دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدو أن تداعيات التسبب الاسرائيلي المباشر باسقاط الطائرة الروسية إيل - 20، تتدحرج بشكل دراماتيكي في عدة اتجاهات، واللافت أن الروس، بالاضافة لانهم ناقضوا بالكامل الرواية الاسرائيلية الرسمية لما حصل بالتحديد وحمّلوا الطيارين الاسرائيليين المسؤولية،
جاءت اجراءآتهم العملية المتسارعة، والتي اطلق العمل بها وزير الدفاع الروسي مباشرة بعد وصول قائد سلاح الجو الاسرائيلي الى موسكو و قبل انتهاء زيارته حتى، لتفاجأ كل من الكيان الصهيوني والاميركيين، والتي استدعت مع الاستنفار الاسرائيلي، تصريحا رسميا اميركيا، وضع تسليم الـ إس 300 لسوريا بمثابة تصعيد خطير.
فهل يمكن القول إن روسيا غيّرت إستراتيجيتها في الشرق الاوسط بشكل كامل أو بشكل جزئي، أو أنها تناور وتعمل على إخراج معين، فتأخذ من اسقاط طائرتها ثغرة تدخل منها لتغييرعناصر الصراع في سوريا لمصلحة استراتيجيتها البعيدة، كما فعلت مع تركيا بعد اسقاطها السوخوي 23 الروسية، فسحبت حينها أنقرة بشكل جزئي من حضن الاميركيين، وأدخلتها في مناورتها التي تراها الأنسب لحل الازمة السورية، ولتحقيق مصالحها الاستراتيجية بشكل عام؟
- لا يمكن القول ان الاجراءآت الميدانية والعسكرية الفنية التي خلقتها مؤخراً روسيا في سوريا، تصب في خانة التغيير الاستراتيجي الكامل، كما أن هذه الاستراتيجية الروسية المبنية أولا على علاقة حميمة مع الكيان الاسرائيلي، إن لم نقل غير عدائية بتاتاً، لا يمكن أن تتبدل بالكامل نتيجة تسبب الاسرائيليين باسقاط طائرتها واستشهاد 15 عنصراً روسياً، بين طيارين وفنييين وخبراء في التنصت، لان أسس هذه العلاقة التاريخية هي حتماً أبعد من خطأ طيارين اسرائيليين، ناتج عن قصد أو عن اهمال.
- ايضا، لا يمكن أن تكون روسيا وبشكل دراماتيكي، قد تخلت عن استراتيجيتها، لناحية قرارها الثابت، للفصل بين دعمها للدولة السورية في الحرب ضد الارهاب، وبين حياديتها في صراع سوريا وايران وحزب الله ضد العدو الاسرائيلي، لذلك، وفي حال تخلت عن هذه الاستراتيجية، سوف يظهر ذلك عسكريا من خلال التزامها بالكامل بتقديم كافة عناصر النجاح الفنية والتقنية لمنظومة اس 300 بمواجهة القاذفات العدوة الاسرائيلية او الاميركية حتى، والذي سينتج عنه حكما، وبطريقة غير مباشرة، حماية للوجود أو للنفوذ الايراني في سوريا، ولقدرات حزب الله التي ستتعاظم نتيجة ذلك.
- هل تسعى اذن روسيا للعمل بشكل جزئي، من خلال تفعيل اجراءات الحماية لقواتها وفي نفس الوقت للوحدات وللمنشآت السورية المنتشرة في الشمال وعلى الساحل فقط، من دون الذهاب أكثر نحو تأمين الحماية في الوسط تلافيا لحماية النفوذ الايراني ووجود حزب الله، منعا للانخراط كطرف في مواجهة هؤلاء مع العدو الاسرائيلي، والذي يمكن ايضا تظهيره (العمل الجزئي) عسكريا وفنيا، من خلال إطلاق منظومة التشويش الكهرومغناطيسي على الساحل السوري فقط ؟؟
قد يكون هذا التغيير الجزئي للاستراتيجية الروسية في سوريا واردا، خاصة انه يحمل في نفس الوقت، رسالة حاسمة للعدو الاسرائيلي، لاجباره من الان وصاعدا على التقيد الدقيق ببنود اتفاق منع التصادم وحماية الطائرات الروسية في الاجواء السورية ، والابتعاد عن استهداف المواقع السورية في الشمال، ويحمل ايضاً رسالة تعبيرعن التزام الحياد في صراع محور المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، تاركا المجال مفتوحا في هذه الاستراتيجية لامكانية التواصل الدائم مع الطرفين، والموازنة في علاقته مع كل منهما، تحقيقاً لمصالحه الاستراتيجية في الشرق وعلى المياه الدافئة، بمواجهة الناتو والاميركيين.
وهل يمكن أن نذهب أبعد من ذلك لناحية وضع تصور معين لمناورة روسية، تقوم على الانطلاق من حادثة اسقاط طائرتها، والذهاب للضغط على كل من الاسرائيليين لإيقاف استهدافاتهم للداخل السوري بشكل كامل، خوفا من فعالية منظومة الـ أس 300، والمترافقة مع اجراءات التشويش الالكتروني، وللضغط من جهة أخرى على سوريا وعلى الايرانيين وحزب الله، لإيقاف ادخال القدرات النوعية والاستراتيجية الى سوريا، والتي كانت هدفا اساسيا للغارات الاسرائيلية، خاصة وان الروس ممكن ان يعتمدوا في تلك المناورة على كلام امين عام حزب الله بان أمر الحصول على القدرات الاستراتيجية لردع العدو الاسرائيلي قد إكتمل وأنجز.. وبطريقة ضمنية كأنه يقول: " لا ضرورة، حاليا، لادخال قدرات أخرى"؟
المصدر :
شارل أبي نادر - العهد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة