أبدت أنقرة أمس استعدادها لتقديم «جبهة النصرة» على مذبح «تفاهمات إدلب». وإذا ما اكتملت هذه الخطوة بالفعل، فإنّها تعني تكرار سيناريو تعامل أنقرة مع تنظيم «داعش» في وقت سابق،

ليتحوّل أبو محمد الجولاني ورهطه من «فتية مدلّلين» لسنوات طويلة، إلى «ورقة محروقة». وبرغم أنّ «رفع الغطاء» هو الجزء المُعلن من ثمار زيارة وزير الخارجيّة الروسي لتركيّا، فإنّه لا يبدو سوى تفصيل في إطار اتفاق أشمل لن يظلّ «غامضاً» لوقت طويل

اكتملت أركان معركة إدلب. وبرغم الغموض الذي يكتنف الكثير من التفاصيل، فالمؤكّد أن وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف سيغادر أنقرة بـ«سلّة» ممتلئة. وتكفّل المؤتمر الصحافي الذي عقده لافروف مع نظيره مولود جاويش أوغلو قُبيل بدء محادثاتهما أمس بتقديم الملمح الأوضح للمرحلة القادمة: «تصفية جبهة النصرة». وفيما أكّد لافروف أنّ لـ«الجيش السوري الحق بمحاربة استفزازات جبهة النصرة في إدلب»، جاء كلام جاويش أوغلو على النغمة ذاتها عبر تأكيده «ضرورة فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين». وتشير معلومات أوليّة حصلت عليها «الأخبار» الى أنّ «أنقرة تجهدُ للحفاظ على دور أساسي لها في توجيه بوصلة المعارك، ورسم مساراتها ومآلاتها النهائيّة». وتحرص في شكل خاص على تأكيد «حقّها» في ضمان «عدم الإضرار بأمنها القومي، ما يستوجب تحييد مناطق بعينها عن أيّ نشاط عسكري في المدى المنظور». ويبدو أنّ الاهتمام التركي يتمحور في الوقت الرّاهن حول الاتفاق مع موسكو على خريطة كل مرحلة من مراحل العمليات العسكريّة سلفاً، والحيلولة دون تدفّق موجات لاجئين نحو حدودها. في الوقت نفسه، تولي أنقرة اهتماماً خاصّاً بالاستمرار في استثمار «ورقة إدلب» إلى ما بعد عقد القمّة الرباعيّة المرتقبة في الأسبوع الأول من أيلول على الأقل. وتلفت مصادر سوريّة، تحدثت إليها «الأخبار»، إلى ضرورة «التريث قبل إعطاء تقويم نهائيّ»، لكنّ المصادر تقول في الوقت نفسه إن «التقويم الموجز لخلاصات نهار أمس يؤكد أنّ المُعطى العام جيّد، والنظام التركي يدرك أنّه بات مضطرّاً إلى التوقف عن القيام بدور محامي الإرهابيين». وسيفرض الترقب نفسه في خلال الأيّام القليلة القادمة في انتظار ظهور ترجمة ميدانيّة واضحةٍ، فيما تشيرُ مُعطيات (غير مُكتملة) إلى أنّ «إصرار دمشق على تحرير أجزاء واسعة من شطر إدلب الجنوبي في المرحلة الأولى سيفرضُ نفسه على الجميع. وسنكون على موعد مع رفع العلم السوري في غير نقطة وتوسيع النطاقات الآمنة في شكل كبير حول اللاذقيّة والغاب على وجه الخصوص».

 

تجهدُ أنقرة للحفاظ على دور أساسي لها في توجيه بوصلة المعارك

 

في الوقت نفسه، يبدو أنّ «الاتفاقات اللوجستيّة لتأمين فتح عدد من الشرايين الطرقيّة الحيوية قد أُنجزت كليّاً، وسيتم البدء في تنفيذها سريعاً ومن دون حاجة إلى عمليّات عسكريّة»، وفقاً لمصادر «الأخبار». وبدت لافتةً أمس زيادة ملحوظة للتحشيدات العسكريّة على محاور بعينها، ولا سيّما في ريف حماة الشمالي. واستعادت الكثافة الناريّة زخمها في محيط جسر الشغور (ريف إدلب الغربي)، كما في ريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الشمالي الغربيّ. في الأثناء، سجّلت «جبهة النصرة» موقفاً «شرعيّاً» من تطوّرات إدلب المرتقبة. جاء ذلك على لسان «عضو مجلس شورى هيئة تحرير الشام» المصري أبو الفتح الفرغلي (يحيى طاهر فرغلي). الأخير قال في رسالة تمّ توزيعها على «شرعيي القواطع والمُدن» إنّه «لا تنازل عن هدف تحكيم شرع الله وإعلاء كلمته، (...) لا تنازل عن الجهاد والسلاح كوسيلة لتحقيق أهدافنا. هذا محلّ إجماع في هيئة تحرير الشام ولو سُكبت دماؤنا جميعاً». وتأتي هذه الرسالة بمثابة تأكيد جديد على رفض «الهيئة» القطعي كل العروض التركيّة التي قُدّمت مباشرةً أو عبر وسطاء، ومفادُها أنّ «أنّ استمرار تركيّا في حماية إدلب بات مرهوناً بإعلان الهيئة حلّ نفسها نهائيّاً، ومنح أفرادها الحريّة في الاختيار بين الانضمام إلى مجموعات غير جهاديّة أو الانسحاب من الساحة». وتقول مصادر «جهاديّة» لـ«الأخبار» إنّ «الانقسام في الرأي لا يزال سيّد الموقف داخل الهيئة، لكنّ قادة الصف الأوّل بمعظمهم متمسكون برفض هذه العروض، ما يعني أنّ القرار النهائيّ محسوم لجهة مواصلة القتال». وينسحب الانقسام المذكور على صفوف «الحزب الإسلامي التركستاني»، مع فارق جوهري مفادُه أنّ عدداً من «القادة الفاعلين في التركستاني حسموا خيارهم لمصلحة الانسحاب من الساحة، ومعهم مئاتٌ من المقاتلين». أما تنظيم «حرّاس الدين»، فقد بدأ الاستعداد للمعارك المرتقبة عبر خطّة أساسيّة وخطة طوارئ. وتقوم الأولى على «الدفاع باستماتة عن النقاط القليلة التي يسيطر عليها منفرداً»، فيما تلحظ الثانية ضرورة «تأمين خطط انسحاب مدروسة عند الضرورة نحو المناطق الجبليّة، والاستعداد لتحويل تلك المناطق إلى جبهات استنزاف مستمرّ في استحضار للنموذج الأفغاني».

«نصيب» يستعيد وظيفته قريباً

على صعيد آخر، استُكملت أمس التجهيزات النهائيّة لإعادة افتتاح معبر «نصيب» الحدودي بين سوريا والأردن. وتفيد المعلومات المتوافرة بأنّ المعبر سيضطلع في الوقت الراهن بمهمات تجاريّة في الدرجة الأولى، بالإضافة إلى عودة اللاجئين ومرور المسافرين «ترانزيت» (من دون تسيير رحلات بين سوريا والأردن). وأعلنت شركة نقل سعوديّة تسيير أولى رحلاتها من جدّة إلى دمشق. وفي اتصال أجرته «الأخبار» مع مكتب الشركة في جدّة، أكّد موظّفوها أنّ «الرحلة الأولى ستنطلق في السادسة من صباح الخميس»، وأنّ «الإقبال كبير على حجز التذاكر». وتشير مصادر الشركة إلى احتمال «تغيير الحافلة عند الحدود السوريّة الأردنيّة»، بمعنى نقل الركاب من الحافلات السعوديّة إلى أخرى بلوحات مرور سوريّة.

  • فريق ماسة
  • 2018-08-14
  • 12789
  • من الأرشيف

تحضيرات ومباحثات قبل المعركة: هل اكتملت «الصفقة» في ادلب؟

أبدت أنقرة أمس استعدادها لتقديم «جبهة النصرة» على مذبح «تفاهمات إدلب». وإذا ما اكتملت هذه الخطوة بالفعل، فإنّها تعني تكرار سيناريو تعامل أنقرة مع تنظيم «داعش» في وقت سابق، ليتحوّل أبو محمد الجولاني ورهطه من «فتية مدلّلين» لسنوات طويلة، إلى «ورقة محروقة». وبرغم أنّ «رفع الغطاء» هو الجزء المُعلن من ثمار زيارة وزير الخارجيّة الروسي لتركيّا، فإنّه لا يبدو سوى تفصيل في إطار اتفاق أشمل لن يظلّ «غامضاً» لوقت طويل اكتملت أركان معركة إدلب. وبرغم الغموض الذي يكتنف الكثير من التفاصيل، فالمؤكّد أن وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف سيغادر أنقرة بـ«سلّة» ممتلئة. وتكفّل المؤتمر الصحافي الذي عقده لافروف مع نظيره مولود جاويش أوغلو قُبيل بدء محادثاتهما أمس بتقديم الملمح الأوضح للمرحلة القادمة: «تصفية جبهة النصرة». وفيما أكّد لافروف أنّ لـ«الجيش السوري الحق بمحاربة استفزازات جبهة النصرة في إدلب»، جاء كلام جاويش أوغلو على النغمة ذاتها عبر تأكيده «ضرورة فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين». وتشير معلومات أوليّة حصلت عليها «الأخبار» الى أنّ «أنقرة تجهدُ للحفاظ على دور أساسي لها في توجيه بوصلة المعارك، ورسم مساراتها ومآلاتها النهائيّة». وتحرص في شكل خاص على تأكيد «حقّها» في ضمان «عدم الإضرار بأمنها القومي، ما يستوجب تحييد مناطق بعينها عن أيّ نشاط عسكري في المدى المنظور». ويبدو أنّ الاهتمام التركي يتمحور في الوقت الرّاهن حول الاتفاق مع موسكو على خريطة كل مرحلة من مراحل العمليات العسكريّة سلفاً، والحيلولة دون تدفّق موجات لاجئين نحو حدودها. في الوقت نفسه، تولي أنقرة اهتماماً خاصّاً بالاستمرار في استثمار «ورقة إدلب» إلى ما بعد عقد القمّة الرباعيّة المرتقبة في الأسبوع الأول من أيلول على الأقل. وتلفت مصادر سوريّة، تحدثت إليها «الأخبار»، إلى ضرورة «التريث قبل إعطاء تقويم نهائيّ»، لكنّ المصادر تقول في الوقت نفسه إن «التقويم الموجز لخلاصات نهار أمس يؤكد أنّ المُعطى العام جيّد، والنظام التركي يدرك أنّه بات مضطرّاً إلى التوقف عن القيام بدور محامي الإرهابيين». وسيفرض الترقب نفسه في خلال الأيّام القليلة القادمة في انتظار ظهور ترجمة ميدانيّة واضحةٍ، فيما تشيرُ مُعطيات (غير مُكتملة) إلى أنّ «إصرار دمشق على تحرير أجزاء واسعة من شطر إدلب الجنوبي في المرحلة الأولى سيفرضُ نفسه على الجميع. وسنكون على موعد مع رفع العلم السوري في غير نقطة وتوسيع النطاقات الآمنة في شكل كبير حول اللاذقيّة والغاب على وجه الخصوص».   تجهدُ أنقرة للحفاظ على دور أساسي لها في توجيه بوصلة المعارك   في الوقت نفسه، يبدو أنّ «الاتفاقات اللوجستيّة لتأمين فتح عدد من الشرايين الطرقيّة الحيوية قد أُنجزت كليّاً، وسيتم البدء في تنفيذها سريعاً ومن دون حاجة إلى عمليّات عسكريّة»، وفقاً لمصادر «الأخبار». وبدت لافتةً أمس زيادة ملحوظة للتحشيدات العسكريّة على محاور بعينها، ولا سيّما في ريف حماة الشمالي. واستعادت الكثافة الناريّة زخمها في محيط جسر الشغور (ريف إدلب الغربي)، كما في ريف إدلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي وريف حماة الشمالي الغربيّ. في الأثناء، سجّلت «جبهة النصرة» موقفاً «شرعيّاً» من تطوّرات إدلب المرتقبة. جاء ذلك على لسان «عضو مجلس شورى هيئة تحرير الشام» المصري أبو الفتح الفرغلي (يحيى طاهر فرغلي). الأخير قال في رسالة تمّ توزيعها على «شرعيي القواطع والمُدن» إنّه «لا تنازل عن هدف تحكيم شرع الله وإعلاء كلمته، (...) لا تنازل عن الجهاد والسلاح كوسيلة لتحقيق أهدافنا. هذا محلّ إجماع في هيئة تحرير الشام ولو سُكبت دماؤنا جميعاً». وتأتي هذه الرسالة بمثابة تأكيد جديد على رفض «الهيئة» القطعي كل العروض التركيّة التي قُدّمت مباشرةً أو عبر وسطاء، ومفادُها أنّ «أنّ استمرار تركيّا في حماية إدلب بات مرهوناً بإعلان الهيئة حلّ نفسها نهائيّاً، ومنح أفرادها الحريّة في الاختيار بين الانضمام إلى مجموعات غير جهاديّة أو الانسحاب من الساحة». وتقول مصادر «جهاديّة» لـ«الأخبار» إنّ «الانقسام في الرأي لا يزال سيّد الموقف داخل الهيئة، لكنّ قادة الصف الأوّل بمعظمهم متمسكون برفض هذه العروض، ما يعني أنّ القرار النهائيّ محسوم لجهة مواصلة القتال». وينسحب الانقسام المذكور على صفوف «الحزب الإسلامي التركستاني»، مع فارق جوهري مفادُه أنّ عدداً من «القادة الفاعلين في التركستاني حسموا خيارهم لمصلحة الانسحاب من الساحة، ومعهم مئاتٌ من المقاتلين». أما تنظيم «حرّاس الدين»، فقد بدأ الاستعداد للمعارك المرتقبة عبر خطّة أساسيّة وخطة طوارئ. وتقوم الأولى على «الدفاع باستماتة عن النقاط القليلة التي يسيطر عليها منفرداً»، فيما تلحظ الثانية ضرورة «تأمين خطط انسحاب مدروسة عند الضرورة نحو المناطق الجبليّة، والاستعداد لتحويل تلك المناطق إلى جبهات استنزاف مستمرّ في استحضار للنموذج الأفغاني». «نصيب» يستعيد وظيفته قريباً على صعيد آخر، استُكملت أمس التجهيزات النهائيّة لإعادة افتتاح معبر «نصيب» الحدودي بين سوريا والأردن. وتفيد المعلومات المتوافرة بأنّ المعبر سيضطلع في الوقت الراهن بمهمات تجاريّة في الدرجة الأولى، بالإضافة إلى عودة اللاجئين ومرور المسافرين «ترانزيت» (من دون تسيير رحلات بين سوريا والأردن). وأعلنت شركة نقل سعوديّة تسيير أولى رحلاتها من جدّة إلى دمشق. وفي اتصال أجرته «الأخبار» مع مكتب الشركة في جدّة، أكّد موظّفوها أنّ «الرحلة الأولى ستنطلق في السادسة من صباح الخميس»، وأنّ «الإقبال كبير على حجز التذاكر». وتشير مصادر الشركة إلى احتمال «تغيير الحافلة عند الحدود السوريّة الأردنيّة»، بمعنى نقل الركاب من الحافلات السعوديّة إلى أخرى بلوحات مرور سوريّة.

المصدر : صهيب عنجريني / الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة