شنّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي هجوما حادا على الرئيس ترامب لقراره ترك الاتفاق النووي، وقال إن إبقاء الصفقة يتطلب تقديم الأوروبيين ضمانات كافية لطهران. وشدد خامنئي، على أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي أمس تضمن أكثر من عشرة أكاذيب، وتابع مخاطبا ترامب: "أقول لترامب نيابة عن الشعب الإيراني: خسئت لتهديدك الشعب الإيراني والنظام الإسلامي". وأشار إلى أن على ترامب أن يدرك أن قراره كان خطأ كبيرا، مضيفا أن قبول طهران بالاتفاق النووي لم يضع حداً لعداء الولايات المتحدة لها، "لأن الثورة قطعت أيديها".

وقال خامنئي إن الخلافات بين إيران والولايات المتحدة ليست مرتبطة في الواقع بالطاقة النووية، مضيفا أن هذه هي مجرد ذريعة تلجأ إليها واشنطن. واتهم خامنئي الولايات المتحدة بالسعي إلى إجبار زعماء المنطقة على تنفيذ أوامرها، موضحا أن ترامب بعث قبل أيام برسالة إلى زعماء الخليج العربي حيث طالبهم بتعويض سبعة تريليونات دولار أنفقتها واشنطن عليهم.

 

وشدد خامنئي على أن الولايات المتحدة لا تستطيع مخاطبة الشعب الإيراني بأساليب كهذه، مؤكدا أن إيران تبقى صامدة ومقتدرة رغم جميع التهديدات. وقال: "إيران باقية بينما ترامب سيموت وستنهش جثته الأفاعي والديدان". ولاحظ أن إبقاء الصفقة النووية لا يبدو منطقيا دون حصول إيران على ضمانات كافية من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مقرا بأن طهران لا تثق بالدول الأوروبية الثلاث بشأن الاتفاق النووي مثلما لم تثق سابقا بالولايات المتحدة.

 

بدوره، اعتبر وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي، أن إيران لا يمكن تهديدها عسكريا من قبل أي قوى أجنبية، متعهدا بأن بلاده ستواصل تطوير برنامجها الصاروخي. وقال ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، إن "موقف ترامب أظهر أن هذا الشخص لا يحترم مطلقا تعهدات بلاده"، مشيرا إلى أن "اتباع مثل هذه السياسات سوف يزيد من عزلة الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى ويسهم في زعزعة الثقة بأمريكا في الساحة الدولية". وأضاف حاتمي أن "الولايات المتحدة لم تلتزم مطلقا بتعهداتها المختلفة"، لافتا إلى أن "هذا البلد حاك وخلال 40 عاما المؤامرات والدسائس ضد الشعب الإيراني، والانسحاب من الاتفاق النووي دليل على المواقف الشريرة التي تكنها أمريكا ضد إيران". واعتبر أن هذا الموقف الأمريكي أكد مجددا صدق وصف الإمام الخميني، للولايات المتحدة بأنها "الشيطان الأكبر".

 

وتعهد حاتمي بالعمل على تعزيز القدرات الدفاعية والارتقاء بمستوى القوى الصاروخية رغم أنف الحاقدين، مشددا على أنّ بلاده لا يمكن تهديدها عسكريا بأي قوى أجنبية. وتعهد وزير الدفاع الإيراني بأن بلاده ستواصل تطوير برنامجها الصاروخي.

 

من جانبه، صرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، بأن إيران تنفذ كل التزاماتها بشأن الاتفاق النووي. وقال في بيان: "أما فيما يتعلق بالوقت الراهن، فيمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكيد أن إيران تنفذ التزاماتها الخاصة ببرنامجها النووي".

 

وفي موقف خليجي لافت، أعربت الخارجية الكويتية عن دعمها للاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة "5+1" في عام 2015، على خلفية قرار ترامب الانسحاب منه. وأشار نائب وزير الخارجية الكويتية خالد الجارالله، أول أمس، إلى أن بلاده رحبت بالصفقة النووية منذ البداية. وأوضح أن الاتفاق النووي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، مشددا على أن وجوده أفضل من غيابه.

 

في المقابل، توعد ترامب إيران بـ"تداعيات في غاية الخطورة" إذا شرعت في تطوير برنامجها النووي العسكري. وشدد على أنه "إذا لم تتفاوض إيران فإن شيئا ما سيحدث لها"، مؤكدا أن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران ستدخل حيز التنفيذ قريبا جدا.

 

وتعهد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بأن تواصل الولايات المتحدة العمل المشترك مع حلفائها وشركائها لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية. وقال ماتيس، أمس: إن الولايات المتحدة "ستعمل أيضا مع الآخرين لحل قضية دائرة النفوذ الإيراني المخرب" في المنطقة. وأضاف ماتيس: "إن هذه الإدارة ما زالت متمسكة بضرورة حماية أمن مواطنينا ومصالحهم وازدهارهم باعتبار ذلك أولوية أساسية".

 

وأبرزت صحيفة الأخبار: طهران في اليوم التالي «نووياً»: ضمانات أوروبية أو «الطلاق». وطبقاً للصحيفة، حددت طهران مسارها لما بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني. حصلت حكومة روحاني على ضوء أخضر مشروط من المرشد الأعلى علي خامنئي، لمواصلة التنسيق مع الأوروبيين، وسط اضمحلال فرص مشاورات كهذه. وعلى رغم أن الأوروبيين يواصلون التأكيد على التمسك بالاتفاق والتجارة مع إيران، فإن الضغوط الأميركية تظهر بحجم يبدد الرهان على قدرة أوروبا مقاومة التصعيد الأميركي.

 

وأبرزت العرب الإماراتية: الأوروبيون يرفضون قرار ترامب نظريا وينفذونه عمليا. واضافت أنّ بقاء إيران في الاتفاق النووي يهدف إلى تعميق الصدع بين أوروبا والولايات المتحدة. وتابعت أنّ الدول الأوروبية دخلت في مواجهة مع الولايات المتحدة في محاولة للتقليل من تأثير العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران، في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي. لكن خبراء يقولون إن المحاولة الأوروبية لن تتعدى طابعها الكلامي فقط. لكن المشكلة بالنسبة لإيران تكمن في المدى الذي سيكون الأوروبيون مستعدين للذهاب إليه في تحدي العقوبات الأميركية، التي تشمل النظام المصرفي وصادرات النفط الإيرانية.

 

ورأت افتتاحية الأهرام أنّ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع ايران، وضع المنطقة على حافة مخاطر حرب وتوترات جديدة، وصب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة بالفعل فى منطقة الشرق الأوسط. سواء فى سورية أو العراق أو اليمن... وإذا كان صحيحا أنه من حق الولايات المتحدة أن تتخذ القرارات التى تخدم مصالحها على الساحة الدولية، فإنه أيضا من حق المجتمع الدولى أن يبدى مخاوفه وينزعج من السيناريوهات والاحتمالات التى قد تتداعى نتيجة هذا القرار الأمريكي.

 

ورأى عبد الرحمن الراشد في الشرق الأوسط أنّ إلغاء الاتفاق وإحياء العقوبات الاقتصادية يهدف إلى إعادة الجني الشرير إلى قارورته وحبسه فيها، وحتى نلمس تغييراً في سلوكه فسيتطلب الأمر وقتاً وجهداً. وعلى رائحة الخطر وقبل أن تبدأ العقوبات خسر التومان ثلث قيمته، وانسحبت شركة توتال من تطوير الحقول النفطية الإيرانية، وتتحدث إيرباص الأوروبية عن إلغاء صفقات الطائرات التي فرحت بها وسوقتها حكومة روحاني على أنها انتصار في وجه خصومها. لا تستهينوا بالأزمة التي تواجه حكومة طهران ومخاوف النظام كله. قد تنتكس الأزمة داخلياً وتتسبب في صراع داخلي بين قوى النظام نفسه، وقد تشجع الشعب الإيراني على المزيد من التظاهر، وقد تكون النتيجة في النهاية سقوط النظام بشكل ما!

 

ورأى عبد الباري عطوان في مقاله في رأي اليوم، أنّ إعلان ترامب الانسحاب مِن الاتِّفاق النَّوويّ الإيرانيّ هُو بِمَثابَة إعلانُ حَرب، والخُطوَة الأولى لمُخطَّط تغيير النِّظام في طِهران... وترامب بهذا القرار قدم هدية لا تقدر بثمن للمرشد الاعلى في ايران وصقور الثورة الايرانية لأنه دمر الاصلاحيين والمعارضة الايرانية... أما رَفض الاتِّحاد الأوروبيّ لهَذهِ الخُطوة الأمريكيّة الابتزازيّة، وتَمسك دُوَلِه الرئيسية ألمانيا وفرنسا وبِريطانيا بالاتِّفاق، والتَّأكيد على التزامِ إيران بجَميع بُنودِه، يُعطِي صَكْ بَراءة للحُكومةِ في طِهران، ويُعَزِّز مَوقِفها، ويُدين إعلان الحَرب الأمريكي وما يُمكِن أن يَترتَّب عليه من مَخاطِر وكَوارِث على المِنطَقة والعالَم.

 

وتابع الكاتب أنّ ترامب يُنَفِّذ ما يُريدُه نتنياهو وحُكومته حَرفيًّا، وتَحوَّل إلى أداةٍ لتَحقيق مَطالِبه في شَن عُدوانٍ على إيران، وتَحشيد بعض حُكومات دُوَل الخَليج خَلفِه، وإغراق المِنطَقة في بَحرٍ جَديدٍ من الدِّماء، وتَوظيف كُل ما تَبقَّى في خَزانَتها من دولارات في تَغطِية نَفقات هذا العُدوان. وتوقع الكاتب أن ترفض إيران التَّفاوُض على تَفكيك الاتِّفاق وتَدمير برامِجها الصَّاروخيّة، وسَتعود إلى تخصيب اليورانيوم، وبِمُعَدَّلاتٍ عالِية، فالهَدف من أيِّ مُفاوضاتٍ سَيكون  تدمير جميع بَرامِجها النَّوويّة والباليستيّة وتَحويل إيران إلى دَولةٍ سِياحيّة؛ إنّها الحَرب إذن، ونحن أبناء المِنطقة من يُراد لنا أن نَكون ضَحاياها ومُمَوِّليها، ولكنّها لن تُحقِّق أهدافها، وسَتكون إسرائيل التي سَعَت إليها الخاسِر الأكبَر، ومَعها كُل الذين يَقرَعون طُبول الحَرب باسمِها في مِنطَقة الخَليج العَربي.

  • فريق ماسة
  • 2018-05-09
  • 14010
  • من الأرشيف

خامنئي ...خسئ من يهدد الشعب الإيراني والنظام الإسلامي

شنّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي هجوما حادا على الرئيس ترامب لقراره ترك الاتفاق النووي، وقال إن إبقاء الصفقة يتطلب تقديم الأوروبيين ضمانات كافية لطهران. وشدد خامنئي، على أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي أمس تضمن أكثر من عشرة أكاذيب، وتابع مخاطبا ترامب: "أقول لترامب نيابة عن الشعب الإيراني: خسئت لتهديدك الشعب الإيراني والنظام الإسلامي". وأشار إلى أن على ترامب أن يدرك أن قراره كان خطأ كبيرا، مضيفا أن قبول طهران بالاتفاق النووي لم يضع حداً لعداء الولايات المتحدة لها، "لأن الثورة قطعت أيديها". وقال خامنئي إن الخلافات بين إيران والولايات المتحدة ليست مرتبطة في الواقع بالطاقة النووية، مضيفا أن هذه هي مجرد ذريعة تلجأ إليها واشنطن. واتهم خامنئي الولايات المتحدة بالسعي إلى إجبار زعماء المنطقة على تنفيذ أوامرها، موضحا أن ترامب بعث قبل أيام برسالة إلى زعماء الخليج العربي حيث طالبهم بتعويض سبعة تريليونات دولار أنفقتها واشنطن عليهم.   وشدد خامنئي على أن الولايات المتحدة لا تستطيع مخاطبة الشعب الإيراني بأساليب كهذه، مؤكدا أن إيران تبقى صامدة ومقتدرة رغم جميع التهديدات. وقال: "إيران باقية بينما ترامب سيموت وستنهش جثته الأفاعي والديدان". ولاحظ أن إبقاء الصفقة النووية لا يبدو منطقيا دون حصول إيران على ضمانات كافية من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مقرا بأن طهران لا تثق بالدول الأوروبية الثلاث بشأن الاتفاق النووي مثلما لم تثق سابقا بالولايات المتحدة.   بدوره، اعتبر وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي، أن إيران لا يمكن تهديدها عسكريا من قبل أي قوى أجنبية، متعهدا بأن بلاده ستواصل تطوير برنامجها الصاروخي. وقال ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، إن "موقف ترامب أظهر أن هذا الشخص لا يحترم مطلقا تعهدات بلاده"، مشيرا إلى أن "اتباع مثل هذه السياسات سوف يزيد من عزلة الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى ويسهم في زعزعة الثقة بأمريكا في الساحة الدولية". وأضاف حاتمي أن "الولايات المتحدة لم تلتزم مطلقا بتعهداتها المختلفة"، لافتا إلى أن "هذا البلد حاك وخلال 40 عاما المؤامرات والدسائس ضد الشعب الإيراني، والانسحاب من الاتفاق النووي دليل على المواقف الشريرة التي تكنها أمريكا ضد إيران". واعتبر أن هذا الموقف الأمريكي أكد مجددا صدق وصف الإمام الخميني، للولايات المتحدة بأنها "الشيطان الأكبر".   وتعهد حاتمي بالعمل على تعزيز القدرات الدفاعية والارتقاء بمستوى القوى الصاروخية رغم أنف الحاقدين، مشددا على أنّ بلاده لا يمكن تهديدها عسكريا بأي قوى أجنبية. وتعهد وزير الدفاع الإيراني بأن بلاده ستواصل تطوير برنامجها الصاروخي.   من جانبه، صرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، بأن إيران تنفذ كل التزاماتها بشأن الاتفاق النووي. وقال في بيان: "أما فيما يتعلق بالوقت الراهن، فيمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية التأكيد أن إيران تنفذ التزاماتها الخاصة ببرنامجها النووي".   وفي موقف خليجي لافت، أعربت الخارجية الكويتية عن دعمها للاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة "5+1" في عام 2015، على خلفية قرار ترامب الانسحاب منه. وأشار نائب وزير الخارجية الكويتية خالد الجارالله، أول أمس، إلى أن بلاده رحبت بالصفقة النووية منذ البداية. وأوضح أن الاتفاق النووي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، مشددا على أن وجوده أفضل من غيابه.   في المقابل، توعد ترامب إيران بـ"تداعيات في غاية الخطورة" إذا شرعت في تطوير برنامجها النووي العسكري. وشدد على أنه "إذا لم تتفاوض إيران فإن شيئا ما سيحدث لها"، مؤكدا أن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران ستدخل حيز التنفيذ قريبا جدا.   وتعهد وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بأن تواصل الولايات المتحدة العمل المشترك مع حلفائها وشركائها لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية. وقال ماتيس، أمس: إن الولايات المتحدة "ستعمل أيضا مع الآخرين لحل قضية دائرة النفوذ الإيراني المخرب" في المنطقة. وأضاف ماتيس: "إن هذه الإدارة ما زالت متمسكة بضرورة حماية أمن مواطنينا ومصالحهم وازدهارهم باعتبار ذلك أولوية أساسية".   وأبرزت صحيفة الأخبار: طهران في اليوم التالي «نووياً»: ضمانات أوروبية أو «الطلاق». وطبقاً للصحيفة، حددت طهران مسارها لما بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني. حصلت حكومة روحاني على ضوء أخضر مشروط من المرشد الأعلى علي خامنئي، لمواصلة التنسيق مع الأوروبيين، وسط اضمحلال فرص مشاورات كهذه. وعلى رغم أن الأوروبيين يواصلون التأكيد على التمسك بالاتفاق والتجارة مع إيران، فإن الضغوط الأميركية تظهر بحجم يبدد الرهان على قدرة أوروبا مقاومة التصعيد الأميركي.   وأبرزت العرب الإماراتية: الأوروبيون يرفضون قرار ترامب نظريا وينفذونه عمليا. واضافت أنّ بقاء إيران في الاتفاق النووي يهدف إلى تعميق الصدع بين أوروبا والولايات المتحدة. وتابعت أنّ الدول الأوروبية دخلت في مواجهة مع الولايات المتحدة في محاولة للتقليل من تأثير العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران، في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي. لكن خبراء يقولون إن المحاولة الأوروبية لن تتعدى طابعها الكلامي فقط. لكن المشكلة بالنسبة لإيران تكمن في المدى الذي سيكون الأوروبيون مستعدين للذهاب إليه في تحدي العقوبات الأميركية، التي تشمل النظام المصرفي وصادرات النفط الإيرانية.   ورأت افتتاحية الأهرام أنّ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع ايران، وضع المنطقة على حافة مخاطر حرب وتوترات جديدة، وصب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة بالفعل فى منطقة الشرق الأوسط. سواء فى سورية أو العراق أو اليمن... وإذا كان صحيحا أنه من حق الولايات المتحدة أن تتخذ القرارات التى تخدم مصالحها على الساحة الدولية، فإنه أيضا من حق المجتمع الدولى أن يبدى مخاوفه وينزعج من السيناريوهات والاحتمالات التى قد تتداعى نتيجة هذا القرار الأمريكي.   ورأى عبد الرحمن الراشد في الشرق الأوسط أنّ إلغاء الاتفاق وإحياء العقوبات الاقتصادية يهدف إلى إعادة الجني الشرير إلى قارورته وحبسه فيها، وحتى نلمس تغييراً في سلوكه فسيتطلب الأمر وقتاً وجهداً. وعلى رائحة الخطر وقبل أن تبدأ العقوبات خسر التومان ثلث قيمته، وانسحبت شركة توتال من تطوير الحقول النفطية الإيرانية، وتتحدث إيرباص الأوروبية عن إلغاء صفقات الطائرات التي فرحت بها وسوقتها حكومة روحاني على أنها انتصار في وجه خصومها. لا تستهينوا بالأزمة التي تواجه حكومة طهران ومخاوف النظام كله. قد تنتكس الأزمة داخلياً وتتسبب في صراع داخلي بين قوى النظام نفسه، وقد تشجع الشعب الإيراني على المزيد من التظاهر، وقد تكون النتيجة في النهاية سقوط النظام بشكل ما!   ورأى عبد الباري عطوان في مقاله في رأي اليوم، أنّ إعلان ترامب الانسحاب مِن الاتِّفاق النَّوويّ الإيرانيّ هُو بِمَثابَة إعلانُ حَرب، والخُطوَة الأولى لمُخطَّط تغيير النِّظام في طِهران... وترامب بهذا القرار قدم هدية لا تقدر بثمن للمرشد الاعلى في ايران وصقور الثورة الايرانية لأنه دمر الاصلاحيين والمعارضة الايرانية... أما رَفض الاتِّحاد الأوروبيّ لهَذهِ الخُطوة الأمريكيّة الابتزازيّة، وتَمسك دُوَلِه الرئيسية ألمانيا وفرنسا وبِريطانيا بالاتِّفاق، والتَّأكيد على التزامِ إيران بجَميع بُنودِه، يُعطِي صَكْ بَراءة للحُكومةِ في طِهران، ويُعَزِّز مَوقِفها، ويُدين إعلان الحَرب الأمريكي وما يُمكِن أن يَترتَّب عليه من مَخاطِر وكَوارِث على المِنطَقة والعالَم.   وتابع الكاتب أنّ ترامب يُنَفِّذ ما يُريدُه نتنياهو وحُكومته حَرفيًّا، وتَحوَّل إلى أداةٍ لتَحقيق مَطالِبه في شَن عُدوانٍ على إيران، وتَحشيد بعض حُكومات دُوَل الخَليج خَلفِه، وإغراق المِنطَقة في بَحرٍ جَديدٍ من الدِّماء، وتَوظيف كُل ما تَبقَّى في خَزانَتها من دولارات في تَغطِية نَفقات هذا العُدوان. وتوقع الكاتب أن ترفض إيران التَّفاوُض على تَفكيك الاتِّفاق وتَدمير برامِجها الصَّاروخيّة، وسَتعود إلى تخصيب اليورانيوم، وبِمُعَدَّلاتٍ عالِية، فالهَدف من أيِّ مُفاوضاتٍ سَيكون  تدمير جميع بَرامِجها النَّوويّة والباليستيّة وتَحويل إيران إلى دَولةٍ سِياحيّة؛ إنّها الحَرب إذن، ونحن أبناء المِنطقة من يُراد لنا أن نَكون ضَحاياها ومُمَوِّليها، ولكنّها لن تُحقِّق أهدافها، وسَتكون إسرائيل التي سَعَت إليها الخاسِر الأكبَر، ومَعها كُل الذين يَقرَعون طُبول الحَرب باسمِها في مِنطَقة الخَليج العَربي.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة