لا أعتقد أن شهر أيار/مايو سيمر دون مفاجأة تتعلق بإيران. لكن المضحك أن نتنياهو الذي يسارع الى القول أن لانية لبلاده بالحرب، يقول كما الاميركيون ان لديه وثائق تثبت أنشطة سرية ايرانية...

هو طبعا يريد دفع ترامب لوقف الاتفاق النووي في منتصف هذا الشهر مع طهران... لكن المضحك في الأمر أن اسرائيل هي رابع دولة نووية في العالم غير مشتركة في معاهدة عدم انتشار الاسلحة النوية ولديها ما لا يقل عن ٤٠٠ سلاح نووي ومفاعلات كثيرة.

 

دعونا نقول بصراحة الأمر التالي : لو كان ترامب يريد فعلا الحد من نشاطات ايران ودورها في المنطقة كما يقول، فمن الأسهل أن يرسل قوات تدعم استعادة الأمارات للجزر الثلاث التي تقول انها محتلة من قبل ايران ( طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبو موسى)، بدلا من تبادل الحروب بالوكالة تارة في سوريا واخرى في اليمن وثالثة في لبنان والعراق.....وكل ذلك باللحم والدم العربييين.

هو يريد مقابل تشدده حيال ايران، الحصول على أكبر ثمن مالي، وإرضاء "اسرائيل" التي تعرف انها لو هاجمت عسكريا فلا تضمن النتائج، ولو بقيت صامتة فان ايران وحزب الله صارا عند حدودها ووسعا الجبهة ضدها في اطار محور كامل ....

أنا اعتقد ان لا احد يريد الحرب، لان لا أحد يضمن نتائجها، لكن الشهر الحالي سيشهد تطورات كثيرة سياسية وأمنية ، لا أحد يستطيع أن يضبط احتمال انزلاقها الى أعمال عسكرية خطيرة....

دعونا نقول أمرا ثانيا بصراحة : نحن العرب، تحولنا الى سوق لشراء أسلحة العالم أجمع، وغرقنا بحروب كثيرة وفتن وصرنا ساحة لتجارب الأسلحة والارهاب والمشاريع السياسية... علينا أن نسأل أنفسنا ولمرة واحدة بعمق: هل لا تزال فلسطين قضية عربية جامعة فعلا ؟ هل"اسرائيل" لا تزال عدوة فعلا ؟ ما هو السبيل الانجع للتعامل مع ايران وتركيا؟ هل نستمر بتبادل العداوة والتحالفات مع انقرة وطهران، العداوة أم نضع اسسا عربية موحدة للتعاطي مع الدولتين الاقليميتين الكبيرتين.... واذا كان الصراع مع "اسرائيل" انتهى ، فليتخذ العرب قرارا واضحا بذلك وليقدموا حلا بديلا للصراع، او ليقولوا ما عادت لنا علاقة بفلسطين؟ كفانا طمسا للرؤوس في الرمال .

أنا من جهتي أتمنى أن تكون كل دولنا العربية أهم من ايران وتركيا و"اسرائيل" واوروبا واميركا وروسيا والصين، لكني أعتقد أنه ما لم تخرج نخبة عربية عاقلة تفكر بما ينبغي عمله مع هذه الدول ، فان كل ما شهدناه من ويلات حتى الآن لن يكون شيئا مقابل الآتي.... ولا أعتقد أن ثمة دولة عربية واحدة ستكون بمنأى عن هذه الصراعات وثمنها........

العالم يتحكم به حاليا مجموعة من المجانين أو الجشعين أو الجائعين أو المتشددين دينيا وعرقيا. هذا سيؤسس لحروب طويلة وشرسة، وعلى العرب اليوم قبل الغد التفكير جديا بوضع خريطة طريق....ماذا لو تقدمت مثلا مصر وسلطنة عمان والجزائر والمغرب والكويت بمشروع متكامل للمصالحة والحل، بدل تفرد هذه الدولة او تلك بمواقف متناقضة.

سيقول البعض ان هذا حلم، وسوف ينبري البعض الآخر ليتنصل من عروبته كما هي العادة منذ سنوات قليلة، وسيقول ثالث ان "اسرائيل" اقل خطرا من ايران، وسيقول رابع ان السعودية أكثر خطرا من "اسرائيل" وان ايران حليفة، وسيقول خامس ان تركيا هي المنقذ.... أعتقد أن كل هذا كلام هراء وهباء منثورا في الهواء ... علينا أن نقرر ، ماذا يعني أن نكون عربا اليوم؟ ماذا نريد؟ كيف نتعامل مع دول الجوار؟ ما هي مصلحتنا مع العالم ؟

بغير ذلك، فاننا سنصبح أمة في طور الإنقراض، وسنموت ونحن عناترة على بعضنا البعض وأذلاء أمام الآخرين .... ونسلم ما بقي من ثرواتنا لمن يدّعي حمايتنا....

  • فريق ماسة
  • 2018-05-01
  • 7281
  • من الأرشيف

هل الخطر فقط على ايران، أم على العرب أجمع؟

لا أعتقد أن شهر أيار/مايو سيمر دون مفاجأة تتعلق بإيران. لكن المضحك أن نتنياهو الذي يسارع الى القول أن لانية لبلاده بالحرب، يقول كما الاميركيون ان لديه وثائق تثبت أنشطة سرية ايرانية... هو طبعا يريد دفع ترامب لوقف الاتفاق النووي في منتصف هذا الشهر مع طهران... لكن المضحك في الأمر أن اسرائيل هي رابع دولة نووية في العالم غير مشتركة في معاهدة عدم انتشار الاسلحة النوية ولديها ما لا يقل عن ٤٠٠ سلاح نووي ومفاعلات كثيرة.   دعونا نقول بصراحة الأمر التالي : لو كان ترامب يريد فعلا الحد من نشاطات ايران ودورها في المنطقة كما يقول، فمن الأسهل أن يرسل قوات تدعم استعادة الأمارات للجزر الثلاث التي تقول انها محتلة من قبل ايران ( طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبو موسى)، بدلا من تبادل الحروب بالوكالة تارة في سوريا واخرى في اليمن وثالثة في لبنان والعراق.....وكل ذلك باللحم والدم العربييين. هو يريد مقابل تشدده حيال ايران، الحصول على أكبر ثمن مالي، وإرضاء "اسرائيل" التي تعرف انها لو هاجمت عسكريا فلا تضمن النتائج، ولو بقيت صامتة فان ايران وحزب الله صارا عند حدودها ووسعا الجبهة ضدها في اطار محور كامل .... أنا اعتقد ان لا احد يريد الحرب، لان لا أحد يضمن نتائجها، لكن الشهر الحالي سيشهد تطورات كثيرة سياسية وأمنية ، لا أحد يستطيع أن يضبط احتمال انزلاقها الى أعمال عسكرية خطيرة.... دعونا نقول أمرا ثانيا بصراحة : نحن العرب، تحولنا الى سوق لشراء أسلحة العالم أجمع، وغرقنا بحروب كثيرة وفتن وصرنا ساحة لتجارب الأسلحة والارهاب والمشاريع السياسية... علينا أن نسأل أنفسنا ولمرة واحدة بعمق: هل لا تزال فلسطين قضية عربية جامعة فعلا ؟ هل"اسرائيل" لا تزال عدوة فعلا ؟ ما هو السبيل الانجع للتعامل مع ايران وتركيا؟ هل نستمر بتبادل العداوة والتحالفات مع انقرة وطهران، العداوة أم نضع اسسا عربية موحدة للتعاطي مع الدولتين الاقليميتين الكبيرتين.... واذا كان الصراع مع "اسرائيل" انتهى ، فليتخذ العرب قرارا واضحا بذلك وليقدموا حلا بديلا للصراع، او ليقولوا ما عادت لنا علاقة بفلسطين؟ كفانا طمسا للرؤوس في الرمال . أنا من جهتي أتمنى أن تكون كل دولنا العربية أهم من ايران وتركيا و"اسرائيل" واوروبا واميركا وروسيا والصين، لكني أعتقد أنه ما لم تخرج نخبة عربية عاقلة تفكر بما ينبغي عمله مع هذه الدول ، فان كل ما شهدناه من ويلات حتى الآن لن يكون شيئا مقابل الآتي.... ولا أعتقد أن ثمة دولة عربية واحدة ستكون بمنأى عن هذه الصراعات وثمنها........ العالم يتحكم به حاليا مجموعة من المجانين أو الجشعين أو الجائعين أو المتشددين دينيا وعرقيا. هذا سيؤسس لحروب طويلة وشرسة، وعلى العرب اليوم قبل الغد التفكير جديا بوضع خريطة طريق....ماذا لو تقدمت مثلا مصر وسلطنة عمان والجزائر والمغرب والكويت بمشروع متكامل للمصالحة والحل، بدل تفرد هذه الدولة او تلك بمواقف متناقضة. سيقول البعض ان هذا حلم، وسوف ينبري البعض الآخر ليتنصل من عروبته كما هي العادة منذ سنوات قليلة، وسيقول ثالث ان "اسرائيل" اقل خطرا من ايران، وسيقول رابع ان السعودية أكثر خطرا من "اسرائيل" وان ايران حليفة، وسيقول خامس ان تركيا هي المنقذ.... أعتقد أن كل هذا كلام هراء وهباء منثورا في الهواء ... علينا أن نقرر ، ماذا يعني أن نكون عربا اليوم؟ ماذا نريد؟ كيف نتعامل مع دول الجوار؟ ما هي مصلحتنا مع العالم ؟ بغير ذلك، فاننا سنصبح أمة في طور الإنقراض، وسنموت ونحن عناترة على بعضنا البعض وأذلاء أمام الآخرين .... ونسلم ما بقي من ثرواتنا لمن يدّعي حمايتنا....

المصدر : سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة