لا يسير تنفيذ اتفاق إنشاء المنطقة «المنزوعة السلاح» في محيط إدلب بسرعة توحي باحتمال إتمامه وفق المهل المحددة. ويعزز رفض عديد من الفصائل لتفاصيله التي تحدّ من وجودها العسكري، فرص فشل أنقرة في الوفاء بالتزاماتها ضمن إطار التفاهمات في سوتشي

يقترب موعد انتهاء المهل المحددة لإنشاء المنطقة «المنزوعة السلاح» في إدلب ومحيطها وسحب السلاح الثقيل والتنظيمات الإرهابية خارجها، من دون ظهور أي علامات واضحة تعزز احتمال نجاح تلك الجهود، إذ أعلنت معظم الفصائل «القاعدية» رفضها الالتزام بمقتضى الاتفاق، من دون أن يُعلن حتى الآن موقف رسمي لـ«هيئة تحرير الشام» تجاهه. ورغم النشاط الكثيف لأجهزة الاستخبارات التركية مع الفصائل العاملة في منطقة «خفض التصعيد»، تشير المعلومات المتوافرة إلى وجود عراقيل كثيرة في وجه إنفاذ الاتفاق على الأرض؛ وهو ما قد يهدد بعودة التوتر إلى خطوط التماس في مهلة قصيرة نسبياً إن لم تنجح تركيا في الوفاء بما التزمت به في سوتشي. وبعد أن أشيع أن «فيلق الشام»، وهو من أقرب الفصائل إلى أنقرة، قد بدأ سحب السلاح الثقيل من المناطق التي يفترض أن تصبح «منزوعة السلاح»، نفت أوساطه الرسمية هذه المعلومات، من دون الاعتراض على الاتفاق في المجمل. وفي المقابل، خرج موقف أكثر وضوحاً من جانب «جيش العزة» أكد رفض الالتزام بالاتفاق، وذلك بعد وقت قصير نسبياً من ترحيبه به. وعلى العكس، تنظر دمشق إلى «اتفاق إدلب» بإيجابية، على اعتبار أنه «إجراء مؤقت» يمهّد لبسط السيطرة الحكومية على كامل الأراضي السورية.

 

الانتقادات التي وُجّهت إلى الاتفاق من قبل أوساط معارضة، تركّزت على مضمون بنوده التي وضّحها الجانب التركي في لقاءات نظّمت خلال الأيام القليلة الماضية، إذ أوضح بيان صادر عن «جيش العزة» عدم القبول باقتصار المنطقة «المنزوعة السلاح» على المناطق التي تسيطر عليها الفصائل، من دون وجود أي إجراءات مماثلة في مناطق سيطرة الجيش السوري، إلى جانب رفض سحب السلاح الثقيل ومضادات الدروع بعيداً عن خطوط التماس، والاعتراض على دخول دوريات شرطة عسكرية روسيىة إلى تلك المنطقة. وأكد «جيش العزة» أن مسألة فتح الطريق الدولي لن تتم إلا بوجود إجراءات مقابلة مثل الإفراج عن معتقلين لدى السلطات السورية. ووفق ما كشف بيان «الجيش»، فإن المنطقة «المنزوعة السلاح» يفترض أن تشمل مناطق ريفي اللاذقية وجسر الشغور وسهل الغاب وجبل شحشبو، كما بلدات كفرنبودة والهبيط وصولاً إلى خان شيخون والتمانعة ونحو معرة النعمان فسراقب ومنها إلى ريفي حلب الجنوبي والغربي. وكان سبق لـ«جيش العزة» أن رفض الدخول في الخطط التركية، وشارك في المعارك التي جرت في ريف إدلب الشرقي بين الجيش السوري ورافضي تطبيق اتفاق أستانا حينذاك.

 

وبالتوازي، نفى «فيلق الشام» بدء سحب سلاحه الثقيل إلى خارج تلك المنطقة، واعتبر شرعي «الفيلق» عمر حذيفة، في توضيح نشره عبر «فايسبوك»، أن بنود الاتفاق لا تنصّ على «ترك نقاط رباطنا على الجبهات وخطوط التماس مع العدو أو التراجع عنها أو ترك التحصينات... كما لم تتضمن إخلاء أي مقاتل». ولفت إلى أن السلاح الثقيل موجود أصلاً في «الخطوط الخلفية»، مضيفاً أن الجنود الأتراك سوف «يملأون المنطقة بسلاحهم الثقيل وعتادهم العسكري»، فيما «لن يكون هناك دخولٌ للعناصر الروسية إلى مناطق الثوار والمجاهدين أبداً»، رغم أن هذه النقطة «بقيت مثار خلاف يُعمل على البحث فيها»، على حدّ تعبير حذيفة. وبينما أكد الجاهزية «لخوض معارك العزة والكرامة»، شدّد على أنه «لا يمكن القبول» بدخول المؤسسات الحكومية إلى «المناطق المحررة».

 

وجاءت هذه المواقف بالتوازي مع تصريح وزير الخارجية السوري بأن «الإرهابيين في إدلب جاؤوا عبر تركيا وهم سيغادرون عبرها». وبينما أثنى الأخير على مسار المصالحات، أشار إلى أن «من حق الدولة المشروع استخدام السبل الأخرى لاستعادة سيادتها على أراضيها»، مجدداً التأكيد على «الخطر» الذي يمثله الوجود الأميركي في المناطق الشمالية الشرقية، عبر عرقلته حوار «قوات سوريا الديموقراطية» مع الدولة السورية. وكان لافتاً انتقاد المعلم عمل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في إطار تشكيل «اللجنة الدستورية»، بعد وقت قصير جداً من مطالبة «المجموعة المصغرة»، دي ميستورا، بتسريع عملية إنشاء اللجنة وفق تفويض مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة. وقال الوزير السوري إنه «لو كان (المبعوث الأممي) محايداً، لكنا وجدنا أنفسنا أمام لجنة دستورية تعمل الآن. والسبب هو وجود مجموعة سمّوها المجموعة الدولية المصغرة التي تؤثر سلباً على عمله». وفي أعقاب لقاء المعلم «الودّي» والسريع بنظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، بنحو «غير مرتّب مسبقاً»، رأى أن «الأجواء إيجابية على الساحتين العربية والدولية بسبب التطورات الميدانية»، لافتاً إلى أن الوفود المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ابتعدت عن الحديث عن سوريا «ومن تحدث تحدث إيجاباً وليس سلباً». وبالتوازي مع إشارته إلى المساهمة التي ستقدمها منظومة «S-300» في ضمان الاستقرار، شدد على أن «وجود المستشارين الإيرانيين في سوريا شرعي، وجاء بناءً على طلب الدولة، وذلك خلافاً للوجود الأميركي الذي يعدّ عدواناً على سوريا، وسيخرج منها».

 

  • فريق ماسة
  • 2018-09-30
  • 12143
  • من الأرشيف

عراقيل «اتفاق إدلب»: التفاصيل تقيّد الفصائل

لا يسير تنفيذ اتفاق إنشاء المنطقة «المنزوعة السلاح» في محيط إدلب بسرعة توحي باحتمال إتمامه وفق المهل المحددة. ويعزز رفض عديد من الفصائل لتفاصيله التي تحدّ من وجودها العسكري، فرص فشل أنقرة في الوفاء بالتزاماتها ضمن إطار التفاهمات في سوتشي يقترب موعد انتهاء المهل المحددة لإنشاء المنطقة «المنزوعة السلاح» في إدلب ومحيطها وسحب السلاح الثقيل والتنظيمات الإرهابية خارجها، من دون ظهور أي علامات واضحة تعزز احتمال نجاح تلك الجهود، إذ أعلنت معظم الفصائل «القاعدية» رفضها الالتزام بمقتضى الاتفاق، من دون أن يُعلن حتى الآن موقف رسمي لـ«هيئة تحرير الشام» تجاهه. ورغم النشاط الكثيف لأجهزة الاستخبارات التركية مع الفصائل العاملة في منطقة «خفض التصعيد»، تشير المعلومات المتوافرة إلى وجود عراقيل كثيرة في وجه إنفاذ الاتفاق على الأرض؛ وهو ما قد يهدد بعودة التوتر إلى خطوط التماس في مهلة قصيرة نسبياً إن لم تنجح تركيا في الوفاء بما التزمت به في سوتشي. وبعد أن أشيع أن «فيلق الشام»، وهو من أقرب الفصائل إلى أنقرة، قد بدأ سحب السلاح الثقيل من المناطق التي يفترض أن تصبح «منزوعة السلاح»، نفت أوساطه الرسمية هذه المعلومات، من دون الاعتراض على الاتفاق في المجمل. وفي المقابل، خرج موقف أكثر وضوحاً من جانب «جيش العزة» أكد رفض الالتزام بالاتفاق، وذلك بعد وقت قصير نسبياً من ترحيبه به. وعلى العكس، تنظر دمشق إلى «اتفاق إدلب» بإيجابية، على اعتبار أنه «إجراء مؤقت» يمهّد لبسط السيطرة الحكومية على كامل الأراضي السورية.   الانتقادات التي وُجّهت إلى الاتفاق من قبل أوساط معارضة، تركّزت على مضمون بنوده التي وضّحها الجانب التركي في لقاءات نظّمت خلال الأيام القليلة الماضية، إذ أوضح بيان صادر عن «جيش العزة» عدم القبول باقتصار المنطقة «المنزوعة السلاح» على المناطق التي تسيطر عليها الفصائل، من دون وجود أي إجراءات مماثلة في مناطق سيطرة الجيش السوري، إلى جانب رفض سحب السلاح الثقيل ومضادات الدروع بعيداً عن خطوط التماس، والاعتراض على دخول دوريات شرطة عسكرية روسيىة إلى تلك المنطقة. وأكد «جيش العزة» أن مسألة فتح الطريق الدولي لن تتم إلا بوجود إجراءات مقابلة مثل الإفراج عن معتقلين لدى السلطات السورية. ووفق ما كشف بيان «الجيش»، فإن المنطقة «المنزوعة السلاح» يفترض أن تشمل مناطق ريفي اللاذقية وجسر الشغور وسهل الغاب وجبل شحشبو، كما بلدات كفرنبودة والهبيط وصولاً إلى خان شيخون والتمانعة ونحو معرة النعمان فسراقب ومنها إلى ريفي حلب الجنوبي والغربي. وكان سبق لـ«جيش العزة» أن رفض الدخول في الخطط التركية، وشارك في المعارك التي جرت في ريف إدلب الشرقي بين الجيش السوري ورافضي تطبيق اتفاق أستانا حينذاك.   وبالتوازي، نفى «فيلق الشام» بدء سحب سلاحه الثقيل إلى خارج تلك المنطقة، واعتبر شرعي «الفيلق» عمر حذيفة، في توضيح نشره عبر «فايسبوك»، أن بنود الاتفاق لا تنصّ على «ترك نقاط رباطنا على الجبهات وخطوط التماس مع العدو أو التراجع عنها أو ترك التحصينات... كما لم تتضمن إخلاء أي مقاتل». ولفت إلى أن السلاح الثقيل موجود أصلاً في «الخطوط الخلفية»، مضيفاً أن الجنود الأتراك سوف «يملأون المنطقة بسلاحهم الثقيل وعتادهم العسكري»، فيما «لن يكون هناك دخولٌ للعناصر الروسية إلى مناطق الثوار والمجاهدين أبداً»، رغم أن هذه النقطة «بقيت مثار خلاف يُعمل على البحث فيها»، على حدّ تعبير حذيفة. وبينما أكد الجاهزية «لخوض معارك العزة والكرامة»، شدّد على أنه «لا يمكن القبول» بدخول المؤسسات الحكومية إلى «المناطق المحررة».   وجاءت هذه المواقف بالتوازي مع تصريح وزير الخارجية السوري بأن «الإرهابيين في إدلب جاؤوا عبر تركيا وهم سيغادرون عبرها». وبينما أثنى الأخير على مسار المصالحات، أشار إلى أن «من حق الدولة المشروع استخدام السبل الأخرى لاستعادة سيادتها على أراضيها»، مجدداً التأكيد على «الخطر» الذي يمثله الوجود الأميركي في المناطق الشمالية الشرقية، عبر عرقلته حوار «قوات سوريا الديموقراطية» مع الدولة السورية. وكان لافتاً انتقاد المعلم عمل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في إطار تشكيل «اللجنة الدستورية»، بعد وقت قصير جداً من مطالبة «المجموعة المصغرة»، دي ميستورا، بتسريع عملية إنشاء اللجنة وفق تفويض مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة. وقال الوزير السوري إنه «لو كان (المبعوث الأممي) محايداً، لكنا وجدنا أنفسنا أمام لجنة دستورية تعمل الآن. والسبب هو وجود مجموعة سمّوها المجموعة الدولية المصغرة التي تؤثر سلباً على عمله». وفي أعقاب لقاء المعلم «الودّي» والسريع بنظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، بنحو «غير مرتّب مسبقاً»، رأى أن «الأجواء إيجابية على الساحتين العربية والدولية بسبب التطورات الميدانية»، لافتاً إلى أن الوفود المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ابتعدت عن الحديث عن سوريا «ومن تحدث تحدث إيجاباً وليس سلباً». وبالتوازي مع إشارته إلى المساهمة التي ستقدمها منظومة «S-300» في ضمان الاستقرار، شدد على أن «وجود المستشارين الإيرانيين في سوريا شرعي، وجاء بناءً على طلب الدولة، وذلك خلافاً للوجود الأميركي الذي يعدّ عدواناً على سوريا، وسيخرج منها».  

المصدر : الماسة السورية/ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة