زيادة الأجور التي تلت المرسوم الرئاسي القاضي بزيادة رواتب العسكريين باتت حديث الرأي العام، ليصبح التساؤل عن حقيقتها هاجساً للجميع بعد أن تضاعفت الأعباء التي حملها المواطن خلال الأزمة وضاقت المعيشة في ظل سلسلة متواصلة من الارتفاعات في أسعار السلع .والمحروقات وو..، لتأتي هذه الشائعة كقشة الأمل التي يتمسك بها المواطن.

أعباء جديدة

حالة من الغلاء الطفيف طغى بشكل ملموس على أغلب السلع الاستهلاكية لمسها المواطنون خلال الفترة الراهنة تمهيداً لرفعها بشكل أكبر في حال أصبحت زيادة الأجور حقيقة، ولم يبد المواطنون رضاهم واستعدادهم لمثل هذه الزيادات غير المدروسة برأيهم في ظل فلتان الأسواق وعدم قدرة الجهات المسؤولة من ضبط تلاعب التجار بالأسعار بشكل هستيري، لذا كان الإجماع لدى الموظفين في القطاع العام والخاص بالرفض لهذه الزيادة والرغبة بأن تبقى مجرد شائعة، كذلك الأمر لدى أصحاب المهن والورش الذين لا تطالهم من زيادة أجور العاملين في الدولة سوى زيادة أسعار السلع والمحروقات  بالتالي يصبحوا ملزمين بدفع سعر المواد مضاعفة رغم أنهم لم يحصلوا على زيادة في أجرهم ما يدفع بأصحاب المهن والورش برفع أجرة يدهم في عملهم تحت مقولة" لا ناقة لنا ولا جمل في هذه الزيادة" بل على العكس سترتفع علينا أسعار المواد التي نستعملها لذا نقوم برفع أجورنا بشكل ذاتي، ومنذ بداية الأزمة وحتى اللحظة نجد أن الأسعار تضاعفت مئات المرات دون أدنى محاولة من أصحاب القرار في ضبط هذا الارتفاع بدلا من زيادة الأجور، أما المستفيد الفعلي من هذه الزيادة هو التاجر ومن ثم الموظف الحكومي، في المقابل طالب الكثيرون بضبط ارتفاع الأسعار وإيقاف الارتفاع الجنوني الذي نلحظه اليوم والذي يضيف لنا أعباء جديدة مع مطلع كل زيادة تقدمها الحكومة لنا.

دراسة سابقة

وفي محاولة لنا للوصول إلى وجود دراسة حقيقية في وزارة المالية لزيادة في أجور العاملين في الدولة كان التحفّظ على هذا الملف سيد الموقف في ظل تكتم وسرية كبيرة لهذا الموضوع، في حين وجدنا ضالتنا لدى غسان العيد معاون وزير الاقتصاد سابقا الذي وجد في زيادة الرواتب حالة طبيعية وضرورية بشكل سنوي لكن اللوم يقع على وزارة المالية التي تنفي تاريخيا وجود موارد لمثل هذه الزيادة، ولم يخف العيد وجود دراسة في وزارة الاقتصاد منذ عهد الوزير الأسبق تطرح موارد ذاتية لزيادة رواتب العاملين في الدولة بحدود 10%، بحيث تشمل هذه الموارد العديد من الخدمات الإدارية التي تقدمها الوزارة لجهات خارجية بالتالي تؤخذ كلفة هذه الخدمة الإدارية ويتم دفعها للموظفين في كل مؤسسة على حدة، لكن الوزير السابق لم يوافق على هذه الدراسة وتم عرضها على الوزير الحالي لكنها بقيت حبيسة الأدراج لأسباب غير معروفة.

زيادة مدروسة

العديد من النقاط الرئيسية التي يجب أن تأخذها الحكومة عند وضعها لدراسة زيادة الرواتب برأي المختصين الاقتصاديين إذ أنه وبرأي محمد كوسا "محلل اقتصادي" أنه من المنطقي أن تصدر زيادة في رواتب العاملين في الدولة بعد زيادة رواتب العسكريين، ومن الضروري أن تكون هذه الزيادة مدروسة لتخفيف صداها بالمجتمع التجاري وعدم استغلالها من قبل التجار بالتالي يجب أن تتجزأ هذه الزيادة أو أن تكون مبطنة مثل "التعويض المعيشي أو إلغاء الضرائب على الراتب أو زيادة التعويضات على الراتب.."، وشدد كوسا على ضرورة أن تكون زيادة الرواتب متعددة مركبة غير متاحة للعبث فيها واستغلالها من قبل التجار وأن تكون مدروسة من قبل وزارتي المالية والاقتصاد وهيئة تخطيط الدولة بشكل دقيق ومتكامل بهدف الخروج بزيادة حقيقية والسيطرة على الأسواق وسعر الصرف مع ضمان استمرارية هذه الزيادة و تجنّب الآثار التضخمية التي وصلت اليوم إلى سقف لا يمكن تحمله في ظل الدخل الحالي، واليوم في مرحلة الإقلاع بعد الحرب يحتاج اقتصادنا لضخ عملة وتحفيز الطلب من أجل تحفيز الاستثمار، فعندما يصبح الاقتصاد في حالة صحية جيدة وتقلع عجلة الإنتاج سيؤدي ذلك إلى السيطرة على الأسعار وفق قوى العرض والطلب في السوق، ولم يخف كوسا وجود نقص بكادر وزارة التموين لمراقبة الأسواق وضبطها وروتينية الإجراءات التموينية  المتبّعة والمجربة سابقاً دون نفع يذكر.

في المقابل وجد الدكتور عابد فضلية "خبير اقتصادي" أن زيادة ال7500 أتت في ضوء الموارد المتاحة للخزينة والمتمثلة حاليا في الضرائب والرسوم وفوائد المؤسسات الاقتصادية وبعض الصادرات من المواد الأولية والزراعية والحيوانية، فنحن غير قادرين على الزيادة بأكثر من هذا المبلغ، أما إذا كان التوجه عن طريق التمويل بالعجز فلذلك آثار اقتصادية لا يتمناها أي مواطن لأنها ستأكل كامل الزيادة لذلك كان اللجوء إلى ما هو متاح ضمن الإمكانات الموجودة، كذلك نستطيع القول أن هذه الزيادة سيكون لها منحى إيجابي إذا جاءت مقطوعة للجميع واستفاد منها الأجر والراتب الأدنى فأصبحت الأجور الأدنى أكثر استفادة من هذه الزيادة وقللت الفوارق في تباين العدالة الاجتماعية.

غياب الرقابة

لا يمكن أن ننكر أن الحاجة الحقيقية للزيادة في الأجور فهي ضرورة ملحّة في الوقت الراهن لكن لا يمكن أن ننكر أيضا مدى الحاجة لوجود رقابة صارمة على الأسواق والمحال التجارية قبل وبعد صدور الزيادة في الأجور تفادياً لحدوث حالات استغلال وجشع باتت جزء من يوميات المواطن السوري، حسب رأي مضر سليمان "إدارة موارد بشرية"، إذ لم تعد الزيادة في الأجور هي ما ينتظره المواطن السوري، بل باتت الإشاعة التي تسبقها تشكل كابوس ثقيل يجعل من المواطن يرتاب من الارتفاعات في الأسعار التي ستسبق هذه الزيادة وتليها، حيث يبدأ التجار الجشعين وضعاف النفوس بتكديس السلع في المخازن ثم عرضها للبيع بعد صدور الزيادة بسعر جديد ليتضاعف ربحهم، لذا نحن اليوم وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها بحاجة كبيرة لزيادة في الأجور لكن بحاجة أكبر لوجود يد رادعة للمستغلين والتجار وضعاف النفوس الذين يعيشون على استغلال المواطن والتلاعب بقوته اليومي.

  • فريق ماسة
  • 2018-06-24
  • 15054
  • من الأرشيف

دراسة سابقة تطرح موارد ذاتية لزيادة رواتب العاملين في الدولة بحدود 10%.... وزير سابق لم يوافق عليها والحالي حبسها بالأدراج!!

زيادة الأجور التي تلت المرسوم الرئاسي القاضي بزيادة رواتب العسكريين باتت حديث الرأي العام، ليصبح التساؤل عن حقيقتها هاجساً للجميع بعد أن تضاعفت الأعباء التي حملها المواطن خلال الأزمة وضاقت المعيشة في ظل سلسلة متواصلة من الارتفاعات في أسعار السلع .والمحروقات وو..، لتأتي هذه الشائعة كقشة الأمل التي يتمسك بها المواطن. أعباء جديدة حالة من الغلاء الطفيف طغى بشكل ملموس على أغلب السلع الاستهلاكية لمسها المواطنون خلال الفترة الراهنة تمهيداً لرفعها بشكل أكبر في حال أصبحت زيادة الأجور حقيقة، ولم يبد المواطنون رضاهم واستعدادهم لمثل هذه الزيادات غير المدروسة برأيهم في ظل فلتان الأسواق وعدم قدرة الجهات المسؤولة من ضبط تلاعب التجار بالأسعار بشكل هستيري، لذا كان الإجماع لدى الموظفين في القطاع العام والخاص بالرفض لهذه الزيادة والرغبة بأن تبقى مجرد شائعة، كذلك الأمر لدى أصحاب المهن والورش الذين لا تطالهم من زيادة أجور العاملين في الدولة سوى زيادة أسعار السلع والمحروقات  بالتالي يصبحوا ملزمين بدفع سعر المواد مضاعفة رغم أنهم لم يحصلوا على زيادة في أجرهم ما يدفع بأصحاب المهن والورش برفع أجرة يدهم في عملهم تحت مقولة" لا ناقة لنا ولا جمل في هذه الزيادة" بل على العكس سترتفع علينا أسعار المواد التي نستعملها لذا نقوم برفع أجورنا بشكل ذاتي، ومنذ بداية الأزمة وحتى اللحظة نجد أن الأسعار تضاعفت مئات المرات دون أدنى محاولة من أصحاب القرار في ضبط هذا الارتفاع بدلا من زيادة الأجور، أما المستفيد الفعلي من هذه الزيادة هو التاجر ومن ثم الموظف الحكومي، في المقابل طالب الكثيرون بضبط ارتفاع الأسعار وإيقاف الارتفاع الجنوني الذي نلحظه اليوم والذي يضيف لنا أعباء جديدة مع مطلع كل زيادة تقدمها الحكومة لنا. دراسة سابقة وفي محاولة لنا للوصول إلى وجود دراسة حقيقية في وزارة المالية لزيادة في أجور العاملين في الدولة كان التحفّظ على هذا الملف سيد الموقف في ظل تكتم وسرية كبيرة لهذا الموضوع، في حين وجدنا ضالتنا لدى غسان العيد معاون وزير الاقتصاد سابقا الذي وجد في زيادة الرواتب حالة طبيعية وضرورية بشكل سنوي لكن اللوم يقع على وزارة المالية التي تنفي تاريخيا وجود موارد لمثل هذه الزيادة، ولم يخف العيد وجود دراسة في وزارة الاقتصاد منذ عهد الوزير الأسبق تطرح موارد ذاتية لزيادة رواتب العاملين في الدولة بحدود 10%، بحيث تشمل هذه الموارد العديد من الخدمات الإدارية التي تقدمها الوزارة لجهات خارجية بالتالي تؤخذ كلفة هذه الخدمة الإدارية ويتم دفعها للموظفين في كل مؤسسة على حدة، لكن الوزير السابق لم يوافق على هذه الدراسة وتم عرضها على الوزير الحالي لكنها بقيت حبيسة الأدراج لأسباب غير معروفة. زيادة مدروسة العديد من النقاط الرئيسية التي يجب أن تأخذها الحكومة عند وضعها لدراسة زيادة الرواتب برأي المختصين الاقتصاديين إذ أنه وبرأي محمد كوسا "محلل اقتصادي" أنه من المنطقي أن تصدر زيادة في رواتب العاملين في الدولة بعد زيادة رواتب العسكريين، ومن الضروري أن تكون هذه الزيادة مدروسة لتخفيف صداها بالمجتمع التجاري وعدم استغلالها من قبل التجار بالتالي يجب أن تتجزأ هذه الزيادة أو أن تكون مبطنة مثل "التعويض المعيشي أو إلغاء الضرائب على الراتب أو زيادة التعويضات على الراتب.."، وشدد كوسا على ضرورة أن تكون زيادة الرواتب متعددة مركبة غير متاحة للعبث فيها واستغلالها من قبل التجار وأن تكون مدروسة من قبل وزارتي المالية والاقتصاد وهيئة تخطيط الدولة بشكل دقيق ومتكامل بهدف الخروج بزيادة حقيقية والسيطرة على الأسواق وسعر الصرف مع ضمان استمرارية هذه الزيادة و تجنّب الآثار التضخمية التي وصلت اليوم إلى سقف لا يمكن تحمله في ظل الدخل الحالي، واليوم في مرحلة الإقلاع بعد الحرب يحتاج اقتصادنا لضخ عملة وتحفيز الطلب من أجل تحفيز الاستثمار، فعندما يصبح الاقتصاد في حالة صحية جيدة وتقلع عجلة الإنتاج سيؤدي ذلك إلى السيطرة على الأسعار وفق قوى العرض والطلب في السوق، ولم يخف كوسا وجود نقص بكادر وزارة التموين لمراقبة الأسواق وضبطها وروتينية الإجراءات التموينية  المتبّعة والمجربة سابقاً دون نفع يذكر. في المقابل وجد الدكتور عابد فضلية "خبير اقتصادي" أن زيادة ال7500 أتت في ضوء الموارد المتاحة للخزينة والمتمثلة حاليا في الضرائب والرسوم وفوائد المؤسسات الاقتصادية وبعض الصادرات من المواد الأولية والزراعية والحيوانية، فنحن غير قادرين على الزيادة بأكثر من هذا المبلغ، أما إذا كان التوجه عن طريق التمويل بالعجز فلذلك آثار اقتصادية لا يتمناها أي مواطن لأنها ستأكل كامل الزيادة لذلك كان اللجوء إلى ما هو متاح ضمن الإمكانات الموجودة، كذلك نستطيع القول أن هذه الزيادة سيكون لها منحى إيجابي إذا جاءت مقطوعة للجميع واستفاد منها الأجر والراتب الأدنى فأصبحت الأجور الأدنى أكثر استفادة من هذه الزيادة وقللت الفوارق في تباين العدالة الاجتماعية. غياب الرقابة لا يمكن أن ننكر أن الحاجة الحقيقية للزيادة في الأجور فهي ضرورة ملحّة في الوقت الراهن لكن لا يمكن أن ننكر أيضا مدى الحاجة لوجود رقابة صارمة على الأسواق والمحال التجارية قبل وبعد صدور الزيادة في الأجور تفادياً لحدوث حالات استغلال وجشع باتت جزء من يوميات المواطن السوري، حسب رأي مضر سليمان "إدارة موارد بشرية"، إذ لم تعد الزيادة في الأجور هي ما ينتظره المواطن السوري، بل باتت الإشاعة التي تسبقها تشكل كابوس ثقيل يجعل من المواطن يرتاب من الارتفاعات في الأسعار التي ستسبق هذه الزيادة وتليها، حيث يبدأ التجار الجشعين وضعاف النفوس بتكديس السلع في المخازن ثم عرضها للبيع بعد صدور الزيادة بسعر جديد ليتضاعف ربحهم، لذا نحن اليوم وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها بحاجة كبيرة لزيادة في الأجور لكن بحاجة أكبر لوجود يد رادعة للمستغلين والتجار وضعاف النفوس الذين يعيشون على استغلال المواطن والتلاعب بقوته اليومي.

المصدر : كفاح العمال / ميس بركات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة