد وجهل وخيانة وعبودية؟؟ .. فماذا نعرف عن ذرات الكراهية النووية والجهل المقدس في عقول وقلوب من يحكم الخليج ويدير اعلام الخليج المليء بمفاعلات الكراهية وقنابل الجهل الذرية؟؟
الحقيقة هي أنني كلما توغلت في سنوات الحرب أكتشف حجم الجريمة التي تورط فيها الاعلام الخليجي ومؤسساته المالية والعائلية التي شحنت الناس بالكراهية ودفعتهم الى الهلاك .. ولكنني اكتشف ايضا أن الحب الحقيقي للناس والأرض والوطن السوري الذي تفجر في صدور الناس ردا على همجية الكراهية السوداء هو الذي جعل كل رصاصة نطلقها قنبلة ذرية على ثقافة الهزيمة والاستسلام .. واكتشفت أن أعظم المشاعر الوطنية لدى جميع شرائح العمر تفجرت في هذه الحرب المديدة كما يقدر الحب دوما أن يفجر القلوب منذ الصبا حتى آخر لحظة في الحياة ..
النصر في الحروب الطويلة هو النصر الأفضل من الانتصارات الخاطفة رغم ثمنه الباهظ .. لأن الحروب الطويلة هي التي تقوم بفرز الأمة وفصل الجهل والعمالة عن الوطنية والجهاد بتثفيل مكوناتها مثلما يثفل الدم .. فتفصل فيها الكريات الحمراء عن المصل والسوائل والأخلاط الغريبة .. كما تفعل المثفلات في مخابر الدم وهي تدور بسرعة وعنف ولفترات طويلة .. هذه الحرب طالت لكنها فعلت ماكان في الماضي يبقى خفيا في كل الحروب الخاطفة التي خضناها .. فقد خضنا مع اسرائيل أربعة حروب خاطفة وعشرات المعارك القصيرة .. لكن المصل العكر للامة والقيح المليء بالجراثيم والفيروسات التي نمت في محميات الخليج المحتل لم يكن يرى لأنه لم ينفصل عن دمنا وظل مخلوطا به وملتصقا به .. يغشنا ويغش الزمن .. ويحتضن الجراثيم والفيروسات ويسبب لنا الحمى والضعف والوهن ونحن لاندري سبب سقمنا وعلتنا .. وهزائمنا ..
كل مايصدر عن هذه التجمعات النفطية الصناعية المؤقتة وفروع المكدونالد ساذج ومليء بالتفاهة رغم كم الانفاق الهائل والبذخ على الديكور والألقاب والاخراج الاستعراضي للمباني والمبالغات وهياكل الثقافة .. ومع ذلك فان هذه التجمعات التافهة الشبيهة بالدول كانت تجادلنا في احقيتها بقيادة المرحلة العربية والتصدي لأزمات العالم العربي والاسلامي الفكرية والثقافية والسياسية بذريعة ان المرحلة القومية تسببت في هزائم وخسارات .. فكان أن اخرجت هذه التجمعات النفطية لنا الربيع العربي والذي يساوي في محصلته مجموع الهزائم العربية التي حدثت منذ الحرب العالمية الثانية .. فالربيع العربي بمشرديه وضحاياه ومدنه المهدمة وفوضاه والشروخ التي أحدثها في العقل العربي والجسم العربي يساوي نكبة فلسطين وهزيمة حزيران وعاصفة الصحراء وسقوط بغداد مجتمعين .. والسبب في عمق الجرح والخسارة هي ان الجهلاء هم الذين قادوا الأمة وأن الجهل في مفاعلات الجهل الذرية الخليجية أنتج تفجيرات نووية عشوائية .. وهؤلاء خاضوا مبارزة فكرية مع كل الشعارات التي أنتجناها بالدم والكفاح بل واستعملوا شعاراتنا ذاتها وقتلونا بها .. فنحن من كان يقاتل من أجل الحرية بكل يد مضرجة .. وكنا نعني “بالحرية الحمراء واليد المضرجة” الكفاح ضد الاستعمار فصارت الحرية الحمراء مضرجة ليس بدم الشهداء وليس بدم الاستعمار بل بدم الوطن كله ودم أطفاله وشبابه .. ونحن من تحدثنا عن الشعب الذي يريد الحياة فيستجيب القدر .. اي الحياة من دون استعمار .. فسرقها هؤلاء وحولوها الى (الشعب يريد اسقاط النظام) .. والحقيقة انها تعني (الاستعمار يريد اسقاط الشعب) .. ونحن من كنا نحارب الديكتاتوريات الملكية الوراثية الفاسدة بالثورات الشعبية فصارت الملكيات الوراثية هي التي تحارب الجمهوريات الثورية وتصنع لها الثورات وتفصل لها قمصانها وشعاراتها واناشيدها وتنحت من طين المستنقعات والرمل زعماءها الطينيين وثوارا مستوردين من نعل الاستعمار ..
ان هزة الربيع العربي كانت مثفلة فصلت الخيانة عن الوطنية .. وكشفت لنا دور هذه المسوخ في الخليج العربي التي مولت وحقنت بالفكر الديني المريض أكبر الكوارث العربية في الربيع العربي .. وهاهي اليوم خرجت وصارت تتصرف وكأنها من رعايا اسرائيل أو جاليات يهودية في الخليج .. وثبت لنا ان اسرائيل لم تهزمنا يوما الا لان هؤلاء كانوا مندسين في عروقنا يسممون حياتنا دون أن ندري .. قبضايات الحرية والسياسة العربية يتشدقون اليوم ويمتطون ظهر التويتر والفيسبوك كما كان عنترة العبسي يفعل على ظهر جواده الذي لو عرف المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام متكلما .. عنترة اليوم فتح حسابا على تويتر وفيسبوك وأدلى بدلوه في بئر دمنا .. كل يوم نكتشف عنترة جديدا في الخليج الذي يفقس عنترة فيه في كل زاوية .. وكل من على ظهر التويتر صار عنترة علينا .. وترى عنترة يأكل الهمبرغر ويشتمنا بل ويشتم عبلة العربية ويشتم عبسا ويكتب معلقته للمكدونالد ويلوح بسيفه لقص أعناقنا .. ولكن عنترة ماان يلمح راعي البقر الاشقر ترامب قادما على جواده حتى يتذكر انه عبد وأن سيفه خشبي .. وأن العبد لايصلح للكر والفر .. بل للحلب والصر .. فيحلب لراعي البقر كل النوق ويصر له كا مافي خيمته وينظف لحصان راعي البقر حدواته ويمشط له ذيله وغرته .. وقد يشرب بول الحصان تبركا ..
قرات اليوم لخليجي يلوح بسيفه مثل عنترة يعرف عن نفسه أنه المشرف العام على التقرير الاستراتيجي الخليجي فيقول: ان الهجوم على العرض العسكري في الاهواز ليس ارهابيا لأنه يستهدف موقعا عسكريا وهذا مشروع وحق) .. وهنا عليك ان تستوقف عنترة الذي يلوح بسيفه وتتحداه للنزال .. وتقول له أحسنت ياهذا .. وبارك الله بسيفك الصمصام .. ولكن هل لي ان اعرف ان كان البنتاغون موقعا عسكريا ام انه روضة أطفال او مطعم للعائلات؟؟ وسيقول لك عنترة مستهزئا بجهلك: انه أكبر مكان عسكري على وجه الارض .. ويراه الله من السماء على انه موقع عسكري .. وهنا تناول عنترة ضربة عاجلة بسيفك: وتسأله ان كان يعني ان أحداث سيتمبر التي هاجم فيها بعض (الجهاديين) البنتاغون يمكن ان نعاملها كما يقال بمثل المعاملة التي عامل بها عرض الاهواز العسكري .. اي انه هدف مشروع وأن فاعله ليس ارهابيا .. ومافعله تنطبق عليه المشروعية ..
وهنا يتبول عنترة في ثيابه لأنه لن يجرؤ على ان يقول ان البنتاغون موقع عسكري تعرض لهجوم لأنه هدف مشروع .. ويتذكر انه ابن زبيبة وليس ابن شداد .. وان راعي البقر سيأخذه مربوطا بغترته وعقاله الى غوانتانامو .. وأنه عبد .. والعبد الكر لايصلح للكر والفر بل يصلح للحلب والصر ..
فننركه يجفف سرواله الذي تبول فيه بعد أن القى سيفه اذ ألقى ترامب في قلبه الرعب والصدمة والروع .. وننظر الى فارس جحجاح آخر في الكويت .. اسمه أحمد الجار الله .. فارس لايشق له غبار من سلالة عنترة والزير في الحكايات .. يريد رأس حزب الله يهديه لحبيبته عبلة اليهودية .. وهو يهدي حزب الله جاثيا على النطع ويطلب من عبلة ان تقطع بالسيف رأس حزب الله وأن تريح العرب والصحراء من شرور هذا الحزب الذي يمنع عنترة من حب عبلة وقول الشعر فيها ويقف كالعظمة في حلق عبلة وعنترة .. ويمنع بينهما القبل .. ويمنع عنترة من تقبيل سيوف عبلة التي تقتل العرب وتقصف العرب والتي لمعت كبارق ثغرها المتبسم ..
ياعنترة الكويتي .. لاأحد يمنعك من أن تقبل فم عبلة اليهودية وحذاءها الذي يلمع في وجهك .. ولاأحد يمنعك من أن تجر لها الحمار ولا الناقة.. واذا اردت ان تحلب الكويت وتصرها عندها فلن نمنعك .. ولكننا نعتذر منك ان قلنا لك أننا سنقتل عبلتك العبرية ونكسر سيفها .. ونتركك بلا عبلة كعلج من العلوج التي تربيت بينها .. واما سيفك الخشبي فسنتركه لك تحمله وتتنافخ به على خصرك لأنه لايخيفنا .. سيوف الخشب والطين لاتخيف ياأحمد الجار العبلة العبرية .. لأن الحب لارضنا التي تسرقها عبلتك هو مايكبر .. وكلما كبرنا تعاظم حبنا لها ..
أنا على الرغم من معرفتي بمعنى قول الامام علي (ماجادلت جاهلا الا غلبني) .. الا انني لم أكن أعلم على الاطلاق ان أسوأ الجهلاء هم اولئك العملاء الذين يعلمون أنهم جهلاء وعملاء ولكنهم يظنون ان جهلهم من النوع الذكي والخفي الذي لاتدركه العيون والعقول .. والحقيقة ان الربيع العربي كان ربيع الجهل ومواسم الجهلاء .. قاده جهلاء ونظّر له الجهلاء وخرج فيه الجهلاء وقاتل فيه الجهلاء .. لأن حضانته وبيت ماله كان الخليج المحتل .. هناك حيث لا توجد هناك ثقافة ولاتوجد سياسة .. وليس فيه لامثقفون ولا شعراء ولاشعارات .. لاشيء الا الشركات متعددة الجنسيات والقواعد الغربية والعمال المهاجرون المضطهدون .. وفروع للمكادونالد .. ومكاتب بلاك ووتر ومكاتب تشغيل العاطلين عن العمل السياسي وقوافل الأميين في الوطنية في المعارضات العربية ..
وأظن يامعاشر العناترة ويافرسان النفط وياجالية افيخاي ونتنياهو ان الجاحظ ربما لو عاش في زمن الربيع العربي لألقى بكتاب البخلاء وعدّه كتابا لايقرأ لأن مايجب ان يكتب ليقرأ في هذا الزمن هو كتاب عن (الجهلاء) أو (العملاء) لأن الكتابة يجب ان تكون عن شيء تعيشه الأمة .. ونحن في زمن الجهلاء والعملاء ..أما نحن فسنكتب أجمل كتب الحب بين الناس والحب للأرض وللشهداء والأبطال .. سنعلم الناس أجمل قصص الحب للأرض ونحيل كل قلب الى قذيفة في الصدر .. والى مفاعل ذري يطحن ذرات الحب ويشطرها ويفجرها .. والويل لكل عنترة اختار أن يعالج بسيفه صداعنا .. ووجع قلوبنا ..
المصدر :
نارام سرجون
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة