رغم أن السياسة الغربية معروفة بشأن بعض القضايا والأمور الراهنة ، وخصوصا سياسة أمريكا تجاه قضايا الشرق الأوسط وتحالفاتها البراغماتية والإستراتيجية  ، مع دعمها وانحيازها الدائم والواضح لإسرائيل ، إلا أن موقف بعض دول الاتحاد الأوربي ،كفرنسا مثلا ،  إزاء بعض الملفات المهمة ،كالملف النووي الإيراني،يدعو للتوقف والتساؤل : ما الذي يجري الآن وإلى أين ؟..

تصاعد لهجة واشنطن اليوم ،ومنذ مجيء ترامب إلى البيت الأبيض ، لم يغادر موضوع  إعادة النظر والاتفاقات بشأن هذا الملف المهم ، فمعظم تصريحات وخطابات ترامب تهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، بل وشهدنا خلال هذه الأيام زيارتين للبيت الأبيض ، واحدة للرئيس الفرنسي ماكرون والأخرى للمستشارة الألمانية ميركل ، وكلاهما جاءا برأي معين وعادا برأي آخر ،مغاير ، متساوق ومتناغم مع دعوات ورغبات ترامب الفردية والمتهورة بشأن هذا الملف الحساس والخطير.

كل هذه التحركات والسيناريوهات الغربية ، دافعها واحد ، هو دعم الكيان الصهيوني الخائف من تعاظم قوة إيران الحالية والمستقبلية ، لاسيما بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا كذلك ، ودور إيران الكبير والمهم في اندحاره ، داعش الذي يمثل الوجه الآخر  للإرهاب الصهيوني الوهابي الغربي ، المتحالف ضد كل قوى المقاومة والصمود المتمثلة بالحشد الشعبي وحزب الله وسائر القوى والجيوش العقائدية والوطنية التي تواجه إسرائيل وحلفاءها وعملاءها في المنطقة ومن خلفهم راعية الإرهاب الأولى في العالم الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن يراقب موقف الاتحاد الأوربي اليوم ، يسمع رأياً مموهاً في الإعلام ، ويرى تحركات وخطوات مغايرة ربما _وراء الأكمة_ ، ففرنسا وألمانيا عضوان مهمان في الإتحاد الأوربي ، وتحركاتهما في هذا المضمار المشبوه ينبئ عن خطوات لاحقة وإجراءات قادمة ،ربما قد تم الإعداد والتخطيط لها مع أمريكا ، دعما لإسرائيل ، وهناك على الخط أيضا سيكون الجانب البريطاني المتحالف مع ترامب في ضربته الأخيرة لسوريا الشقيقة، فالتحالف الأمريكي البريطاني الفرنسي ، بلا شك ، سيكون حاضرا في هذا الملف السياسي الخطير ، ولكن إلى أي مدى سيساهم في ضرب (اتفاق لوزان) النووي الذي وصفته واشنطن  ،حينها ، بالتاريخي.!?

تغير الموقف الأمريكي من الاتفاق وسعيه لإفشال هذا الاتفاق قد يلحقه تغيرا أوربيا تابعاً له ، هو موقف مدفوع الثمن من قبل بعض دول الخليج ،وأبرزها السعودية، المرعوبة من إيران وقدراتها العسكرية والتكنولوجية ،  ويخفي سيناريو محدد ويعلن آخر ، ولكنه سيعقّد من سير الأمور وتصعيدها خلال الفترة المقبلة _ كما يقرأها محللون وخبراء ومتابعون_ متزامنا مع صلابة الموقف الإيراني الواثق من سياسته والتزامه بشأن الاتفاق وترفض أي تعديل مفترض تفرضه أمريكا على حلفائها .

في هذا الشأن ، يرى الشارع الإعلامي الأمريكي أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني سيتسبب بضرر كبير لشركات أمريكية وأوروبية ، حيث تمتلك إيران رابع أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم؛ فضلًا عن نحو خُمس احتياطيات الغاز الطبيعي ، كذلك فإن مصداقية هذه الدول المشاركة في الاتفاق ستسقط في الحضيض ، إن حصل أي خرق أو تعديل وتغير في الموقف مستقبلا ،

بينما تعتبر روسيا ‘‘أن كل محاولة تهدف إلى تعديل النص لمصلحة طرف ما (...) ستترك بالتأكيد عواقب سلبية جدا على الاستقرار والأمن الإقليميين‘‘ وهو ذاته الموقف الصيني الذي يعارض أي "تخريب" للاتفاق النووي.

عموما ، كل ما يجري اليوم هو بمثابة حرب مستمرة في الشرق الأوسط الذي ينبغي له أن لا يستقر، وفق العقلية الأمريكية التي تحدث في كل يوم صراعا وأزمة وحرائق في هذا العالم ، منذ نشوئها على الأرض وحتى اللحظة ، وهي ذاتها العقلية الصهيونية التي زرعت ميكروب إسرائيل وعملائها ، في المنطقة،

وما يجري وراء الأكمة اليوم يأتي في ذات السياق الذي تخطط له دول الاستعمار الغربي القديم الجديد ، لكن سيخيب سعيهم هذه المرة  لأن شعوب المنطقة المؤمنة بقضيتها والتي قدمت قرابين من الدماء في سبيل تحررها وتخلصها من زمن التبعية والعبودية والاستعمار والإرهاب ، ستكون لهم بالمرصاد وهي متيقظة ومتأهبة للمواجهة في كل الاحتمالات

 

  • فريق ماسة
  • 2018-05-01
  • 14369
  • من الأرشيف

وراء الأَكَمَة ما وراءها !

رغم أن السياسة الغربية معروفة بشأن بعض القضايا والأمور الراهنة ، وخصوصا سياسة أمريكا تجاه قضايا الشرق الأوسط وتحالفاتها البراغماتية والإستراتيجية  ، مع دعمها وانحيازها الدائم والواضح لإسرائيل ، إلا أن موقف بعض دول الاتحاد الأوربي ،كفرنسا مثلا ،  إزاء بعض الملفات المهمة ،كالملف النووي الإيراني،يدعو للتوقف والتساؤل : ما الذي يجري الآن وإلى أين ؟.. تصاعد لهجة واشنطن اليوم ،ومنذ مجيء ترامب إلى البيت الأبيض ، لم يغادر موضوع  إعادة النظر والاتفاقات بشأن هذا الملف المهم ، فمعظم تصريحات وخطابات ترامب تهدد بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، بل وشهدنا خلال هذه الأيام زيارتين للبيت الأبيض ، واحدة للرئيس الفرنسي ماكرون والأخرى للمستشارة الألمانية ميركل ، وكلاهما جاءا برأي معين وعادا برأي آخر ،مغاير ، متساوق ومتناغم مع دعوات ورغبات ترامب الفردية والمتهورة بشأن هذا الملف الحساس والخطير. كل هذه التحركات والسيناريوهات الغربية ، دافعها واحد ، هو دعم الكيان الصهيوني الخائف من تعاظم قوة إيران الحالية والمستقبلية ، لاسيما بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا كذلك ، ودور إيران الكبير والمهم في اندحاره ، داعش الذي يمثل الوجه الآخر  للإرهاب الصهيوني الوهابي الغربي ، المتحالف ضد كل قوى المقاومة والصمود المتمثلة بالحشد الشعبي وحزب الله وسائر القوى والجيوش العقائدية والوطنية التي تواجه إسرائيل وحلفاءها وعملاءها في المنطقة ومن خلفهم راعية الإرهاب الأولى في العالم الولايات المتحدة الأمريكية. ومن يراقب موقف الاتحاد الأوربي اليوم ، يسمع رأياً مموهاً في الإعلام ، ويرى تحركات وخطوات مغايرة ربما _وراء الأكمة_ ، ففرنسا وألمانيا عضوان مهمان في الإتحاد الأوربي ، وتحركاتهما في هذا المضمار المشبوه ينبئ عن خطوات لاحقة وإجراءات قادمة ،ربما قد تم الإعداد والتخطيط لها مع أمريكا ، دعما لإسرائيل ، وهناك على الخط أيضا سيكون الجانب البريطاني المتحالف مع ترامب في ضربته الأخيرة لسوريا الشقيقة، فالتحالف الأمريكي البريطاني الفرنسي ، بلا شك ، سيكون حاضرا في هذا الملف السياسي الخطير ، ولكن إلى أي مدى سيساهم في ضرب (اتفاق لوزان) النووي الذي وصفته واشنطن  ،حينها ، بالتاريخي.!? تغير الموقف الأمريكي من الاتفاق وسعيه لإفشال هذا الاتفاق قد يلحقه تغيرا أوربيا تابعاً له ، هو موقف مدفوع الثمن من قبل بعض دول الخليج ،وأبرزها السعودية، المرعوبة من إيران وقدراتها العسكرية والتكنولوجية ،  ويخفي سيناريو محدد ويعلن آخر ، ولكنه سيعقّد من سير الأمور وتصعيدها خلال الفترة المقبلة _ كما يقرأها محللون وخبراء ومتابعون_ متزامنا مع صلابة الموقف الإيراني الواثق من سياسته والتزامه بشأن الاتفاق وترفض أي تعديل مفترض تفرضه أمريكا على حلفائها . في هذا الشأن ، يرى الشارع الإعلامي الأمريكي أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني سيتسبب بضرر كبير لشركات أمريكية وأوروبية ، حيث تمتلك إيران رابع أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم؛ فضلًا عن نحو خُمس احتياطيات الغاز الطبيعي ، كذلك فإن مصداقية هذه الدول المشاركة في الاتفاق ستسقط في الحضيض ، إن حصل أي خرق أو تعديل وتغير في الموقف مستقبلا ، بينما تعتبر روسيا ‘‘أن كل محاولة تهدف إلى تعديل النص لمصلحة طرف ما (...) ستترك بالتأكيد عواقب سلبية جدا على الاستقرار والأمن الإقليميين‘‘ وهو ذاته الموقف الصيني الذي يعارض أي "تخريب" للاتفاق النووي. عموما ، كل ما يجري اليوم هو بمثابة حرب مستمرة في الشرق الأوسط الذي ينبغي له أن لا يستقر، وفق العقلية الأمريكية التي تحدث في كل يوم صراعا وأزمة وحرائق في هذا العالم ، منذ نشوئها على الأرض وحتى اللحظة ، وهي ذاتها العقلية الصهيونية التي زرعت ميكروب إسرائيل وعملائها ، في المنطقة، وما يجري وراء الأكمة اليوم يأتي في ذات السياق الذي تخطط له دول الاستعمار الغربي القديم الجديد ، لكن سيخيب سعيهم هذه المرة  لأن شعوب المنطقة المؤمنة بقضيتها والتي قدمت قرابين من الدماء في سبيل تحررها وتخلصها من زمن التبعية والعبودية والاستعمار والإرهاب ، ستكون لهم بالمرصاد وهي متيقظة ومتأهبة للمواجهة في كل الاحتمالات  

المصدر : الماسة السورية/ عبدالرضا الساعدي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة