أصبح الدفع الإلكتروني يشغل حيزاً مهماً وجوهرياً في اقتصادات الدول المتقدمة، وخاصة على صعيد تنفيذ كلًّ من السياسة النقدية والمالية، والتحوط ضد المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المالي ككل مع اعتماد طرق الدفع التقليدية.

حيث تشير التجارب العملية لتطبيق الدفع الإلكتروني إلى مساهمته في خفض معدلات الفساد وزيادة معدلات نمو الناتج القومي، كونه يعد من أهم وسائل الحد من التهرب الضريبي سواء بالنسبة للدخل أوالمبيعات. ويسهم في زيادة حجم الاقتصاد المنظم وبالتالي تحجيم اقتصاد الظل.

ومن جهة أخرى تبرز أهمية الدفع الالكتروني في تقليل تكلفة إدارة النقد من حيث الطباعة والتخزين والإصدار والنقل والإتلاف، كما يوفر طريقة سهلة لحصر العمليات المالية وتتبعها بجانب قدرته على تحقيق وفورات مالية ضخمة للدولة، ويخلق فرصاً لتعزيز الشمول المالي والتحول للمجتمع اللانقدي.

وهذا في الحقيقة ما دفع إلى تزايد الاهتمام الحكومي في سورية بضرورة التحول إلى الدفع الإلكتروني لمزاياه المتعددة ولمواكبة التطورات التي يشهدها العالم على صعيد القطاع المالي والنقدي، لتظهر بوادره مع تطبيق مصرف سورية المركزي نظام التسويات الإجالية السوري SyGS ولاحقاً نظام التقاص الإلكتروني (SyCS)، والمحول الوطني، والمحافظ الإلكترونية، إضافة إلى استخدام بطاقات الوقود الإلكترونية للمركبات الحكومية، وذلك إلى جانب تصريحات وزارة المالية فيما يتعلق بضرورة العمل على اعتماد الدفع الالكتروني وتطبيق نظام الفوترة، لجهة تحسين الإيرادات الضريبية، وهذا ما يحسب للحكومة في ظل الظروف الراهنة.

وفي هذا السياق، نعتقد أن المنظمين لهذا القطاع لا يخفى عليهم أهمية توفر منظومة آمنة وفعالة للدفع الالكتروني، وكادر مؤهل ومتخصص في مجال الأمن المعلوماتي، وخاصة مع زيادة التهديدات الأمنية الناتجة عن ازدياد الاعتماد على التقنية بما في ذلك الهواتف المحمولة وشبكة الانترنت لتنفيذ العمليات المصرفية والتجارية، وأثرها على استقرار القطاع المالي، لذلك لا بدَّ من إجراء تقييم شامل على المصارف لتقييم فاعلية ضوابط ومستوى أمن المعلومات، بما في ذلك خطط المواجهة في حالة وقوع الحوادث الأمنية.

كما يتوجب على السلطات النقدية وضع استراتيجية للأمن المعلوماتي في القطاع المصرفي، حيث تهدف الاستراتيجية إلى التطوير المستمر للأمن المعلوماتي لدى السلطة النقدية نفسها وللقطاع المصرفي والمؤسسات المالية الأخرى وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير العالمية بما يسهم في تمكين القطاع المصرفي من تحديد المخاطر الأمنية ومعالجتها بفاعلية.

ويضاف إلى ذلك التخطيط لوضع نظام لمعرّفات الكيانات القانونية (مشروع المعرف القانوني) وهيكل حوكمة داعم لهذا النظام. وذلك بهدف تحديد أطراف التعاملات المالية في مختلف الأسواق والمنتجات والمناطق، حيث يساعد مشروع المعرف القانوني على زيادة قدرة الجهات الرقابية في تعزيز سلامة وشفافية الأسواق المالية، وتحسين إدارة المخاطر، وجودة ودقة البيانات المالية فيما يتعلق بتمويل التجارة الخارجية، واحصاءات ميزان المدفوعات، وتدفقات رأس المال، والمقاصة والتسويات المالية.

وانطلاقاً من الإيمان بإمكانات الوطن الذاتية، قد يكون من المجدي تنظيم ملتقى متخصص يجمع كل من الباحثين والعاملين في أنظمة الدفع الاكتروني، وشركات ومطوري الأنظمة، متخصصي تكنولوجيا الاتصالات، خبراء أمن المعلومات، ومنظمي القطاع، وغيرها من الفعاليات ذات الصلة ليصار إلى تبادل الخبرات واكتشاف الطاقات المتاحة وتقييم الواقع وتجربة الدفع الالكتروني في سورية، وفرصة للاطلاع على تجارب الدول ذات التجارب الحديثة والشبيهة بالاقتصاد السوري إن أمكن، ليكون هذا الملتقى نواة معرفية وخلاصة تجارب يمكن الاستفادة منها في نجاح عملية التحول إلى الدفع الاكتروني في سورية بمشاركة الجميع، لما فيه مصلحة عامة لكافة الفعاليات.

  • فريق ماسة
  • 2018-02-19
  • 14660
  • من الأرشيف

الدفع الالكتروني.. اهتمام حكومي.. والحاجة لحشد القدرات والطاقات الكامنة !

أصبح الدفع الإلكتروني يشغل حيزاً مهماً وجوهرياً في اقتصادات الدول المتقدمة، وخاصة على صعيد تنفيذ كلًّ من السياسة النقدية والمالية، والتحوط ضد المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المالي ككل مع اعتماد طرق الدفع التقليدية. حيث تشير التجارب العملية لتطبيق الدفع الإلكتروني إلى مساهمته في خفض معدلات الفساد وزيادة معدلات نمو الناتج القومي، كونه يعد من أهم وسائل الحد من التهرب الضريبي سواء بالنسبة للدخل أوالمبيعات. ويسهم في زيادة حجم الاقتصاد المنظم وبالتالي تحجيم اقتصاد الظل. ومن جهة أخرى تبرز أهمية الدفع الالكتروني في تقليل تكلفة إدارة النقد من حيث الطباعة والتخزين والإصدار والنقل والإتلاف، كما يوفر طريقة سهلة لحصر العمليات المالية وتتبعها بجانب قدرته على تحقيق وفورات مالية ضخمة للدولة، ويخلق فرصاً لتعزيز الشمول المالي والتحول للمجتمع اللانقدي. وهذا في الحقيقة ما دفع إلى تزايد الاهتمام الحكومي في سورية بضرورة التحول إلى الدفع الإلكتروني لمزاياه المتعددة ولمواكبة التطورات التي يشهدها العالم على صعيد القطاع المالي والنقدي، لتظهر بوادره مع تطبيق مصرف سورية المركزي نظام التسويات الإجالية السوري SyGS ولاحقاً نظام التقاص الإلكتروني (SyCS)، والمحول الوطني، والمحافظ الإلكترونية، إضافة إلى استخدام بطاقات الوقود الإلكترونية للمركبات الحكومية، وذلك إلى جانب تصريحات وزارة المالية فيما يتعلق بضرورة العمل على اعتماد الدفع الالكتروني وتطبيق نظام الفوترة، لجهة تحسين الإيرادات الضريبية، وهذا ما يحسب للحكومة في ظل الظروف الراهنة. وفي هذا السياق، نعتقد أن المنظمين لهذا القطاع لا يخفى عليهم أهمية توفر منظومة آمنة وفعالة للدفع الالكتروني، وكادر مؤهل ومتخصص في مجال الأمن المعلوماتي، وخاصة مع زيادة التهديدات الأمنية الناتجة عن ازدياد الاعتماد على التقنية بما في ذلك الهواتف المحمولة وشبكة الانترنت لتنفيذ العمليات المصرفية والتجارية، وأثرها على استقرار القطاع المالي، لذلك لا بدَّ من إجراء تقييم شامل على المصارف لتقييم فاعلية ضوابط ومستوى أمن المعلومات، بما في ذلك خطط المواجهة في حالة وقوع الحوادث الأمنية. كما يتوجب على السلطات النقدية وضع استراتيجية للأمن المعلوماتي في القطاع المصرفي، حيث تهدف الاستراتيجية إلى التطوير المستمر للأمن المعلوماتي لدى السلطة النقدية نفسها وللقطاع المصرفي والمؤسسات المالية الأخرى وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير العالمية بما يسهم في تمكين القطاع المصرفي من تحديد المخاطر الأمنية ومعالجتها بفاعلية. ويضاف إلى ذلك التخطيط لوضع نظام لمعرّفات الكيانات القانونية (مشروع المعرف القانوني) وهيكل حوكمة داعم لهذا النظام. وذلك بهدف تحديد أطراف التعاملات المالية في مختلف الأسواق والمنتجات والمناطق، حيث يساعد مشروع المعرف القانوني على زيادة قدرة الجهات الرقابية في تعزيز سلامة وشفافية الأسواق المالية، وتحسين إدارة المخاطر، وجودة ودقة البيانات المالية فيما يتعلق بتمويل التجارة الخارجية، واحصاءات ميزان المدفوعات، وتدفقات رأس المال، والمقاصة والتسويات المالية. وانطلاقاً من الإيمان بإمكانات الوطن الذاتية، قد يكون من المجدي تنظيم ملتقى متخصص يجمع كل من الباحثين والعاملين في أنظمة الدفع الاكتروني، وشركات ومطوري الأنظمة، متخصصي تكنولوجيا الاتصالات، خبراء أمن المعلومات، ومنظمي القطاع، وغيرها من الفعاليات ذات الصلة ليصار إلى تبادل الخبرات واكتشاف الطاقات المتاحة وتقييم الواقع وتجربة الدفع الالكتروني في سورية، وفرصة للاطلاع على تجارب الدول ذات التجارب الحديثة والشبيهة بالاقتصاد السوري إن أمكن، ليكون هذا الملتقى نواة معرفية وخلاصة تجارب يمكن الاستفادة منها في نجاح عملية التحول إلى الدفع الاكتروني في سورية بمشاركة الجميع، لما فيه مصلحة عامة لكافة الفعاليات.

المصدر : الماسة السورية/ مداد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة