لن أغفر في حياتي لتلك اللحظات القاسية التي كانت تضعني أمام خيارات كلها أقسى من بعضها .. ولايوجد بينها خيار فيه بعض الحلاوة .. ولكن ماهو أقسى هو عندما تضعك الدنيا أمام خيارات كلها أحلى من بعضها .. ولايستطيع لسانك أن يميز ماهو الأقل حلاوة فيها لتختار .. كالمفاضلة بين امرأتين جميلتين عذبتين رائعتين .. قلبك الأيمن يهوى الاولى وقلبك الأيسر يذوب في الثانية .. ويكون قلبك مثل الطفل الذي يريد كل الألعاب والدمى ..

ليس عندي شك أن الرئيس الأسد الذي لم يقف حائرا أمام لحظة واحدة قاسية من مئات اللحظات القاسية في السنوات السبع الرهيبة التي واجه فيها أعتى قوة في التاريخ فانه يقف لأول مرة حائرا أمام معضلة عويصة ومسألة تحتاج الى قرار حاسم .. ولكن خياراته المتاحة في هذه المعضلة كلها أحلى من بعضها .. وليس عندي شك أنه عندما يجلس مع حلفائه بوتين وخامنئي ونصرالله يتبادلون الضحكات حول الخيار الأحلى مذاقا أمامه على المائدة التي تحيرهم جميعا ..

 

فهناك الأتراك الذين يضربون الانفصاليين الكرد .. فيما الكرد الاميريكيون يطلبون منه ضرب الأتراك .. ومابين الاكراد والأتراك هناك المعارضون الثورجيون الذين تدفع بهم تركيا ليموتوا في الخطوط الامامية في سبيلها ليشكلوا في هذه السندويشة قطعة اللحم بين شطيرتي الخبز .. شطيرة خبز تركية وشطيرة خبز كردية ومابينهما لحم المعارضة وشحمها المحصور بين الشطيرتين ويشبه القمح المطحون بين حجري الرحى .. والنتيجة من الحرب الكردية التركية في عفرين هو أن الشطيرة العسكرية في الشمال ستؤكل بخبزها ولحمها وشحمها .. ويتقاسمها الحلفاء الروسي والسوري والايراني .. أما السندويشة الاخرى فهي اللحم الاميريكي في الجزيرة السورية الذي صار لحما مشويا بلا خبز بعد أن طارت قبعة داعش عن الجيش الاميريكي .. وصار اللحم الاميركي يختبئ بين شطائر الخبز الكردية ..

والحلاوة في الحكاية هي أن الأتراك صاروا يريدون استدراج الاسد والاستئذان منه للدخول الى حرب مع الأكراد ليساعدهم عليهم بعد أن حاول الاتراك استعمال الكرد سلاحا في مشروع الثورة السورية بخداع الكرد في بداية الحرب السورية ودفعهم لخوض المعركة ضد الدولة السورية لحساب تركيا مقابل وعود وهمية باستقلال قادم .. فيما يكون طعم الحلاوة يفوق ذلك عندما نعلم أن الانفصاليين الأكراد يحاولون استدراج الأسد اليوم ليقاتل عنهم تركيا التي تركوها تسرح وتمرح في الشمال بمرتزقتها كي يحلو جو الانفصال لهم .. والاكراد الانفصاليون يتمنون من الأسد ان يردها عنهم بعد أن كانوا يأملون ان تقوم تركيا باسقاط الدولة السورية لتصبح الفوضى طريقا نحو صعود روج آفا .. وماعلى الاسد الا أن يختار من أين تؤكل الكتف .. من ناحية اللحم التركي ام من ناحية لحم كرد اميريكا .. أم من لحم بقر اميريكا في الشرق السوري ؟ ام من لحم الاميريكي نفسه؟ أم من اللحوم كلها؟

 

التلاعب الاميريكي التركي وتقاسم الادوار بينهما لايقاعنا في خديعة الخلاف التركي الاميريكي صار صعبا بسبب الموضوع الكردي تحديدا وهو الذي أفسد المسرحية .. فالكومبارس الكردي هو اللاعب الذي خرج على النص في المسرحية المملة الاميريكة التركية التي كانت تقدم عرض (داعش) .. فبعد ان كان دور الكومبارس الكردي ان يلعب دور المشاغب ليأتي اردوغان ليؤدبه ويشده من أذنه فيما يقوم راعي البقر بتغيير ملابس داعش خلف الكواليس الى ملابس بشمركة .. ظن المشاغب الكردي انه يمكن ان يرتجل دورا يسرق فيه البطولة من البطل اردوغان صاحب راعي البقر وصديقه المخلص الذي بدوره يقوم بتمثيل دور المشاغب على راعي البقر لاقتسام المنطقة وليحصل التركي على جائزته .. ولكن عندما خرج الكردي عن دور الكومبارس غضب التركي وخرج هو على النص ايضا لأنه لم يتحمل خروج المشاغب الكردي عن النص .. وتضارب الطرفان وتعاركا وتلاكما وتراشقا بالأطباق وسقطت الستائر والديكورات والاعمدة الخشبية والاضواء والاقنعة فيما الجمهور (مش فاهم حاجة) وهو يصفق ويشجع الأداء في هذه العركة .. وصار المشهد في المنطقة يشبه مشاهد تلاكم المقامرين السكارى في افلام رعاة البقر من اجل الراقصة حيث يرمى احدهم خصمه نحو البار وتتحطم قناني النبيذ والبيرة فيما يهوي آخر بلكمة على وجه غريمه ويطرحه على طاولة عليها رجال يراقبون فينتفضون غاضبين ويهجمون على من رمى الرجل عليهم وينخرط الجميع في حفلة تلاكم .. فالقطري يلكم السعودي والسعودي يركل القطري .. والامارتيون والاردنيون والخلايجة والاتراك والأكراد كلهم يتعاركون في حانة السكارى ..دون أن يغفل المشهد ان يظهر احد الغرباء وهو يرمى من خلال النافذة حيث الزجاج المهشم ينتشر في كل مكان .. وهذا الشخص الذي يرمى من النافذة هو المعارضة السورية طبعا التي وضعت نفسها في بار للسكارى والمقامرين ولكمها الجميع حتى الكومبارس والنادل في المسرحية تباروا في ضربها ..

 

صحيح أن اردوغان يدخل أرضا سورية ولكن مايجعل في الأمر المرّ حلاوة هو أن الاتراك يدخلون ارضا سورية ليصبحوا رسميا خارج نطاق الناتو ويصبحوا بذلك تحت مظلة الروس .. والاتراك حافظوا على رأسهم مختبئا سبع سنوات تحت خيمة الناتو ولم يخرجوه حتى في اشد الاوقات ضرورة لانتصار مشروعهم الاخواني في سورية .. وبذلك صار رأس اردوغان خارج خيمة الناتو عاريا منه في عفرين وكأنه يسلمه للروس ويضعه تحت المقصلة ان لم يلتزم بتعليمات استانة وسوتشي وفي اطارها الزمني .. ولايتطلب الأمر ان تمادى الا ضربة موجعة على رأسه ليعود بجمجمته مكسورة الى تركيا كما وعده بيان السيد فيصل المقداد الذي قرأ بيانا بالنيابة عن سيرغي لافروف والحلفاء .. والبيان بدا وكأنه انذار سوري روسي استباقي يحتفظ للسوريين بحق التدخل في اية لحظة كحق مصان لهم لم يتخلوا عنه وهو لايلزمهم بالتدخل من اللحظة الاولى بل يترك ذلك القرار مفتوحا لاية لحظة تقررها القيادة في هذا الصراع بين عدوين لها .. وذلك لتذكير اردوغان بتفاهمات صارمة بشأن تحركه في الشمال بأنه لايستطيع العمل بحرية الا ضمن مااتفق عليه والا فان البيان السوري سيشكل قاعدة سياسية لاي رد فعل سوري يختار فيها السوري اللحظة التي يريد لاسقاط الطائرات التركية وتحديد مجال مهامها .. وبذلك البيان السوري فان الدخول التركي صار مشروطا .. ولو سكت السوريون ولم يصدروا البيان الشهير بشأن اسقاط الطائرات فانهم سيفقدون حق الاعتراض لاحقا اذا مارس اردوغان تذبذبا في موقفه لأنه سيمكن لاردوغان القول بأنهم لم يعترضوا على دخوله ولايحق لهم تقرير ساعة خروجه .. ولذا فان أي تلاعب بالتفاهمات سيعني ضغط أزرار الصواريخ التي تنتظر ..

 

وبالرغم أن رأس اردوغان قد ينكسر في مناطحته أكراد اميريكا السوريين .. ولكنه كما سيعود برأس مكسور فانه سيترك خلفه رأس الكرد الانفصاليين مكسورا ايضا .. وأما بؤرة العسل في القصة التركية الكردية فهي انه غالبا أمام استحقاق زمني أمام الروس بشأن النصرة عليه ان يتمه او أن يدفع ثمن تأخره في عفرين .. حيث العفريت الكردي يشاكسه ..

في هذه المعمعة فان مانسميهم كرد أميريكا هم الذنب الكردي لأميريكا كما هم الاخوان المسلمون أحد أذنابها الشهيرة وهم يشبهون ذيل التمساح الذي يضرب به اعداءه .. وهذا هو ديدن الأمريكان الذين بدل أن يكون لهم عدة رؤوس مثل الهيدرا .. فانهم الى جانب الرؤوس الهيدرية يفضلون ان يكون لهم أيضا عدة أذيال يضربون بها .. فهناك الذيل الاسرائيلي .. والذيل الاوروبي .. والذيل العربي .. والذيل الاسلامي .. والذيل العثماني .. والذيل الوهابي .. والذيل المثقف الليبرالي في كل الامم الذي هو أقرب الذيول الى فوهة مؤخرة أميريكا ويوزع انتاجها وهواءها وحريتها وديمقراطيتها علينا بالمقالات والكتب والدعاية والاعجاب .. ولاشك أن بعض الأكراد انضموا الى مجموعة الذيول الاميريكية الحديثة وهذا الذيل اختصاصه فقط التعويض التجميلي لمؤخرة الوحش عن الذيول التي قطعت دفعة واحدة في الحرب السورية بعد ان قطع ذيله الاخواني والاسلامي ونصف ذيله العثماني ..

 

من جديد ادعوكم الى مائدة تحير في حلاوة أطباقها .. فكل مافيها حلو المذاق وسخي القطر والعسل .. وحيثما وضعت اصبعك أيها السوري فان لسانك سيذوق ماعليه من الحلاوة والطلاوة .. فتمتع من بعد المذاق المر في حلقك منذ سبع سنين .. وتابع هذه المصارعة غلى المسرح الروماني الكولوسيوم في الشمال السوري حيث المصارعون يبارزون المصارعين .. وحيث يرمي المنتصر خصمه أرضا وينظر الى المنصة حيث القياصرة يقررون مصير المهزوم .. اما أن تتجه ابهام القيصر الى الأعلى أو الى الأسفل .. والشعب السوري على مدرجات الكولوسيوم ينظر الى مصير المصارعين واصابع القياصرة ..

  • فريق ماسة
  • 2018-01-27
  • 14500
  • من الأرشيف

شمال سورية مسرح كولوسيوم روماني .. ومصارعون أتراك وكرد وأمريكان

لن أغفر في حياتي لتلك اللحظات القاسية التي كانت تضعني أمام خيارات كلها أقسى من بعضها .. ولايوجد بينها خيار فيه بعض الحلاوة .. ولكن ماهو أقسى هو عندما تضعك الدنيا أمام خيارات كلها أحلى من بعضها .. ولايستطيع لسانك أن يميز ماهو الأقل حلاوة فيها لتختار .. كالمفاضلة بين امرأتين جميلتين عذبتين رائعتين .. قلبك الأيمن يهوى الاولى وقلبك الأيسر يذوب في الثانية .. ويكون قلبك مثل الطفل الذي يريد كل الألعاب والدمى .. ليس عندي شك أن الرئيس الأسد الذي لم يقف حائرا أمام لحظة واحدة قاسية من مئات اللحظات القاسية في السنوات السبع الرهيبة التي واجه فيها أعتى قوة في التاريخ فانه يقف لأول مرة حائرا أمام معضلة عويصة ومسألة تحتاج الى قرار حاسم .. ولكن خياراته المتاحة في هذه المعضلة كلها أحلى من بعضها .. وليس عندي شك أنه عندما يجلس مع حلفائه بوتين وخامنئي ونصرالله يتبادلون الضحكات حول الخيار الأحلى مذاقا أمامه على المائدة التي تحيرهم جميعا ..   فهناك الأتراك الذين يضربون الانفصاليين الكرد .. فيما الكرد الاميريكيون يطلبون منه ضرب الأتراك .. ومابين الاكراد والأتراك هناك المعارضون الثورجيون الذين تدفع بهم تركيا ليموتوا في الخطوط الامامية في سبيلها ليشكلوا في هذه السندويشة قطعة اللحم بين شطيرتي الخبز .. شطيرة خبز تركية وشطيرة خبز كردية ومابينهما لحم المعارضة وشحمها المحصور بين الشطيرتين ويشبه القمح المطحون بين حجري الرحى .. والنتيجة من الحرب الكردية التركية في عفرين هو أن الشطيرة العسكرية في الشمال ستؤكل بخبزها ولحمها وشحمها .. ويتقاسمها الحلفاء الروسي والسوري والايراني .. أما السندويشة الاخرى فهي اللحم الاميريكي في الجزيرة السورية الذي صار لحما مشويا بلا خبز بعد أن طارت قبعة داعش عن الجيش الاميريكي .. وصار اللحم الاميركي يختبئ بين شطائر الخبز الكردية .. والحلاوة في الحكاية هي أن الأتراك صاروا يريدون استدراج الاسد والاستئذان منه للدخول الى حرب مع الأكراد ليساعدهم عليهم بعد أن حاول الاتراك استعمال الكرد سلاحا في مشروع الثورة السورية بخداع الكرد في بداية الحرب السورية ودفعهم لخوض المعركة ضد الدولة السورية لحساب تركيا مقابل وعود وهمية باستقلال قادم .. فيما يكون طعم الحلاوة يفوق ذلك عندما نعلم أن الانفصاليين الأكراد يحاولون استدراج الأسد اليوم ليقاتل عنهم تركيا التي تركوها تسرح وتمرح في الشمال بمرتزقتها كي يحلو جو الانفصال لهم .. والاكراد الانفصاليون يتمنون من الأسد ان يردها عنهم بعد أن كانوا يأملون ان تقوم تركيا باسقاط الدولة السورية لتصبح الفوضى طريقا نحو صعود روج آفا .. وماعلى الاسد الا أن يختار من أين تؤكل الكتف .. من ناحية اللحم التركي ام من ناحية لحم كرد اميريكا .. أم من لحم بقر اميريكا في الشرق السوري ؟ ام من لحم الاميريكي نفسه؟ أم من اللحوم كلها؟   التلاعب الاميريكي التركي وتقاسم الادوار بينهما لايقاعنا في خديعة الخلاف التركي الاميريكي صار صعبا بسبب الموضوع الكردي تحديدا وهو الذي أفسد المسرحية .. فالكومبارس الكردي هو اللاعب الذي خرج على النص في المسرحية المملة الاميريكة التركية التي كانت تقدم عرض (داعش) .. فبعد ان كان دور الكومبارس الكردي ان يلعب دور المشاغب ليأتي اردوغان ليؤدبه ويشده من أذنه فيما يقوم راعي البقر بتغيير ملابس داعش خلف الكواليس الى ملابس بشمركة .. ظن المشاغب الكردي انه يمكن ان يرتجل دورا يسرق فيه البطولة من البطل اردوغان صاحب راعي البقر وصديقه المخلص الذي بدوره يقوم بتمثيل دور المشاغب على راعي البقر لاقتسام المنطقة وليحصل التركي على جائزته .. ولكن عندما خرج الكردي عن دور الكومبارس غضب التركي وخرج هو على النص ايضا لأنه لم يتحمل خروج المشاغب الكردي عن النص .. وتضارب الطرفان وتعاركا وتلاكما وتراشقا بالأطباق وسقطت الستائر والديكورات والاعمدة الخشبية والاضواء والاقنعة فيما الجمهور (مش فاهم حاجة) وهو يصفق ويشجع الأداء في هذه العركة .. وصار المشهد في المنطقة يشبه مشاهد تلاكم المقامرين السكارى في افلام رعاة البقر من اجل الراقصة حيث يرمى احدهم خصمه نحو البار وتتحطم قناني النبيذ والبيرة فيما يهوي آخر بلكمة على وجه غريمه ويطرحه على طاولة عليها رجال يراقبون فينتفضون غاضبين ويهجمون على من رمى الرجل عليهم وينخرط الجميع في حفلة تلاكم .. فالقطري يلكم السعودي والسعودي يركل القطري .. والامارتيون والاردنيون والخلايجة والاتراك والأكراد كلهم يتعاركون في حانة السكارى ..دون أن يغفل المشهد ان يظهر احد الغرباء وهو يرمى من خلال النافذة حيث الزجاج المهشم ينتشر في كل مكان .. وهذا الشخص الذي يرمى من النافذة هو المعارضة السورية طبعا التي وضعت نفسها في بار للسكارى والمقامرين ولكمها الجميع حتى الكومبارس والنادل في المسرحية تباروا في ضربها ..   صحيح أن اردوغان يدخل أرضا سورية ولكن مايجعل في الأمر المرّ حلاوة هو أن الاتراك يدخلون ارضا سورية ليصبحوا رسميا خارج نطاق الناتو ويصبحوا بذلك تحت مظلة الروس .. والاتراك حافظوا على رأسهم مختبئا سبع سنوات تحت خيمة الناتو ولم يخرجوه حتى في اشد الاوقات ضرورة لانتصار مشروعهم الاخواني في سورية .. وبذلك صار رأس اردوغان خارج خيمة الناتو عاريا منه في عفرين وكأنه يسلمه للروس ويضعه تحت المقصلة ان لم يلتزم بتعليمات استانة وسوتشي وفي اطارها الزمني .. ولايتطلب الأمر ان تمادى الا ضربة موجعة على رأسه ليعود بجمجمته مكسورة الى تركيا كما وعده بيان السيد فيصل المقداد الذي قرأ بيانا بالنيابة عن سيرغي لافروف والحلفاء .. والبيان بدا وكأنه انذار سوري روسي استباقي يحتفظ للسوريين بحق التدخل في اية لحظة كحق مصان لهم لم يتخلوا عنه وهو لايلزمهم بالتدخل من اللحظة الاولى بل يترك ذلك القرار مفتوحا لاية لحظة تقررها القيادة في هذا الصراع بين عدوين لها .. وذلك لتذكير اردوغان بتفاهمات صارمة بشأن تحركه في الشمال بأنه لايستطيع العمل بحرية الا ضمن مااتفق عليه والا فان البيان السوري سيشكل قاعدة سياسية لاي رد فعل سوري يختار فيها السوري اللحظة التي يريد لاسقاط الطائرات التركية وتحديد مجال مهامها .. وبذلك البيان السوري فان الدخول التركي صار مشروطا .. ولو سكت السوريون ولم يصدروا البيان الشهير بشأن اسقاط الطائرات فانهم سيفقدون حق الاعتراض لاحقا اذا مارس اردوغان تذبذبا في موقفه لأنه سيمكن لاردوغان القول بأنهم لم يعترضوا على دخوله ولايحق لهم تقرير ساعة خروجه .. ولذا فان أي تلاعب بالتفاهمات سيعني ضغط أزرار الصواريخ التي تنتظر ..   وبالرغم أن رأس اردوغان قد ينكسر في مناطحته أكراد اميريكا السوريين .. ولكنه كما سيعود برأس مكسور فانه سيترك خلفه رأس الكرد الانفصاليين مكسورا ايضا .. وأما بؤرة العسل في القصة التركية الكردية فهي انه غالبا أمام استحقاق زمني أمام الروس بشأن النصرة عليه ان يتمه او أن يدفع ثمن تأخره في عفرين .. حيث العفريت الكردي يشاكسه .. في هذه المعمعة فان مانسميهم كرد أميريكا هم الذنب الكردي لأميريكا كما هم الاخوان المسلمون أحد أذنابها الشهيرة وهم يشبهون ذيل التمساح الذي يضرب به اعداءه .. وهذا هو ديدن الأمريكان الذين بدل أن يكون لهم عدة رؤوس مثل الهيدرا .. فانهم الى جانب الرؤوس الهيدرية يفضلون ان يكون لهم أيضا عدة أذيال يضربون بها .. فهناك الذيل الاسرائيلي .. والذيل الاوروبي .. والذيل العربي .. والذيل الاسلامي .. والذيل العثماني .. والذيل الوهابي .. والذيل المثقف الليبرالي في كل الامم الذي هو أقرب الذيول الى فوهة مؤخرة أميريكا ويوزع انتاجها وهواءها وحريتها وديمقراطيتها علينا بالمقالات والكتب والدعاية والاعجاب .. ولاشك أن بعض الأكراد انضموا الى مجموعة الذيول الاميريكية الحديثة وهذا الذيل اختصاصه فقط التعويض التجميلي لمؤخرة الوحش عن الذيول التي قطعت دفعة واحدة في الحرب السورية بعد ان قطع ذيله الاخواني والاسلامي ونصف ذيله العثماني ..   من جديد ادعوكم الى مائدة تحير في حلاوة أطباقها .. فكل مافيها حلو المذاق وسخي القطر والعسل .. وحيثما وضعت اصبعك أيها السوري فان لسانك سيذوق ماعليه من الحلاوة والطلاوة .. فتمتع من بعد المذاق المر في حلقك منذ سبع سنين .. وتابع هذه المصارعة غلى المسرح الروماني الكولوسيوم في الشمال السوري حيث المصارعون يبارزون المصارعين .. وحيث يرمي المنتصر خصمه أرضا وينظر الى المنصة حيث القياصرة يقررون مصير المهزوم .. اما أن تتجه ابهام القيصر الى الأعلى أو الى الأسفل .. والشعب السوري على مدرجات الكولوسيوم ينظر الى مصير المصارعين واصابع القياصرة ..

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة