تسعى الإدارة الأمريكية بعد تصريحات ترامب حول نيته لسحب القوات الأمريكية من سورية إلى استبدالها بقوات عربية معظمها من دول الخليج ،والتي لاقت هذه الدعوة قبولا من السعودية وأطرافا خليجة أخرى ،وقوبلت باستهجان وترقب من الدولة السورية وحلفاءها ،وعدم الأخذ بجدية الطرح الأمريكي كون الإدارة الأمريكية مترددة لدرجة التناقض في الداخل الأمريكي، ولعدم واقعية الطرح لعدم امكانية تحقق ذلك في الميدان السوري، ولرفض سورية والحلفاء هذه الدعوة شكلا ومضمونا ،ليس فقط حق سورية السيادي ولكون الاحتلال الأمريكي في الأصل هو مخالف للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة والذي يبدو بأن التحالف الأمريكي المزعوم لمحاربة الإرهاب هو تحالف مشبوه دعم الجماعات الإرهابية ولم يكن جادا يوما بمحاربة الإرهاب.

 

والسؤال المطروح هو: ماوراء هذا الطرح الأمريكي وما خلفياته وخطورته على المنطقة وما الخطط الأمريكية؟ والتي يبدو كما يعتقد الكثير من الباحثين، بأن هناك"عمى استراتيجي" أمريكي بعد الفشل لمعظم الخطط الأمريكية في الحرب الغير معلنة على الدولة السورية والتي لم تعد محلية أو إقليمية بل تشكل كباشا دوليا بين قوى عظمى، ومواجهة بين محاور دولية خاصة بعد العدوان الثلاثي الذي فشل في تحقيق أهداف القوى المعادية لسورية ،وربما غير مجرى الأحداث لمصلحة حلفاء سورية،وبالتالي تسارع أمريكا للانتقال إلى خطط جديدة يبدو بأنها غير مدروسة وتدل على تخبط أمريكي ،والأهداف كما نعتقد من خلال الطرح الأمريكي الجديد بتشكيل قوة عسكرية عربية يتوهم الأمريكي بإمكانية تحقيقه ،رغم التنسيق العالي المستوى بين أمريكا والسعودية والكيان الإسرائيلي الذي يهدف لتحقيق عدة أهداف منها:

 

1- توريط دول المنطقة بصراعات وحروب قد تصل لحد حرب بين السعودية ومن معها وإيران ومن معها ؛لأن دخول قوات بدون موافقة سورية ومعها محور المقاومة يعني ببساطة حرب لن تبقي ولن تذر ويتم من خلالها استنزاف المنطقة لسنوات قد تطول ،تذكر بالحرب العراقية الإيرانية وبشكل أكثر كارثية على دول المنطقة برمتها.

 

2-نهب ثروات المنطقة لمصلحة تجارة السلاح والمصانع وشركات الأسلحة الأمريكية والغربية عموما.

 

3-إثارة النزاعات الإثنية والطائفية في حرب الرابح الوحيد هو أمريكا والغرب والكيان الإسرائيلي ، بينما الخاسر الوحيد هو شعوب المنطقة وسيؤدي لانتشار السلفية الجهادية والحركات والتنظيمات الإرهابية وانتعاشها بعد الضربات التي تلقتها في سورية والعراق وفي غير منطقة ،والاستثمار بها ودعمها لتفتيت الدول العربية والإسلامية وتشويه القيم الإسلامية من خلال التحريض والدعم بحيث تطول الحرب من أجل إعادة رسم الخرائط وفق المصالح الغربية الاستعمارية بشكلها الجديد ولتصبح الدول المشاركة في الحرب قابلة للتقسيم على أسس طائفية وإثنية وما بعد الدولة الوطنية الحالية.

 

قد يكون من المستبعد نجاح هذا المخطط الأمريكي الجهنمي نتيجة الأحداث والتطورات التي لا تصب في مصلحة الأمريكي مع صعود قوى دولية استفادت من التخبط الأمريكي خلال السنوات السبع السابقة وبعد تقهقر الإرهاب والتغيرات التي حصلت بالمنطقة بعد الفشل الأمريكي في إسقاط محور المقاومة وعلو كعب محور مكافحة الإرهاب بقيادة روسية وخلفها الصين واستغلال التراجع الأمريكي على الصعيد العالمي من خلال انسحاب أمريكا من بعض المنظمات وتراجع الدعم الأمريكي لقوات حفظ النظام بنسبة 30%والتهديد بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة والفشل الأمريكي في العديد من الملفات الدولية والتقدم التكنولوجي العسكري الروسي والذي يجبر الأمريكان على الجلوس لاحقا على طاولة مستديرة الند للند ،والقبول بعالم متعدد الأقطاب واقتناع الأمريكي والفرنسي والبريطاني بأن زمن البلطجة ولى بلا رجعة. لذلك يمكن القول بأن ما تخطط له الإدارة الأمريكية ليس قدرا محتوما ولا يمكن تطبيقه بعد كل التغيرات والأحداث التي تجري بالمنطقة والعالم وفي سورية خاصة ،وبعد العمى الاستراتيجي وحتى التكتيكي على مستوى العالم الذي تعاني منه السياسة الأمريكية.

  • فريق ماسة
  • 2018-04-22
  • 10060
  • من الأرشيف

ما الذي تريده أمريكا بدعوتها لإرسال قوة عربية لسورية؟

 تسعى الإدارة الأمريكية بعد تصريحات ترامب حول نيته لسحب القوات الأمريكية من سورية إلى استبدالها بقوات عربية معظمها من دول الخليج ،والتي لاقت هذه الدعوة قبولا من السعودية وأطرافا خليجة أخرى ،وقوبلت باستهجان وترقب من الدولة السورية وحلفاءها ،وعدم الأخذ بجدية الطرح الأمريكي كون الإدارة الأمريكية مترددة لدرجة التناقض في الداخل الأمريكي، ولعدم واقعية الطرح لعدم امكانية تحقق ذلك في الميدان السوري، ولرفض سورية والحلفاء هذه الدعوة شكلا ومضمونا ،ليس فقط حق سورية السيادي ولكون الاحتلال الأمريكي في الأصل هو مخالف للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة والذي يبدو بأن التحالف الأمريكي المزعوم لمحاربة الإرهاب هو تحالف مشبوه دعم الجماعات الإرهابية ولم يكن جادا يوما بمحاربة الإرهاب.   والسؤال المطروح هو: ماوراء هذا الطرح الأمريكي وما خلفياته وخطورته على المنطقة وما الخطط الأمريكية؟ والتي يبدو كما يعتقد الكثير من الباحثين، بأن هناك"عمى استراتيجي" أمريكي بعد الفشل لمعظم الخطط الأمريكية في الحرب الغير معلنة على الدولة السورية والتي لم تعد محلية أو إقليمية بل تشكل كباشا دوليا بين قوى عظمى، ومواجهة بين محاور دولية خاصة بعد العدوان الثلاثي الذي فشل في تحقيق أهداف القوى المعادية لسورية ،وربما غير مجرى الأحداث لمصلحة حلفاء سورية،وبالتالي تسارع أمريكا للانتقال إلى خطط جديدة يبدو بأنها غير مدروسة وتدل على تخبط أمريكي ،والأهداف كما نعتقد من خلال الطرح الأمريكي الجديد بتشكيل قوة عسكرية عربية يتوهم الأمريكي بإمكانية تحقيقه ،رغم التنسيق العالي المستوى بين أمريكا والسعودية والكيان الإسرائيلي الذي يهدف لتحقيق عدة أهداف منها:   1- توريط دول المنطقة بصراعات وحروب قد تصل لحد حرب بين السعودية ومن معها وإيران ومن معها ؛لأن دخول قوات بدون موافقة سورية ومعها محور المقاومة يعني ببساطة حرب لن تبقي ولن تذر ويتم من خلالها استنزاف المنطقة لسنوات قد تطول ،تذكر بالحرب العراقية الإيرانية وبشكل أكثر كارثية على دول المنطقة برمتها.   2-نهب ثروات المنطقة لمصلحة تجارة السلاح والمصانع وشركات الأسلحة الأمريكية والغربية عموما.   3-إثارة النزاعات الإثنية والطائفية في حرب الرابح الوحيد هو أمريكا والغرب والكيان الإسرائيلي ، بينما الخاسر الوحيد هو شعوب المنطقة وسيؤدي لانتشار السلفية الجهادية والحركات والتنظيمات الإرهابية وانتعاشها بعد الضربات التي تلقتها في سورية والعراق وفي غير منطقة ،والاستثمار بها ودعمها لتفتيت الدول العربية والإسلامية وتشويه القيم الإسلامية من خلال التحريض والدعم بحيث تطول الحرب من أجل إعادة رسم الخرائط وفق المصالح الغربية الاستعمارية بشكلها الجديد ولتصبح الدول المشاركة في الحرب قابلة للتقسيم على أسس طائفية وإثنية وما بعد الدولة الوطنية الحالية.   قد يكون من المستبعد نجاح هذا المخطط الأمريكي الجهنمي نتيجة الأحداث والتطورات التي لا تصب في مصلحة الأمريكي مع صعود قوى دولية استفادت من التخبط الأمريكي خلال السنوات السبع السابقة وبعد تقهقر الإرهاب والتغيرات التي حصلت بالمنطقة بعد الفشل الأمريكي في إسقاط محور المقاومة وعلو كعب محور مكافحة الإرهاب بقيادة روسية وخلفها الصين واستغلال التراجع الأمريكي على الصعيد العالمي من خلال انسحاب أمريكا من بعض المنظمات وتراجع الدعم الأمريكي لقوات حفظ النظام بنسبة 30%والتهديد بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة والفشل الأمريكي في العديد من الملفات الدولية والتقدم التكنولوجي العسكري الروسي والذي يجبر الأمريكان على الجلوس لاحقا على طاولة مستديرة الند للند ،والقبول بعالم متعدد الأقطاب واقتناع الأمريكي والفرنسي والبريطاني بأن زمن البلطجة ولى بلا رجعة. لذلك يمكن القول بأن ما تخطط له الإدارة الأمريكية ليس قدرا محتوما ولا يمكن تطبيقه بعد كل التغيرات والأحداث التي تجري بالمنطقة والعالم وفي سورية خاصة ،وبعد العمى الاستراتيجي وحتى التكتيكي على مستوى العالم الذي تعاني منه السياسة الأمريكية.

المصدر : طالب زيفا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة