دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
للسنة الرابعة تعيش بلدتا كفريا والفوعة في ريف إدلب شمال سوريا حصارا خانقا، ازدادت شدته مع سقوط مدينة إدلب ربيع عام 2015 بيد ميليشيا "جيش الفتح" التكفيري المؤلف من عدة فصائل سلفية محاربة،أهمها "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" و"جند الاقصى" الذي تتهمه "النصرة" و"احرار الشام" بعقد بيعة سرية لتنظيم "داعش" وبعد سقوط مدينة إدلب اكتمل طوق الحصار على الفوعة وكفريا وانقطعت الطريق البرية الوحيدة، التي كانت تربط البلدتين بباقي المناطق السورية، وأصبح أهالي البلدتين المحاصرتين، في حالة حصار غذائي وطبي، ما فاقم الأزمة الانسانية بشكل مرعب، خصوصا مع انقطاع المازوت الضروري لتشغيل المحركات في المشفى الوطني حيث مئات الجرحى وغالبيتهم من الأطفال والمدنيين فضلا عن المرضى من المسنين، وعشرات من المرضى بامراض مستعصية كغسيل الكلى بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود الادوية والأجهزة اللازمة لغسيل الكلي. هذا النقص بالوقود سبب أيضا انقطاع المياه عن المدينة، التي تتغذى من بئرين ارتوازيين حفر احداها خلال الحرب، كما اثر هذا على الاراضي الزراعية التي يبست بفعل قلة المياه.
الوضع الغذائي مأسوي منذ أربعة أعوام، حيث منعت الحرب الأهالي من الذهاب والعمل في اراضيهم، في بلدة تعتاش على الزراعة في اقتصادها، كما وتمنع ميليشيا "جيش الفتح" عند وصولها الى تخوم البلدتين ومن بعد تفكك عقد الفتح النصرة واحرار الشام حاليا من دخول أية مواد غذائية للفوعة وكفريا ما يتسبب بحالة من المجاعة التي تقترب ان تكون جماعية لآلاف السوريين في المدينة، كما ويؤدي الحصار الى تفشي الامراض الناتجة عن نقص في المواد الخاصة بالنظافة الشخصية والعامة، وكانت بعض البضائع تصل عبر مهربين الى البلدتين الى أن شن جيش الفتح التكفيري هجومه الكبير في 28 تموز2015 حيث توقفت حرك التهريب.
هذا الوضع الانساني الخطير زاد من صعوبته وخطورته حضور السعودي عبد الله المحيسني الى جبهة الفوعة وتوليه أمر التحريض على المدينة في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في معركة صيف عام 2015 حيث تدخلت ايران يومها مع تركيا لوقف هجوم جيش الفتح الذي استخدم في ليلة واحدة حوالي الف صاروخ من نوع جهنم في قصف البلدتين وكان هناك حشد من عدة آلاف من المسلحين بينهم "النصرة" و"الجيش الإسلامي" التركستاني و"احرار الشام" و"جند الأقصى" ما هدد بعملية إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في هذا العصر. وقد دق خطاب المحيسني يومها جرص الإنذار الذي دفع إيران للتحرك مباشرة مع تركيا بسبب التواصل المستمر بين البلدين ووجود البلدتين ضمن مناطق السيطرة والنفوذ التركي وكانت القيادة السورية أبلغت المعنيين أنها تؤيد أي تحرك ايراني لحماية أهالي الفوعة وكفريا وهي مستعدة للقيام بما عليها في هذا المجال. وكان السعودي عبدالله المحيسني قد هدد يوم العاشر من شهر آب 2015 بإبادة جماعية للفوعة في مقطع بث على اليوتيوب من بلدة بنش المجاورة للفوعة، وقال المحيسني إنه في حال سقوط الفوعة سوف يحتفظون بالنساء والاطفال رهائن، بينما سوف يعتبر الباقون أعداء ومقاتلين ويتم قتلهم.
شكل سقوط كامل المناطق المحيطة بالفوعة وكفريا عام 2014 و2015 وعلى بعد عشرات الكيلمترات عاملاً جغرافياً ضاغطاً جعل من البلدتين جزيرة في وسط محيط كبير من المسلحين التكفيريين وتدهور الوضع الميداني على تخوم البلدتين مع سقوط الصواغية في صيف عام 2015 وتلة الخربة التي تشرف على الطريق بين الفوعة وكفريا ما استدعى تحرك التواصل الإيراني التركي الذي اوقف الهجوم العسكري بضغوط تركيا وقطرية .
في العام 2017 وأثناء معركة الزبداني مضايا وهذه المرة بوساطة تركية وقطرية تمت صياغة اتفاق المدن الخمسة بعد اجتماعات بين وفد ايراني وآخر من حركة أحرار الشام في تركيا وبوجود رسمي تركي وقطري تم على أثر الاجتماعات الاتفاق على معادلة المدن الخمس ( الفوعة كفريا – مضايا الزبداني وبلودان) وانتهت هذه المرحلة بتبادل على نطاق البلدات المذكورة، وتمت مرحلة أولى من انتقال المحاصرين في الفوعة وكفريا وكان الاتفاق ينص على خروج دفعات أخرى من الفوعة وكفريا لكن الجانب القطري الذي كان ضامن هذه المرحلة عند النصرة اعتذر متعللا بالصراع الخليجي المستجد والهجوم السعودي الإماراتي الذي بدأ عليه.
في العام نفسه، بدأت روسيا عملية سياسية تحت شعار مناطق خفض التصعيد وتغيرت الخارطة الجيوسياسية في الصراع السوري بعد الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا صيف عام 2017 و ظهور الخلافات التركية الأمريكية حول الأكراد وبدء مسار أستانة للحل السياسي يضمان الدول الثلاث ( روسيا ايران تركيا) في سوريا الذي حل فعليا مكان مسار جنيف وإن كان التمسك اعلاميا بمسار جنيف ما زال مستمرا لحد الان، وقد دخلت محافظة إدلب تحت غطاء اتفاقات خفض التصعيد بأستانا وقد أوكلت مهمة العمل على إنهاء الحرب في محافظة إدلب وانهاء سيطرة جبهة النصرة على المحافظة إلى تركيا بالتزامن مع حرب الفصائل المشتعلة في المنطقة وصولا الى ريفي حلب الغربي والشمالي وريف حماه الشمالي، ما أدخل البلدتين في وضع صعب يكن ان تستغله النصرة أو أي من الفصائل الأخرى في الحرب القادمة في إدلب وقد أعطت معركة جنوب دمشق الفرصة لإغلاق ملف البلدتين وإعادة إحياء اتفاق المدن الخمس، ومن المتوقع اتمام خروج أهالي الفوعة وكفريا على دفعتين، حيث بدأت عملية إخراج الدفعة الأولى المقدرة بـ 1500 شخص على أن تليها دفعات أخرى خلال فترة وجيزة تزامنا مع إغلاق ملف تواجد المسلحين في جنوب دمشق.
المصدر :
العهد / نضال حمادة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة