لقد تأثرت الليرة السورية كثيراً جراء هذه الحرب التي عصفت بالبلاد، على الرغم من أنها كانت توصف تاريخياً بأنها من إحدى العملات الوطنية القوية بسبب التغطية الكبيرة التي كانت تضمن إصدارها وعدم تحميل كاهلها عبء مديونية خارجية أو داخلية

 

 واستنادها إلى اقتصاد حقيقي قوي بقطاعيه الصناعي والزراعي وعدم اعتمادها على القطاعات الريعية والخدمية فقط ولذلك استطاعت الليرة السورية أن تقوم بواجب أعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية محافظة على مستوى سعر صرف ثابت وعلى استقرار نقدي كبير استمر لفترة قياسية استمرت حوالي عشرين عاماً.

 

قاومت الليرة السورية منعكسات الحرب عليها وأبدت صلابة شديدة لجهة نتائج التدمير الذي لحق بالاقتصاد السوري جراء العمليات الإرهابية أو لجهة الحرب الاقتصادية المباشرة التي شنتها الدول العربية والغربية على حد سواء، وظل هذا الصمود قائماً خلال السنتين الأوليين من عمر الحرب لتظهر بعد ذلك عوارض الإنهاك بسبب عدم وجود سياسات داعمة وفعالة لدعم مقومات هذا الصمود، حيث جرى الاهتمام بالدولار وسعر صرفه في السوق السورية أكثر من تقوية الليرة ووظائفها الأساسية.

لا يعتبر سعر صرف العملة الوطنية أمام العملة الصعبة مؤشراً لقوتها، كما يظن البعض وكذلك لا يعتبر مفهوم القوة الشرائية هو المؤشر الوحيد للقوة … بل إن قوة العملة الوطنية (الليرة) تكمن في قدرتها على القيام بوظائفها الأساسية وهي: وظيفة حفظ الثروة: حيث فقدت الليرة جزءاً من وظيفتها الادخارية للثروة …إذ إن المليون ليرة لا تبقى مليون ليرة بعد شهر أو شهرين من تبدلات الأسعار بمجملها، وظيفة الاستثمار: كانت الليرة السورية تغطي أكثر من 85% من التكاليف الاستثمارية للمشاريع الاقتصادية في سورية، لأن معظم مدخلات الإنتاج أصبحت تصنع محلياً وهي نسبة ممتازة ومرتفعة وفق المعايير الدولية ولكن بعد الأضرار التي لحقت بها أصبحت لا تغطي سوى 35% من تكاليف المشروع، وبالتالي انخفضت نسبة مساهمة الليرة في التكوين الرأسمالي السوري.

وظيفة التبادل: حافظت الليرة السورية على وظيفتها في التداول السلعي والخدمي في سورية وذلك بسبب ثقة المواطن السوري بليرته ما أدى إلى تجنب الاقتصاد السوري الوقوع في (الدولرة) من المستوى الأول أي أن لا يقبل الناس التعامل إلا بالدولار، على أن السوق السورية لامست قليلاً المستوى الثاني من الدولرة وهو(تقييم الأسعار كلياً بالنسبة للدولار) وخاصة للمواد المستوردة

وعليه فإن السياسات الاقتصادية يجب أن تقوم بسلسلة إجراءات تهدف إلى إعادة الوظائف الأساسية لليرة السورية بمعنى إعادة إعمار الليرة لتصبح مؤهلة لإعادة الإعمار في سورية ككل.

  • فريق ماسة
  • 2018-04-20
  • 13021
  • من الأرشيف

إعادة إعمار الليرة السورية

لقد تأثرت الليرة السورية كثيراً جراء هذه الحرب التي عصفت بالبلاد، على الرغم من أنها كانت توصف تاريخياً بأنها من إحدى العملات الوطنية القوية بسبب التغطية الكبيرة التي كانت تضمن إصدارها وعدم تحميل كاهلها عبء مديونية خارجية أو داخلية    واستنادها إلى اقتصاد حقيقي قوي بقطاعيه الصناعي والزراعي وعدم اعتمادها على القطاعات الريعية والخدمية فقط ولذلك استطاعت الليرة السورية أن تقوم بواجب أعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية محافظة على مستوى سعر صرف ثابت وعلى استقرار نقدي كبير استمر لفترة قياسية استمرت حوالي عشرين عاماً.   قاومت الليرة السورية منعكسات الحرب عليها وأبدت صلابة شديدة لجهة نتائج التدمير الذي لحق بالاقتصاد السوري جراء العمليات الإرهابية أو لجهة الحرب الاقتصادية المباشرة التي شنتها الدول العربية والغربية على حد سواء، وظل هذا الصمود قائماً خلال السنتين الأوليين من عمر الحرب لتظهر بعد ذلك عوارض الإنهاك بسبب عدم وجود سياسات داعمة وفعالة لدعم مقومات هذا الصمود، حيث جرى الاهتمام بالدولار وسعر صرفه في السوق السورية أكثر من تقوية الليرة ووظائفها الأساسية. لا يعتبر سعر صرف العملة الوطنية أمام العملة الصعبة مؤشراً لقوتها، كما يظن البعض وكذلك لا يعتبر مفهوم القوة الشرائية هو المؤشر الوحيد للقوة … بل إن قوة العملة الوطنية (الليرة) تكمن في قدرتها على القيام بوظائفها الأساسية وهي: وظيفة حفظ الثروة: حيث فقدت الليرة جزءاً من وظيفتها الادخارية للثروة …إذ إن المليون ليرة لا تبقى مليون ليرة بعد شهر أو شهرين من تبدلات الأسعار بمجملها، وظيفة الاستثمار: كانت الليرة السورية تغطي أكثر من 85% من التكاليف الاستثمارية للمشاريع الاقتصادية في سورية، لأن معظم مدخلات الإنتاج أصبحت تصنع محلياً وهي نسبة ممتازة ومرتفعة وفق المعايير الدولية ولكن بعد الأضرار التي لحقت بها أصبحت لا تغطي سوى 35% من تكاليف المشروع، وبالتالي انخفضت نسبة مساهمة الليرة في التكوين الرأسمالي السوري. وظيفة التبادل: حافظت الليرة السورية على وظيفتها في التداول السلعي والخدمي في سورية وذلك بسبب ثقة المواطن السوري بليرته ما أدى إلى تجنب الاقتصاد السوري الوقوع في (الدولرة) من المستوى الأول أي أن لا يقبل الناس التعامل إلا بالدولار، على أن السوق السورية لامست قليلاً المستوى الثاني من الدولرة وهو(تقييم الأسعار كلياً بالنسبة للدولار) وخاصة للمواد المستوردة وعليه فإن السياسات الاقتصادية يجب أن تقوم بسلسلة إجراءات تهدف إلى إعادة الوظائف الأساسية لليرة السورية بمعنى إعادة إعمار الليرة لتصبح مؤهلة لإعادة الإعمار في سورية ككل.

المصدر : الماسة السورية/ تشرين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة